قال رحمه الله تعالى في كتابه الصواعق المرسلة ذما للمتكلمين :
فعلى عقولكم العفاء فإنكم عاديتم المعقول والمنقولا
وطلبتم أمرا ً محالا ً وهو إد راك الهدى لا تتبعون الرسولا
وزعمتم أن العقول كفيلة بالحق ، أين العقل كان كفيلا
وهو الذي يقضي فينقض حكم عقل ، ترون كليهما معلولا
وتراه يجزم بالقضـاء وبعد ذا يلقي لديه باطـلا معـقولا
لا يستقل العقل دون هداية بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
كالطرف دون النور ليس بمدرك حتى تـراه بكرة وأصـيلا
فإذا الظلام تلاطمت أمواجه وطمعت بالأبصار كنت محيلا
وإذا النبوة لم ينلك ضياؤها فالعقل لا يهديك قط سبـيلا
نور النبوة مثل نور الشمس للعـ ـين البصيرة فاتخـذه دليلا
طرق الهدى مسدودة إلا على من أمّ هذا الوحي والتـنزيلا
فإذا عدلت عن الطريق تعمدا فاعلم بأنك ما أردت وصـولا
يا طالبا ً درك الهدى بالعقل دو ن النـقل لن تلقى لذلك دليلا
كـم رام قبلك من متـلدد حيران عاش مدى الزمان جهولا
ما زالت الشبهات تغزو قلبه حتى تشـحّط بينـهن قـتيلا
فتراه بالكلي والجزئي والـ ذاتـي طول زمـانه مشغـولا
فإذا أتاه الوحي لن يأبه له ويقـوم بين يدي عداه مثـيلا
ويقول تـلك أدلة لفـظية معـزولـــــة أن تكـون دلـيـــلا
وإذا تمر عليه قال لها اذهبي نحو المجسـم أو خذي التأويـلا
وإذا أبت إلا النزول عليه كا ن لها القرى التحريف والتبديلا
فيحل بالأعـداء ماتلقاه من كـيد يكـون لحقها تعطيلا
واضرب لهم مثلا ً بعميان خلوا في ظـلمة لا يهتدون سـبيلا
فتصادموا بأكفهم وعصيهم ضربا ً يدير رحى القتال طويلا
حتى إذا ملّوا القتال رأيتهم مشجوج أو مبعوج أو مقـتولا
وتسامح العميان حتى أقبلوا للصلح فازداد الصياح عـويلا
للأمانة منقول