ابا هريره
رضي الله عنه
كان اسمه في الجاهلية عبد شمس ، ولما أسلم سماه الرسول -صلى الله عليه
وسلم- عبد الرحمن ، ولقد كان عطوفا على الحيوان ، وكانت له هرة ، يرعاها
ويطعمها وينظفها وتلازمه فدعي أبا هريرة -رضي الله عنه-000
نشأته و اسلامه
يتحدث عن نفسه -رضي الله عنه- فيقول
نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا ، وكنت
أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني ، كنت أخدمهم اذا نزلوا ، وأحدو لهم اذا
ركبوا ، وهأنذا وقد زوجنيها الله ، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما ، وجعل
أبا هريرة أماما )000قدم الى النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع للهجرة
وهو بخيبر وأسلم ، ومنذ رأى الرسول الكريم لم يفارقه لحظة 000وأصبح من
العابدين الأوابين ، يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله ، فيقوم هو
ثلثه ، وتقوم زوجته ثلثه ، وتقوم ابنته ثلثه ، وهكذا لا تمر من الليل ساعة
الا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة 000
اسلام أم أبي هريرة
لم يكن لأبي هريرة بعد اسلامه الا مشكلة واحدة وهي أمه التي لم تسلم ،
وكانت دوما تؤذيه بذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسوء ، فذهب يوما الى
الرسول باكيا
يا رسول الله ، كنت أدعو أم أبي هريرة الى الاسلام فتأبى
علي ، واني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدي أم أبي
هريرة الى الاسلام )000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
اللهم اهد أم
أبي هريرة )000
فخرج يعدو يبشرها بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلما أتاها سمع من
وراء الباب خصخصة الماء ، ونادته
يا أبا هريرة مكانك )000ثم لبست درعها،
وعجلت من خمارها وخرجت تقول
أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول
الله )000فجاء أبوهريرة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- باكيا من الفرح
وقال
أبشر يا رسول الله ، فقد أجاب الله دعوتك ، قد هدى الله أم أبي
هريرة الى الاسلام)000 ثم قال
يا رسول الله ، ادع الله أن يحببني وأمي
الى المؤمنين والمؤمنات )000فقال
اللهم حبب عبيدك هذا وأمه الى كل مؤمن
ومؤمنة)000
امارته للبحرين
وعاش -رضي الله عنه- عابدا ومجاهدا ، لا يتخلف عن غزوة ولا عن طاعة ، وفي
خلافة عمر -رضي الله عنه- ولاه امارة البحرين ، وكان عمر -رضي الله عنه-
اذا ولى أحدا الخلافة راقب ماله ، فاذا زاد ثراءه ساءله عنه وحاسبه ،وهذا
ما حدث مع أبي هريرة ، فقد ادخر مالا حلالا له ، وعلم عمر بذلك فأرسل في
طلبه ، يقول أبو هريرة : قال لي عمر
يا عدو الله ، وعدو كتابه ، أسرقت
مال الله )000 قلت
ما أنا بعدو لله ولا عدو لكتابه لكني عدو من عاداهما ،
ولا أنا من يسرق مال الله )000 قال
فمن أين اجتمعت لك عشرة ألاف
؟)000قلت
خيل لي تناسلت ، وعطايا تلاحقت )000قال عمر
فادفعها الى بيت
مال المسلمين )000ودفع أبو هريرة المال الى عمر ثم رفع يديه الى السماء
وقال
اللهم اغفر لأمير المؤمنين )000وبعد حين دعا عمر أبا هريرة ، وعرض
عليه الولاية من جديد ، فأباها واعتذر عنها ، وعندما سأله عمر عن السبب قال
حتى لا يشتم عرضي ، ويؤخذ مالي ، ويضرب ظهري )000ثم قال
وأخاف أن
أقضي بغير علم ، وأقول بغير حلم )000
سرعة الحفظ و قوة الذاكرة
ان أبطال الحروب من الصحابة كثيرون ، والفقهاء والدعاة والمعلمون كثيرون ،
ولكن كان هناك قلة من الكتاب ، ولم يكونوا متفرغين لتدوين كل ما يقول
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وعندما أسلم أبو هريرة لم يملك أرض يزرعها
أو تجارة يتبعها ، وانما يملك موهبة تكمن في ذاكرته ، فهو سريع الحفظ قوي
الذاكرة ، فعزم على تعويض مافاته بان يأخذ على عاتقه حفظ هذا التراث وينقله
الى الأجيال القادمة000 فهو يقول
انكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وتقولون ان المهاجرين الذين سبقوه الى
الاسلام لا يحدثون هذه الأحاديث ، ألا ان أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم
صفقاتهم بالسوق ، وان أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم ، واني كنت
امرءا مسكينا ، أكثر مجالسة رسول الله ، فأحضر اذا غابوا ، وأحفظ اذا نسوا ،
وان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدثنا يوما فقال
من يبسط رداءه حتى
يفرغ من حديثي ثم يقبضه اليه فلا ينسى شيئا كان قد سمعه مني )000 فبسطت
ثوبي فحدثني ثم ضممته الي فوالله ما كنت نسيت شيئا سمعته منه ، وأيم الله
لولا أية في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدا ، هي :"000
ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون "000
مقدرته على الحفظ
أراد مروان بن الحكم يوما أن يختبر مقدرة أبي هريرة على الحفظ ، فدعاه اليه
ليحدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأجلس كاتبا له وراء حجاب ليكتب
كل ما يسمع من أبي هريرة ، وبعد مرور عام ، دعاه ثانية ، وأخذ يستقرئه نفس
الأحاديث التي كتبت ، فما نسي أبو هريرة منها شيئا000 وكان -رضي الله عنه-
يقول
ما من أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا عنه مني الا ما كان من
عبدالله بن عمرو بن العاص ، فانه كان يكتب ولا أكتب )000وقال عنه الامام
الشافعي
أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره )000وقال البخاري
روى
عن أبي هريرة نحو ثمانمائة أو أكثر من الصحابة والتابعين وأهل العلم )000
وفاته
وعندما كان يعوده المسلمين داعيين له بالشفاء ، كان أبو هريرة شديد الشوق
الى لقاء الله ويقول
اللهم اني أحب لقاءك ، فأحب لقائي )000وعن ثماني
وسبعين سنة مات في العام التاسع والخمسين للهجرة ، وتبوأ جثمانه الكريم
مكانا مباركا بين ساكني البقيع الأبرار ، وعاد مشيعوه من جنازته وألسنتهم
ترتل الكثير من الأحاديث التي حفظها لهم عن رسولهم الكريم000
عودة الى الصفحة الرئيسة
walahu a3lam