منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  
آيـــــات الشفاء في القرآن الكريم إن هذه الآيات تجتمع في كل آية فيها كلمة شفاء و تقرأ بترتيب المصحف فقد قال العلماء أن في هذا استعانة بكلام الله على الشفاء و خصوصا بالنسبة للأمراض التي لا تقدر عليها أسباب البشر...وهـــم:- الآية 14 من سورة التوبة: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 57 في سورة يونس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 69 من سورة النحل : وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ... صدق الله العظيم الآية 82 من سورة الإسراء : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا... صدق الله العظيم الآية 80 من سورة الشعراء : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ... صدق الله العظيم الآية 44 من سورة فصلت : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...||

 

  تفسير سورة البلد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





التقييم : 3
نقاط : 360900
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

 تفسير سورة البلد Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البلد    تفسير سورة البلد I_icon_minitimeالسبت مايو 11, 2013 5:03 pm

تفسير سورة البلد
عبد العظيم بدوي الخلفي



يقول الله-
تبارك وتعالى- (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا
الْبَلَدِ* وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ* لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي
كَبَدٍ* أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ* يَقُولُ
أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا* أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ* أَلَمْ
نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ* فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ*
يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ* ثُمَّ كَانَ
مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا
بِالْمَرْحَمَةِ* أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا
بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ* عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ)
[سورة البلد].

بين يدي السورة:
سورةٌ مكية، استُفْتحتْ
بالقَسَمِ على حقيقة في حياة الإنسان ثابتةٍ، وهي (لَقَدْ خَلَقْنَا
الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ)، ثم ذكرت دلائل قدرة الله على هذا الإنسان الذي
(أيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ)، وكشفت له عن صعوبة
الطريق، وعن العقبات التي تعترضُه في سيره إلى ربه، وحثته على الاجتهاد
على اقتحام هذه العقبات، وبينت له الأمور التي يستعينُ بها على ذلك، ثم
خُتِمَت بالوعيد للذين وقفوا أمام هذه العقبات عاجزين عن اقتحامها، لتسلط
النفس والهوى والشيطان عليهم، (أولئك أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ* عَلَيْهِمْ
نَارٌ مُؤْصَدَةٌ).

تفسير الآيات:
قوله - تعالى -: (لاَ
أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ): يُقْسِمُ - سبحانه - بهذا البلد، وهو البلد
الحرام مكة، كما أَقْسَم به في سورة التين (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ *
وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ) [التين:1-3]، وقوله -
تعالى :- (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ): لفظ "حلٌّ" يُطْلَقُ على
المقيم، ويُطْلَقُ على الحلالِ غير المحرم، فعلى الأول يكونُ المعنى: لا
أُقْسم بهذا البلد، وأنت مقيمٌ به، وإقامتك به تزيدُه تشريفًا وتكريمًا
وتعظيمًا، وإن كان هو في ذاته شريفًا كريمًا عظيمًا، ولذلك استحق أن يقسم
الله به، وعلى المعنى الثاني: يكونُ المرادُ أنه يحلّ لك في هذا البلد
الحرام ما لا يحلّ لغيرك من القتل ونحوِه، مما هو حرام على غيرك فيه،
ويكونُ ذلك إخبارًا عما سيكون يومَ الفتح، فإنّ النبي –صلى الله عليه
وسلم- حين دخل مكةَ فاتحًا أمر بقتل أربعة نفرٍ ولو كانوا تحت أستار
الكعبة، ثم خطب فكان مما قال: ((إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، لا
يحلُّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضدَ بها
شجرةً، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فيها فقولُوا: إن الله أَذِنَ لرسوله
ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم
كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب)) متفق عليه.

ومعنى ذلك: أن الله أخبر
نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأنه سيحل له بمكة ما لم يحل لغيره بها، كما
أخبره بأنه سيموت بقوله: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)
[الزمر:30]، وقوله - تعالى -: (وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ): واضح، وهو على
ظاهره يشمل كل والدٍ وكل ولدٍ، وجواب القسم (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ
فِي كَبَدٍ) أي: في تعب ومشقة، وجُهد وكدٍ، وكفاح وكدح، كما قال - تعالى
-: (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا
فَمُلاَقِيهِ) [الانشقاق:6]، قال العلماء: "يكابد الإنسان هذا الكبد من
أول لحظة تستقرّ فيها النطفة في الرحم، فما أن تستقر النطفة وتلتقي
بالبويضة فتكوّن الخلية الأولى، حتى تأخذ هذه الخلية في الكبد لتهيئ
لنفسها الجوّ المناسب والظروف الملائمة بإذن ربها، وما تزال تعاني من هذا
الكبد حتى ينشئها الله خَلْقًا آخر، حتى إذا أراد الخروج من بطن أمه عانى
من ألم المخاض ومرجعه ما تُعانيه الوالدة أو أكثر، وربما مات خنقًا أثناء
خروجه، فإن خرج سالمًا بادروا إلى قطع سرته بالموسى، فعانى من ذلك أشد
المعاناة، ثم لفّوه في لفافةٍ وكأنها قيدٌ غليظ، فعانى من ذلك الشيء
الكثير، ثم يكابِدُ الرضاع الذي لو فاته لضاع، حتى إذا مضى عليه أُسبوع
دَعْوَا بالموسى ليحلقُوه ويختنوه، وفي ذلك من الكبد ما هو معلوم، فإن طالت
أيامه عانى من ألم ظهور الأسنان، ثم يكابد مشقة تعلم الانتصاب والمشي،
حتى إذا أدرك ووعى كابد ألم التعلم وضَرْبَ المعلم، وتأديب المؤدب، حتى
إذا استقل بالمعيشة كابد مِنْ أجل الزواج، فإذا تزوج كابد مشقة الزواج
ومسئوليته، ثم يكابدُ مِنْ أجلِ الأطفال، وهو في ذلك كله لا يَسْلَمُ من
الأسقام والآلام، حتى إذا بلغ من الكبر عتيًا ضَعُفَ سمعه وبصرُه، وانحنى
ظهرُه وضَعُفَتْ قوته، حتى إذا انتهى أجلُه كابد مشقة سكرات الموت، فإنْ
دُفِنَ كابدَ ضغطة القبر، وشدة السؤال، فإذا بُعثر ما في القبور كابدَ
الأهوالَ العظام، حتى يرى سبيله إمّا إلى جنة وإمّا إلى نار، فإنْ كانت
الأولى فقد استراح، وقال مع أهلها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ
عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا
دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ
يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ) [فاطر:34-35]، (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ
الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ
جَحِيمٍ) [الواقعة:92-93]، (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ
الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج:11].

فلو كان للإنسان الخيرة
من أمره، ما اختار هذه الحياة، لما فيها من هذه المتاعب، ولكن قضاء الله
وقدره، وله الحكمة التامة، فنسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحُسن
عبادته، حتى يريحنا من كبد الدنيا بسُكنى جنته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وقوله - تعالى –:
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) يعني: أيظن أن لن يسأل
ويحاسب على جميع أعماله، فهو يَقُولُ: (أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا) أي
كثيرًا، (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) يعني: أيظن أن الله لم يره،
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) يبصر بهما، (وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ)
ينطق اللسان وتساعده الشفتان، (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) أي: بيّنا
له الطريقين طريق الخير، وطريق الشّر حتى صار كلّ طريق ظاهرًا وواضحًا
وضوح النجد، وهو في الأصل الأرض المرتفعة، فلما ظهر الحق والباطل ظهورًا
واضحًا، كان كلٌ منهما كالنجد، فسمّى به، فقال - تعالى -: (وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ)، وهذه الآية كقوله - تعالى -: (إِنَّا خَلَقْنَا
الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا
بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا
كَفُورًا الإنسان).

قوله - تعالى -: (فَلاَ
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) معناه: فلا اقتحم العقبة، فهو حصنٌ من الله
للإنسان على اقتحام العقبة، وهي في الأصل الطريقُ في الجبل، سُميت كذلك
لصعوبة سلوكها، والمرادُ بها هنا كل ما يمنع الإنسان من سلوك طريق الخير،
من النفس والهوى والشيطان، وثِقَلِ التكليف، والاقتحامُ معروفٌ، وهو
الدخول في الشيء بقوةٍ، من غير تدبر ولا روية، فلا اقتحم الإنسانُ هذه
العقبات حتى يصل إلى رضوان الله والجنة.

وقوله - تعالى -: (وَمَا
أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ)، سؤالٌ لتفخيم شأنها وتعظيم أمرها، ثم أرشد
إلى كيفية اقتحامها، فقال: (فَكُّ رَقَبَةٍ)، والمرادُ بفكّها عتقها، وقد
كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يحثّ على ذلك ويرغّب فيه فيقول: ((مَنْ
أَعْتَق رقبة، أعتق اللَّهُ بكل عُضوٍ منها عُضوًا مِن أعضائه من النار،
حتى فَرْجَه بفرجِه)) البخاري ومسلم.

وقوله - تعالى -: (أَوْ
إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ
مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) والإطعامُ في وقتِ المجاعة أفضلُ من الإطعام
في وقت الرخاء؛ لأن طبيعة النفس الجود في السعة، والإمساك في الضيق، فكان
الإطعام في المسغبة أعظم أجرًا؛ لأن الإنسان يحقق نصرًا عظيمًا على نفسه،
ثم هو يُنفق راجيًا أن يُخْلفَ الله عليه، ثقةً بوعدِه - سبحانه -: (وَمَا
أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ:39]، ولذا فرق الله -
سبحانه - بين من أنفق قبل الفتح ومن أنفق بعده، فقال: (لاَ يَسْتَوِي
مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) [الحديد:10]؛ وذلك لأن قبل الفتح كان
بالمسلمين حاجة، وكانوا قلّة، وأما بعد الفتح فقد كثر عددهم وكثر رزقهم،
وقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم- أيضًا ذلك، فقال وقد سُئل أي الصدقة
أفضل؟ قال: ((أن تصدّق وأنت صحيحٌ شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى)) متفق
عليه.

وخصّ ربنا - سبحانه -
الإطعام باليتيم ذي المقربة؛ لأن ((الصدقةُ على المسكين صدقة، وعلى ذي
الرحم ثنتان صدقة، وصلة))، وقوله - تعالى -: (أَوْ مِسْكِينًا ذَا
مَتْرَبَةٍ): وهو البائسُ المعدوم، الذي لا يجد شيئًا، حتى إنه ليفترش
التراب من الحاجة، وهذه الأعمال لصالحة من العتق والإطعام ونحوهما لا تنفع
من غير إيمانٍ، ولذا قال - تعالى -: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ
آمَنُوا)، فالإيمان هو أساسُ قبول الأعمال إذا توفرت شروط القبول الأخرى،
فالكافر لا يُقبلُ منه عملٌ أبدًا، ولذا قال - تعالى -: (وَمَا مَنَعَهُمْ
أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا
بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ
كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) [التوبة:54]، وعن
عائشة - رضي الله عنها – قالت: قُلْتُ يا رسول الله، ابنُ جُدعان، كان في
الجاهلية يصلُ الرحمَ، ويطعمُ المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال –صلى الله عليه
وسلم-: ((لا ينفعه، إنه لم يقلْ يومًا ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين))
رواه مسلم.

وأما المؤمنون فإنّ
أعمالهم مقبولةٌ بشرطين الإخلاصُ لله، والمتابعةُ لرسولِه –صلى الله عليه
وسلم-، قال - تعالى -: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ* أَلاَ
لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) [الزمر:2-3]، وقال: (وَلَقَدْ أُوحِيَ
إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ
فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الزمر:65-66]، وقال - تعالى -:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل
عمران:31]، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات،
وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله
ورسوله، ومن كانت هجرته لدينا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر
إليه)).

وقال: ((مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
وقوله - تعالى -:
(وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) يعني: أنه لا
يكفي للنجاة أن يكمّل الإنسان نفسه بالإيمان والعمل الصالح، حتى يسعى إلى
تكميل غيره أيضًا، فيدعوهم إلى الإيمان، ويأمرهم بالعمل الصالح، وأهمّه
الصبر، وهو أنواعٌ ثلاثة: صبرٌ على الطاعة، وصبرٌ عن المعصية، وصبرٌ على
الأقدار المؤلمة، كما أنّ مِنْ أهمّ الأعمالِ الصالحة الرحمةَ بعبادِ
الله، ولذا جَمع الله بينها وبين الصبر، فقال: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ)، ووصايا الرسول –صلى الله عليه وسلم- لأمته
بالصبر والرحمة كثيرة جدًا، ومنها: ((مَن يستعففْ يعفّه الله، ومن
يستَغْن يُغْنِه الله، ومن يتصبرّ يصبره الله، وما أُعْطِي أحدٌ عطاءً
خيرًا وأوسع من الصبر)) متفق عليه. وقوله: ((الصبرُ ضياء)) رواه مسلم
والترمذي والنسائي.

وقولُه للمرأة السوداء
التي قالت: "إني أُصرع وإني أتكشفُ، فادعُ الله - تعالى – لي"، فقال لها:
((إنْ شئتِ صبرتِ ولك الجنة، وإن شئت دعوتُ الله لك)) فقالت: "أصبر" متفق
عليه.

وقوله: ((من لم يرحم الناس لا يرحمه الله )) رواه الترمذي.
وقوله وقد بكى على ابنِ
بنتٍ له مات، فقيل له ما هذا؟ فقال: ((هذه رحمةٌ جعلها الله في قلوب من
شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)) متفق عليه.

وقوله: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).
وقوله - تعالى -:
(أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) أي: المتصفون بهذه الصفات هم أصحابُ
الميمنة، وجزاؤهم عند ربهم مذكور في سورة الواقعة: (وَأَصْحَابُ
الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ
مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ
كَثِيرَةٍ * لاَ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ *
إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا *
عُرُبًا أَتْرَابًا * لأَصْحَابِ الْيَمِينِ) [الواقعة:27-38].

وهذه الآياتُ كقوله -
تعالى-: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر).

وقوله - تعالى –:
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) أي:
أصحابُ الشمال، (عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ) أي: مُغْلَقةٌ عليهم فلا
يخرجون منها أبدًا، (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ) [الانفطار:16]، وقد
فصّل الله - تعالى - ما أجمله هنا في سورة الواقعة، فقال: (وَأَصْحَابُ
الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ
مِنْ يَحْمُومٍ * لاَ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ) [الواقعة:41-44].

أجارنا الله وسائر المسلمين من نار الجحيم،، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة البلد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  سورة البلد والشمس والشيخ محمد الليثى
»  تفسير سورة{{ المجادلة}} - -
»  تفسير سورة قريش
» تفسير جزء عم 6 سورة المطففين
»  تفسير الآية "53" من سورة الأحزاب.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اهل الحق :: منتديات إسلامية :: الموسوعة الإسلامية-
انتقل الى: