منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  
آيـــــات الشفاء في القرآن الكريم إن هذه الآيات تجتمع في كل آية فيها كلمة شفاء و تقرأ بترتيب المصحف فقد قال العلماء أن في هذا استعانة بكلام الله على الشفاء و خصوصا بالنسبة للأمراض التي لا تقدر عليها أسباب البشر...وهـــم:- الآية 14 من سورة التوبة: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 57 في سورة يونس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 69 من سورة النحل : وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ... صدق الله العظيم الآية 82 من سورة الإسراء : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا... صدق الله العظيم الآية 80 من سورة الشعراء : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ... صدق الله العظيم الآية 44 من سورة فصلت : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...||

 

 ثانى اثنين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





التقييم : 3
نقاط : 360576
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

ثانى اثنين Empty
مُساهمةموضوع: ثانى اثنين   ثانى اثنين I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 05, 2013 9:36 pm


الجهــاد فى النيَّـة

قال رسول الله لنا ولمن بعدنا وللمسلمين أجمعين{ لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ
ولكنْ جِهادٌ ونيَّة[1]بعد فتح مكة وكان فى سنة ثمان من الهجرة النبوية لم
يعد هناك هجرة مكانية وإنما أصبحت الهجرة كلها فى النيَّة فبيَّن النبى
لأمته فضل النية وأنها روح كل الأعمال التى يتوجه بها المرء إلى رب البرية
فالأعمال كالأجسام الجسم ظاهره الأعضاء وروحه التى تحركه وتسيره هى الروح
التى نفخها فيه الحى القيوم كذلك أعمال العباد نحو رب العباد ظاهرها أوامر
الشرع التى أمرنا بها الله وكلفنا بها فى كتابه أو على لسان حبيبه ومصطفاه
وباطن الأعمال الذى لا حياة لها إلا به هو النية فالنية روح الأعمال ولذا
قال الحبيب{إنَّمَا الأعمَالُ بالنِّيَّات وَإِنَّمَا لكل امرىء ما نَوَى
فَمنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى الله وَرَسُولِهِ فَهَجْرَتُهُ إلى الله
وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أو امْرَأةٍ
يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ}[2]فالعمل بالظاهر
امتثال لأمر الشارع الأعظم واقتداء بالحبيب لكن ثوابه وأجره وفتحه وقبوله
كل ذلك يتوقف على نية العامل فيه إن كان يريد به رضاء الناس والسمعة
والشهرة عند الخلق كان عمله رياءاً فالرياء هو العمل من أجل الخلق أى لا
يقصد به إلا الخلق لا نية فيه من قريب أو بعيد للحق كل همه وبغيته فيه
العمل الخلق وفي مثله يقول النبى{مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ
ومَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ
أَشْرَكَ}[3]والحديث بيان لقول الله جل فى علاه{فَمَن كَانَ يَرْجُو
لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً}وشرط قبوله{وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}أى لا يجعل فى نيته عند توجهه للعمل أو قيامه
به رغبة فى السمعة عند الخلق أو اكتساب المحمدة أو التفاخر أو التظاهر أو
حتى الإعجاب بنفسه لأنه يعمل هذا العمل دون غيره لأن هذا فى نظر الله وفى
