من أسرار القرآن
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
(68) إرم ذات العماد* التي لم يخلق مثلها في البلاد
بقلم: د. زغـلول النجـارهاتان الآيتان الكريمتان جاءتا في اخر الربع الأول من سورة الفجر, وهي
سورة مكية, يدور محورها الرئيسي حول قضية البعث بعد الموت, وهي من
القضايا الأساسية في العقيدة الإسلامية.
وتبدأ السورة الكريمة بقسم من الله( تعالي) بالفجر, وهو يمثل الفترة
الزمنية التي يبزغ فيها أول خيط من الشفق الصباحي علي جزء من سطح الأرض
فيعمل ذلك علي محو ظلمة الليل بالتدريج حتي شروق الشمس, ويبدأ ذلك بوضع
الجزء من الأرض الذي يبزغ عليه الفجر في وضع تبدو الشمس منه وكأنها علي
بعد18,5 درجة تحت الأفق, وتظل ترتفع في حركتها الظاهرية حول الأرض,
والتي تتم بدوران الأرض حول محورها امام الشمس حتي ظهور حافة الشمس العليا
عند الأفق فتشرق الشمس. والفجر الصادق يمثل أول النهار من الناحية
الشرعية.
وظاهرة الفجر تدور مع الأرض في دورتها اليومية حول محورها أمام الشمس,
فتنتقل من منطقة الي أخري بانتظام حتي تمسح سطح الأرض كله بالتدريج, وهي
ظاهرة تصاحب بقدر من الصفاء البيئي والنقاء لا تساويها فترة أخري من فترات
اليوم في ذلك فتتميز بالنداوة, والرقة والهدوء, وبانعكاس ذلك كله علي
مختلف أنواع الخلائق, وربما كان ذلك وغيره من مبررات هذا القسم الإلهي
بالفجر, والله( تعالي) غني عن القسم لعباده, والمقصود من ورود
الآية القرآنية بصيغة القسم هو تنبيهنا الي أهمية الأمر الذي جاء به
القسم.
ويلي القسم بالفجر قسم ثان بـ( ليال عشر) وقد قيل فيها أنها الليالي
العشر الأواخر من شهر رمضان, ومن ضمنها ليلة القدر التي وصفها الحق(
تبارك وتعالي) بأنها خير من ألف شهر, ويأتي في مقابلتها الأيام العشر
الأوائل من شهر ذي الحجة, وفيها يوم عرفة الذي وصفه المصطفي( صلي الله
عليه وسلم) بأنه أفضل يوم عند الله, ووصف العشر من ذي الحجة بأنه ما من
أيام بأفضل منها عند الله.
ثم يأتي قسم ثالث بالشفع والوتر وفيه قيل أن المقصود بذلك الصلاة, ومنها
الشفع كالصلاة الثنائية والرباعية, ومنها الوتر كالمغرب وختام الصلاة في
آخر الليل.
ويلي ذلك قسم رابع بالليل إذا يسر وأصل السري هو السير بالليل, وإسناد
ذلك إلي الليل قيل فيه أنه مجاز بمعني يسري فيه( وحذفت ياؤه في الآية
الكريمة وصلا ووقفا), وقيل أنه ليس بمجاز, وذلك لتعاقب كل من الليل
والنهار علي سطح الأرض بفعل دوران الأرض حول محورها امام الشمس حتي يخرج
نصفها المظلم من انطباق ظلمة السماء علي ظلمة الأرض وذلك بدخول طبقة نور
النهار بينهما, وانتقال ظلمة ليل الأرض الي جزء آخر منها كان يعمه نور
النهار, ولا يخفي علي عاقل فوائد تعاقب كل من الليل والنهار علي سطح
الأرض, وعلي الحياة الأرضية.
وبعد القسم بهذه الآيات الخمس, وبما لها من قيمة في انتظام حركة الحياة تتساءل سورة الفجر: هل في ذلك قسم لذي حجر؟
أي لذي لب وعقل وبصيرة؟
وجواب القسم محذوف وتقديره: ليعذبن الله( تعالي) كل كافر ومشرك ومنكر
للبعث, وكل مفسد في الأرض, وكل متجبر علي الخلق.. ودلالة ذلك هو
سرعة الاستشهاد بمصارع عدد من الأمم البائدة من مثل أقوام عاد وثمود
وفرعون, وقد أشارت الآيات إلي صفة لازمت كل أمة منهم, وألمحت إلي شيء
من تجبرهم وطغيانهم وإفسادهم, وذكرت كيف صب الله( تعالي) علي كل منهم
عذابه صبا, جزاء ما اقترفوه من آثام.. وأكدت أن الله( تعالي) قائم
دوما بالمرصاد لكل متجبر علي الخلق وكل مفسد في الأرض وأن سنة الله واحدة
في أخذ الطغاة المفسدين في كل زمان ومكان بأقسي أنواع العقاب, وأشد ألوان
العذاب..!!
وبعد أن جمعت الآيات في سورة الفجر مصارع عدد من عتاة المفسدين في الأرض,
وأكدت أن الله( تعالي) لهم ولأمثالهم دوما بالمرصاد, انتقلت بالحديث
إلي شيء من طبائع النفس الإنسانية أمام قضية بسط الرزق وقبضه, وما فيها
من ابتلاء للعباد, فالصالح يشكر النعمة, ويصبر علي المحنة, وغير ذلك
تبطره النعمة التي يراها تكريما لشخصه, وتضجره المحنة التي يراها إهانة
لكرامته, وترد الأيات بأن إنسانا هذا شأنه مخلوق أناني لا يفكر إلا في
ذاته, قد جبلت نفسه علي عدم الاكتراث بإكرام اليتيم, ولا بالتحاض علي
اطعام المسكين, وبالنهم الشديد في اقتسام الميراث, وبالحب الجم
للمال, ثم تذكر الآيات فورا بالآخرة وما فيها من أهوال حين تدك الأرض دكا
دكا, كناية عن تدمير الكون كله, ثم بعثه وبعث كافة الخلائق فيعرضون
امام ربهم( لا تخفي منهم خافية) والملائكة وقوف صفا صفا بين يدي
الله( تعالي) ثم يؤتي بجهنم في هذا الموقف العصيب الذي يتقرر فيه مصير
كل واحد من الخلق, وحينئذ يتذكر الانسان مافرط فيه من حياته الدنيا حين
لايفيد التذكر بشيء, ويتمني لو أنه كان قد قدم شيئا لهذا الموقف
الرهيب..!!
وتصف الآيات جانبا من عذاب الكفار والمشركين في ذلك اليوم العصيب الذي يقول فيه الحق( تبارك وتعالي):
فيومئذ لايعذب عذابه أحد* ولا يوثق وثاقه أحد
بينما يسمع نداء الحق( سبحانه وتعالي) علي كل نفس طيبة بقوله( عز من قائل):
ياأيتها النفس المطمئنة* إرجعي إلي ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي وادخلي جنتي( الفجر:27 ـ30)
والإعجاز في سورة الفجر يشمل فيما يشمل القسم بخمس من آيات الله لم تكن
أهميتها معروفة في زمن الوحي ولا لقرون متطاولة من بعده, بالإضافة إلي
وصف شيء من دخائل النفس الإنسانية, ووصف عدد من المظاهر والأحداث
المصاحبة للآخرة, وهي من الغيوب المطلقة التي لا سبيل أمام الإنسان
لمعرفة شيء عنها إلا من خلال وحي السماء.
أما الأعجاز التاريخي في هذه السورة المباركة فهو
أبلغ جوانب الإعجاز فيها لاشتماله علي ذكر ثلاثة من طواغيت التاريخ القديم
هم قوم عاد, ومدينتهم إرم ذات العماد, وقوم ثمود الذين وصفتهم الآيات
الكريمة بأنهم هم.. الذين جابوا الصخر بالواد, وفرعون ذي الأوتاد وهذه
الأمم كانت قد بادت قبل بعثة رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بمئات
السنين, ولم تكن الامة العربية أمة تدوين وتوثيق, هذا فضلا عن بعد
أراضي تلك الأمم البائدة عن مكة المكرمة بمئات بل بعشرات المئات من
الكيلومترات في زمن لم تكن وسائل المواصلات ميسرة:
وذكر قوم عاد في القرآن الكريم يعتبر أكثر إنبائه بأخبار الأمم البائدة
إعجازا, وذلك لأن هذه الأمة قد أبيدت إبادة كاملة بعاصفة رملية غير
عادية.. طمرتهم وردمت اثارهم حتي أخفت كل أثر لهم من علي وجه الأرض,
وبسبب ذلك أنكرت الغالبية العظمي من الأثريين والمؤرخين وجود قوم عاد,
واعتبروا ذكرهم في القرآن الكريم من قبيل القصص الرمزي لاستخلاص العبر
والدروس, بل تطاول بعض الكتاب فاعتبروهم من الأساطير التي لا أصل لها في
التاريخ, ثم جاءت الكشوف الأثرية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن
العشرين بالكشف عن مدينة إرم وإثبات صدق القرآن الكريم في كل ما جاء به عن
قوم عاد, وانطلاقا من ذلك فسوف أقصر حديثي هنا علي هذا الكشف الأثري
المثير الذي سبق وأن سجلته سورة الفجر في الآيات(6 ـ من قبل ألف
وأربعمائة من السنين, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي حقيقة أن القرآن
الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله,
وحفظه لنا بنفس لغة وحيه التي أوحي بها( اللغة العربية) فظل محتفظا
بصياغته الربانية, وإشراقاته النورانية, وبصدق كل حرف وكلمة وإشارة
فيه.
وقبل البدء في الحديث عن إرم ذات العماد* التي لم
يخلق مثلها في البلاد* لابد من استعراض سريع لقوم عاد في القرآن
الكريم, ولشرح عدد من كبار المفسرين القدامي والمعاصرين لهذه الآيات
القرآنية الثلاث.
قوم عاد في القرآن الكريمجاء ذكر قوم عاد في سورتين من سور القرآن الكريم سميت إحداهما باسم نبيهم
هود( عليه السلام) وسميت الأخري باسم موطنهم الأحقاف, وفي عشرات
الآيات القرآنية الأخري التي تضمها ثماني عشرة سورة من سور القرآن الكريم
جاء ذكرهم أيضا ونختار منها ما يلي:
(1) وإلي عاد أخاهم هودا قال يا قوم أعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا
تتقون* قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من
الكاذبين* قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين* أبلغكم
رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين* أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم علي رجل
منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة
فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون* قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما
كان يعبد أباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين* قال قد وقع عليكم
من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم مانزل الله
بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين* فأنجيناه والذين معه برحمة
منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بأياتنا وما كانوا مؤمنين*
(الأعراف:65-72).
(2) كذبت عاد المرسلين* إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون* إني لكم
رسول أمين* فاتقوا الله وأطيعون* وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا
علي رب العالمين* أتبنون بكل ريع أية تعبثون* وتتخذون مصانع لعلكم
تخلدون* وإذا بطشتم بطشتم جبارين* فاتقوا الله وأطيعون* واتقوا الذي
أمدكم بما تعلمون* أمدكم بأنعام وبنين* وجنات وعيون* إني أخاف عليكم
عذاب يوم عظيم* قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين* إن هذا
إلا خلق الأولين* وما نحن بمعذبين* فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية
وما كان أكثرهم مؤمنين* وإن ربك لهو العزيز الرحيم*
(الشعراء:123-140).
(3) فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود* إذ جاءتهم
الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا
لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون* فأما عاد فاستكبروا في الأرض
بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد
منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون* فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات
لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزي وهم لا ينصرون*
(فصلت:13-16)
(4) واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن
خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم* قالوا أجئتنا
لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين* قال إنما العلم
عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون* فلما رأوه عارضا
مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب
أليم* تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يري إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم
المجرمين* ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا
وأفئدة فما أغني عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا
يجحدون بآيات الله وحاق بهم ماكانوا به يستهزئون*
(الأحقاف:21-26).
(5) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر* إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم
نحس مستمر* تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر* فكيف كان عذابي ونذر*
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر*
(القمر:18-22).
(6) وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية* سخرها عليهم سبع ليال وثمانية
أيام حسوما فتري القوم فيها صرعي كأنهم أعجاز نخل خاوية* فهل تري لهم من
باقية*
(الحاقة:6-
(7) ألم تر كيف فعل ربك بعاد* إرم ذات العماد* التي لم يخلق مثلها في البلاد*
(الفجر:6-
.
وفي غير هذه الأيات جاء ذكر قوم عاد في كل من سورة التوبة(70),(
هود:50-60), إبراهيم(9), الحج(42), ص(12), غافر(31), ق(13),
الذاريات(41), الفرقان(38), العنكبوت(38), والنجم(50).
