الحديد والفولاذ Iron and steel
الحديد والفولاذ من
أرخص الفلزات في العالم وأقلها كلفةً وأكثرها استخدامًا وأفضلها نفعًا.
وتستخدم المنتجات الحديدية الصلدة ذات القدرة العالية على التحمل، في صناعة
آلاف المنتجات المستخدمة في الحياة اليومية. وتتراوح هذه المنتجات من
محابس الأوراق إلى السيارات. كما يُصنع من الحديد والفولاذ الآلات التي
تساهم تقريبًا في إنتاج كل شيء نستعمله في حياتنا بما في ذلك الملابس
والمنازل والطعام.
وتستخدم كلمة حديد للتعبير عن كل من عنصر الحديد
وعدد من سبائك (خلائط) الحديد مع عدد من العناصر الفلزية. ويمثل الحديد
واحدًا من أكثر العناصر الكيميائية المشهورة انتشارًا في القشرة الأرضية،
لكنه لا يوجد في صورة مفردة نقية بل في صورة مركبات يطلق عليها خامات
الحديد. كما أن بعض النيازك تحتوي أيضًا على الحديد. ويَستخدم الصناع سبائك
الحديد في تصنيع وإنتاج كل ما يعرف باسم المنتجات الحديدية.
تكبير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
ويُنتج
الفولاذ بتنقية الحديد وسبكه بالعناصر الفلزية المختلفة. ولهذا يُعد
الحديد المادة الأولية لإنتاج الفولاذ، كما يمكن اعتبار الفولاذ صورة نقية
من الحديد. ويشبه ذلك تمامًا كون البترول من نواتج تنقية (تكرير) الزيت،
وذلك على الرغم من أن خواص واستخدامات الحديد والفولاذ تختلف بصورة كبيرة
بدرجة اختلاف استخدام الزيت والبترول.
وخامات الحديد ترسبات معدنية
أو صخرية تركز فيها الحديد أثناء تكوين القشرة الأرضية. ويقوم صناع الفولاذ
بتكسير هذه الخامات ومعالجتها لإنتاج رُكازات الحديد التي تكون فيها درجة
تركيز الحديد أعلى من درجة تركيزه في الخامات الأولية، ثم تحول المركزات
الناتجة إلى فلز الحديد عن طريق تسخينها مع مواد أولية أخرى في أفران ضخمة.
ويستخدم معظم فلز الحديد الناتج من عمليات الاستخلاص في صناعة الفولاذ،
وإن كان يستخدم جزء قليل منه في تصنيع منتجات حديدية أخرى. ويقوم صناع
الفولاذ بتحويل فلز الحديد إلى فولاذ سائل بعملية التنقية في أفران خاصة،
حيث يسخن فيها أيضًا المنتجات الحديدية المعاد استخدامها وكذلك خردة
الفولاذ. وبعد إنتاج الفولاذ السائل يتم تشكيله في أشكال مختلفة من الألواح
والقضبان والأعمدة والأسياخ والأسلاك والأنابيب وأي شكل أخر من الأشكال
المناسبة للاستعمال. وتقوم معظم المصانع الحديثة لإنتاج الفولاذ بإجراء
مختلف خطوات صناعة الفولاذ بدءًا من صهر واختزال خامات الحديد إلى عمليات
إنتاج الفولاذ، ثم عمليات التشكيل المختلفة للصور المفيدة للاستعمال.
بُدئ
في استخدام الحديد منذ الأزمان الغابرة، ويُعتقد أن الناس قد استخدموه قبل
الميلاد بحوالي أربعة آلاف سنة، وكانت بداية الاستعمال باستخدام حديد
النيازك. وقد صُنِّع حديد النيازك في أشكال عدة منها التحف والأسلحة
والعدَد والأدوات المنزلية. وعلى الرغم من البدايات المتقدمة لاستعمال
الحديد، إلا أنه من غير المعروف على وجه التحديد أين ومتى بدأ استخلاص
الحديد من خاماته. ويعتقد أن عمليات استخلاص الحديد قد بدأت ونمت، ثم تطورت
في أماكن متفرقة من العالم بصورة مستقلة كل عن الأخرى، وبخاصة فيما يعرف
الآن بمناطق الشرق الأوسط والصين والهند. ومنها انتشرت بسرعة بعد ذلك إلى
مناطق مختلفة من العالم. وبحلول القرن العاشر قبل الميلاد ازدهرت صناعة
الحديد كثيرا وأصبحت في متناول معظم الحضارات المعروفة في ذلك الوقت. أما
صناعة الفولاذ فقد بدأت بكميات صغيرة ومحدودة وفي نوعية رديئة. واستمرت
صناعة الفولاذ في هذه الفترة بهذه الصورة لعدم إمكان تصنيعه بأسعار مقبولة.
ولم يكن إنتاجه متاحًا بكميات كبيرة إلا في نهاية القرن التاسع عشر
الميلادي. ثم تطورت تقنية صناعة الفولاذ بسرعة كبيرة خلال نهاية النصف
الثاني من القرن العشرين.
وفي الوقت الراهن يعد إنتاج الحديد
والفولاذ واحدًا من أهم الصناعات حيوية في العالم. ويعمل في هذه الصناعات
ملايين العمال في المصانع ووحدات الإنتاج في أنحاء العالم. وبالإضافة إلى
العاملين في المصانع فهناك ملايين أخرى تعمل في إعداد وتصنيع الآلات،
والمواد الخام، والطاقة اللازمة لشركات صناعة الحديد والفولاذ، أو في صناعة
وتشكيل وإنتاج المنتجات الاستهلاكية من الحديد والفولاذ.
أنواع الحديد والفولاذ
المواد
الفلزية المعروفة التي يطلق عليها الحديد والفولاذ هي في الواقع سبائك
لعنصر الحديد. وبوجه عام فإن الفولاذ هو سبيكة من عنصري الحديد والكربون.
ولا تزيد نسبة الكربون فيها على 2%. وتحتوي معظم أنواع الفولاذ في الغالب
بالإضافة إلى الكربون، على كمية من عنصر المنجنيز، كما يحتوي عدد من سبائك
الفولاذ أيضًا على عدد آخر من عناصر أخرى بجانب ما ذكر من عناصر. تعتمد
خواص أي نوع من أنواع الحديد والفولاذ إلى حد بعيد على التركيب الكيميائي
للسبيكة. ويمكن أن تتغير هذه الخواص بدرجة ملحوظة بإجراء عمليات التسخين
والتشكيل.
وعلى الرغم من وجود آلاف من أنواع مختلفة من الحديد
والفولاذ، إلا أنه يمكن تقسيم أنواع الحديد إلى المجموعات التالية: 1- حديد
التمساح، 2- الحديد الزهر، 3- الحديد المليف (أو المطاوع). كما يمكن تقسيم
الأنواع المختلفة من الفولاذ إلى أربع مجموعات: 1- الفولاذ الكربوني، 2-
الفولاذ السبيكي، 3- الفولاذ غير القابل للصدأ، 4- فولاذ العددَ.
حديد
التمساح. هو الحديد الناتج من الفرن العالي. وتحتوي معظم أنواع حديد
التمساح على 93% حديد، ومن 3% إلى 4%، كربون بالإضافة إلى كميات أقل من
عناصر أخرى. وأصل مصطلح تماسيح الحديد يعود إلى الطريقة الأولى التي اتبعت
في عمليات صب مصهور الحديد الناتج من الفرن العالي إلى منظومة من القوالب
وضعت حول قناة مركزية.
ولقد أطلق على القضبان الحديدية المتكونة
داخل قالب الصب اسم التمساح. وفي الوقت الراهن يستخدم معظم خام حديد
التمساح في حالته المنصهرة في صناعة الفولاذ، ولا يجري صبه في قوالب. ولكن
كمية صغيرة منه فقط تصب كما كان يحدث في السابق، وذلك لتصنيع حديد الزهر أو
الحديد المليف.
الحديد الزهر. هو أي نوع من سبائك الحديد
المحتوية على نسبة عالية من الكربون، حيث تتراوح نسبة الكربون فيه بين 2% و
4%، كما يحتوي على السليكون بنسب تتراوح بين 1% و 3%. ونظرًا لارتفاع نسبة
الكربون في الحديد الزهر، فإنه لا يمكن تشكيله وهو في حالته الجامدة مهما
كانت درجة الحرارة التي سيتم تسخينه إليها. ويشكل الحديد الزهر إلى الأشكال
التجارية المفيدة بصب السبيكة المنصهرة في قوالب، ثم تترك حتى تتجمد. ومما
يساعد على استخدام الحديد الزهر في العديد من التطبيقات ما يتميز به من:
صلادة، وانخفاض تكلفة، ومقدرة عالية على امتصاص الصدمات. ولهذه الأسباب يعد
الحديد الزهر مادة إنشاءات مفيدة ومهمة.
الحديد المطاوع. هو
تقريبًا حديد نقي مخلوط مع مادة تشبه الزجاج. وعلى العكس من حديد الزهر فإن
الحديد المطاوع قابل للطَّرْق، ولهذا يمكن طرقه إلى أشكال مختلفة. ويقاوم
الحديد المطاوع التآكل (الصدأ) بصورة أفضل من مقاومة الحديد الزهر.
ولقد
كان الحديد المطاوع أحد صور المواد الحديدية التي استخدمت كثيرًا في
الماضي لإنتاج الكثير من المنتجات التجارية التي يجري تصنيعها حاليًا من
الفولاذ. وفي الوقت الراهن لا تنتج شركات الفولاذ إلا كميات صغيرة ومحدودة
من الحديد المطاوع، ويستخدم معظمها في صناعة قضبان السكك الحديدية،
والبوابات وبعض أعمال الديكور والزخرفة.
الفولاذ الكربوني. يعد
أكثر أنواع الفولاذ استخدامًا. وتعتمد خواص الفولاذ الكربوني اعتمادًا كليا
على ما يحتويه من كربون. وتحتوي معظم أنواع الفولاذ الكربوني في الغالب
على نسبة كربون أقل من 1%. ويصنع الفولاذ الكربوني في صور منتجات متعددة
تشمل قضبان الإنشاءات وأجسام السيارات ومعدات المطابخ والعلب.
الفولاذ
السبيكي. هو الفولاذ المحتوي على بعض الكربون، لكن خواصه تعتمد بصورة
أساسية على العناصر الكيميائية الأخرى المضافة للسبيكة. ويعمل كل عنصر من
العناصر المضافة على تحسين خاصية واحدة أو أكثر من خواص الفولاذ. وعلى سبيل
المثال، فإن إضافة المنجنيز للفولاذ تزيد صلادته ومتانته ومقاومته للبلى.
وتساعد إضافة النيكل على رفع المتانة وبخاصة للفولاذ المستخدم عند درجات
الحرارة شديدة الانخفاض. ويعمل الموليبدنوم على رفع الصلادة وتحسين مقاومة
الفولاذ للتآكل، بينما ترفع إضافة التنجستن من مقاومة الفولاذ للحرارة.
وعلاوة على إضافة العناصر المذكورة إلى الفولاذ فهناك عناصر أخرى تضاف إليه
وتشمل الألومنيوم والكروم والنحاس والسليكون والتيتانيوم والفاناديوم.
الفولاذ
غير القابل للصدأ. يعد أفضل أنواع الفولاذ في مقاومة التآكل. ويعتبر
الكروم العنصر الأساسي لسبيكة الفولاذ غير القابل للصدأ. وتحتوي جميع أنواع
سبائك الفولاذ غير القابل للصدأ على 12% كروم على الأقل. وترتفع هذه
النسبة لتصل في بعض السبائك إلى 30%. كما تحتوي أعداد كبيرة من سبائك
الفولاذ غير القابل للصدأ أيضًا على عنصر النيكل. ويصنع من الفولاذ غير
القابل للصدأ الكثير من الأدوات المنزلية مثل السكاكين والملاعق والأطباق
والأوعية والقدور. كما تستخدم الأنواع المختلفة من الفولاذ غير القابل
للصدأ في إنتاج الكثير من المنتجات المهمة الأخرى مثل أجزاء السيارات
وأجهزة المستشفيات والشفرات الحادة.
فولاذ العُدد. أعلى جميع
أنواع الفولاذ صلادة، فصلادته عالية جدًا. وهو يستخدم أساسًا في صناعة
وإنتاج عِدَد تشكيل المواد الفلزية. ويصنع فولاذ العُدَد من خلال تلدين بعض
الأنواع الخاصة من الفولاذ الكربوني أو الفولاذ السبيكي. وتُجرى عملية
التلدين بتسخين الفولاذ إلى درجة حرارة عالية، ثم يبرَّد بعدئذ بسرعة.
مصادر خام الحديد
يشير
مصطلح خام الحديد في العادة، إلى صخر أو معدن يحتوي على كمية كافية من فلز
الحديد تجعله مناسبًا لإجراء عملية التعدين. وفي بعض الأحيان، ربما يَحُول
موقع ترسبات الحديد وبعض مواصفاتها دون استغلالها مصدرًا لخام الحديد.
ولكن على الرغم من سوء الموقع وتدني درجة الحديد إلا أن تحسن كل من وسائل
النقل وتطور تقنية التعدين، وكذا تحسين عمليات تهيئة الخام وتهذيبه، قد
تؤدي في المستقبل إلى تحسن في خواص الترسبات الرديئة، وتحولها إلى ترسبات
تجارية يمكن الاستفادة منها. ويمكن أن تؤدي زيادة الطلب على الحديد وارتفاع
استهلاكه وتغيير سياسات الحكومات، وكذا التبدل في ظروف التجارة الدولية،
إلى البدء في استخدام مناجم خام حديد جديدة لم تكن اقتصادية في السابق.
وتتوفر
خامات الحديد ومصادره في العالم بكميات كبيرة، وذلك على الرغم من أن صناعة
الفولاذ المستمرة تستهلك كميات ضخمة من مخزون هذه الخامات. ونتيجة
لاستخدام خامات الحديد الغنية وقرب نفادها، فقد طورت شركات صناعة الفولاذ
تقنيات صناعية حديثة حتى يمكن استخدام خامات الحديد الفقيرة.
أنواع
خام الحديد. يوجد الحديد في الطبيعة بصفة دائمة في صورة مركبات كيميائية،
حيث يكون الحديد متحدًا مع عناصر أخرى، وبالذات عناصر الأكسجين والكربون
والكبريت والسليكون. وتحتوي كثير من خامات الحديد على مركبات كيميائية
مكونة من الحديد، وواحد أو أكثر من عناصر أخرى. وتشمل خامات الحديد
الأساسية التي يستخلص منها الحديد: الهيماتيت والماجنيتيت والليمونيت
والبيريت والسيدريت والتاكونيت.
يعد كل من الهيماتيت والماجنيتيت
أغنى خامات الحديد. وهما نوعان من أكاسيد الحديد، ويحتوي كل منهما على
حوالي 70% حديد، ويوجد الهيماتيت في صورة بلورات لامعة أو صخور حبيبية أو
مواد أرضية غير متماسكة. والهيماتيت يمكن أن يكون أسود اللون أو أحمر
مشوبًا بالرمادي، أما الماجنيتيت فهو أسود اللون وذو خواص مغنطيسية.
وتصل نسبة الحديد في خام الليمونيت إلى حوالي 60%. وخام الليمونيت بُـنِّي مصفر وهو أكسيد الحديد المائي.
يتركب البيريت من 50% حديد و 50% كبريت. وهو ذو مظهر فلزي لامع ويشبه الذهب في مظهره الخارجي إلى حد بعيد.
والسيدريت
مركب لونه بُـنِّي مشوب بالرمادي، يحتوي على حوالي 50% حديد إضافة إلى
الكربون والأكسجين. وقد كان السيدريت في الماضي مصدرًا مهمًا للحديد في كل
من النمسا وبريطانيا. وقد استهلكت كل من الدولتين احتياطيها من هذا الخام،
ولم يبق منه أي مخزون.
والتاكونيت صخر صلد يحتوي على حوالي 30%
حديد. ويوجد الحديد في هذا الخام في صورة بقيعات دقيقة من الماجنيتيت، وفي
بعض الحالات يكون الحديد في صورة هيماتيت. ولقد أصبح التاكونيت من أهم
ترسبات خام الحديد.
الدول الرائدة في تعدين خام الحديد
ترسبات
خام الحديد. تكونت أضخم ترسبات خام الحديد في العالم نتيجة عمليات مختلفة
بدأت منذ أكثر من بليوني سنة مضت. وبدأت عمليات تكوين الخام في بعض المناطق
من الكرة الأرضية، ثم تحولت هذه المناطق بعدئذ إلى بحار سطحية ضحلة، حيث
أخذت مركبات الحديد في الترسب تدريجيًا من ماء البحار إلى القاع. وفي قاع
البحار ارتبط خام الحديد المترسب مع كل من الرمال وحبيبات دقيقة من مادة
الغرين في صورة صخرية. وبعد ذلك أدت الزلازل الأرضية وتنقلات القشرة
الأرضية إلى رفع الصخور المتكونة في قاع البحر إلى مستوى سطح البحر. وقد
تكونت خامات الحديد ذات التركيزات العالية جدًا في بعض مناطق العالم، نتيجة
تقاطر الماء خلال الصخور، حيث أذاب الماء المتساقط الكثير من رمال الصخور
مخلفًا وراءه الخامات مرتفعة التركيز.
وتكونت ترسبات أخرى من خامات
الحديد بطرق مختلفة عن الطريقة السابقة الذكر. فعلى سبيل المثال، نتج عن
انخفاض درجات حرارة الصخور البركانية ببطء، تكون ترسبات خام الحديد، كما
حدث عند تكوُّن خامات الحديد في السويد، وبعض المناطق الأخرى من العالم.
ويعتقد أيضًا أن وجود الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الماء، قد أدى
إلى تكوين أكاسيد الحديد. ومن المعروف في الوقت الراهن حدوث ترسبات أكاسيد
الحديد وتراكمها في المناطق السبخة والمناطق القريبة من الشواطئ.
وتقع
معظم ترسبات الحديد ومناجمه في أمريكا الشمالية في منطقة البحيرات العظمى.
وتوجد أغنى خامات الحديد في أمريكا الجنوبية في مقاطعة ميناس جيرليس في
البرازيل، وكذلك في منطقة سيرو بوليفار في فنزويلا. والمنطقة بكاملها
تكوينات من جبال من خام الحديد. وتوجد كميات ضخمة من خامات الحديد في حوض
هامر سلي في غربي أستراليا، وأيضًا في جمهورية أوكرانيا. ويتوفر خام الحديد
في الهند على حدود ولاية بيهار ـ أوريسا غربي كلكتا. وخامات الحديد في
الصين من النوع ضعيف التركيز، وتوجد ترسبات الخام الأساسية في الجنوب
الشرقي من البلاد. وعلى الرغم من أن الخام من النوع الرديء إلا أنه يمثل
المصدر الأساسي للحديد في الصين. وتوجد ترسبات خام الحديد بكميات كبيرة
أيضًا في عدد آخر من دول العالم ومنها جنوب إفريقيا.
تعدين ومعالجة خام الحديد
توجد
طريقتان أساسيتان لتعدين خامات الحديد، التعدين المكشوف والتعدين تحت سطح
الأرض. وبعد الحصول على خام الحديد بأي من طريقتي التعدين المذكورتين فلابد
من تجهيزه وتحويله إلى صورة مناسبة لاستخلاص الحديد منه.
المناجم المكشوفة في جنوبي مقاطعة أونتاريو بكندا. تستخدم المناجم المفتوحة لتعدين ترسبات الخام الواقعة بالقرب من سطح الأرض.
التعدين
المكشوف. تستخدم هذه الطريقة للحصول على خام الحديد الواقع بالقرب من سطح
الأرض. وفي البداية تقوم البلدوزرات (جرارات تسوية الأرض)، ومعدات أخرى،
بإزالة الأتربة وأية صخور أخرى تغطي ترسبات الخام. ويطلق على المادة
المزالة من على سطح الخام اسم الغطاء الصخري. ثم يقوم عمال المناجم بعد ذلك
بتكسير كتل الخام مستخدمين المتفجرات. وعندئذ تدخل المجارف الضخمة القوية
لغرف الخام وتعبئته في عربات نقل أو عربات سكك حديدية، حيث ينقل الخام إلى
محطات معالجة الخام المركزية.
يحصل على معظم خامات الحديد في العالم
من المناجم المفتوحة (المكشوفة) القريبة من سطح الأرض. وتمتد أكبر مناجم
الخام المفتوحة لعدة كيلو مترات، ويمكن أن يصل عمق الخام فيها إلى 150م.
التعدين
تحت سطح الأرض. (التعدين الباطن). في هذه الحالة تحفر الأنفاق خلال
الترسبات، ويقوم عمال التعدين بالسير في الأنفاق لجمع الخام. ولتعدين خامات
الحديد البعيدة جدًا عن سطح الأرض، يحفر في الصخور ممرٌّ رأسي بالقرب من
الترسبات، ثم يحفر عمال المناجم أنفاقا أفقية من الممر الرأسي، عند مستويات
أفقية مختلفة للوصول إلى ترسبات الخام. ويتم عندئذ نقل الخام خلال الأنفاق
الأفقية إلى الممرات الرأسية، إما على سيور متحركة أو في عربات سكك حديدية
خاصة، حيث ينقل الخام بعدئذ عبر الممر الرأسي إلى سطح الأرض في دلو أو
قادوس، ومن ثم يشحن في السفن إلى جهات مختلفة للمعالجة والاستخلاص أو تجرى
عليه عمليات المعالجة والتهذيب بجانب المنجم.
وتكلفة استخراج خامات
الحديد من تحت سطح الأرض أعلى بكثير من تكلفة استخراجه من المناجم السطحية،
كما أن مخاطر التعدين تحت سطح الأرض عالية مقارنة بتعدين الخام من فوق سطح
الأرض. وتستخدم طريقة تعدين الخام من تحت سطح الأرض بصورة نادرة في الوقت
الحاضر، فيما عدا استخراج الخامات شديدة التركيز، أو للحصول على خامات
الحديد الواقعة بالقرب من مراكز تصنيع الفولاذ. ويقوم عمال المناجم بالنزول
تحت سطح الأرض وذلك للحصول على خامات الحديد من جبل ما. وهم يصلون إلى تلك
الترسبات بحفر أنفاق أفقية على جوانب الجبل، وتنتج طريقة التعدين المذكورة
كميات كبيرة من خام الحديد من الجبال كما في غربي أستراليا.
معالجة خام الحديد
المعالجة.
تحتاج خامات الحديد الغنية عالية التركيز فقط إلى عمليات تكسير ونخل وغسيل
وذلك لإزالة الحبيبات الدقيقة التي يصعب استغلالها مباشرة. ويأتي معظم
الإنتاج العالمي من خامات الحديد في الوقت الحالي أساسًا من التاكونيت وبعض
الخامات الأخرى، وتتطلب كثيرًا من التهيئة والتجهيز لرفع تركيز الحديد
فيها. وأهم العمليات التي تجري في هذه الحالة هي تكسير الخام حتى يمكن
بسهولة فصل الحبيبات الغنية بالخام عن الرمال والصخور عديمة القيمة. ويطلق
على الخام الغني الناتج من التهيئة اسم الركازة أما المواد المتخلفة عن
عمليات التهيئة، وهي المواد عديمة القيمة، فتعرف باسم نفاية الخام.
ولا
بد من تكسير التاكونيت وطحنه وذلك لتحرير بلورات أكاسيد الحديد من المواد
الأخرى المحيطة به. وتكسر كتل التاكونيت الضخمة إلى مسحوق دقيق وذلك بتقليب
الخام مع قضبان أو كريات فولاذية ضخمة في براميل دوارة. وتلي عمليات الكسر
والطحن عمليات الفصل المغنطيسي، حيث تستخدم مغنطيسات قوية تفصل حبيبات
الماجنتيت عن بقية المسحوق. وعندما يحتوي التاكونيت على الهيماتيت، وهو غير
مغنطيسي، فلابد من وضع مسحوق الخام في غرف محتوية على مخاليط سائلة حيث
تظل حبيبات النفايات في صورة عالقة في السائل بينما الحبيبات المحتوية على
الحديد تستقر في قاع الأحواض نظرًا لارتفاع كثافتها. وتزال رُكازات أكاسيد
الحديد من غرف المعالجة ثم تجفف.
ولابد من تحويل أكسيد الحديد
المستخلص من التكوين، إلى هيئة مناسبة لشحنه واستخدامه لإنتاج الحديد.
وأكثر الطرق استعمالاً ترطيب الركازة وخلطه مع الطَّفل، ويتم ذلك في
أسطوانات دوارة لتكوين كريات صغيرة من الركازة، ويتراوح قطر الكريات
الناتجة من 1,2 إلى 5,2سم. ويلي تكوين الكريات عمليات التجفيف، حيث يصبح
الناتج في صورة صلدة متينة يصعب كسرها أثناء النقل.
وينتج من عمليات
تهيئة التاكونيت طنان متريان من الشوائب أو المخلفات مقابل طن متري واحد
من كريات أكسيد الحديد. ولهذا السبب تتم معالجة خامات الحديد بالقرب من
المناجم، وذلك لتوفير تكلفة نقل كميات ضخمة من مواد النفايات والشوائب.
كيف يُصنّع الحديد
لتحويل
خام الحديد إلى فلز الحديد، لابد من إزالة الأكسجين من الخام. وتتطلب هذه
العملية حرارة وعوامل اختزال. وعامل الاختزال مادة يمكنها الاتحاد مع
الأكسجين الذي ينطلق من أكسيد الحديد أثناء عملية التصنيع.
ويصنع
الحديد إما بطريقة الفرن العالي أو بطريقة الاختزال المباشر. وفي طريقة
الفرن العالي يتفاعل خام الحديد مع عامل الاختزال عند درجات الحرارة
العالية، حيث ينتج الحديد عندئذ في صورة منصهرة. وفي طريقة الاختزال
المباشر يكون الحديد المنتج في صورة جامدة لأن درجة الحرارة أثناء الاختزال
تظل أقل من درجة حرارة انصهار الحديد.
المواد الخام. يدخل في
استخلاص الحديد وإنتاجه الكثير من المواد الأولية الأخرى بجانب خام الحديد،
وأهم هذه المواد هي عوامل الاختزال. والعامل المختزل المستخدم في أسلوب
الاختزال المباشر هو الفحم أو الغاز الطبيعي. أما في طريقة الإنتاج بالفرن
العالي فإن الكوك يكون هو عامل الاختزال. والكوك مادة صلدة تحتوي على 90%
من الكربون. ويصنع الكوك في مصانع خاصة به أو في وحدات التكويك بداخل مصنع
الحديد والفولاذ. ويصنع الكوك بتسخين الفحم الحجري بمعزل عن الهواء في
أفران. وتطرد الحرارةُ الغازات والقار من الفحم الحجري مُخلِّفة وراءها
الكوك.
يعد الحجر الجيري المادة الأولية الثانية في الأهمية في
عملية استخلاص الحديد في الفرن العالي. وتساعد إضافة الحجر الجيري في إزالة
الشوائب من خام الحديد. وفي الغالب لا تنصهر كثير من الشوائب الموجودة مع
خام الحديد عند درجات حرارة منخفضة قريبة من درجة حرارة انصهار الحديد.
ولكن عند خلط الحجر الجيري مع خامات الحديد فإنه يعمل صهورًا؛ أي يتحد مع
الشوائب مسببًا انصهارها في درجة حرارة منخفضة. ويطلق على الشوائب المتكونة
من هذا الاتحاد؛ أي التي تطفو على سطح مصهور الحديد، اسم الخبث.
يحتاج
الفرن العالي أيضًا إلى كميات ضخمة من الهواء والماء. ويعمل الهواء على
حرق الكوك، بينما يقوم الماء بتبريد الفرن وتنظيف فاقد الغازات الناتجة عن
عملية تصنيع الحديد، والمتصاعدة من الفرن إلى الجو الخارجي.
كيف يعمل الفرن العالي؟
تشغيل
الفرن العالي. الفرن العالي أسطوانة رأسية ضخمة مصنوعة من الفولاذ ومبطنة
بالطوب الحراري (طوب مقاوم للحرارة). ويبلغ ارتفاع بعض الأفران العالية
حوالي 30م أو أكثر، ويكون قطرها في حدود تسعة أمتار عند القاعدة. ويوجد عند
قمة الفرن معدات لشحن المواد الخام الأولية إلى الفرن، ولاسترجاع عادم
الغازات وتنظيفها. وتعمل الأفران العالية بصفة مستمرة حتى يتآكل طوب
البطانة الحرارية تمامًا وينتهي. ويمكن لبعض الأفران أن تعمل لمدة عامين
قبل توقفها لإجراء عمليات الصيانة.
ويعود أصل مصطلح الفرن العالي
إلى الارتفاع الكبير في درجة حرارة الهواء الساخن المندفع الذي يتم نفخه من
أسفل الفرن إلى أعلاه بصفة مستمرة. ويسخن تيار الهواء في موقدين ضخمين أو
أكثر، ويبلغ ارتفاع كل موقد حوالي 38م. وينفخ الهواء في الموقد حتى ترتفع
درجة حرارته، ومن المواقد يمرر الهواء الساخن إلى الفرن. ويدخل تيار الهواء
الساخن إلى الفرن خلال أنابيب موزعة على جوانب الفرن. يطلق عليها اسم
الودنات. وتتراوح درجة حرارة تيار الهواء أثناء دفعه إلى الفرن بين 760°م
و1150°م. وبينما يدفع الهواء الجوي إلى أحد المواقد لرفع درجة حرارة
الهواء، يجري تسخين الموقد أو المواقد الأخرى بدفع عادم الغازات الساخنة
الناتجة من الفرن العالي خلالها.
ويقوم العمال بتحميل خام الحديد
والكوك والفحم الحجري إلى قمة الفرن العالي. ويطلق على المواد الداخلة إلى
الفرن العالي اسم الشحنة، وتعرف عملية التحميل نفسها باسم التغذية أو
الشحن. وتحمل الشحنة إلى قمة الفرن في مركبات مفتوحة. وتتحرك هذه المركبات
لأعلى ولأسفل على مدارج أو معابر منحدرة يطلق عليها مرفاع قادوس. وعند
قاعدة المعبر المنحدر تملأ عربات القادوس بكميات موزونة، وبنسب محددة بدقة
من خام الحديد والكوك والحجر الجيري. وعند قمة المعبر تفرغ عربة القادوس
شحنتها في الفرن.
وعندما تأخذ الشحنة طريقها من قمة الفرن إلى أسفله
فإنها تتلامس في تلك الأثناء مع تيار الهواء الساخن المدفوع من أسفل الفرن
المتصاعد إلى أعلى. ويؤدي تيار الهواء الساخن إلى حرق الكوك من خلال
اتحاده السريع مع أكسجين الهواء مولدًا أول أكسيد الكربون. ويعمل أول أكسيد
الكربون الناتج كعامل اختزال حيث يزيل الأكسجين من خام الحديد. وينتج
أيضًا من حرق الكوك حرارة شديدة هي المسؤولة عن صهر الحديد. وتزيد درجة
حرارة قاع الفرن على 1,600°م، ويطلق على هذه المنطقة اسـم المجمـرة أو
البـوتقـة. ويكوِّن الحديد المنصهـر السائل بحيرة يتراوح عمقها بين 2,1م و
5,1م. وتطفو أعلى بحيرة فلز الحديد المنصهر طبقة من الخبث المنصهر، بينما
تتصاعد الغازات العادمة إلى قمة الفرن. وتمرر المخلفات الغازية المتصاعدة
من قمة الفرن خلال معدات لتنظيف الغاز تعرف باسم أجهزة غسل الغاز. وفيه
تنظف الغازات من أية أتربة أو شوائب لتنطلق بعدئذ في صورة نظيفة، حيث يتم
بعدئذ حرقها في المواقد لتسخينها.
يصب الحديد المنصهر الناتج من
عمليات الاختزال كل أربع أو خمس ساعات. ولإتمام ذلك يقوم العمال بحرق سدادة
موجودة في جانب الفرن معروفة باسم ثلمة الحديد. وبمجرد فتح الثلمة يندفع
في هذه اللحظات سيل الحديد المنصهر الساخن الأبيض اللون خلال الثلمات
ويتدفق إلى عربة الفلز الساخن. وتبلغ سعة كل عربة حوالي 135طنًا متريًا من
الحديد المنصهر.
يفرغ الخبث أيضًا بصورة دورية، لكن عدد مرات تفريغه
اليومية أكثر من عدد صبات الحديد. ويزال الخبث خلال ثلمة الخبث، التي تقع
في مستوى أعلى من ثلمة الحديد. وينساب الخبث إلى مَغْرَفة الخبث، وهي وعاء
مثبت فوق عربة سكة حديدية. ويستخدم جزء من الخبث المنتج في صناعة الإسمنت
وبعض المنتجات الأخرى، ولكن يتخلص من معظم الخبث في صورة نفايات جامدة.
الاختزال
المباشر ينتج حديدا صلبا، وفي النظام الموضح أعلاه يحول معيد التشكيل
الغاز الطبيعي إلى هيدروجين وأول أكسيد الكربون. وتزيل هذه الغازات
الأكسجين من الخام الساخن في فرن الاختزال ومحوِّلة الخام إلى فلز الحديد.
وتدور الغازات الباردة في الجزء السفلي من الفرن وتُبرد الحديد.
الاختزال
المباشر. في هذه الطريقة يختزل أكسيد الحديد إلى حديد، ولكنه ينتج في صورة
صلبة. ويطلق على الناتج اسم الحديد المختزل بالأسلوب المباشر. وتوجد عدة
أساليب مختلفة للاختزال المباشر، وإن كانت جميع الأساليب والطرق الأساسية
تقوم على استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج غازات الاختزال. وفي جميع عمليات
الاختزال المباشر يتم التفاعل بين خام الحديد والغازات المختزلة في أفران
كبيرة.
تعد طريقة الاختزال المباشر الطريقة الأساسية لإنتاج الحديد
في كل من المكسيك وفنزويلا وبعض دول العالم الأخرى التي تمتلك مخزونًا
واحتياطيًا ضخمًا من الغاز الطبيعي بسعر منخفض. ولا يمكن التوسع في طريقة
الاختزال المباشر وانتشارها في أماكن أخرى من العالم، ما لم يتمكن صناع
الحديد من استخدام غازات الفحم بديلاً للغازات المختزلة من الغاز الطبيعي.
ويتم في الوقت الحالي دراسة وتطوير عدة أساليب لاستخدام غاز الفحم في
الاختزال المباشر لخام الحديد لكي تنتشر هذه الطريقة.
ويمتاز أسلوب
الاختزال المباشر لإنتاج الحديد، بسهولة وسرعة بناء الأفران اللازمة
للإنتاج. كما أن الأفران أقل تكلفة مقارنة بتكلفة إنشاء الفرن العالي
وأفران الكوك. ومن المميزات الأخرى لأسلوب الاختزال المباشر أن تلوث البيئة
الناتج عنها أقل بكثير من التلوث الناتج عن الأفران العالية أو عن أفران
الكوك. وتعد أفران الكوك المصدر الأساسي للتلوث البيئي الناتج عن صناعة
الحديد. وعلى الرغم من المميزات العديدة لأسلوب الاختزال المباشر في تصنيع
الحديد، إلا أنه لا يزيل الشوائب من خام الحديد بكفاءة إزالتها عند استخدام
الفرن العالي، حيث تطفو الشوائب بمفردها في صورة خبث عند تصنيع الحديد في
الفرن العالي وذلك أعلى سطح بحيرة الحديد المنصهر. ونتيجة لعدم إزالة
الشوائب بصورة جيدة من الحديد الصلب الناتج من الاختزال المباشر، فلابد من
فصله بالمناخل ثم تنظيفه بالفصل المغنطيسي قبل شحنه إلى أفران الفولاذ.
تصنيع
منتجات الحديد. يستخدم أكثر من 90% من الحديد المنتج من الأفران العالية
في تصنيع الفولاذ وإنتاجه. والكمية الباقية يتم صبها في شكل حديد تماسيح
(كتل) ينقل إلى وحدات المسابك لإنتاج كل من الحديد الزهر والحديد المطاوع.
تماسيح
الحديد المصبوبة. تتكون آلة صب تماسيح الحديد من سَيْرَي نقل متحركين
يحملان قوالب صب ضحلة أو سطحية. ويصب العمال الحديد المنصهر من وعاء الصب
أو من عربات الفلز الساخن إلى قناة ينساب فيها الفلز الساخن متجهًا إلى
قوالب الصب. ويبرد الحديد في القوالب بتبريد القوالب بالماء. وعندما تصل
قوالب الصب إلى نهاية السير المتحرك يكون الحديد قد تجمد في شكل كتل مصبوبة
يصل وزن كل منها إلى حوالي 18كجم.
إنتاج الحديد الزهر. يصنع الحديد
الزهر في المسابك بصهر تماسيح الحديد في فرن يعرف باسم الكوبولا ومعالجتها
إلى أنواع مختلفة من الحديد الزهر. ولكل نوع من أنواع الحديد الزهر المنتج
تركيب كيميائي خاص به، كما تختلف خواص الأنواع المختلفة بعضها عن بعض.
ويسبك حديد الزهر في قوالب مختلفة للحصول على المنتجات المختلفة مثل
الأنابيب ولقم المكنات وصنابير إطفاء الحرائق.
تصنيع الحديد
المطاوع. لإنتاج الحديد المطاوع من تماسيح الحديد، يصهر العمال تماسيح
الحديد عالية النوعية لإزالة معظم الشوائب منها. ويصب العمال الحديد
المنصهر على كتل من الرمل الزجاجي المنصهر يطلق عليها خبث السليكات.
ويكوِّن مصهور الحديد مع السليكات كريات شبه إسفنجية. وتوضع الكريات
الناتجة في مكابس حيث تعصر الكمية الزائدة من الخبث مخلفة وراءها كتلا من
الحديد المطاوع يطلق عليها النورات. وتشكل نورات الحديد المطاوع إلى الصور
المختلفة من المنتجات بأساليب تشكيل نورات الفولاذ نفسها، ولمزيد من
المعلومات عن عمليات التشكيل انظر: تشكيل الفولاذ وتشطيبه في هذه المقالة.
طرق تصنيع الفولاذ
أسلوب
نافورة الأكسجين القاعدية صورة من طريقة الأكسجين القاعدية. ولا يوجد في
نافورة الأكسجين القاعدية أنبوب أكسجين رأسي لإدخال الأكسجين. ولكن يدخل
الأكسجين خلال ودنات (أنابيب) عند قاع الفرن. ويصنع في هذه الطريقة فولاذ
بمعدل أسرع من طريقة الأكسجين القاعدية.
ينتج معظم الفولاذ في العالم
من حديد التمساح المنصهر أو من الحديد الإسفنجي المنتج بالاختزال المباشر
أو من خردة الحديد والفولاذ. وتتخلف في الغالب عند تصنيع وإنتاج الفولاذ
كميات كبيرة من الخردة. ويستخدم مصنعو الفولاذ الخردة المتخلفة من إنتاج
الفولاذ، بالإضافة إلى الخردة المسترجعة من مخلفات المنتجات المصنعة من
الفولاذ مثل السيارات والعلب. وأساس صناعة الفولاذ هو إزالة الكميات
الزائدة من الكربون وعناصر الأشابة الأخرى غير المرغوب فيها، مع إضافة
المواد المطلوبة الأخرى بكميات متحكم فيها بصورة جيدة.
ويصنع
الفولاذ بثلاثة أساليب أساسية: 1- أسلوب الأكسجين القاعدي، 2- أسلوب
الأفران الكهربائية، 3- أسلوب فرن المجمرة المكشوفة. وفي كل واحد من هذه
الأساليب الثلاثة تشحن المواد الأولية في الفرن، حيث تتم التفاعلات
الضرورية لإنتاج دفعة من الفولاذ النقي. ويختلف معدل الإنتاج بصورة كبيرة
بين الأساليب الثلاثة المذكورة. وينتج فرن الأكسجين القاعدي دفعة من
الفولاذ كل خمس وأربعين دقيقة. أما في الفرن الكهربائي فيحتاج إلى أربع
ساعات، بينما تستغرق العملية في فرن المجمرة المكشوفة حوالي ثماني ساعات.
وتتراوح سعة أفران تصنيع الفولاذ بين 45طنًا متريًا ومايزيد على 450طنًا
متريًا.
وتتصل أفران تصنيع الفولاذ بلوحات تحكم رقمية ومحددات قياس
مختلفة وأجهزة بيان أخرى. ويستخدم العاملون هذه المعدات لضبط درجة الحرارة
والضغط والظروف الأخرى المحيطة بداخل الأفران. كما يقوم العمال أيضًا بأخذ
عينات من الفولاذ المنصهر من داخل الفرن في مراحل مختلفة لتحليلها والتأكد
من تركيب الفولاذ. ويلحق بكل مصنع لإنتاج الفولاذ معمل مجهز بمعدات مختلفة
مثل المنظار الطيفي والمجهر الإلكتروني، وذلك لتحليل العينات والتأكد من
تركيبها.
أسلوب الأكسجين القاعدي. ينتج الفولاذ في هذه الحالة
بدفع الأكسجين تحت ضغط عال خلال مصهور الحديد والخردة. وقد تزايدت مع مرور
الوقت أهمية هذه الطريقة منذ أن بدأت في النمسا في بداية الخمسينيات من
القرن العشرين. وفي واقع الأمر حلَّ أسلوب الأكسجين القاعدي إلى حد بعيد
محل الأساليب القديمة في إنتاج الفولاذ. وهو ينتج الآن حوالي 60% من مجموع
الإنتاج العالمي من الفولاذ.
والفرن المستعمل في أسلوب الأكسجين
القاعدي لإنتاج الفولاذ وعاء كمثري الشكل مصنوع من الفولاذ، له فتحة عند
القمة ومبطن بالطوب الحراري. ويثبت الفرن على مرتكز دوران حول محور أفقي
(محور ارتكاز)، وبهذا يمكن إمالته لإجراء عمليات الشحن أو التفريغ بعد
المعالجة. وتعمل أفران الأكسجين القاعدية عامة في صورة زوجية، أحدهما يصنع
الفولاذ بينما يكون الثاني في مرحلة الشحن.
تتكون شحنة فرن الأكسجين
القاعدي من ثلاثة أجزاء من الحديد المنصهر وجزء من خردة الفولاذ. وبعد
إمالة الفرن وشحنه بالخردة يقوم العمال بإضافة ملء مغرفة من الحديد
المنصهر، ثم يعاد الفرن إلى وضعه الرأسي. وعندئذ يقوم العمال بتقريب أنبوب
الأكسجين النقي في الفرن ليمر خلال الشحنة. وتصل كمية الأكسجين المدفوع في
الأنبوب إلى حوالي 850م3 في الدقيقة. ويتخلل الأكسجين المدفوع الشحنة
المنصهرة حيث يتفاعل بسرعة مع الحديد والشوائب. وتؤدي هذه التفاعلات إلى
توليد كمية كافية من الحرارة لإتمام عملية التنقية. وبعد انتهاء التنقية
تضاف عندئذ مادة تساعد على صهر المعادن حيث يتكون الخبث سريعًا.
ويتحد
الأكسجين المندفع باستمرار مع الكربون والشوائب الأخرى محولاً شحنة الحديد
والخردة إلى فولاذ. وتتصاعد المخلفات الغازية خلال قلنسوة الدخان الموضوعة
أعلى الفرن. وعندئذ تتم إمالة فرن الأكسجين القاعدي لصب مصهور الفولاذ من
فتحة بالقرب من القمة. وينساب الفولاذ المنصهر إلى عربة المغرفة، ويضيف
إليه العمال في هذه اللحظات مواد العناصر السبائكية.
وخلال
السبعينيات من القرن العشرين بدأ بعض صناع الفولاذ طريقة حديثة مطورة
لأسلوب الأكسجين القاعدي. وفي هذه الطريقة يتم نفخ الأكسجين خلال قصبات في
قاعدة الفرن. وقد بدأت هذه الطريقة في أوروبا ثم طورت بعد ذلك بصورة تجارية
في الولايات المتحدة الأمريكية. ويشير اسم هذه الطريقة إلى كيفية دخول
الأكسجين إلى الشحنة وأثره فيها ويظهرها كأنها نافورة. وتضاف المواد
المصهورة للشحنة في هذه الحالة، في صورة مسحوق ناعم يدفع مع الأكسجين
الداخل إلى الشحنة. وليست هناك حاجة في وحدات نافورة الأكسجين القاعدية إلى
أنبوب الأكسجين الرأسي. ولهذا يمكن وضع هذه الأفران في عنابر غير مرتفعة
السقف مقارنة بعنابر أفران الأكسجين القاعدية. ومعدل إنتاج الفولاذ بطريقة
نافورة الأكسجين القاعدية الحديثة أعلى بكثير من معدل إنتاج طريقة الأكسجين
القاعدية.
وينتج كل من الأسلوبيْن: أُسلوب الأكسجين القاعدي
وأُسلوب نافورة الأكسجين القاعدية، فولاذًا ذا تكلفة منخفضة، ويرجع ذلك إلى
أن كلا الأسلوبيْن لايتطلبان طاقة كهربائية، ولا يستخدمان وقودًا زيتيًا
لإنتاج الحرارة، مع ارتفاع إنتاجية الفولاذ في كلا الأسلوبيْن. وإضافة إلى
ما ذكر فإن محتوى النيتروجين في الفولاذ المنتج منهما، منخفض. ووجود
النيتروجين في الفولاذ ذو آثار سيئة على متانة بعض أنواع الفولاذ. وعلى
الرغم من المميزات الكثيرة لأسلوبيْ تصنيع الفولاذ: أسلوب الأكسجين
القاعدي، وأسلوب نافورة الأكسجين القاعدية، إلا أنه يعيبهما عدم إمكانية
التحكم بدقة في التركيب الكيميائي للفولاذ المنتج كما في الأساليب الأخرى
لإنتاج الفولاذ، كما أن كمية الخردة المستخدمة في كلا الأسلوبيْن محدودة.