كتابه شرك لا يُقبل العمل به وقد قال فيه النبى : يقول الله تعالى فى
حديثه القدسى{ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ . مَنْ عَمِلَ
عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ }[4]كل من
عمل عملاً أشرك فيه مع الله فى الوجهة والقصد الخلق أو النفس أو السمعة أو
حب الظهور فإنه بذلك حُرم القبول فى هذا العمل لأنه لم يأتى بالمواصفات
الربانية التى اشترطها رب البرية لقبول الأعمال من حميع البرية وهى
الإخلاص، والإخلاص يعنى أن يطلب بالعمل وجه الله{فَادْعُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}وهذا العمل قد يظن البعض أنه فى العبادات وهل
هناك للمؤمن عمل ليس داخل فى باب العبادات؟إن المؤمن لو أخلص لله القصد
والنية كانت حركاته وسكناته كلها بالكلية عبادة وطاعة لرب البرية حتى
تناول الطعام وحتى نكاح زوجته وحتى مداعبة أولاده وحتى تخفيف الحزن عن
مصاب وعيادة المريض كل عمل يستطيع الإنسان أن يجعله عملاً صالحاً متقبلاً
عند الله إذا سبقه بنية خالصة، بأن يبغى بهذا العمل وجه الله والدار
الآخرة ثم بعد ذلك يبغى إرضاء الخلق لا بأس المهم أن ينوى أولاً وجه الله
والدار الآخرة فلو عملت عملاً أبغى به وجه الله - وكنت قدوة فى مكانى -
وعملت هذا العمل أمام غيرى ليقتدوا بى كان لى أجرين فهناك فرق بين ذلك
وبين الرياء فالرياء هو الذى لا يقصد صاحبه من وراء العمل إلا الخلق كأن
يصلى ليقولوا عليه رجل صالح وإذا لم يروه ربما لا يُصلى ولذلك وضع الأئمة
الكرام ميزاناً للأُمة فى هذا المقام فقالوا: من عمل العمل فى الظاهر أمام
الخلق، وإذا عمله فى الخفاء لا يزيد عن ذلك أى أن عمله أمام الخلق كعمله
بمفرده أمام الحق، فهذا هو الإخلاص أما إذا كان يعمل العمل أمام الحق،
وإذا رآه الخلق زاد فى تحسينه وزاد فى تهيئة نفسه، فهذا داخله نوع من
الرياء - ليس كله رياء - ولابد أن ينزه نفسه عنه، أو إذا عمل العمل ورآه
الناس تشجع واستمر فيه، وإذا عمله بمفرده لم يواصل وانقطع فهذا فيه شبهة
رياء لأنه يقصد بالعمل وجه الله لكن الأتم والأكمل والأفضل أن يعمل العمل
يبغى به وجه الله سواء عمله أمام الحق فقط أو أمام الحق والخلق، فإنه لا
يبغى فى كلتا الحالتين إلا ابتغاء وجه مولاه جل فى علاه وهذا ملحظ دقيق
يلاحظه الصالحون فى كل زمان أو مكان ليُخلصوا الأعمال لله فإن الله ضرب
مثلاً للعمل الخالص وقال فيه مُشبهاً له{مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ
لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ}يصنع الله اللبن الذى نشربه من
بين الروث الموجود فى كرش الحيوانات والدم الذى يجرى فى عروقها، لو وجدت
فى اللبن قليلاً من الدم لا تستطيع أن تشربه ولا تستسيغه ولو وجدت فيه ولو
قليلاً جداً من الروث لا تستطيع أن تشربه ولا أن تبلعه، ولكن الله خلَّصه
من ذلك وذلك، مع أنه خرج من بينهما ليعرفنا كيفية الإخلاص لرب البرية
وأشار فى ذلك الصالحون إشارة عالية فى هذا المعنى القرآنى - وإن كان
المعنى الظاهرى لا نهمله بل نقره ونعترف به – فقالوا: الدم إشارة إلى
النفس يجرى من ابن آدم مجرى الدم والفرث إشارة إلى الجسم لأنه يتغذى من
هذه الأشياء التى تخرجها بطن الأرض، فإذا كان العمل يتلذذ به الجسم، ويظهر
به ويحصل صاحبه على الإعجاب بسببه، فهذا العمل ليس خالصاً لله فالعمل
بالجسم يراه الخلق، وإذا كان العمل ليراه الخلق ففيه شبهة، وإذا كان العمل
لتَطَلُع فى النفس كحب الشهرة وحب السمعة أو الإعجاب بالنفس أو حب المدح
أو حب الثناء كان أيضاً عملاً فيه شائبة رياء ولكى يكون العمل خالصاً لله
ينبغى ألا يكون فيه حظ لا للنفس ولا للجسم، بل يكون الإنسان يبغى به وجه
الله والذى يتمتع به القلب الصافى الخالى من النزغات والنزعات، الذى يتوجه
به صاحبه إلى مولاه جل فى علاه فهجرة المؤمن الدائمة فى كل لمحة وفى كل
طرفة إلى الله، لأنه فى كل لمحة أو طرفة يتوجه بجارحة من جوارحه إلى حضرة
الله بعمل إما عمل يخرج من اللسان وإما عمل تفعله العين وإما خطاب تستنصت
وتستمع إليه الأذن وإما عمل باليد وإما عمل بالقدم وإما عمل بالفرج وكل
هذه الأعمال يستطيع المؤمن أن ينال بها رضاء الواحد المتعال إذا سبقها
بنية صادقة صالحة فى هذا العمل يبتغى بها رضاء الله ثم يتممها على نهج
الحبيب نية ثم اقتداء بخير البرية بهذا ينال العبد الأمنية وقد قال الله
له قل لهم{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ
أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }فحياته كلها لله بل موته كله لله كلمة الموت تعنى
النوم لأنه إذا نام فإنما يستعين بالنوم على القيام لطاعة من لا تأخذه
سِنة ولا نوم فيكون نومه أيضاً لله لأنه ينام رغبة فى القيام بعد ذلك
بنشاط فى طاعة الله ولذلك كان النبى يقول{إنَّ عَيْنَيَّ تَنامانِ
وَقَلْبي لا يَنامُ}[5]إذا كان العمل لله لا يستطيع أجره ولا نوره ولا
ثوابه غير الله حتى الملائكة المقربين لا اطلاع لهم على ذلك، والدليل أن
الإنسان عندما يصوم ولا يعلم حقيقة الصيام إلا الله الذى لا تخفى عليه
خافية، يقول فيه الله جل فى علاه{ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلاَّ
الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ }[6]أى أنا الذى أضع جزاءه
وثوابه لأنه لا يستطيع وضع ذلك الثواب غيرى، حتى الملائكة لا يعرفون ذلك
أو إن شئت قلت أن معنى(وَأَنَا أَجْزِى بِهِ)أنا ورؤية وجهى ومشاهدة جمالى
وجلالى وكمالى هو جزاء الصائمين وهذا فى قول النبى{ لِلصَّائِمِ
فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ
}[7]فهذا أجر لا يستطيع أحد نعته ولا وصفه لأنها خصوصية من الله لصاحب هذا
المقام وكل أعمال المُخلِصين والمُخلَصين وورد فى الأثر(أن الإخلاص سر من
أسرارى أستودعه قلب من أحب من عبادى لا يطلع عليه شيطان فيفسده ولا ملك
فيكتبه[8]لأن المَلك لا اطلاع له على القلوب وإنما يرى الأعمال ويسجلها
كما يراها فى الظاهر أما الباطن فلا يعلمه إلا من يقول للشئ كن
فيكون{فَمَنْ كانتْ هِجْرَتُه إِلى دُنْيَا يُصِيبُها أَوْ إِلى امْرَأَةٍ
يَنْكِحُها – أو ما شابه ذلك من الأمور الدنيوية –فَهِجْرَتُه إِلى ما
هاجَرَ إِلَيه }فكان الصالحون فى كل زمان ومكان لهم فى بداية العام الهجرى
وقفة صادقة لتصحيح مراد النفس ونواياها وطواياها لتستعيد مكانتها عند
مولاها وخالقها وبارئها فيسارعون إلى تخليص القلوب – وهى موضع الطوايا
والنوايا – من كل شائبة تشوب الأعمال والأحوال والأقوال عند صدورها لأنهم
يراعون علام الغيوب حتى يَصلون إلى المقام العلى الذى يقول فيه المولى فى
كتابه القرآنى{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ)أى يجب أن تعمل وتعلم علم اليقين أن العمل الذى تعمله أو
ستعمله فيما يستجد من أيامك ويُستقبل من عمرك سيراه الله ورسوله والمؤمنون
بهذه الكيفية أى اجعل الله أول قصدك، والتأسى بالحبيب غاية مرادك، والخلق
