التوحيد
مستوى اول
وجوب طاعة الله ورسولة صلى الله علية وسلم
فضيلة الشيخ محمد حسان
قال المصنف -رحمه الله تعالى:- (
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ،
تَعَلُّمُ هَذِهِ الثَّلاثِ مَسَائِل، والْعَمَلُ بِهِنَّ: الأُولَى: أَنَّ
اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلا، بَلْ أَرْسَلَ
إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ
دَخَلَ النَّارَ )
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله –تعالى- من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل
له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى
آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى
أثره إلى يوم الدين،أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الأخوة
الفضلاء، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا، وأسأل الله –
جلّ وعلا - الذي جمعنا في هذه اللحظات الطيبة المباركة على طاعته: أن
يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة في جنته ودار مقامته، إنه وليُّ ذلك
ومولاه.
أيها الأحبة، قال المصنف رحمه الله تعالى في موضوع من موضوعاته المهمة التي ضمنها المقدمة قال: (
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّه يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ،
تَعَلُّمُ هَذِهِ الثَّلاثِ مَسَائِل، والْعَمَلُ بِهِنَّ: الأُولَى:
أَنَّ
اللهَ خَلَقَنَا، وَرَزَقَنَا، وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلا، بَلْ أَرْسَلَ
إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ
دَخَلَ النَّارَ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ﴿15﴾ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيل﴾[المزمل: 15، 16] ). انتهينا
بفضل الله - جلّ وعلا – في اللقاء الماضي من شرح ثلاثة أصول من بين هذه
الأصول الستة التي ضمنها المصنف رحمه الله تعالى هذه المسألة الأولى.
تكلمنا
عن قوله بأن الله - عز وجل – هو الخالق، وتكلمنا عن قوله بأن الله - عز
وجل – هو الرزاق، خقلنا ورزقنا، وتكلمنا عن قوله ولم يتركنا هملا .
ثم توقفنا عند قوله: (
بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً، فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ )
ثلاثة أصول أخرى في هذه المسألة الأولى، هذا الرسول هو محمد - صلى الله
عليه وسلم – فمن آمن بالله - جلّ وعلا – ولم يؤمن بمحمد - صلى الله عليه
وسلم – فقد كفر، بل من آمن بجميع أنبياء الله ورسله ولم يؤمن بمحمد - صلى
الله عليه وسلم – فقد كفر، ولا نقول هذا من كيسنا، بل هذا كلام ربنا - جلّ
وعلا – وكلام نبيا محمد - صلى الله عليه وسلم – فلتتدبروا أيها الأحبة هذه
اللطيفة القرآنية البديعة، فلقد بيّن القرآن الكريم أن من كذَّب نبياً
واحداً من أنبياء الله ورسله فقد كذب جميع إخوانه من الأنبياء والمرسلين.
نعم
من المعلوم أن الله - جلّ وعلا – ما أرسل إلى قوم نوح إلا نوحاً على نبينا
وعليه الصلاة والسلام، فلما كذب قوم نوح نوحاً عليه الصلاة والسلام قال
الله - جلّ وعلا - ﴿
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:105] مع أنهم ما كذبوا إلا نوحاً على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ﴿
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾ .
ومن المعلوم أن الله ما أرسل إلى قوم لوط إلا لوطاً عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك قال الله - جلّ وعلا - ﴿
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:160] .
وما أرسل الله - جلّ جلاله – إلى عاد إلا هوداً على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فلما كذبوه، قال الله - جلّ جلاله – ﴿
كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:123]. وقال - جلّ جلاله – ﴿
كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ﴾[الشعراء:141].
بل لقد بين الله - سبحانه وتعالى – هذا الحكم في آية فاصلة حاكمة، فقال - جلّ جلاله – في أية من آيات سورة النساء ﴿
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ
يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ
وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً
﴿150﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً ﴾[النساء:150-151].
فرسول
الله - صلى الله عليه وسلم – هو الإمام الأعظم، وهو خاتم النبيين
والمرسلين، لم يرسله الله - جلّ جلاله – للعرب فحسب كلا، بل أرسله الله -
جلّ جلاله – إلى كل الخلق إلى كل البشر ﴿
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ﴾[ الأعراف:158 ]. قال - جلّ جلاله – ﴿
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾[الأنبياء:107].والآيات كثيرة.
فالنبي
- صلى الله عليه وسلم – وهو الإمام الأعظم الذي أخذ الله - جلّ جلاله –
الميثاق والعهد على النبيين بلا استنثناء إذ بعث فيهم محمداً - صلى الله
عليه وسلم – أن يؤمنوا به وأن يتبعوه ﴿
وَإِذْ
أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ
وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾لام الإلزام والإيجاب والأمر ﴿
لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ
عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا
مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾[آل عمران:81] .
وفى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (
والذي نفسي بيده لا يسمع بي ) واشترط النبي – صلى الله عليه وسلم – السماع؛ لأن الله - جلّ جلاله – لا يعذب ولا يحاسب الخلق إلا بعد أن يقيم الحجة عليهم ﴿
رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء:165]. وقال - سبحانه وتعالى – ﴿
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾[الاسراء: 15].
فالرسول - صلى الله عليه وسلم – يقول: (
والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) .
إذاً
وجب على أهل الأرض بعد أن بعث الله فيهم محمداً - صلى الله عليه وسلم – أن
يؤمنوا بمحمد كما آمنوا بإخوانه من النبيين، فنحن لا نفرق بين نبي ونبي في
أصل الإيمان بالله - تبارك وتعالى –، وفى الإيمان بهذا النبي المبعوث أو
المرسل من قبل الله - عزّ وجلّ – قال تعالى: ﴿ آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ
آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ
أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ
رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة:285] .
يتبع باذن الله