الحمد لله
خلق الله الإنسان في دار ابتلاء وامتحان ، وجعل الجنة مقراً لأوليائه
وأحبابه – الذين يؤثرون رضاه على رضى أنفسهم ، وطاعته على راحة أبدانهم –
وجعل النار مستقراً لمن عصاه من عباده , وآثر هوى النفس على رضى الرب
سبحانه وتعالى ، قال تعالى : { تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا }
مريم / 63 ، وقال : { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة
هي المأوى } النازعات / 40-41 ، وقال عن أهل النار { فخلف من بعدهم خلف
أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } مريم / 59 وقال : { ذلك
جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا } الكهف / 106 ، وقال : {
فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا . فإن الجحيم هي المأوى } النازعات / 37-
39 .
فعلى المسلم أن يجاهد نفسه في عبادة الله ، والابتعاد عما يغضب الله ، فإن
الله لا يضيع أجر من أحسن عملا : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن
الله لمع المحسنين } العنكبوت / 39
وإن من الفتن التي ابتلينا بها فتنة النساء بنص كلام رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " ، وهذه بعض
الطرق التي تعين على تجنب هذه الفتنة نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ..
1- الإيمان بالله عز وجل :
إن الإيمان بالله والخوف من الله صمام الأمان والعاصم للعبد من مواقعة الحرام والانسياق وراء شهوة عارضة .
فالمؤمن إذا تربى على مراقبة الله ومطالعة أسرار أسمائه وصفاته كالعليم
والسميع والبصير والرقيب والشهيد والحسيب والحفيظ والمحيط ، أثمر ذلك خوفاً
منه سبحانه في السر والعلن ، وانتهاءً عن معصية الله ، وصدوداً عن داعي
الشهوة الذي يؤز كثيراً من العباد إلى الحرام أزاًّ .
2- غض البصر عن المحرمات :
إن النظر يثمر في القلب خواطر سيئة رديئة ثم تتطور تلك الخواطر إلى فكرة ثم
إلى شهوة ثم إلى إرادة فعزيمة ففعل للحرام .. وتأمل في هذه الآية التي
ربطت بين أول خطوات الحرام وآخرها يقول تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى
لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }.
يقول ابن كثير: " هذا أمر الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم
عما حرم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغضوا
أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف
بصره عنه سريعا " .
3- مدافعة الخواطر :
إن الخاطرة السيئة في القلب خطر .. ومتى انساق العبد معها ولم يدافعها
تطورت إلى فكرةٍ ، فَهَمٍّ وإرادةٍ ، فعزيمةٍ فإقدامٍ وفعلٍ للحرام ..
فحذار من الاسترسال مع الخطرة بل الواجب مدافعتها ومزاحمتها بالخواطر
الطيبة .
فالعلاج إذاً هو مدافعة الخطرات ، وإشغال النفس بالفكر فيما ينفعها .
4- النكاح :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ
الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ
فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ رواه البخاري 5065
5- الصيام لمن لم يستطع الزواج ؛ للحديث السابق وفيه : " وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " . رواه البخاري 5065
وقال القرطبي :
كلما قل الأكل ضعفت الشهوة ، وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي اهـ .
6- البعد عن رفقاء السوء :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من
يخالل " رواه أبو داوود 8433 وحسنه الألباني في صحيح أبي داود 4046
7- البعد عن أماكن الفتن
فلا يخفى أننا نعيش اليوم في مجتمع قد ملئ بالفتن وتظهر آثار ذلك في
المحلات والمعاكسات في الأسواق والفضائيات والإنترنت ... الخ ، فعليك
بالفرارمن الفتن والبعد عنها ليسلم لك دينك.
8- الحرص على استغلال الوقت في طاعة الله عز وجل :
إن الوقت نعمة عظيمة من نعم الله على العبد ، لكن المغبون فيها كثير فعَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ
مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري 6412 .
9- تذكر نعيم الآخرة : ومن
أخصها في هذا المقام تذكر الحور العين وأوصافهن التي أعدها الله لمن صبر
عن معاصيه وهذا مما يعين المسلم على الزهد في المتاع الفاني المحرم الذي لا
يورث إلا الندم والحسرات .
نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ...