هاجس أيقظ عقول كثير ممن اتخذوا من العقل حكما وميزانا في أمور حياتهم ،
صاروا يتفكرون في أصل نشأة الجنس البشري والخلق وجميع الظواهر الطبيعية
منها وغير الطبيعية ، التي حاول أن يضع لها العلمانيون وفلاسفة الوجود
الديكارتي وغيرهم أجوبة ونظريات باءت كلها بالفشل بمرور الزمن ،على رأسها
نظرية الوجود البشري لدارون .
الإسلام الذي بدأ بدعوة رجل واحد، ليصل إلى ما وصل إليه اليوم من الملايين بمختلف أجناسهم وأعراقهم .
الإسلام الذي لا يعرف عنه الكثيرون شيئا ، فضلا عن عدم معرفتهم بمحمد (صلى
الله عليه وسلم ) ، وما هي المبادئ التي ينادي بها ، ولا الأهداف المرجوة .
لقد كان الإسلام منحصرا على نطاق الوطن العربي وبعض الدول والجماعات هنا
وهناك ، لكن ما الذي جعل من الإسلام ظاهرة سريعة الانتشار ، ولماذا لم
يحاول المنظرون من نصارى الغرب ويهودهم حجب ضوء شمس الإسلام أو على الأقل
تأجيل سطوعه ، وهل حاولوا ذلك ؟
نعم لقد حاولوا ذلك عن طريق ثلاثة جوانب :
الأول تمثل في أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من هالة إعلامية ضخمة أدانت
الإرهاب الإسلامي الرجعي على حد قول القائلين من عِليّة القوم في أميركا
وأوروبا ،أحداث مهدت لفتح الأبواب أمام كثير من الذين كانوا يجهلون معنى
الإسلام والمسلمين بل لم يسمعوا بهما من قبل .
والشيء الثاني تمثل في الهجمات العسكرية التي قادتها أميركا وحلفاؤها ضد
الدول الإسلامية في تحالف عسكري ضخم قادته أميركا وأوروبا ضد الإرهاب
"الإسلام " الذي يهدد الأمن الداخلي لبلدانهم ضد أفغانستان والعراق
والصومال وغيرها من الدول الإسلامية الأخرى ، أدى هذا الأمر إلي تردي
الأوضاع الأمنية والاقتصادية في هذه البلدان وكانت النتيجة زيادة أعداد
المهاجرين إلى دول أوروبا وأميركا بحثا عن الأمن والعمل .
ناهيك عن أن بعض الدول المسلمة هي أصلا تعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية
في بلدانها مثل بلدان المغرب العربي وكثير من البلدان الأفريقية التي هي
الأخرى كانت شعوبها لا سيما المسلمة منها مضطرة للهجرة الى أوروبا بحكم قرب
القارتين من بعضهما .
الأمر الأخير تمثل في الرسوم الكاريكاتورية التي انطلقت شرارتها من
الدنمارك التي أساءت لشخص الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم )وما تلاها
من مظاهر استهجان واستنكار ومقاطعات اقتصادية وسياسية واجتماعية من قبل
المسلمين ، ألقت بظلالها على المشهد العام للعالم .
كل هذه العوامل جعلت من الناس في العالم الغربي – ونقصد به أوروبا وأميركا
خاصة – جعلتهم ينتبهون إلى شيء اسمه الإسلام وشخص اسمه محمد (صلى الله عليه
وسلم ) ، فراحوا يبحثون ويفتشون عن ماهية هذا الدين ، بخاصة إذا علمنا أن
المجتمع الغربي من النوع الذي يحب أن يعرف كل شيء من باب الثقافة العامة
وتقصي الحقائق ، ساعدهم في ذلك تواجد المسلمين في بلدانهم ا ، فلم يحتاجوا
إلى الذهاب إليهم ، فكان المسلمون دعاة للإسلام من حيث لا يشعرون على الرغم
من وجود بعض الأفراد الذين أساءوا للإسلام بتصرفاتهم اللا مسؤولة والتي هي
ليست محط كلامنا في هذا المقال .
ويجب أن يعرف القارئ أيضا أن أكثر من 90 بالمئة من سكان أوروبا لا يدينون
بدين أو أنهم ينتمون إلى المسيحية فقط بالاسم ، وكان للترابط الاجتماعي
الذي يحث عليه الإسلام دور في جذب أكثرهم لما يشعر به المجتمع الغربي من
فراغ في الروابط الأسرية والاجتماعية .
كل هذه العوامل أدت إلى أن يعرف كل من كان مخدوعا بما قاله العلمانيون
والوجوديون وبعض الحاقدين على الإسلام من المسلمين أنفسهم ، الحقائق التي
بزغت شمس حقيقتها ، لان الشمس بكل بساطة لا بد أن تشرق ولو طال ليلها .
إن كل هذه العوامل جعلت من المواطن الغربي قاب قوسين أو أدنى من اعتناق
الإسلام ، فقد كشفت دراسة لمعهد "جالوب" لأبحاث الرأي العام بأميركا من
خلال دراسة شملت 40 دولة استمرت مدة 6 أشهر عن أن 20% من تعداد سكان العالم
هم مسلمون .
كما وتوقع أستاذ الجغرافيا الاجتماعية بجامعة أكسفورد " سيري بيتش" تضاعف عدد المسلمين بحلول عام 2015.
أما في فرنسا فقد أعدت وزارة الداخلية الفرنسية دراسة مفادها أن 3600 شخص
يعتنقون الإسلام سنويا ، ويوجد في فرنسا 2300 مسجد و7 ملايين مسلم ، ويعد
الدين الإسلامي الدين الثاني بعد المسيحية ، وهناك توقعات تشير إلى أن
المسلمين سيمثلون ربع سكان فرنسا بحلول عام 1025 ، و20% من تعداد سكان
أوروبا عام 2050 .
فيما أكدت دراسة أخرى قامت بها صحيفة "لاليبربلجيك" البلجيكية أن ثلث سكان
بروكسل الآن مسلمون ، وأن الدين الإسلامي سيصبح الدين الأول في بروكسل بعد
عشرين عاما .
من جانب آخر أكدت صحيفة "البوليتيكن " الدنماركية هي الأخرى انه لم يكد
يخلو يوم إلا ويعتنق احد الدنماركيين الا
سلام على اقل تقدير ، وقالت
الصحيفة :" إن هذا الأمر حدث بعد نشر الصور المسيئة للرسول محمد (صلى الله
عليه وسلم ) ، في 13 فبراير 2008" .
اما صحيفة "دي فيلت " الألمانية فقالت : " توجد خطط لبناء 120 مسجدا إضافيا في ألمانيا مع وجود 206 مساجد حاليا .
وأخيرا قال برادو رئيس الجمعية الإسلامية في إقليم كتالونيا الاسباني :"
هذه الأرقام لا تعكس الواقع وربما يكون العدد الحقيقي اكبر من المعلن " .
يذكر أن الحكومة الاسبانية تقدر عدد المسلمين فيها ما بين 800 إلى مليون مسلم .
وفي نهاية مقالنا هذا لا يسعني إلا أن أقول إن الله سبحانه وتعالى ينصر
دينه بكل شيء ، فقد ينصره بالمسلمين وغيرهم ، وها قد نصره اليوم بأعدائه من
حيث لا يشعرون ، فيمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .