التقييم : 3 نقاط : 360558 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: االهندسة البنائية لشكل القصيدة العربية المعاصرة السبت فبراير 02, 2013 2:46 am | |
|
مقدمة : لاا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا : إن القصيدة العربية المعاصرة مرّت بثلاث مراحل خلال ثلاثة أرباع القرن منذ مطلع النهضة العربية حتى أوائل الحرب العالمية الثانية , وهي مرحلة التقليد والبعث , فقد بدأ الشعر يتحرر من قيوده الثقيلة ويأخذ طريقاً جديداً . إن البعث بالعودة إلى الشعر الجاهلي والعباسي ورائد هذه المدرسة محمود سامي البارودي . أمّا المرحلة الثانية فهي مرحلة التجديد الذي حمل لواءه خليل مطران المتأثر بالشعر الفرنسي , ومدرسة الديوان المتأثرة بالشعر الانكليزي , ومدرسة المهجر المتأثرة بالشعر الأمريكي , وقد اتسمت هذه المدارس بالذاتية وتصوير المشاعر الشخصية في إطار وحدة القصيدة شكلاً ومضموناً . أما المرحلة الثالثة فقد تجلت واضحة في القصيدة الشعرية الحديثة .
تعريف القصيدة المعاصرة : عرّف كولردج القصيدة بأنها : " ذلك النوع من التأليف الذي يتعارض مع المؤلفات العامية بأن يجعل المتعة لا الحقيقة هدفه المباشر , ويتميز عن كل الأنواع الأخرى التي تشترك معه في نفس الهدف , بطلبه ذلك النوع من المتعة من الكل الذي يتفق مع الإشباع الواضح من كل جزء من الأجزاء ". وفي النقد العربي المعاصر تعريف فني لها : " القصيدة بناء يتركب من العناصر والقوى التي تتظاهر على نحو يتم فيه تكامل المعاني الشعرية المتبلورة في حقائق لغوية ,فالعالم الذي تتألف منه القصيدة عالم متجانس تتلاقى أفكاره وتتعاقب في حركة مطردة ".
مراحل تطور القصيدة كما عرضها صلاح عبد الصبور : أولاً : القصيدة كوارد : حين يرد مطلع القصيدة إلى الغرض , أو مقطع من مقاطعها بغير ترتيب في ألفاظ مموسقة لا يكاد الشاعر يستبين معناها وقد يأتي هذا الوارد بين الناس أو في الوحدة أو في أي مكان . وقد يفتح الوارد للشاعر سبيلاً إلى خلق القصيدة وهنا تبدأ القصيدة كما يقول ، وهذه المرحلة عنده قريبة جداً في مفهومها بفترة الإلهام وبزوغ فجره وربما يعتمد الشاعر الابتعاد عن هذا الاصطلاح ليلبس فكرته ثوب الجدة . ثانياً : القصيدة كفعلٍ يلي الوارد وينبع منه : أو مرحلة ( التلوين والتمكين ), وهنا يحاول الشاعر تسوية القصيدة فيدفع نفسه إلى رحلة مضنية في طريق قلقة تحتاج إلى أكثر من الجهد في الارتقاء أو الانتقال من حال إلى حال ؛ لأن ثمة منبعاً يحاول الشاعر أن يصل إليه من خلال رحلته المضنية , والشاعر الموفق هو الذي يستطيع أن يتقدم خطوات نحو المنبع حتى يصل إليه . ثالثاً: مرحلة العودة : عودة الشاعر إلى حاله العادية قبل ورود الوارد إليه وقبل خوض رحلة التلوين والتمكين , والشاعر في هذه المرحلة يقطع الحوار ليبدأ المحاكمة أي : محاكمة نفسه في عمله بعد أن يقرأ قصيدته ليرى ما فيها من محاسن وعيوب ليبدأ عملية التنقيح والتهذيب التي يتم بها التشكيل النهائي للقصيدة .
| |
|