منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  
آيـــــات الشفاء في القرآن الكريم إن هذه الآيات تجتمع في كل آية فيها كلمة شفاء و تقرأ بترتيب المصحف فقد قال العلماء أن في هذا استعانة بكلام الله على الشفاء و خصوصا بالنسبة للأمراض التي لا تقدر عليها أسباب البشر...وهـــم:- الآية 14 من سورة التوبة: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 57 في سورة يونس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 69 من سورة النحل : وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ... صدق الله العظيم الآية 82 من سورة الإسراء : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا... صدق الله العظيم الآية 80 من سورة الشعراء : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ... صدق الله العظيم الآية 44 من سورة فصلت : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...||

 

 الأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





التقييم : 3
نقاط : 360900
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

الأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير Empty
مُساهمةموضوع: الأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير   الأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 17, 2012 10:14 pm





الأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير

فضل الله ممتاز
رسالة الاسلام


المقدمة

الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أمرنا ديننا الحنيف بضبط سلوكنا والالتزام بقواعد الشريعة وآدابها في
أمورنا جميعا، ومنها السير وقيادة السيارات والمركبات، ولا شك أن الالتزام
بالآداب الإسلامية تقلل من هذه الحوادث، وهذه الحوادث لها أحكام فقهية
تحتاج لبيان تفاصيلها والوقوف عندها، وهي من المواضيع المعاصرة التي تتعلق
بحياة الناس وتلامس واقعهم ومن المسائل التي تقع كثيرا، ولهذه الأهمية
بدأت بإعداد هذا البحث وقد قسمته إلى:

المقدمة : في بيان أهمية الموضوع.

التمهيد: في تعريف حوادث السير.

وخمسة مطالب وهي كالتالي:

المطلب الأول: نظام المرور ضرورة يقتضيها العصر.

المطلب الثـاني : طاعة الحاكم واجبة فيما يضعه من نظم.

المطلب الثالث: عقوبة المخالفـات المروريـة.

المطلب الرابع: الإضرار بالآخرين محظور، ومضمون

المطلب الخامس: القواعد الفقهية المقررة للضمان، وتعيين الضامن.

الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج.


التمهيد:


تعريف حوادث السيارات:

عرفت المادة 191 من نظام المرور السعودي الصادر عام 1391 حوادث السير
بالآتي: "حوادث السير تعني جميع الحوادث التي ينتج عنها أضرار مادية أو
جسمية من جراء استعمال المركبة"[1]. وقد عرفه النظام الجديد بأنّه: "كل
حادث ينتج عنه أضرار جسيمة أو مادية دون قصد من جراء استخدام المركبة وهي
في حالة حركة"[2]. فلقد ركزت المادة في تعريفها لحوادث السير على أداة
الضرر ألا وهي المركبة، والفعل ألا وهو الحادث، ثم نتيجة استخدام تلك
المركبة وهي الأضرار سواء أكانت مادية أو بدنية، وبذلك تتحقق عناصر
المسئولية التقصيرية أو المسئولية. وذلك لأن المركبة هي أداة خطرة وتحتاج
إلى عناية أو حراسة، كما أن الضرر حدث بسبب تلك المركبة، عن طريق الشخص
الذي يقود تلك المركبة (أو تحت حراسته) والذي فرط أو قصر هذا ذلك الواجب،
هذا دون أن يشير النص إلى مكان وقوع الحادث[3].

المطلب الأول: نظام المرور ضرورة يقتضيها العصر:

وما استجد في هـذا العصـر وزاد حتى صار ضرورة الوقـت وسائل النقـل -
السيارات - إلا أن هذه الوسيلة - وهي نعمة كبرى - قد يساء استخدامها من
قبل البعض، فكان من لوازم ضرورياتها أن يوضع نظام يضبط استخدامها ويحمل
المسؤولية كلها لمستخدمها، إذ هي آلة في يده يتصرف بها كيف يشاء، فانحصرت
المسؤولية فيه، أي في السائق، وقد أبح وضع هذا النظام ضرورة تقوم عليها
حياة الناس، بحيث تختل أمور حياتهم وتضطرب باختلاله. والذي يضع هذه النظم
هو الحاكم -ومن ينوب عنه- رعاية لمصالح الأمة، وتدبيراً لشؤونها، وذلك من
خصوصياته، وواجبات الأمة عليه. وأساس ذلك مراعاة المصلحة لهم، جلباً
للمنفعة ودفعاً للمضرة والمفسدة[4].

المطلب الثـاني : طاعة الحاكم واجبة فيما يضعه من نظم( ومنها نظام المرور):

وهي نتيجة حتمية عقلية، إذ لو لم تلزم طاعته فيما ينظر لكان وضعه لها باباً من العبث وضياع الوقت مقابل مصلحة المجتمع وأمنه.

إن وجوب هذه الطاعة مستمد من القرآن الكريم، مصدر التشريع ومنهل الأحكام،
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم}[5].

قال ابن العربي: حقيقة الطاعة هي : امتثال الأمر، كما أن المعصية ضدها،
وهي مخالفة الأمر . وقال أيضاً في بيان الآية: والصحيح عندي أنهم - أي
أولي الأمر - الأمراء والعلماء[6].

ولا شك أن التقيد بنظام المرور داخل في وجوب الطاعة، لأنه لم يوضع إلا
لمصلحة الفرد والمجتمع،وحفاظاً على أرواح الناس وأموالهم، فهو لازم
التنفيذ من الرعية[7]. ومصدر هذا اللزوم النصوص الشرعية، ومنها الآية
والحد المذكوران، وبالتالي تكون المخالفة لهذه الأنظمة معصية تستحق
العقوبة المنظمة بحسب نوع المخالفة وطبيعتها وخطورتها، ويرجع تقدير ذلك
إلى الحاكم.

وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي قراره رقم ( 75/2/د8 ) المتضمن أن المجلس نظر إلى تفاقم حوادث المرور، فقرر ما يلي:

الالتزام بتلك الأنظمة التي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، لأنه من
طاعة ولي الأمر فيما ينظمه من إجراءات بناء على دليل المصالح المرسلة،
وينبغي أن تشتمل هذه الأنظمة على الأحكام الشرعية التي لم تطبق في هذا
المجال بما تقتضيه المصلحة أيضاً من سن الأنظمة الزاجرة بأنواعها، ومنها
التعزير المالي لمن يخالف تلك التعليمات المنظمة للمرور، لردع من يعرض أمن
الناس للخطر في الطرقات والأسواق من أصحاب المركبات ووسائل النقل الأخرى،
أخذاً بأحكام الحِسبة المقررة[8].

ثالثاً : مخالفة النظام سبب الحوادث المروعة .

الحق أن أغلب الحوادث المؤلمة، التي يذهب ضحيتها المال والأشخاص سببها مخالفة أنظمة المرور، وتتلخص في الأسباب الآتية:

1- السرعة المفرطة: والواقع أنه لا يمكن لأي سائق أن يحدد لنفسه السرعة،
لان ذلك يختلف باختلاف سعة الطريق وضيقه، وزحمة السير وقلته، بل يختلف من
سيارة لأخرى، ولذا نقول : إن كانت الدولة قد حددت سرعة معينة يجب التقيد
بها بحسب الإمكان والظروف، لأن طاعة ولي الأمر - كما أسلفنا - واجبة،
وخاصة فيما فيه مصلحة للناس، ولا تنبغي السرعة زيادة على ذلك إلا عند
الضرورة والحاجة فعلاً، لئلا يحدث ما ليس بمحمود فيندم السائق عندئذ، ولات
حين مندم، وجاء في الحـديث عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "التأني من الله، والعجلة من الشيطان"[9]. قال ابن القيم
- رحمه الله: إنما كانت العجلة من الشيطان، لأنها خفة وطيش، وحِدّة في
العبد تمنعه من التثبت والوقار والحِلْم، وتوجب وضع الشيء في غير محله،
وتجلب الشرور وتمنع الخُيور، وهي متولدة بين خلقين مذمومين: التفريط،
والاستعجال قبل الوقت[10].

2- مجاوزة الإشارة الحمراء: لاشك أن الإشارة وضعت لتنظيم حركة السيارات
عند التقاطعات، فيعرف كل سائق متى يقف، ومتى يتحرك، وقطعها من أخطر
المخالفات المرورية، لان قاطعها غالباً ما يأتي مسرعاً ليتمكن من التجاوز
قبل تحرك الآخرين، فإذا به يفاجأ بمرور شخص، أو بتحرك الآخرين بحسب
إشارتهم الخضراء، فيصدم الشخص أو يصدم السيارة، فيحدث ما لا تحمد عقباه
لنفسه وللآخرين .

ينبغي القطع بعدم قطع الإشارة الحمراء حتى وإن كانت التقاطعات الأخرى خالية خشية المفاجأة.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن ذلك فأجاب:

قطع الإشارة لا يجوز، لأن الله تعالى قال:{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وولاة الأمر وضعوا علامات تقول
للإنسان : قف، وعلامات تقول للإنسان سِرْ. فهذه الإشارة بمنزلة القول،
وكأن ولي الأمر يقول لك: قف أو يقول: سر، وولي الأمر واجب الطاعة . ولا
فرق بين أن تكون الخطوط الأخرى خالية، أو فيها من يحتاج إلى من يفتح له
الخط[11].

3- أسباب أخرى: ثمة أسباب أخرى للحوادث ينبغي التنبيه عليها لتجتنب،
كالنعاس، والتفحيط[12] وإهمال السيارة، وعدم العناية بها وخاصة الكوابح
(الفرامل). كل هذه أسباب لوقوع حوادث مؤلمة تتلف الأموال والأرواح، وإن
كانت نسبة الحوادث فيها أقل مما سبقت الإشارة إليه، ولكن لا بد من التنبه
إليها والعلم بأخطارها، وأنها مسؤولية السائق، يتحمل نتائجها من حيث الإثم
والتفريط، لتقصيره أو لعبثه بالسيارة وتعريضها للتلف والإتلاف[13].

المطلب الثالث: عقوبة المخالفـات المروريـة:

تحدثت في المطلب الثاني أن من حق الرعية على الحاكم أن يرعى لهم حقوقهم،
وينظم لهم وضع حياتهم، وأن طاعته فيما فيه مصلحة الخلق واجبة على المسلم،
فمن عصى استحق العقوبة الرادعة المناسبة لتلك المخالفة.

ومن هذا المبدأ يجوز للحاكم أن يفرض من العقوبات الزاجرة لكل مخالف
مستهتر، يعرض المجتمع إلى الفوضى والفساد، وهي عقوبات زاجرة تدخل تحت باب
التعزير[14]، وهي في الواقع رحمة وإن اشتملت على إنزال الأذى بالمخالف فإن
الرحمة الحقيقية هي الرحمة بعامة الناس، بتأمينهم على أنفسهم وأموالهم من
عبث العابثين؛ إن الرفق بهؤلاء هو عين القسوة، وإن كان ظاهره العطف، ولذا
قرر النبي صلى الله عليه وسلم فيما قرر من قوانين الرحمة أن من لا يرحم
الناس لا يرحمه الشرع، فقال صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم الناس لا
يرحمه الله"[15]. وعلى هذا المعنى جاءت الآية:{الزانية والزاني فاجلدوا كل
واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}[16]. وبهذا يتبين
لنا أن الرأفة بالجناة - أي والمخالفين- تتنافى مع الإيمان بالله واليوم
الآخر، مع أن الله تعالى وصف المؤمنين بأنهم رحماء فيما بينهم، فدل هذا
على أنه ليس من الرحمة في شيء الرفق بالجاني[17].

ولكن يجب أن تتوافر في العقوبة -لكي تؤتي ثمارها- أمور ثلاثة:

1- أن يكون الباعث على تقنينها المصالح العامة، لعامة الناس، لا الظلم أو تحصيل المال وجبايته لخزينة الدولة .

2- أن يكون ثمة مناسبة ظاهرة بين العقوبة والمخالفة، بمعنى أن تكون العقوبة بحجم المخالفة أو يقاربها عرفاً وعادة.

3- المساواة والعدالة بين الناس جميعاً دون تمييز، لأن الناس سواسية في
عرف الشرع كأسنان المشط، وعلى رجل المرور أن يتقي الله في ذلك، فإن مهمة
ولي الأمر وضع النظام لكل الناس، ورجل المرور هو المسؤول أمام الله عز وجل
عن تطبيقه بالعدل بين الناس . قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل
والإحسان}[18].

أنـواع العقوبـة :

في ضوء الضوابط الثلاثة السالفة الذكر يمكن أن تأخذ العقوبة ألواناً
كثيرة، طالما أن المقصود منها حفظ أرواح الناس وأموالهم وتحقيق المصلحة
للجميع، وعليه يمكن أن نقسم العقوبة إلى قسمين:

الأول : عقوبة ماديـة.

كالسجن، والتوقيف لمدة معينة، وتختلف باختلاف طبيعة المخالفة، وبمكن أن
تكون بسحب رخصة القيادة وحجزها مدة معينة، أو بحجز السيارة، كما يمكن أن
تكون بالجلد، والتقريع بالكلام، وغير ذلك من أساليب التعزير الرادعة .

الثـاني : عقوبة مالية.

وهذه اختلفت في جوازها أنظار الفقهاء قديماً وحديثاً، إذ يرى فيها أكثر
الفقهاء وسيلة من وسائل تسلط الظلمة على أموال الناس وأخذها بغير حق، كما
يرى البعض في جوازها كزواجر عن المخالفات ضمن ضوابط معينة.

و للفقهاء في جواز العقوبة المالية رأيان:

أولا: مذهب جمهور الفقهاء :

وهو عدم الجواز-وهو ما قال به الدكتور سعيد رمضان البوطي[19]- ولننقل الآن بعض نصوصهم في ذلك:

قال الإمام الحصكفي الحنفي: ويكون التعزير بالحبس، والصفع، وبالكلام العنيف، والشتم بغير القذف، لا بأخذ مال في المذهب.

قال ابن عابدين تعليقاً على قوله (لا بأخذ مال في المذهب): قال في الفتح:
وعن أبي يوسف يجوز التعزير للسلطان بأخذ المال، وعندهما وباقي الأئمة لا
يجوز .اهـ. وظاهره أن ذلك رواية ضعيفة عن أبي يوسف. وأفاد في البزازية: أن
معنى التعزير بأخذ المال -على القول به- إمساك شيء من ماله عنه مدة
لينزجر، ثم يعيده الحاكم إليه، لا أن يأخذه الحاكم لنفسه أو لبيت المال
كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب
شرعي[20].

وقال الشيخ أحمد الصاوي المالكي:

وأما التعزير بأخذ المال فلا يجوز إجماعاً[21].

وقال الإمام العمراني الشافعي في معرض ذكره لأنواع المزكين:

الضرب الثاني: يعتقد وجوبها ولا يؤديها، وهم فساق المسلمين... وإن أخفوا
أموالهم حبسهم الإمام، فإذا ظهرت ففي القدر الذي يؤخذ منهم قولان:

أحدهما: قال في القديم (يأخذ منهم الزكاة، وشطر مالهم، عقوبة لهم) لما روى
بهز بن حكم [ بن معاوية بن حَيْدة ] عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "... ومن منعها فإنا آخذوها، وشطر ماله، عزمة من عزمات
ربنا، ليس لآل محمد فيها شيء"[22].

والثاني : قال في الحديد : (تؤخذ منه الزكاة لا غير)[23].

وقال ابن قدامة الحنبلي: والتعزير يكون: بالضرب، والحبس، والتوبيخ، ولا
يجوز قطع شيء منه، ولا جرحه، ولا أخذ ماله، لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك
عن أحد يقتدى به[24].

واستدلوا على ذلك بما يأتي:

1- بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس في المال حق سوى الزكاة"[25].

2- أن العقوبات كانت في أول الإسلام في الأموال، ثم نسخ ذلك.

ثانيا : مذهب بعض الفقهاء من المذاهب الأربعة[26].

أن العقوبة المالية (الجزاء المالي) جائزة، وللحاكم أمر تقديرها بحسب نوع المخالفة والظروف المحيطة بها.

واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة:

منها: مضاعفة الغرم على من سرق ما لا قطع فيه[27]، كالحريسة[28]، والثمر قبل أن يوضع في الجرين[29].

ومنها: مضاعفة عمر الغرم في ناقة أعرابي، أخذها مماليك جياع لعبد الرحمن
بن حاطب، فذبحوها وأكلوها، إذْ أضعف الغرم عليه، ودرأ القطع بسبب
جوعهم[30].

