خطة حماية غير المدخنين
خطت أستراليا خطوات مهمة على طريق حماية غير المدخنين إذ أقرت قوانين أكثر
صرامة لمكافحة التدخين مما هو متعارف عليه في بقية أنحاء العالم، الأمر
الذي قوبل بترحيب كبير من قبل نشطاء حماية غير المدخنين.
عبارة "التدخين يسبب سرطان الرئة" مع صورة لتليف سرطاني، هذا هو الشكل
الجديد لعلب السجائر بأستراليا اعتبارا من ديسمبر/كانون الأول المقبل. أما
اسم العلامة التجارية للسجائر فسيظهر بخط صغير على العلب التي سيكون لها
لون موحد وهو البني المائل للخضرة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن القانون الجديد
لمكافحة التدخين والذي قضت به المحكمة العليا منتصف الشهر الجاري بعد أن
رفضت الدعوى التي تقدمت بها شركات التبغ ضد هذه الإجراءات.
وقوبل هذا القرار بترحيب واسع النطاق من قبل منظمات مكافحة التدخين في
مختلف أنحاء العالم والتي دعت بدورها الساسة في دول أخرى للسير على النهج
الأسترالي.
من جهتها قالت مارتينا بوتشكيه - لانغر من المركز الألماني لأبحاث السرطان
في هايدلبرغ "رصدنا خلال الأعوام العشرة الأخيرة زيادة كبيرة في معدلات
الإصابة بسرطان الرئة بين الشابات لذلك نأمل أن تنتهج الحكومة الألمانية
نفس النهج الأسترالي وتصدر مثل هذه القوانين الصارمة".
ولا يمكن إنكار أن دول الاتحاد الأوروبي خطت خلال الأعوام الأخيرة خطوات
جيدة بمجال مكافحة التدخين وحماية غير المدخنين لكنها لم تصل لصرامة
الإجراءات الأسترالية الجديدة. فمنذ عام 2003 تحمل جميع علب السجائر التي
تباع بالاتحاد عبارات تحذيرية مكتوبة بخط واضح مثل "التدخين يسبب الوفاة"
كما أن إعلانات التبغ ممنوعة بالإذاعة والتلفزيون والإعلام المكتوب
والإنترنت، لكن علب السجائر المتداولة بالاتحاد الأوروبي لا تحمل مثل هذه
الصور الصادمة للمدخنين.
وعندما بدأت الدول المعروفة بكثرة عدد المدخنين فيها، مثل فرنسا وبريطانيا،
باتخاذ إجراءات واضحة لحماية غير المدخنين، شجع هذا الأمر دولا أخرى على
اتخاذ إجراءات مشابهة منها منع التدخين بالمطاعم والحانات. أما في ألمانيا
فقانون حماية غير المدخنين متروك لحكومات الولايات تحددها بنفسها مما يضفي
الكثير من التعقيد والصعوبة على تنفيذ القانون.
فشمال الراين ويستفاليا -وهي أكبر الولايات الألمانية من حيث عدد السكان-
وضعت بعض الاستثناءات المثيرة للجدل بهذا القانون الأمر الذي أثار حفيظة
خبراء الصحة ونشطاء حماية غير المدخنين. ويرى نشطاء حماية غير المدخنين أن
القوانين الأوروبية بهذا المجال لم تصل بعد إلى المدى المطلوب إذ تنتقد
بوتشكيه - لانغر استمرار السماح بالإعلان عن أنواع التبغ المختلفة عبر
اللوحات الدعائية بالشوارع، وتقول "لصق دعايات التبغ بمحطات الحافلات وعبر
لوحات الإعلانات بالشوارع يعني احتفاظ التدخين بمكانته بالشارع وهو أمر
نتمنى أن يتغير للأفضل".
وتطالب المفوضية الأوروبية منذ فترة طويلة بقواعد أكثر صرامة فيما يتعلق
بمسألة التدخين. ومن المنتظر أن يعرض المفوض الأوروبي للشؤون الصحية، جون
دالي، على دول الاتحاد الخريف المقبل مجموعة من الاقتراحات لتحسين حماية
غير المدخنين.
ووفقا لوسائل الإعلام فإن هذه الاقتراحات تتضمن على سبيل المثال تكبير حجم
العبارات التحذيرية لتغطي ثلاثة أرباع علبة السجائر. لكن من غير المنتظر أن
يصل الأمر بأوروبا إلى وضع الصور المفزعة كما يقول العضو بالبرلمان
الأوروبي عن حزب الشعب المحافظ الذي ينشط على المستوى الأوروبي كارل هاينز
فلورنس "أعتقد أنه سيتم تشديد الإجراءات القانونية لكنه لن يكون بنفس
الدرجة التي يتمناها نشطاء حماية غير المدخنين".
وتتفق بوتشكيه -لانغر مع هذا الرأي إذ لا تعتقد أن أوروبا ستشدد قوانين
التدخين كما فعلت أستراليا وتقول "تشكل شركات التبغ جماعات ضغط قوية على
الحكومات. هي تتمتع مع الأسف بتأثير كبير بأوروبا". أما عن درجة فاعلية وضع
الصور المفزعة على علب السجائر، فتؤكد أن الدراسات أثبتت التأثير القوي
لهذه الصور لاسيما على المدخنين الشباب كما أن استطلاعات الرأي توضح أن
الكثيرين ممن أقلعوا عن التدخين قالوا إن هذه الصور أثرت فيهم بشكل كبير.
كما تشير نتائج الدراسات التي أجرتها منظمة أسترالية رصدت تبعات قانون حظر
إعلانات التبغ إلى أن عدد المدخنين الرجال بأستراليا تراجع بشكل واضح منذ
عام 1983 من 40% إلى 16%. أما بالاتحاد الأوروبي فإن نسبة المدخنين تقدر
بحوالي 28% كما أن ما يقرب من سبعمائة ألف أوروبي يموتون سنويا بسبب
التدخين.