بيع الكلاب ، بيعها حرام ، ولو كان الكلب مما يجوز اقتناؤه . إلا كلب الصيد وحراسة الماشية وحراسة الزرع ، فإنه يجوز اقتناؤها .
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في النهي عن بيع
الكلاب ، وهي بعمومها تشمل جميع الكلاب ، ما يجوز اقتناؤه ، وما لا يجوز .
فمن هذه الأحاديث :
1-
روى البخاري (1944) عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : نَهَى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ .
2-
وروى البخاري (2083) ومسلم (2930) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ
الْكَاهِنِ .
3-
وروى أبو داود (3021) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلأْ
كَفَّهُ تُرَابًا ) قال الحافظ : إسناده صحيح . وصححه الألباني في صحيح
أبي داود .
4-
وروى أبو داود (3023) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَحِلُّ ثَمَنُ
الْكَلْبِ ، وَلا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ ، وَلا مَهْرُ الْبَغِيِّ ) قال
الحافظ : إسناده حسن . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" وَأَمَّا النَّهْي عَنْ
ثَمَن الْكَلْب وَكَوْنه مِنْ شَرّ الْكَسْب وَكَوْنه خَبِيثًا فَيَدُلّ
عَلَى تَحْرِيم بَيْعه , وَأَنَّهُ لا يَصِحّ بَيْعه , وَلا يَحِلّ ثَمَنه
, وَلا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه سَوَاء كَانَ مُعَلَّمًا أَمْ لا , وَسَوَاء
كَانَ مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَمْ لا , وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير
الْعُلَمَاء مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة
وَالأَوْزَاعِيّ وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد
وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : يَصِحّ بَيْع
الْكِلاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة , وَتَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفهَا
. وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ جَابِر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز
بَيْع كَلْب الصَّيْد دُون غَيْره . . . ودَلِيل الْجُمْهُور هَذِهِ
الأَحَادِيث " انتهى .
وقال الحافظ :
" ظَاهِر النَّهْي تَحْرِيم
بَيْعه , وَهُوَ عَامّ فِي كُلّ كَلْب مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْره
مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَوْ لا يَجُوز , وَمِنْ لازِم ذَلِكَ أَنْ
لا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه , وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" :
" لا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ بَيْعَ الْكَلْبِ بَاطِلٌ , أَيَّ كَلْبٍ كَانَ " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/36) :
" لا يجوز بيع الكلاب
، ولا يحل ثمنها ، سواء كانت كلاب حراسة أو صيد أو غير ذلك ، لما روى أبو
مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ) متفق على صحته " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
"بيع الكلب باطل" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/39) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (8/90) :
" لا يجوز بيع الكلب ، حتى لو باعه للصيد ، فإنه لا يجوز " انتهى بتصرف .
ثانياً :
استدل من أجاز بيع كلب الصيد بما رواه النسائي (4589) عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ إِلا
كَلْبِ صَيْدٍ ) .
وهذا الاستثناء في الحديث : ( إِلا كَلْبِ صَيْدٍ ) ضعيف .
َالَ النسائي بعد روايته للحديث : هَذَا مُنْكَرٌ .
وقال السندي في "حاشية النسائي" : ضعيف باتفاق المحدثين .
وقال النووي في "شرح مسلم" :
" وَأَمَّا الأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب
إِلا كَلْب صَيْد , وَأَنَّ عُثْمَان غَرَّمَ إِنْسَانًا ثَمَن كَلْب
قَتَلَهُ عِشْرِينَ بَعِيرًا , وَعَنْ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ
التَّغْرِيم فِي إِتْلافه فَكُلّهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاقِ أَئِمَّة
الْحَدِيث " انتهى .
ثالثاً :
إذا احتاج إلى الكلب للصيد أو الحراسة ولم يجد
أحداً يعطيه إياه إلا بالبيع ، جاز له أن يشتريه ، ويكون الإثم على البائع
، لأنه باع ما لا يجوز له بيعه .
قال ابن حزم في "المحلى" (7/493) :
" وَلا يَحِلُّ بَيْعُ كَلْبٍ
أَصْلا , لا كَلْبَ صَيْدٍ وَلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ , وَلا غَيْرَهُمَا ,
فَإِنْ اضْطُرَّ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعْطِيه إيَّاهُ فَلَهُ
ابْتِيَاعُهُ , وَهُوَ حَلالٌ لِلْمُشْتَرِي حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ ،
يَنْتَزِعُ مِنْهُ الثَّمَنَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ , كَالرِّشْوَةِ فِي
دَفْعِ الظُّلْمِ , وَفِدَاءِ الأَسِيرِ , وَمُصَانَعَةِ الظَّالِمِ وَلا
فَرْقَ " انتهى .
وهذه فتوى صوتية للشيخ صالح العثيمين رحمة الله
للاستماع والتحميل
http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_180.shtml
http://sound.binothaimeen.com/sound/...91/a0091-1b.rm
************************************************** *
والله اعلم