من أقوال المفسرينفي تفسير قوله( تعالي):
ألم تر كيف فعل ربك بعاد* إرم ذات العماد* التي لم يخلق مثلها في البلاد*ت
( الفجر:6-
* ذكر ابن كثير ( رحمه الله) ما نصه : ( ألم تر
كيف فعل ربك بعاد) ؟ وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين, خارجين عن
طاعته مكذبين لرسله, فذكر تعالي كيف أهلكهم ودمرهم, وجعلهم أحاديث
وعبرا فقال : ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد* إرم ذات العماد) ؟ وهؤلاء
( عادا الأولي) وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا عليه السلام فكذبوه
وخالفوه, فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم وأهلكهم ( بريح
صرصر عاتية) ,
وقد ذكر الله قصتهم في القرآن, ليعتبر بمصرعهم المؤمنون, فقوله تعالي
: ( إرم ذات العماد) عطف بيان زيادة تعريف بهم, وقوله تعالي : (
ذات العماد) لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد,
وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا, ولهذا ذكرهم (
هود) بتلك النعمة, وأرشدهم إلي أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم
فقال : ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة
فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون)
وقال تعالي : ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا
قوة ؟ أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة) وقال ههنا : (
التي لم يخلق مثلها في البلاد) أي القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم
لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم, وقال مجاهد: إرم أمة قديمة يعني عادا
الأولي, قال قتادة والسدي: إن إرم بيت مملكة عاد, وكانوا أهل عمد لا
يقيمون, وقال ابن عباس: إنما قيل لهم ذات العماد لطولهم, واختار
الأول ابن جرير, وقوله تعالي : ( التي لم يخلق مثلها في البلاد)
الضمير يعود علي القبيلة, أي لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد يعني في
زمانهم,....,
وسواء كانت العماد أبنية بنوها, أو أعمدة بيوتهم للبدو, أو سلاحهم
يقاتلون به, أو طول الواحد منهم, فهم قبيلة وأمة من الأمم, وهم
المذكورون في القرآن في غير ماموضع, المقرونون بثمود كما ههنا, والله
أعلم...
* وجاء في تفسير الجلالين ( رحم الله كاتبيه) ما نصه : (ألم تر)
ألم تعلم يا محمد ( كيف فعل ربك بعاد) قوم هود عليه السلام . (
إرم) هي : عاد الأولي, فـ إرم عطف بيان أو : بدل, ومنع الصرف
للعلمية والتأنيث ( ذات العماد) أي : ذات الأبنية المرفوعة علي
العمد, أو البناء المرتفع, ففي الصحاح والعماد: الأبنية المرتفعة,
وقيل : ذات الطول..( التي لم يخلق مثلها في البلاد) في بطشهم
وقوتهم..
* وذكر صاحب الظلال ( رحمه الله رحمة واسعة) مانصه:.. ( عاد إرم ) وهي عاد الأولي,
وقيل: انها من العرب العاربة أو البائدة, وكان مسكنهم بالأحقاف وهي
كثبان الرمال في جنوب الجزيرة بين حضرموت واليمن, وكانوا بدوا ذوي خيام
تقوم علي عماد, وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش, فقد كانت قبيلة عاد
هي أقوي قبيلة في وقتها وأميزها( التي لم يخلق مثلها في البلاد) في
ذلك الأوان..
* وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن ( رحم الله كاتبه برحمته
الواسعة) مانصه:.. وعاد هو : عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه
السلام, سمي أولاده باسمه.. وقيل لأوائلهم ـ وهم الذين أرسل اليهم هود
عليه السلام ـ
عاد الأولي تسمية لهم باسم أبيهم, وإرم تسمية لهم باسم جدهم.
وقيل لمن بعدهم عاد الآخرة, و (إرم) بدل أو عطف بيان لـ(عاد)..
وقيل: إن ( إرم) قبيلة من ( عاد) وهي بيت ملكهم, فهي بدل من
( عاد), بدل بعض من كل.( ذات العماد) صفة لقبيلة( إرم) أي ذات
الأعمدة التي ترفع عليها بيوت الشعر, إذ كانوا أهل خيام وعمد ينتجعون
الغيوث ويطلبون الكلأ حيث كان, ثم يعودون الي منازلهم,
وقيل : ذات الرفعة والعزة,( لم يخلق مثلها..) صفة اخري لها, أي لم يخلق في بلادهم مثلها في الأيد والشدة وعظم الأجسام..
* وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم جزي الله كاتبيه خيرا مانصه
: ألم تعلم كيف انزل ربك عقابه بعاد قوم هود, أهل إرم ذات البناء
الرفيع, التي لم يخلق مثلها في البلاد متانة وضخامة بناء.
* وذكر صاحب صفوة التفاسير( جزاه الله خيرا) مانصه:..
أي ألم يبلغك يامحمد ويصل الي علمك ماذا فعل الله بعاد قوم هود ؟ ( إرم
ذات العماد) أي عادا الأولي أهل إرم ذات البناء الرفيع, الذين كانوا
يسكنون بالأحقاف بين عمان وحضرموت ( التي لم يخلق مثلها في البلاد) أي
تلك القبيلة التي لم يخلق الله مثلهم في قوتهم, وشدتهم, وضخامة
اجسامهم.