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "ضالّة الإبل المكتومة غرامتها، ومثلها معها"[31].

ومنها: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الذي يأتي امرأتـه وهي
حائض، قال: "يتصدق بدينار، أو بنصف دينار"[32] أي بدينار إن كان في أيام
الحيض الأولى وبنصفه إن كان في أيامه الأخيرة، حيث الدم في إدباره.

والراجح والله أعلم أن ما ذهب إليه البعض هو الذي ينبغي المصير إليه إذا
وجدت الضوابط التي ذكرتها قبل قليل، وبعدها يبقى رجل المرور هو الأمين على
التطبيق العادل، وعدم الحيف .

وذلك لأمرين:

أحدهما: كثرة ماورد من الأمثلة عل التطبيق العملي للعقوبة المالية، من
الآثار المرفوعة والموقوفة غير التي ذكرتها في معرض الاحتجاج لرأي
البعض[33].

ثانيهما : أن الحديث الذي احتج به الجمهور ضعيف بسببين:

أ- من جهة سنده، فإن فيه ميمون الأعور، وهو ضعيف كما قال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/160 .

ب- من جهة أن بعضهم كالإمام العراقي ذكره في معرض الاستشهاد على الاضطراب
في متن الحديث، وهو أنه رواه الترمذي /660/ بلفظ (إن في المال حقاً سوى
الزكاة). ولكن السيوطي فند ذلك بتأويله ولم يجعله مضطرباً[34].

ثالثاً : أن المحذور الذي اعتمد عليه الجمهور إذا ضبط زال المانع.

قال الغزالي : للوالي أن يفعل ذلك إذا رأى المصلحة فيه[35].

المطلب الرابع: الإضرار بالآخرين محظور، ومضمون:

قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}[36].

انطلاقاً من هذا النص السماوي إن من تكريم الله للإنسان أن شرع من الأحكام
- في تنزيله -وعلى لسان رسوله- ما يحفظ له حياته ويصونها، ويحفظ له ماله
لأنه وسيلة حياته الكريمة، وجعل العدوان عليه وعلى ماله بأي شكل جريمة
تستوجب العقوبة في الآخرة، والغرامة والتضمين في الدنيا، فليس في الإسلام
دم أو مال يطل (أي يبطل ويضيع هدراً بغير دية أو عوض).

قال تعالى:{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}[37].

وقال: {ومن قتل مؤمناً خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله}[38].

وفي الحديث من خطبته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أنه قال: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا.." الحديث[39].

ومن هنا كان الحفاظ على النفس والمال اثنين من الضروريات الخمسة التي
ضمنها الإسلام للإنسان، وحماها من كل اعتداء[40]. والتعويض عن الأضرار
يشمل الأضرار الواقعة على النفس الإنسانية، المقدر منها كالديات، وغير
المقدر كالأروش[41]، ويشمل الأضرار المالية الواقعة على الأعيان
كالإتلافات[42].

فالإضرار بالآخرين في أنفسهم وأموالهم حرام مضمون، وهذا أصل ثابت في الشرع بنصوص القرآن والسنة
المطلب الخامس: القواعد الفقهية المقررة للضمان، وتعيين الضامن:

- القواعد العامة في منع الضرر وضمانه .

- القواعد الخاصة في تعيين الضامن للضرر.

أ: القواعد العامة في منع الضرر وضمانه:

القاعدة الأولى : لا ضرر ولا ضِرار[43].

الضرر : إنزال الضرر بالغير . والضِّرار : بكسر الضاد، من ضره وضارّه،
بمعنى واحد، إذا ألحق به ضرراً فيكون الثاني تأكيداً للأول، ولكن المشهور
- والأولى - أن بينهما خلافاً، لأن حمل اللفظ على التأسيس أولى من حمله
على التأكيد، لإفادته معنى جديد زائداً على الأول.وهذه القاعدة تشير إلى
أن مقابلة الضرر بمثله لا يحل شرعاً - إلا استثناء كالقصاص - ولمن وقع
عليه الضرر أن يعفو أو يأخذ عوضاً عنه، فمن صدمت سيارته من آخر عن قصد أو
غير قصد ليس له أن يصدم سيارة المعتدي، وإنما عليه أن يعفو أو يأخذ العوض
حتى تعود سيارته كما كانت وإن هذه القاعدة مقيدة إجماعاً بغير ما أذن به
الشرع من الضرر كالقصاص والحدود وسائر العقوبات، فهي مطلوبة شرعاً - وإن
كان فيها ضرر - حفاظاً على الحقوق وأمن المجتمع، ولأن درء المفاسد مقدم
على جلب المصالح، على أن العقوبات لم تشرع في الأصل إلا لدفع الضرر[44].

القاعدة الثانية : الضرر يزال[45].

قال الفقهاء: إذا شرع ميزابه على الطريق العام، أو تعدى عليه ببناء
دَكّة[46] بحيث يضر بالمارين يمنع من ذلك، ويزال إن أحدثه إزالة للضرر، بل
لو تضرر بذلك شخص فهذا المالك ضامن لتعديه[47].وفي ميدان الحقوق الخاصة:
إذا صدم بسيارته فإنه يضمن عوض ما أتلف من نفس أو مال، لأنه ضرر، والضرر
يزال، أي يجب إزالته عن المضرور، ولا يكون ذلك إلا بتعويضه عن الضرر،
والضرر أحد أسباب ثلاثة للضمان في الفقه الإسلامي[48]. فإن كان الضرر على
النفس فالدية أو الحكومة[49]، وإن كان على المال قُوّم من قبل أهل الخبرة
الثقات.

القاعدة الثالثة: المرور في الطريق مباح بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه.

