التقييم : 3 نقاط : 360522 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: الفرق بين سنن العادة وسنن العبادة الخميس نوفمبر 22, 2012 10:43 pm | |
| يقول الشيخ الألباني في كلام جميل له حول الفرق بين سنن العادة وسنن العبادة (ولذلك يخطئ اشد الخطأ بعض الجهلة الذين لا يفرقون بين سنة العادة وبين سنة العبادة فسنة العبادة لا تقبل الزيادة. يقول صلى الله عليه وسلم: كل بدعه ضلالة وكل ضلالة في النار أما سنة العادة فتقبل الزيادة وتقبل النقص، وتقبل كل شيء لانها عادة لا يوجد فيها تعبد) وأضرب لكم مثالاً من سنن العادة: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع ضفائر. هذه سنة العرب. وما زالت توجد في بعض الشباب من البدو. فأنت حر فيها إن رأيتها مناسبة فعلتها، وإن لم ترها مناسبة لم تفعلها. ولا تخالف بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. لماذا؟ لانها سنة عادة وليست سنة عبادة. هذا التفريق من تمام فهم الدين والفقه حيث يجهله كثيرمن المتعلمين وهم ليسوا علماء. والسؤال الآن: كيف نفرق بين أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم (هذه عبادة) و (هذه عادة)؟ أي ما هو الضابط في التفريق بين أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم؟ إن الضبط يحتاج إلى شيء من العلم بالنسبة للذي يريد أن يفرق بين سنة العبادة وسنة العادة من المقطوع به أن هناك أفعالاً للنبي صلى الله عليه وسلم. كانت تصدر منه تقرباً إلى الله بقصد العبادة فهذا بلا شك من سنن العبادة. ويقابله قسم آخر أيضاً من المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم تصدر منه أفعال أقل ما نقول ليس بحكم العبادة وإنما بحكم العادة. أو بحكم أمر يعود إلى رغبة الإنسان التي لا علاقة لها بالعبادة. هذا القسم منه ما هو واضح أنه ليس له علاقة بالعبادة فيكون من قسم العادة، وبين القسمين أمور متشابهات. فإذا نظر إليها من زاوية معينة قد يميل الإنسان الى إلحاقها بالعبادة, وإذا نظر إليها من زاوية أخرى ألحقها بقسم العادة. وبحسب طالب العلم أن يقف عنده. مثال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعلان لهما قبالان فلا يبدو لطالب العلم أن كون النعل له قبال واحد هو خلاف السنة. والسنة ان يكون له قبالان فلا يبدو أن هذه لها علاقة بالعبادة. وإنما هي عادةعربية، كانوا يلبسون هذا النوع من النعال ولا يلبسون أحذية كأحذية هذا الزمان. وكي نلحق الأمور المشتبهات بالعادة أو بالعبادة هذا يحتاج إلى علم، ونجد مثلاً أن بعض العلماء اتفقوا على أمور أنها من سنن العادة، ولكن اختلفوا في مفردات منها: هل هي من سنن العادة أو العبادة؟ مثلاً: فيما يتعلق بالحج جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في البطحاء، فقال أحد الصحابة ليس التحصيب بالسنة، وإنما اتفق أن النبي صلى الله عليه وسلم نصبت له الخيمة هناك فنزل بعض الناس من العلماء يظنون أن النزول هناك بالبطحاء بالحصباء هو تمام مناسك الحج!. فهنا قد يقع خلاف، لان المسألة تحتاج إلى شيء واضح جداً لنلحقها بالعادة أو بالعبادة. والآن بعض الأمثلة الواقعية: تقصير الثوب هل هو عاده ام عباده؟؟؟ فلو نظرنا إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم منفصلاً عن بعض أقواله عليه الصلاة والسلام، لربما ترددنا في إلحاق هذه السنة العملية بالعادة أو بالعبادة. ولكن لما جاءت أحاديث من قوله عليه الصلاة والسلام منها حديث (لا تسبن أحداً و لا تحقرن شيئا من المعروف و أن تكلم أخاك و أنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف ، وارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين، و إياك و إسبال الإزار فإنها من المخيلة و إن الله لا يحب المخيلة، و إن امرؤشتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه ، فإنما وبال ذلك عليه) صححه الالباني. وأيضاً: الإزار إلى نصف الساق . فلما رأى شدة ذلك على المسلمين قال : إلى الكعبين، لا خير فيما أسفل من ذلك. (صحيح الالباني). فهذه الاحاديث ترفع التردد في إلحاقها بأي القسمين، وتؤكد أنها سنة تعبدية. يقابل هذا سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه كان له شعر طويل تارة يبلغ شحمة الأذنين، وتارة طال فبلغ رؤوس المنكبين، بل وكما أسلفت ثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة ثبت أنه كان له أربع ضفائر. هل هذه الإطالة للشعر أولاً ثم تضفيرها وجعلها ضفائر: سنة عبادة أم سنة عاده؟؟؟ الجواب:هذه سنة عاده. لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس هو الذي سن هذه السنة وإنما كانت موجودة قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، فكانت من عادة العرب كانوا يربون شعورهم والشباب في بعض البوادي منهم حتى اليوم يضفرون شعرهم. ليس هناك ما يضطرنا أن لا نعتبر هذه السنة سنة عادة، بخلاف سنة أخرى مثلاً وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس البياض. هل هذه عادة ام عبادة؟ لبس البياض لو لم يرد مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (خير ثيابكم البياض فألبسوها أحيائكم وكفنوا بها موتاكم)، لقلنا هذا ذوق الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يحب البياض كما يحب العسل مثلاً، ولا يحب لحم الضب. هذا ذوق. لكن لما جاء قوله صلى الله عليه وسلم (خير ثيابكم البياض) ثم لما جاء أمره أمر استحباب (فألبسوها أحيائكم وكفنوا بها موتاكم) خرجت هذه السنة عن كونها سنة عادة، ودخلت إلى سنة العبادة. وبهذا المعيار وبهذا الميزان يجب أن نقيس أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، فما سنه هو ابتداءً ولم يكن هناك قرينة تجعلنا نؤمن بأنها سنة عادة، فهي سنة عبادة. أما ما فعله عليه الصلاة والسلام انسجاماً منه مع العادات العربية فهذه تبقى سنة عادة لا بأس من فعلها ولا بأس من تركها. وما فعله عليه الصلاة والسلام من ذوقه ومن لذته فهذه أيضاً ليس لها علاقة بالأمور التعبدية. والمثال سبق ذكره. كان يحب صلى الله عليه وسلم العسل. فقد نجد بعض الناس يكرهون العسل، فلا نقول هؤلاء خالفوا السنة، لأن أكل العسل في أصله ليس عبادة، فلو أنه لم يتيسر لإنسان ما أن يأكل العسل أو ما رغب أن يأكل العسل فإننا لا نقول خالف السنة، لكن خالف طبيعة النبي التي كانت تحب العسل. من جهة أخرى، (كان عليه الصلاة والسلم يكره لحم الضب) والعرب يستسيغونه ولما وضع على مائدته عليه الصلاة والسلام وقيل له هذا لحم ضب أمسك. وكان بين يديه أحد أصحابه المشهورين ألا وهو خالد بن الوليد رضي الله عنه، كان يأكل بشهوة عارمة لدرجة لفتت النظر، كان يأكل والمرقة تسيل على لحيته رضوان الله عليه. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل قال: يا رسول الله أحرام هو؟؟! أصابته الدهشة من نفسه، هو يأكل في نهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمد يده، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ما معناه (لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجد نفسي تعافه). فلا نقول لمن يحب لحم الضب أنت خالفت السنة لان الرسول صلى الله عليه وسلم كره لحم الضب، ولا نقول لمن يأكله أنت مع السنة. على نحو هذا يجب أن ننظر الى أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، وغفلة الناس وطلاب العلم خاصة في هذا الزمان عن هذا التفصيل وقعوا في شيء من الغلو. فتجد بعض الشباب يتقصدون إطالة الشعر، بزعم أن هذه سنة الرسول عليه الصلاة والسلام. نعم نقول أن هذا من فعله عليه الصلاة والسلام، ولكن ليس هناك ما يدل أن هذا هو الأفضل، بل قد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (أحلقوه كله أو أتركوه كله). فإذن إطالة الشعر ليس سنة تعبدية، وإنما هي سنة عادة. فلو ظل الإنسان يحلق رأسه طيلة حياته مايقال أنه خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أطال شعره طيلة حياته إلا في الحج أو العمرة. فقد كان عليه الصلاة والسلام يحلق شعر رأسه. فإذا ربى الإنسان شعرة كمزاج أو طبيعة تناسبه فلا مانع من ذلك. أما أن يقصد التقرب إلى الله بإطالة شعره فنقول أن في هذا مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وهنا دقيقة يجب الانتباه لها: الذي يطيل شعره إتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم الذي أطال شعره هو يظن أنه اتبع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يخالف النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة ليست ظاهره ، بل مخالفته باطنة. والإتباع ظاهر وهو الإطاله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. فما وجه المخالفة؟؟ المخالفة أنه يجب أن نلاحظ قول نبينا صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه) من خرج مجاهداً في سبيل الله ظاهره انه مجاهد لكنه خرج مثلاً لدنيا يصيبها فيكون قد خالف النبي في نيته. فهل يؤجر وقد خالف سيد المجاهدين في النية؟ الجواب: لا بل وعلى العكس يكون آثماً. الآن الذي يطيل شعر رأسه اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم مثله كمثل ذلك الذي خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم مجاهداً لكن نيته تخالف نية النبي صلى الله عليه وسلم. كيف؟؟! نقول للذي أطال هل تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أطال شعر رأسه قصد بذلك التقرب الى ربه؟!. إن كنت تعتقد ذلك ففعلك نعما هو وإن كنت لا تعتقد إذن خالفت الرسول في نيته. هذا يتقرب إلى الله بحبه العسل أو بكرهه لحم الضب، كذلك لم يتقرب إلى الله بإطالة شعر رأسه، فأنت تتقرب إلى الله, إذن خالفت النبي صلى الله عليه وسلم في أعز شرطي العباده هو (إخلاص النيه لله تعالى) و(موافقة عمل الرسول صلى الله عليه وسلم) فأنت وافقت الرسول في عمله ولكنك خالفته في نيته. ومثال أيضا عند القاديانية، يقولون بوجوب ركعتي سنة الفجر فهم بعملهم وافقوا الرسول ولكن خالفوه بالنية ويكون العمل هنا لا قيمة له لأنه خالف أولى الشرطي وهو النية. فالأعمال بالنيات. ومعنى الحديث إنما الأعمال الصالحة بالنيات الصالحة. فإذا كنا لا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم تقرب إلى الله بإطالة الشعر فلا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى الله بما لم يتقرب به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو البدعة في الدين كما تعلمون من الأحاديث المحذرة أشد التحذير من الابتداع في الدين قال عليه الصلاة والسلام (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). إذن هذا إحداث في الدين، لأنه يتقرب إلى الله بما لم يتقرب به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه طبيعة المبتدعة لأنهم يأتون أعمالاً لم يتقرب بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه عز وجل. ولذلك جاءت المسأله هذه للتفريق بين سنة العبادة فنقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم فيها، وبين سنة العادة فنحن مخيرون ولا نقصد بها التقرب إلى الله كتطويل الشعر. هذا والله اعلم | |
|