لا رب لنا غيره ولا معبود لنا سواه
فهذا ملخص بسيط مفيد للعازم على سلوك طريق التوحيد :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى من إتبع هديه إلى يوم الدين :
أما بعد فهذا ملخص مفيد ونافع إن شاء الله لمن يريد أن يتحقق ويراجع الدين
القويم الذي أرسل به رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم .. وسيظهر بعون
الله لمن تتبع هذا المسلك كم ابتعد كثير من الناس عن دين الله وعن سنة نبيه
الكريم. وبالله التوفيق.
رأس الإسلام هو : شهادة أن لا إله إلا الله
فهنا سيتوجب عليك ثلاثة أمور مهمة في هذه الشهادة العظيمة:
أولا
معرفة ما ستشهد به .. وإلا كنت شاهد زور .. وأن هذه الشهادة تشمل إقرارك وتعهدك بأنك عبد لله فقط.
ثانيا
أن في شهادتك نفي الآلهة: ( لا إله ) فافهم معناها جيدا .. وحينها سيظهر لك
بُعد معظم الناس اليوم عنها .. فما معنى الرفض ( لا ) ؟؟ وما معنى ( الإله
) ؟؟
ثالثا
وفي شهادتك إثبات: ( إلا الله ) .. فافهم معنى هذا الإثبات جيدا ..
حينها ستجد بلاشك وبكل وضوح أن قضية (العبودية لله وحده ورفض العبودية لغيره من الخلق) لها أنواع قد خالف في كل نوع منها خلق كثير :
> توحيد الربوبية : بمعنى أن الله هو الخالق الرازق المحي المميت ... إلى غير ذلك من الصفات.
وقد خالف في هذا الملاحدة والشيوعيون ... ينكرون وجود الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
> توحيد الألوهية : وهو الذي حدث عليه الخلاف والصراع بين الرسل وبين أممهم على مدار التاريخ ويحدث الآن أيضا.
وهو ثلاثة أنواع :
- في الحاكمية ( حكم وتحاكم )
- في الشعائر والنسك
- في الولاء والبراء
وحين تتحقق بجد وإخلاص وتجرد من هذه المعاني التي تشتمل كل آيات القرآن
والأحاديث النبوية عليها ولأجلها .. والتي ألفت لبيانها كثير من الكتب
والشروح ..
(ننصح بالرجوع إليها في مواضعها وقد اقتصرنا في هذا الملخص على رسم الطريق
العام وتوضيح أهم النقاط التي ينبغي عدم التفريط فيها لأنها ركائز هذا
الدين).
حينها ستنتبه وتستفيق من الغفلة الكبيرة التي عليها معظم الناس اليوم ..
وستعرف أنه في كل نوع سيخالفك طوائف من الناس ويعادونك .. مثل ما عادوا الرسل عليهم السلام ومن اتبعهم ..
قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ
الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ
غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا
يَفْتَرُونَ) الأنعام.
فهناك دعايات كاذبة وتزيين للباطل وأهله وتشويه للحق وأهله في كل زمان وعند قيام أي دعوة للحق.
وستكون في مفترق الطرق:
بين أن تستمر في الطريق المستقيم والحق الواضح كالشمس ولو خالفك معظم
الناس، رغبة منك في رضى الله تعالى وطمعا في جنته والنجاة من عذابه ..
وأما أن تميل مع ما تهواه نفسك، وترغب في الدين الباطل الذي وجدت عليه قومك
وأجدادك.. أو تغرك الحياة الدنيا وزينتها فتتمسك بها وتنسى الرحيل
والخلود، وتقول لو اتبعت هذا الدين لمَسّني الضر وكنت مع القلة وتركت
الأغلبية !!
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ
اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى
اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي
الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) النحل.
وقال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) محمد.
وقال تعالى: ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) الزخرف.
ملاحظة هامة : هذا التقسيم وُضع للتسهيل والتحقيق في معرفة الحق وأين مكان الخلل والإنحراف في دين الناس اليوم ..
كمن يريد إصلاح جهاز ما فيتتبع خيوطه ليعرف الخلل فيصلحه.. كذلك عليك أن تفعل مع نفسك أيها القارئ الكريم بالبحث والعلم والإخلاص.
وحتى لا تلتبس على طالب الحق والهدى الحقائق وينجو من الحيرة والزيغ والضلال.
أما التوحيد فهو كله نوع واحد وكل ما ذكر من أنواع أثناء التفصيل فهي
متلازمة بعضها مع بعض .. لايمكن التخلي عن أحدها دون الآخر .. مثل الوضوء
للصلاة .. والروح للجسد.
ولهذا يقول العبد ( لا إله إلا الله ) ويؤكد عليها بنفس المعنى ( وحده لا شريك له ).
نصيحة مهمة :
فلابد من الأخذ بأسباب الهداية مع شرط التجرد لله تعالى، والوقوف مع الحق
ولو خالفك كل الناس .. فهم كلهم جميعا ليس إلا خلق من مخلوقات الله تعالى
وعبيده وفي ملكوته .. لا يضر خلافهم للحق شيئا .. وإنما هم فتنة لمن أفتتن
بما وجد عليه آباؤه وأجداده .. ولا يريد أن يخالفهم ولو خالفوا الحق
وانحرفوا عن الصراط المستقيم .. وهذه سنة الله في خلقه، فمن هداه الله للحق
فهو المهتد.
وقد أخبر الله تعالى عمن حاول سلوك طريق الهدى والإستقامة : ( وَالَّذِينَ
اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) .. وأما من سلك طريق
الزيغ فقد أخبر الله تعالى عن حاله فقال عز وجل :
( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) الصف .. فلا يصح أن تعاند وتصر إن بدى لك الحق
وارجع من قريب حتى لا يزيدك ذلك ضلالا وزيغا، فالإنسان مخير في سلوك طريق
الخير أو طريق الشر ..
قال الله تعالى عن الإنسان : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) الإنسان.
راجع الآيات التي تذكر ما يعتذر به معظم الأمم في انحرافهم إلى الكفر
والفسق والفساد .. ألا وهو اتباعهم ما وجدوا عليه آباؤهم وعادات قومهم ؟؟!!
ثم تدبر كيف رد الله تعالى عليهم هذه الحجة الباطلة ..
.. هذه خلاصة لخريطة الطريق ..
فشد العزم بقوة وبجد وبسرعة على معرفة دينك المستقيم .. فالطريق طويل وفيه
مخاطر وبحار لابد من اجتيازها كلها .. والله خير ناصر وخير معين .. لعلك
تنجو من الخلود في عذاب السعير قبل أن يفاجئك الموت المحتوم ..
وتفوز بجنة الخلد مع الفائزين
وبالله التوفيق والسداد
والحمد لله رب العالمين منقول بتصرف يسير