هذه القاعدة ذكرها غير واحد من الفقهاء، والبعض الآخر ذكر المعنى[50]، فكأن الجميع متفقون عليها من حيث المضمون.

والطريق من المرافق العامة المشتركة بين الناس جميعاً، فلكل واحد الحق في
المرور به والوقوف فيه، وله سائر الانتفاعات ولو بدابته أو سيارته، ولكن
بشرط أن لا يحدث فيه ضرراً للناس وهو قادر على التحرز منه. فإن خالف فهو
مضار آثم، ضامن، لم يؤد الطريق حقه.

ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إياكم والجلوس في
الطرقات"، قالوا يا رسول الله ما لنا بدٌّ من مجالسنا ؛ نتحدث فيها، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق
حقه"، قالوا: وما حقهالأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير 205738 قال: "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر"[51].

(لكل أحد حق المرور في الطريق العام مع حيوانه أيضاً، فلذلك لا يضمن المار
راكباً على حيوانه في الطريق العام الضرر والخسارة اللذين لا يمكن التحرز
عنهما)[52].

وقال الخطيب الشربيني: ويحترز راكب الدابة عما لا يعتاد فعله له كركض شديد
في وَحَل، فغن خالف ضمن ما تولد منه لتعديه، وفي معنى الركض في الوحل
الركض في مجتمع الناس واحتراز بالركض الشديد عن المعتاد فلا يضمن ما يحدث
عنه، فلو ركضها كالعادة ركضاً ومحلاً وطارت حصاة لعين إنسان لم يضمن[53].
فتحصل من ذلك أن المرور في الطريق لراكب السيارة مباح بشرط السلامة
والتحرز عما قد يحدث من ضرر، ولا يكون ذلك إلا بمراعاة : واقع الحال،
وقواعد المرور.

ب- القواعد الفقهية الخاصة بتعيين الضامن (السائق أو المتسبب).

القاعدة الأولى: المباشر (أي السائق هنا) ضامن، وإن لم يكن متعدياً.

هذه القاعدة ذكرها الفقهاء بعبارات متقاربة، إلا أنهم متفقون على مضمونها[54] وهي من أهم القواعد المتبعة في مسألة ضمان الضرر.

وأصل هذه القاعدة المـادية الثانية والتسعون من مجلة الأحكـام العدليـة
بلفظ (المباشر ضامن، وإن لم يتعمد) والمراد بالتعمد التعدي، لأن الأموال
مضمونة في العمد والخطأ، والفرق أن الخطأ لا إثم فيه، ولكنهما في الضمان
سواء، ولهذا يضمن الصغير والمجنون ما يحدثانه من إتلافات وإن كان فعلهما
لا يوصف بالإثم والتقصير، لأن المقصود بالضمان تعويض المالك إذْ ليس في
الإسلام دم أو مال يطل[55]، وإنما هو مضمون لصاحبه[56].

فالمباشر للإتلاف بدابة أو سيارة ضامن مطلقاً، تعمد ذلك أو كان خطأً، تعدى
أو لم يتعدّ، فمن كان يحمل على دابة أو سيارة أشياء ثم مر بسوق عام -
مثلاً- فوقعت منه حاجة فأتلفت روحاً أو مالاً ضمن، لأنه مباشر، والمباشر
ضامن ولو انفلتت عجلة السيارة وهو يمشي في الطريق فأصابت شخصاً أو مالاً
فأتلفته ضمن، لأن ذلك دليل تقصيره في عدم الشد والإحكام، ولأنه أيضاً
مباشر، والمباشر ضامن مطلقاً[57]. لأن حقوق الغير مضمونة شرعاً في كل حال:
العمد والخطأ. فالقاتل عمداً أو خطاً ضامن، ولكن في حال الخطأ أو عدم
التعدي ينتفي عنه وصف الإثم فقط، للحديث: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ
والنسيان، وما استكرهوا عليه"[58].

قال ابن رجب الحنبلي: والأظهر -والله أعلم- أن الناسي والمخطئ إنما عفي
عنهما بمعنى رفع الإثم عنهما، لأن الأمر مرتب على المقاصد والنيات،
والناسي والمخطئ لا قصد لهما فلا إثم عليهما وأما رفع الأحكام عنهما فليس
مراداً من هذه النصوص[59].

ولهذا قال ابن غانم البغدادي: المباشر ضامن، وإن لم يتعد، والمتسبب لا
يضمن إلا إذا كان متعدياً[60]. فلا يشترط لتضمين المباشر للإتلاف تعمد أو
تعد، سواء كان فعله محظوراً في أصله - ولو من قبل ولي الأمر - كالسرعة
الزائدة، أو تجاوز الإشارة الحمراء، أو سيره في طريق معاكس، أو مباحاً
كسيره بسيارته في الشارع مع مراعاته لنظام السير، لعموم القاعدة في كل
الأحـوال، إلا أن مجلة الأحكام العدليـة العثمانية - وهي مأخوذة من الفقه
الحنفي وقليل من غيره - ذكرت قاعدة تقول فيها: (الجواز الشرعي ينافي
الضمان)[61] وهذا ظاهر في أن السائق المباشر لا يضمن في حال مراعاة
النظام، لأنه يفعل مباحاً لا يتعدى فيه، والجواز الشرعي ينافي الضمان، وهو
اعتراض حسن، إلا أن الفقهاء خصصوا عدم الضمان هذا المفهومَ من القاعدة
بالحقوق -والمرور حق للسائق - التي لا تتقيد بشرط السلامة، أما الحقوق
التي تتقيد بشرط السلامة فيكون الماشي (أي ومثله السائق) فيها ضامناً
مطلقاً كما ذكرنا قبل قليل، لأنه يتصرف في حقه من وجه وفي حق غيره من وجه،
لكون الطريق مشتركاً بين كل الناس، فقيل بالإباحة مقيداً بالسلامة ليعتدل
النظر من الجانبين.

قال الخطيب الشربيني: الارتفاق بالطريق مشروط بسلامة العاقبة[62].

(الجواز الشرعي) وهو كون الأمر مباحاً، فعلاً كان أو تركاً (ينافي الضمان) لما حصل بذلك الأمر الجائز من التلف.

ولكن بشرطين:

أ- أن لا يكون الأمر الجائز مقيداً بشرط السلامة.

ب- أن لا يكون إتلاف مال الغير لأجل نفسه[63].

فلو حصل حريق في دكان جاره فهدمه خشية أن ينتقل الحريق إلى دكانه فهو
ضامن، لأن ذلك وإن كان جائزاً شرعاً، قطعاً للمفسدة واضطراراً لدفع الأذى
عن نفسه، لكن إنما فعله لأجل نفسه، فيضمن. ولو انحرف بسيارته عن خط سيره
اتقاء لدهس شخص فأصاب مالاً لآخر فأتلفه، فإنه يضمنه، ولا يكون ارتكاب أخف
الضررين برأيه مبرراً لعدم الضمان، لأن الاضطرار لا يلغي حق الغير[64].

التفريق بين المباشر والمتسبب حال الضمان :

بعد ما تقدم من أن المباشر هو الضامن، سواء كان بفعل مباح - كما ذكرنا- أو
محظور، لا بد لنا من تحديد معنى المباشرة بمفهومها الصحيح، لئلا تلتبس
بالتسبب بالإتلاف .

وقد عرف الفقهاء المباشر بأنه: (من يحصل التلف بفعله من غير أن يتخلل بين
فعله والتلف فعلُ مختار)[65] فإن تخلل بين فعله والتلفِ فعلُ شخصٍ مختارٍ
لم تتحقق المباشرة عندئذ، فلا يضمن، مثال ذلك: من أصاب بسيارته شخصاً في
قدمه فوقع جانباً، فجاءت سيارة أخرى فدهسته فمات، فإن الأول لا يضمن،
والضمان على الثاني، مع أن الأول هنا متسبب بذلك، ولكن الفقهاء قالوا:

إذا اجتمع المباشر والمتسبب في الإتلاف أضيف الحكم إلى المباشر إذا كان
السبب لا يعمل في الإتلاف لو انفرد عن المباشرة، كما ذكرنا في المثال.

ولا يشترط في هذا المباشر أن يكون مكلفاً ( أي بالغاً عاقلاً ) فلو كان
السائق صغيراً مميزاً - كما يحدث أحياناً - فأحدث إتلافاً في نفس أو مال
ضمن تعويض ما أتلف، لأن ضمان الإتلافات لا يشترط فيها أهلية الأداء، بل
يكفي في تحمل تبعاتها أهلية الوجوب، وهي موجودة في الصغير[66]. فعن الزهري
وقتادة أنهما قالا: (مضت السنة أن عمد الصبي والمجنون خطأ)[67]. أي لا قود
عليهما، وإنما عليهما الضمان كخطأ المكلف.

ولكن ينبغي التمحيص وإمعان النظر في واقع الحال، هل كان حادث الإتلاف
بمباشرة أو تسبب، لان لذلك تأثيراً في الحكم، وذلك هو عمل رجال الأمن،
وعليهم أن يبذلوا قصارى جهدهم في معرفة الحقيقة مراعين في ذلك تقوى الله
عز وجل وتحري العدل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.

المتسبب لا يضمن إلا بالتعدي:

أصل هذه القاعدة في مجلة الأحكام العدلية (المادة 93) بلفظ (المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد) ومعنى ذلك أنه يشترط لضمان المتسبب شيئان:

أ- أن يكون متعمداً.

ب- أن يكون متعدياً.

وعليه لو ذعر حيوان شخص من آخر، وفر، فلا ضمان على الشخص الذي فر منه الحيوان مالم يكن متعمداً[68].

القاعدة الثالثة: إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر.

هذه القاعدة مأخوذة - بلفظها - من الأشباه لابن نجيم الحنفي[69]، وهي نص المادة /90/ من مجلة الأحكام العدلية .

المباشر: هو الذي يحصل منه الإتلاف مباشرة، وأن المتسبب: هو الفاعل للسبب المفضي إلى وقوع الإتلاف .

مثال ذلك: لو حفر شخص حفرة في الطريق، فألقى شخص حيواناً في الحفرة لآخر،
ففي هذه الحال اجتمع المتسبب والمباشر في الإتلاف، فلولا الحفر لم يحصل،
ولولا الإلقاء من الآخر لم يحصل، وعندئذ يقدم المباشر وهو الملقي، لأن
فعله في الإتلاف أقوى. وكذا لو دل شخص لصاً على مال فذهب اللص وسرقه فإن
القطع يكون على اللص، لا على الدال، لأن فعله أقوى في تمثيل الجريمة ومع
ذلك يعزر المتسبب بما يناسب فعله في التسبب.

الخاتمة

الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

بعد الجولة العلمية في موضوع حوادث السير في الفقه الإسلامي ألخص النتائج التي توصلت إلهيا في النقاط التالية:

- تبين لي أن حوادث السير في وسائل النقل المعاصرة من الموضوعات الفقهية
التي تحتاج إلى دراسة وبحث دقيق وذلك بالنظر إلى الظروف المعاصرة التي
تنوعت فيها صور الحوادث وجزئياتها ، وكثرت واقعاتها للتوسع في استخدام
الوسائل الجديدة السريعة السير .. فأضحت واقعاً يحتاج لوضع ضوابط لما
يترتب على تلك الحوادث من ضمانات وجنايات وأضرار بالغة في الأرواح
والأموال ؛ مما جعلها من المسائل التي اهتم بها الفقهاء الأجلاء.

- حادث السير هو: كل حادث ينتج عنه أضرار جسيمة أو مادية دون قصد من جراء استخدام المركبة وهي في حالة حركة.

- وجوب مراعاة نظام المرور وتطبيقه كليا ووجوب طاعة الحاكم وولي الأمر
فيما يضعه من نظم ومن ذلك نظام المرور وأن مخالفة النظام سبب الحوادث
المروعة.

- الإضرار بالآخرين محظور، ومضمون بالتفصيل المذكور في البحث.

- يجوز للحاكم أن يفرض من العقوبات الزاجرة لكل مخالف مستهتر، يعرض
المجتمع إلى الفوضى والفساد، وهي عقوبات زاجرة تدخل تحت باب التعازير.


هذا ما تيسر لي وصلى الله عليه نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

*مدير تحرير الملتقى الفقهي في شبكة رسالة الإسلام:

http://fiqh.islammessage.com




الهوامش والمراجع











--------------------------------------------------------------------------------


[1] نظام المرور السعودي الصادر عام 1390هـ..


[2] مجلة العدل العدد 38، ربيع الآخر 1429 ص206.


[3] التأمين من المسئولية على حوادث السيارات في المملكة العربية السعودية للدكتور مروان إسماعيل ص313.


[4] الفقه الإسلامي وأدلته . للدكتور وهبة الزحيلي 6/701و711 .


[5] رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/305، وأبو نعيم في الحلية ( ولكن شاة بدل الجمل ) 1/53 .


[6] أحكام القرآن لابن العربي 1/451، وينظر أيضاً : أحكام القرآن للجصاص 2/264، فتح الباري 13/120 .


[7] الفقه الإسلامي وأدلته 6/704 .


[8] مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثامن، ج2 ص173، 273 .


[9] رواه البيهقي في شعب الإيمان وحكم السيوطي في الجامع بضعفه برقم
/3390/ لكن له شواهد تقويه، ولذا حسنه الشيخ الألباني -رحمه الله- في صحيح
الجامع برقم /3011/ .


[10] القدير للمناوي 3/277 نقلاً عن ابن القيم، رحمهما الله تعالى.


[11] فتاوى وتوجيهات في الإجازة والرحلات، للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ص80 .


[12] التفحيط : كلمة مولدة شاعت على ألسنة، وهي ضرب من العبث بالسيارة
يفعله بعض من الشباب الطائش، بحيث يضغطون على البنزين فتسرع العجلات
بالدوران وهي على رقم (غيار) لا يمكنها من السرعة فيصدر للعجلات صوت مزعج
للآخرين واحتكاك شديد بالأرض يسرع إلى إتلاف العجلات. انظر مسئولية سائق
السيارة في الفقه الإسلامي، لعبد العزيز عمر الخطيب، مجلة البحوث الفقهية
المعاصرة العدد 70 ص221 .


[13] انظر: بحث قواعد ومسائل في حوادث السير لمحمد تقي العثماني مجلة مجمع الفقه العدد 8 ج2 ص177-183 .


[14] التعزير: هو عقوبة غير مقدرة شرعاً، تجب - حقاً لله أو لآدمي - في كل
معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالباً .ا.هـ. ينظر : المبسوط للسرخسي 9/36،
القليـوبي على شرح المنهـاج 4/205، العقوبة لأبي زهرة ص57 .


[15] رواه البخاري في صحيحه في الأدب ( باب : رحمة الناس والبهائم برقم
5667 )، ومسلم في الفضائل (باب : رحمة الصبيان والعيال برقم 5984).


[16] سورة النور آية 2 .


[17] العقوبة للشيخ محمد أبي زهرة ص9 .


[18] سورة النحل آية 90 .


[19] محاضرات في الفقه المقارن للدكتور سعيد رمضان البوطي ص148 .


[20] حاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار 4/61، وينظر أيضاً : البحر الرائق 5/68 .


[21] بلغة السالك 4/268، وينظر أيضاً : الدسوقي على الشرح الكبير 6/370 .


[22] هذا جزء من حديث أخرجه أبو داود /1575 ، وأحمد 4/2، قال النـووي في
المجمـوع 5/298: نقل عن الشافعي أن هذا الحديث لا يثبته أهل العلم .


[23] البيان للإمام العمراني 3/137 .


[24] المغني لابن قدامة 12/526 .


[25] رواه ابن ماجة في الزكاة /1789/ وهو ضعيف كما قال النووي والسيوطي وابن حجر وغيرهم ( فيض القدير 5/374).


[26] فتح القدير 5/113، تبصر الحكام لابن فرحون المالكي 2/221، حاشية
الشبراملسي على نهاية المحتـاج 8/22، كشاف القناع 6/159، المدخل الفقهي
العام للشيخ مصطفى الزرقاء 2/627 التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر
عودة 1/705 .


[27] روى الحديث : أبو داود في الحـدود /4390/ والنسـائي 8/85 برقم /4958/
والترمـذي /1289/ وحسنه، وينظر أيضاً : نيل الأوطار 7/128 .


[28] الحريسة:هي الشاة في الجبل يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل. ا.هـ. المصباح المنير.


[29] الجرين : الموضع الذي يجفف فيه الثمار .


[30] رواه عبد الرزاق في المصنف 10/293 برقم /18978/ .


[31] رواه البيهقي في السنن 6/191، وعبد الرزاق في المصنف 10/129 برقم /18599/ .


[32] رواه أحمد وأصحاب السنن، واللفظ لابن ماجة /640/ لكن قال النووي في المجموع 2/360: اتفق المحدثون على ضعف هذا الحديث واضطرابه.


[33] قد ذكر الكثير منها : ابن القيم في الطرق الحكمية ص316 وما بعدها،
وابن الإخوة في معالم القربة ص287 وما بعدها، وابن فرحون المالكي في تبصرة
الحكام 2/221 وما بعدها . وينظر أيضاً : المدخل الفقهي للشيخ مصطفى
الزرقاء 2/627 .


[34] تدريب الراوي - شرح تقريب - للسيوطي 1/266 .


[35] معالم القربة في أحكام الحسبة لابن الإخوة نقلاً عن الغزالي ص288 .


[36] سورة الإسراء آية 70 .


[37] سورة النساء آية 93 .


[38] سورة النساء آية 92 .


[39] رواه البخاري في الحج ( باب : الخطبة أيام منى برقم 1654) ومسلم في
الحج ( باب: حجة النبي برقم 2941) . وأبو داود /1905/ وابن ماجة /3074/ .


[40] الموافقات للشاطبي 2/10، أصول الفقه للشيخ محمد أبي زهرة ص367 .


[41] الأروش: جمع أرْش، كفَلْس وفلوس، وهي دية الجراحات. المصباح المنير (أرش) .


[42] نظرية الضمان لفوزي فيض الله ص14 .


[43] هذه القاعدة نص حديث نبوي :رواه مالك في القضاء (باب: القضاء في
المرفق) وابن ماجه/2341/ والدار قطني 4/228 وغيرهم، وهو حديث حسن بتعدد
طرقه، حسنه النووي في أربعينه .


[44] شرح الزرقاني على الموطأ 4/40، شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص113 .


[45] ينظر : الأشباه والنظائر للسيوطي ص83، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص105 .


[46] الدَّكّة : المكان المرتفع يبنيه الشخص عند باب داره ليجلس عليه،
ويكون ذلك على الرصيف (أي في طريق المارة ) . المصباح المنير، والمعجم
الوسيط . مادة (دكّ).


[47] الدر المختـار بحاشية ابن عابدين 6/592، الدسوقي على الشرح الكبير 5/35، نهاية المحتاج 7/357، المغني 12/98 .


[48] درر الحكام شرح مجلة الأحكام 1/37، نظرية الضمان في الفقه الإسلامي د/فوزي فيض الله ص19 .


[49] هي العوض المالي الذي يقدره الحاكم لجرح في الجسم أو كسر عظم أو شجاج في الرأس.


[50] ينظر : الدر المختار بحاشية ابن عابدين 6/602، نهاية المحتاج للرملي
5/342، المغني لابن قدامة 12/545، درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر
2/639 (المادة932).


[51] رواه البخاري في المظالم ( باب : أفنية الدور والجلوس فيها، برقم
2333)، ومسلم في اللباس والزينة (باب: النهي عن الجلوس في الطرقات برقم
5528 ) وغيرهما .


[52] درر الحكام شرح مجلة الأحكام 2/639، وينظر أيضاً : رد المحتار 6/604، نظرية الضمان للدكتور فوزي فيض الله ص176 .


[53] مغني المحتاج للخطيب الشربيني 4/270-172 .


[54] ينظر : رد المحتار لابن عابدين 6/603، الذخيرة للقرافي المالكي 8/259، شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص385 .


[55] يطل : يهدر، فلا يكون له دية أو عوض . النهاية في غريب الحديث 3/136 .


[56] الدر المختار 6/146، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 4/480، نظرية الضمان للدكتور فوزي فيض الله ص202و210 .


[57] رد المحتار على الدر المختار 6/603، نظرية الضمان للدكتور فوزي فيض الله ص184 .


[58] رواه ابن ماجة /2044/ والبيهقي 7/356 وغيرهما، وحسنه النووي في الأربعين .


[59] جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص456 . ط1 دار الريان، القاهرة 1407هـ .


[60] مجمع الضمانات لابن غانم البغدادي الحنفي 1/345 .


[61] ينظر : شرح المجلة لعلي حيدر 1/92، شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص381 .


[62] مغني المحتاج 4/272 .


[63] شرح القواعد الفقهية للعلامة أحمد الزرقا ص381، وينظر أيضاً : درر الحكام شرح المجلة لعلي حيدر 1 / 43 و92 .


[64] المجموع للنووي 9/46 وما بعدها، مجمع الضمانات لابن غانم البغدادي 1/163 .


[65] غمز عيون البصائر للحموي شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي
1/466، حاشية القليوبي وعميرة على شرح المنهاج 2/28و 4/98، المدخل الفقهي
العام 2/1044 .


[66] المدخل الفقهي العام 2/744، أصول الفقه لأبي زهرة ص332 .


[67] رواه عبد الرزاق في المصنف 10/70 برقم /18391/ .


[68] ينظر : درر الحكام شرح المجلة 1/94 .


[69] ينظر : الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي ص187، القاعدة التاسعة عشرة، والأشباه والنظائر للسيوطي ص162 القاعدة الأربعون











__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأحكام الفقهية المتعلقة بحوادث السير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام ومنهج السالكين
» الدروس الفقهية الميسرة
»  الموسوعة الفقهية الكويتية
» شروح عمدة الأحكام
»  تحميل كتاب المناظرات الفقهية ..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اهل الحق :: منتديات إسلامية :: منتدى الفقه وأصولِه يختص-
انتقل الى: