المبحث الثاني:النظام الإداري في مصر
المطلب الأول : نظام الحكم
لقد
أدت الظروف الاقتصادية و الاجتماعية التي كانت تسود أقاليم الشمال إلى و
جود حكم شبه ديمقراطي , و ذلك لانفتاح تلك الأقاليم من الناحية التجارية و
الاقتصادية . حيث كانت تمارس التجارة إلى جانب النشاط الزراعي التقليدي ,
كما أنها كانت ممر للقوافل و الرحلات التجارية التي تمر بمحاذاة الساحل
شرقا و غربا كما كانت ملتقى الطرق البحرية القديمة سوريا فلسطين و شمال
إفريقيا , و جزر البحر الأبيض المتوسط , لكن بعد توحيد البلاد و بالرغم من
تركيز جميع السلطات في يد الملك إلا إن الملوك الأوائل ادخلوا في أذهانهم
ما كان سائدا في أعراف سياسة , و احتفظوا بأكبر قدر للسكان من الحقوق
السياسية و الاجتماعية و المتمثلة أساسا في نظام مجالس الأعيان و القضاء
الفرع الأول : مجلس القضاء
إن
اختصاصات مجلس القضائي فكانت تشكل محكمة من الدرجة أولى درجة في الإقليم
ولكن إحكامها كانت تصدر باسم الملك , كما لم تكن تستطيع تنفيذ إحكامها ,
بل الحاكم الإقليم هو الذي يستطيع إصدار الأمر بالتنفيذ عن طريق رجال
البوليس
الفرع الثاني : مجلس الأعيان
كان
لمجلس الأعيان اختصاص إداري فهي تتولى بربط الضريبة على الممولين و
تسجيلها في كشوف تسلم لجهة الإدارة التي تتولى تحصيلها و لكن تلك الكشوف
لا تصبح ملزمة إلا بعد اعتمادها من جانب حاكم الإقليم .
لكن
من الملاحظ إذن على تلك المجالس بعد توحيد البلاد , إن سلطاتها لم تعد
تستمد من الشعب بل من المرسوم الملكي الصادر بتشكيلها فأصبحت بذلك مجرد
جهاز تنفيذي ينفذ سياسة الملك و يخضع له في تشكيلة و بيان اختصاصاته
المطلب الثاني:الإدارة المركزية
عرفت مصر القديمة نظاما إداريا متقدما لا يقل في دقته عن النظم الإدارية
الحديثة ويرجع ذلك إلى طبيعة الاقتصاد المصري واعتماده على الزراعة ومياه
النيل فكان لا بد من تضافر الجهود للسيطرة على مياه النيل والاستفادة منها
ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا عن طريق تنظيم إداري وفيق وفعال وقد تميز
النظام الإداري المصري في عهود الازدهار بقوة السلطة المركزية ووحدتها ,
وكان على رأس تلك السلطة الملك يعاونه مجموعة ضخمة من كبار الموظفين و
الإدارات المختلفة هي : المستشار الأول أو الوزير , مجلس العشرة الكبار ,
الإدارة الحكومية , كاتمو أسرار الملك
· الفرع الأول : المستشار الأول أو الوزير
يعد
المستشار الأول أو الوزير الشخصية الثانية في البلاد بعد الفرعون , و كان
الملك هو الذي يعينه و يعزله و لكنه كان يخضع في ذلك لعدة قيود أهمها
اختياره من بين كبار موظفي البلاد من المدنيين و كانت وظيفته ذات طبيعة
تنفيذية إدارية فهو رئيس الحكومة و يمارس إعمال السلطة التنفيذية نيابة عن
الملك حيث كان يمنحه أختام الإدارات الملكية و كانت له عدة امتيازات
· الفرع الثاني : مجلس العشرة الكبار
يوجد
جانب الوزير مجلس العشرة الكبار المتكون من رؤساء الدواوين الحكومية و
رؤساء الأقاليم و يتميز اختصاص مجلس العشرة الكبار باختصاص ذي طبيعة
إدارية بحته ,فتنحدر مهمته في إدارة جميع مرافق الدولة بفطريها الشمالي
والجنوبي وليس له أي اختصاص تنفيذي ذي طابع سياسي أي المتعلقة بشؤون الحكم
كما انه ليس اختصاص تشريعي أو قضائي فهو الاشتراك الملك في سلطاته بل
يقتصر على تنفيذ أوامره ويشرف على سير العمل في مرافق الدولة المختلفة
· الفرع الثالث : كاتمو إسرار الملك
تدل
الوثائق على إن ملك مصر القديمة كان يحيط نفسه بعدد كبير من المساعدين
التي تطلق عليهم النصوص كاتمو إسرار الملك ويرجع ذلك إلى تركيز السلطات
جميعها في يد الملك . فكان بحاجة دائمة إلى عدد من المساعدين لكي يعا ونوه
فيما اطلع به من إعياء , حيث كان ينحصر اختصاصهم : في مساعدة الملك في
تحضير القوانين ومعانة في القيام بأعباء حكومته.
· الفرع الرابع : الإدارة الحكومية
بلغت الإدارة في مصر الفرعونية شانا بعيدا من الدقة وحسن التنظيم وتدل
الوثائق على وجود عدة إدارات حكومية تختص كلمنها بإدارة مرفق من مرافق
الدولة المختلفة , و كانت الإدارات الحكومية نتخذ من القصر الملكي ملحقا
خاصا بها ,لكي تكون بالقرب من الملك صاحب السلطات في البلاد و حتى تكون
تحت إشرافه , المباشر , و كان لكل جهاز إداري مكاتب ثانوية منتشر في سائر
إنحاء البلاد تساعدها في القيام بإعمالها . و أهم تلك الإدارات
1. ديوان الرسائل : يختص بإبلاغ جميع كتابات الحاكم إلى جميع الإدارات الحكومية كما يقوم بالتنسيق بين أجهزتها
ديوان
التسجيل و التوثيق : يختص بتسجيل المراسيم الصادرة بتعيين الموظفين كما
يشرف على الإحصاء الذي يتم كل سنتين للأشخاص و الأموال
2. ديوان المحفوظات
: يهتم بتسجيل كافة الوثائق الصادرة عن ديوان التسجيل و التوثيق و حفظها
في سجلات خاصة بها , كما يختص بتسجيل القوانين الصادرة عن الملك , و كانت
تلك السجلات تحفظ في قاعة العدالة
3. ديوان الضرائب :
يختص بربط و تحصيل الضريبة و الغرامات المالية , بمساعدة مجالس الأعيان و
موظفي الدولة ,كما كان يدخل في اختصاصاته مراقبة منسوب فيضان مياه النيل
كل عام
4. ديوان المالية :
تتبعه عدة إدارات أهمها إدارة الخزنة أو ما يسمى بالبيت الأبيض كما يختص
بدفع رواتب الموظفين ,كما تتبعه اداراة التموين والنفقة وإدارة الجمارك
5. ديوان الإشغال العامة
: يشرف عليه احد اكبر الموظفين من أعضاء مجلس العشرة الكبار ويساعده عدد
كبير من المهندسين والمعماريين ,ويختص بتقييم الأيدي العاملة والمواد
الأولية وكان أهم انجازاتها الهرمات والمعابد والقصور والقلاع والحصون
6. ديوان الزراعة :
يشرف عليه احد اكبر موظفي الدولة من أعضاء مجلس العشرة الكبار , كان يختص
بالشؤون الزراعية بالبلاد . ويقوم بتخزين وتصدير الفائض الإنتاجي
7. ديوان الشؤون الدينية :كان يهتمبأمور العبادة الملكية أثناء حياة الملك ويطلق عليها البيت الأحمر. كما تختص بتقديم القرابين والشعائر الدينية
8. ديوان التسجيل والتوثيق : يختص بتسجيل المراسيم الصادرة بتعيين الموظفين. كما يشرف على الإحصاء الذي يتم كل سنتين للأشخاص و الموال
المطلب الثالث: الإدارة المحلية
· الفرع الأول : تقسيم البلاد إلى وحدات إدارية .
قسمت
مصر منذ بداية العصر الفرعوني إلى اثنين و أربعون إقليما , 22منها الفيل
الخلفي و20 منها في الوجه البحري ويبدو أن هذا التقسيم يعود في أصله إلى
تلك الدويلات التي كانت سائدة في مصر قبل عهد الأسرات , حيث كان كل إقليم
يتكون من إدارة مستقلة عن غيره بحكمه أمير عن طريق الوراثة .وقد ظلت تلك
الأقاليم به توحيد البلاد محتفظة بذاتيتها الخاصة ولكنها فقدت استقلاليتها
السياسية وأصبحت مجرد وحدات إدارية في الدولة الواحدة وكان على رأس كل
إقليم حاكم ينوب عن الملك و يمثل السلطة المركزية داخل إقليمه , كما قسم
كل إقليم إلى مراكز
· الفرع الثاني : موظفو الإدارة المحلية
و ينقسمون إلى عدة وحدات
* نائب الملك في نخن : نتيجة ظروف سياسية تمتعت مدينة نخن عاصمة مملكة الجنوب بمكانة خاصة بها و وضع الملك عليها حاكما على مكانة من بقية حكام الأقاليم
* مفوض الملك في بي
: مدينة بي تقع بالقرب من مدينة رشيد الحالية و تعد أهميته لوجود احد
المعابد الشهيرة بها ,و كان كبار كهنة المعبد يعد حاكما على المدينة منذ
عهد ماقبل الآسران و مراعاة للظروف الدينية لتلك المدينة ,انتهج الملوك
نفس التقاليد و عنوا على المدينة مفوض للملك بي , ولكن منذ الأسرة الثالثة
انتقلت اختصاصات مفوض الملك في بي إلى نائب الملك في نخن .
* أمير هليوبوليس
: فقد أصبحت مدينة هليوبوليس , مكان عبادة الإله فكان الحاكم هو كبير كهنة
المدينة , وكان يحمل لقب أمير بالمعنى الإقطاعي القديم و لذلك كان يلي
الفرعون مباشرة من حيث الرتبة الشرفية
__________________________________________________ ________
(1) أحمد إبراهيم حسن ؛ فلسفة وتاريخ النظم الاجتماعية المقارنة . أبو العزم للطباعة . [ د.د.ن]. ص351 ص366
[center]قائمة المراجع