إن كنت تريد أن يتأسوا بك ويقتدوا بك فهى فى المرتبة الدنيا من نواياك
وطواياك وأحوالك، تصيب القصد وتحقق المراد لأن هذا هو المنهج الذى وضعه
الله للسابقين والمقربين فى كل زمان ومكان، إذا غيَّر المرء هذا النسق
وجعل غايته العظمى الخلق وادَّعى بعد ذلك أنه يريد بعمله الحق فإنه يغش
نفسه{ مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا }[9]فأول العام الهجرى وقفة مع النفس
راجع نفسك وراجع أعمالك التى عملتها فى العام المنصرم وضع لنفسك قاعدة
تنال بها رضاء الله فيما يُستقبل من الأيام واعلم علم اليقين أن الخلق
أجمعين لو اجتمعوا على أن يُثيبوك على عمل ولو تسبيحة واحدة لله ما
استطاعوا أجمعين واعلم أن الخلق أجمعين لو التفوا حولك وأحاطوا بك ما
استطاعوا أن يُقربوك قدر أنملة لرضاء رب العالمين فاقصد الله وعامل الله
بإخلاص وصدق ويقين بمثل ذلك يجدد الإنسان أحواله، بتجديد نواياه لله ولذلك
كان بعض الصالحين لا يخرج من بيته متوجهاً إلى أى عمل حتى يُحقق نواياه
ويقول فى ذلك{إنى لا أخرج من بيتى إلا إذا استجمعت سبعين نية كلها لله
)وسبق الصالحين ليس بالكم ولكن بهذه النوايا على سبيل المثال: لماذا أذهب
إلى الندوات الدينية؟أذهب لطلب العلم وطالب العلم فى سبيل الله حتى يرجع
هذه نية أذهب للتوادد فى الله والزيارة للإخوان الصادقين فى الله وفيها
يقول{مَن عَادَ مَرِيضاً أَوْ زَارَ أَخاً لَهُ في الله نَادَاهُ مُنَادٍ
أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ
مَنْزِلاً[10]أذهب لأقف على نفسى أعرف ما لها وما عليها ومحاسبة النفس
أساس وضعه النبى الكريم لأصحابه وأحبابه المباركين إلى يوم الدين أن المرء
يكون له وقت يحاسب فيه نفسه فى كل يوم وليلة على ما قدَّم وعلى ما فعل فإن
وجد خيراً حمد الله تعالى على ذلك وإن وجد غير ذلك تاب واستغفر الله تعالى
من ذلك فيدخل فى قول الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ
اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}أذهب لأُطهر قلبى وأدخل فى قول رب
العالمين فى جماعة الحاضرين{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ
إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}نوايا لو أخذنا فى استجماعها ما
استطعنا تعدادها ولا سردها لأن النوايا التى تجيش فى قلوب الصالحين لا
يستطيع أحد أبداً عدَّها لكن الرجل الصالح يعيش فيها ويحيا بها ولذلك قال
رجل من تلاميذ أحد الصالحين[يا سيدى إن القوم يسئلون عن الطريق وعلومه
وأذواقه ومشاربه وفتوحاته فبِمَ أقول لهم فقال :قل لهم من لم يذق طعم
العسل هل يستطيع وصفه؟ فسيقولون: لا، فقل لهم: كيف يستطيع وصفه؟ فسيقولون:
إذا ذاقه قال فقل لهم إن الطريق وفتحه لا يستطيع الحديث عنه ولا وصفه إلا
من ذاقه فهو كالعسل]ليس علماً نظرياً وليس سرد برهان يحتاج إلى أدلة
وبراهين ولكنه علم ذوقى يقول فيه الله{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}فأثبت الله أن
أدوات تحصيل العلم ثلاث:السمع من الغيروالبصر فى الكتب أو فى الآفاق ثم
الفؤاد وهو يتلقى من المَلك الخلاق فأثبت للفؤاد أنه وسيلة من الوسائل
التى يُحصل بها العلم ويُحصل بها الفهم ويُحصل بها الذوق ويُحصل بها
الشهود ولكن ذلك لأهله الذين خاضوا غماره ومشوا على منوال الحبيب فى عطاءه
فأعطاهم الله الجنى الدانى الوارف لأهله لأنه طعام لا يناله بالذوق إلا من
صفا ذاته ومشى على منهج أهله فى عطاءه ونواله.


[1] صحيح البخارى عن ابن عباس وصحيح مسلم عن السيدة عائشة رضى الله عنهم.


[2] صحيح البخارى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما.


[3] مسند الإمام أحمد عن شداد بن أوس رضى الله عنهما.


[4] صحيح مسلم عن أبي هريرة


[5] مسند الإمام أحمد عن السيدة عائشة رضى الله عنهما.


[6] صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنهما.


[7] الصحيحين البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنهم.


[8] ورد فى الخبر عن الحسن {الْإِخْلَاصُ سِرٌّ مِنْ سِرِّي أَسْتَوْدِعُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي}


[9] صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهم.


[10] سنن الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنهما



.................................................. .................





اخلاص القصد والنية

فالشاهد أن الإنسان فى بداية العام يُصفى قلبه لمولاه وإذا صفا القلب فإن
الله يعمره بالنوايا الخالصة لا يجلس الرجل العارف مع نفسه ويعُد النوايا
لكن الله يقذف فى قلبه نوايا من عنده تليق بمقامه وهذا هو أول فتح يفتح
الله به على الصالحين أن يفتح الله له فى قلبه باباً يتلقى منه إلهام ربه
وأول الإلهام الدليل على حب الله له أن يُلهمه الله النوايا التى بها يرفع
الله قدره ويُعلى الله شأنه ويجعله على قدم حبيبه ومصطفاه صلوات ربى
وتسليماته عليه عندما رجعَ رسولَ الله من غزوةِ تبوكَ ودَنا من المدينة
قال[إنّ بالمدينةِ أقواماً ماسِرتم مَسِيراً ولاقَطعتُم وادياً إلا كانوا
مَعَكم قالوا:يا رسولَ الله وهم بالمدينة قال:وهم بالمدينة حَبَسَهمُ
العُذر}[1]ولذلك أعطاهم الله بالنية ربما ما لم يأخذه نفر ممن مشى مع سيد
البرية فى هذه السفرة لأنه ربما خرج مسافراً ويُسر فى قلبه النفاق
والمنافقون كانوا يسافرون معه ويحضرون معه بل ويحاربون معه لكن ليس لهم
عند الله أجر والمُخلصين الصادقين الذين بقوا فى المدينة نالوا الأجر
بالنية فأعلمنا أن النيَّة هى التى عليها المُعوَّل ولذلك يقول الإمام
الشافعى( إن حديث{إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات، وإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِىءٍ ما نَوَى} ربع الدين ) لأنه عليه الأساس من كل عمل:{ رُبَّ
قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلا السَّهَرُ وَرُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ
لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ }[2]وقالوا له: يا رسول
الله الرجل يجاهد للذكر والرجل يجاهد للغنيمة والرجل يجاهد حمية لقومه فمن
فى سبيل الله؟ فقال{مَنْ قَاتَلَ لِتكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العُلْيَا
فَهُوَ في سَبِيلِ الله }[3]لذلك من قاتل للذكر أو للغنيمة أو حمية لقومه
فليس له أجر فالأجر على قدر النية مع أنه قاتل وحارب لكن الإمام الشافعى
جعل ربع الدين على هذا الحديث الطيب{إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات}لأن
النبى استخدم له أداة الحصر (إنما)ويقول فى حديث آخر{نيَّةُ المؤمنِ
خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ}[4]ويروى أن الله يوم القيامة يُظهر فضل النوايا
فيأمر الملائكة بإحضار رجل معه أمثال الجبال من الأعمال الصالحة فيقول
الله تعالى{أَنْتُمُ الْحَفَظَةُ عَلَى عَمَلِ عَبْدِي وَأَنَا الرَّقِيبُ
عَلَى نَفْسِهِ إنَّهُ لَمْ يُرِدْنِي بِهذَا الْعَمَلِ وَأَرَادَ بِهِ
غَيْرِي فَعَلَيْهِ لَعْنَتِي}[5]هو لا يعُطى الأجر إلا إذا كان العمل
خالصاً لذاته ولذلك تجد الصالحين أول تدريب عملى يقومون به للسالكين
والمحبين هو أن يتمرن السالك على إخلاص القصد والنية فى كل حركة أو سكنة
لله ومن لم يستطع ذلك فقولوا له: ليس لك فى هذا الطريق لا من قريب ولا من
بعيد لأن الله قال فى قرآنه{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}{فَادْعُوا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}لابد من تحرى الإخلاص فى كل عمل
والإخلاص أن تقصد وجه الله فى كل عمل حتى كان أحد الصالحين عندما كان يمرن
تلاميذه على ذلك كان يدربهم إذا نزل أحدهم بلد للدعوة إلى الله يقول له :
يا بنى كل ما اشتهيت قبل أن تذهب إلى القوم الذين تدعوهم إلى الله حتى لا
تميل نفسك إلى شئ مما عندهم وتكون الدعوة خالصة لوجه الله ويقول: لو ذهب
داعياً إلى الله إلى بلد وأفاض الله عليه من العلوم ومن الإلهامات ما لا
حد له وبعد أن انتهى لم يدعُه أحد من أهل هذا البلدة إلى حتى تناول قدح
شاى إذا تغير قلبه على أهل هذه البلد بسبب ذلك فإنه يحتاج إلى أن يُرد إلى
دائرة الآداب ليتأدب فى رياض الصالحين وحتى حديث الناس فإن النفس تحب أن
تُحَدِّث أو تُحَدَّث بما فعلت وما سمعت وما صنعت فكان يقول{يا بنى اعمل
ولا يهمك معرفة الناس أو شيخك أنك تعمل لأنك تعمل لله لا للناس أو
لشيخك}هذا الإخلاص كان أصحاب حضرة النبى يلاحظونه فى أدق المواطن فقد ورد
أن الإمام علىّ طلب أحد الفرسان من الكافرين رجلاً للمبارزة فخرج له فأخذا
يضربان حتى سقط فرسيهما تحتهما موتاً من شدة الضرب والكر والفر فترجلا
وأخذا يضربان بعضاً بالسيوف حتى تكسرت سيوفهما فاشتبكا مع المصارعة فحمله
الإمام علىّ وجلد به الأرض وركع فوقه وأخرج خنجره ليذبحه فتفل الرجل فى
وجهه فقام الإمام علىّ وتركه فتعجب الرجل وقال : لِمَ تركتنى بعد أن تمكنت
منى؟ قال كنت أقاتلك لله فلما تفلت فى وجهى خفت أن أقتلك انتقاماً لنفسى
فيكون العمل غير خالص لربى قال: وهل تراقبون الله فى هذه المواطن؟ قال:
وفى أدق منها كانوا يراقبون الله فى هذه المواطن يراقبون أن تكون الحركات
والسكنات فى كل زمان ومكان لا يرجون بها إلا رضاء الله وإلا وجه الله ثم
بعد ذلك يقومون بها على هيئة حبيب الله ومصطفاه أى يتابعون الحبيب صلوات
ربى وتسليماته عليه فى هذا الحال لكن لابد أن تكون النيَّة أولاً لله
ولذلك كانت كل أحوالهم طاعات نومهم ذكر وجلوسهم ذكر وقيامهم ذكر وحديثهم
ذكر ونظراتهم ذكر وإمداد أيمانهم إلى غيرهم ذكر ومشيهم بأقدامهم وسعيهم
بأقدامهم إلى أى مكان ذكر وأى حركة بالجوارح الظاهرة معها نية باطنة ولذلك
أعمالهم كلها ذكر لله لأنهم استحضروا النوايا والطوايا بعد أن طهروا القلب
لله وجعلوا الأعمال خالصة لله وفيهم يقول الله لحبيبه ومصطفاه {وَاصْبِرْ
نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن
ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }

[1] صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنهما
.

[2] مسند الشهاب عن ابن عمر.


[3] مسند الإمام أحمد عن أبى موسى الأشعرى.


[4] فتح البارى وشرح الزرقانى


[5] رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما عن معاذ رضى الله عنه (الترغيب والترهيب).

.................................................. .......................



• أنواع الهجرات


فتح رسول الله الهجرة لأصحابه المباركين وكان يعلم علم اليقين أنه لابد له
من الهجرة لأنه ما من نبى إلا وهاجر ولما نزل عليه الوحى أخذته السيدة
البارة السيدة خديجة رضى الله عنها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان من أهل
الكتاب يتعبد على دين المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام
وقرأ الكتب السماوية التوراة والإنجيل فقال له: احك لى يا ابن أخى ما
رأيت؟ فحكى له ما صار سيدنا رسول الله لما جاءه الوحى لأول مرة ارتجف
وارتعد وارتعش لأن سيدنا جبريل احتضنه ثلاث مرات وهذا الإحتضان كان للشوق
لأن سيدنا جبريل كان مشتاقاً إلى حضرته فلما رآه عبَّر عن شوقه باحتضانه
صلوات ربى وسلامه عليه، ثم أخذ يجرى من غار حراء إلى منزله فى مكة حتى ذهب
للسيدة خديجة وقائلاً زملونى زملونى دثرونى دثرونى - فحكى له هذا فقال له
ورقة: أبشر يا ابن أخى إن هذا هو الناموس – أى المَلَك – الذى كان يأتى
موسى وعيسى وأنت نبى هذه الأمة ثم قال له: ليتنى أكون فيها جزعاً – أى
شاباً فتياً – عندما يخرجك قومك قال: أومخرجى هم؟ قال: نعم ما من نبى
أُرسل بما أُرسلت به إلا وأخرجه قومه إذاً النبى يعرف أنه سيهاجر من لحظة
نزول الوحى رأى المكان وخططه ووطن لكل جماعة مكان فيه فى رحلة الإسراء لأن
سيدنا جبريل عندما أركبه البراق جاء إلى مكان المدينة فقال هنا دار هجرتك
من أجل ذلك فإنه عندما اشتد الأذى من الكافرين على من معه من المؤمنين قال
لهم{ قَدْ رَأَيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ أُرِيتُ سَبْخَةً ذاتَ نَخْلٍ
بَيْنَ لابَتَيْنِ هُمَا حَرَّتانِ}[1]فهاجر أصحابه إلى المدينة ثم بعد
هجرته استمرت الهجرة من الجزيرة العربية إلى المدينة إلى أن فتح رسول الله
مكة فى العام الثامن من الهجرة فقال لأصحابه{ لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ ولكنْ
جِهادٌ ونيَّة }[2]إذن الهجرة استمرت لمدة ثمانى سنين ولم يعُد بعدها هجرة
مكانية إذاً ثواب الهجرة وفضل الهجرة وعظيم الأجر على الهجرة ما ذنبنا
لنُحرم منه؟ أبقى رسول الله لنا ذلك فقال فى حديث عظيم متفق
عليه{المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدهِ
والمهاجِرُ مَن هَجرَ ما نَهى اللّهُ عنه }[3]وقال أيضاً{وَالله لا
يُؤْمِن وَالله لا يُؤْمِن وَالله لا يُؤْمِن قالوا: وَما ذَاكَ يا رَسولَ
الله؟ قالَ: جارٌ لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ » قالوا: وما بوائقه؟
قال:«شَرُّه»}[4]الحديث ليس له شأن بالعبادات فلم يقل المسلم الذى يُصلى
الصلوات الخمس ويصوم ويزكى فهذه الأشياء فرائض لكن متى ينال شرف أن يكون
مسلماً حقاً؟إذا تُرجمت العبادات إلى أخلاق واضحة فى السلوكيات أثرت عليه
العبادات فأصبح وقد سَلِم الناس جميعاً من لسانه ويده فلا لسانه يؤذى أحد
ولا يغتاب أحد ولا يقع فى عرض أحد ويده لا تؤذى مسلماً بالشكاوى الكيدية
أو الأذية أو بأى عمل من أعمال اليدين وفيها ما فيها بالنسبة لأخيه المسلم
والمؤمن هو الذى أمن جاره بوائقه أى شروره وآثامه فلا يرى جاره منه إلا
الخير لأن الإحسان إلى الجار هى رتبة النبى المختار ومن وراءه ومن على
شاكلته من الأبرار والأطهار{وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ
عَنْهُ}من المهاجر إلى يوم القيامة؟الذى هجر المحرمات والذى هجر المعاصى
والذى هجر الفواحش والذى هجر الإثم والذى هجر الوقوع فى الذنب والذى هجر
الأفعال التى تُغضب الله كلها إن كان كبائر أو صغائر وهجر الأقوال التى
تُغضب الخلق كلها إن كانت سباً أو شتماً أو لعناً أو غيبة أو نميمة أو قذف
أو سحر أو ما شاكل ذلك يسلم الناس منه جميعاً لأنه هجر كل ما يؤدى إلى غضب
الله عليه أو كل ما يؤدى إلى إغضاب الخلق منه لشر فعله نحوهم أو سوء
أصابهم به حتى ولو كان لا يدرى لأن المؤمن لا يفعل ولا يقول إلا ما يُرضى
الله عنه، فهذه هى الهجرة أن يهجر الإنسان كل ما نهى الله عنه ولذلك يجب
على كل واحد منا مع بداية العام الهجرى أن يراجع نفسه ماذا هجرت من
المعاصى؟ وماذا تبقى لكى أهجره من المعاصى؟وإذا أردت أن أكون أعلى فى
المقام فيكون ماذا هجرت من الأخلاق القبيحة حتى أتجمل بالأخلاق
الكريمة؟هجرت سوء الظن مثلاً هجرت الكذب هجرت الأثرة والأنانية هجرت النظر
إلى المسلمين بعين تتطلع إلى ما فى أيديهم وإلى ما عندهم من خيرات وتتمنى
زوالها أو الحصول عليها ومنعها منهم فكل هذه الأشياء تحتاج إلى هجرة ولذلك
قال العلماء العاملون الهجرة فى هذا المقام لمن أراد أن يهاجر ثلاث
هجرات{هجرة بأمر الله وهجرة بفضل الله وهجرة بتوفيق الله}أما الهجرة بأمر
الله فهى أن يُنفذ كل ما أمره به مولاه ولكى يُنفذ ما أمره به مولاه لابد
أن يهجر ما نهى عنه مولاه فلابد أن يهجر المعاصى حتى يفعل الطاعات ويهجر
الحرام حتى يحصل على الحلال، ويهجر الذنوب والآثام حتى يُطيع الملك العلام
فهذه الهجرة بأمر الله أى فعل ما يأمره به مولاه بعد أن يترك ما نهى عنه
الله وهذه الهجرة الآية الجامعة لها فى كتاب الله هى قول الله{وَمَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
فَانتَهُوا}والمصيبة التى وقع فيها كثير من المسلمين فى هذا الزمان أنهم
جمعوا بين الإثنين فكثير منهم يظن أن المطلوب منه لإرضاء ربه القيام
بالعبادات أما المعاملات فيمشى فيها على حسب هواه وإن كان يعلم علم اليقين
أنه يخالف شرع الله فمثلاً التاجر قد يذهب إلى الحج كل عام ويذهب إلى
العمرة مرات فى العام لكن فى تجارته لا مانع عنده من أن يغش فى الكيل أو
الوزن أو يغش فى الثمن أو يغش فى الصنف فيرى أنه ليس عليه شئ فى هذه
الأشياء
هذه الثنائية هل يوافق عليها الدين؟ لا فالشرط الأول أن يهجر ما نهى عنه
الله فقد نهى الله عن التطفيف فيجب ألا يُطفف فى كيل ولا ميزان لأن الله
قال{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ}نهى الله عن الغش على لسان حبيبه
ومصطفاه{مَنْ غَشَّنا فَلَيسَ مِنَّا}[5]نهى عن أى غش إن كان فى الصنف أو
السلعة أو غير ذلك فمشاكلنا فى مجتمعنا سببها التفريق بين المعاملات
والعبادات مع أن الدين كله واحد ولابد للإنسان أن يأخذه بجملته فلا يجوز
له أن يعمل بشئ ويترك أشياء ويظن أنه على صواب لأنه نَهْى عن كل ما نهى
عنه الله ثم بعد ذلك قيام بكل ما أمر به الله كثير من الناس يحرص على
الفرائض ولبيان مدى حرصه على الفرائض فى وقت عمله يترك العمل قبل الظهر
بوقت كبير ويذهب للمسجد ليستعد لصلاة الظهر ويظن أنه أدى العبادة كما
ينبغى عبادتك فى عملك ومكتبك وإذا كان عملك يتعلق بخدمة الجماهير فتكون
الصلاة بعد نهاية العمل إلا إذا وجدت فرصة وتعود سريعاً وإذا كان العمل لا
يتعلق بالجماهير فاذهب للصلاة أثناء إقامة الصلاة والذى يُصلى بهم يراعى
ذلك فلا يطيل فى الصلاة لكن المتنطعين يظنون أنهم على صواب وبعضهم يقوم
بعمل درس بعد صلاة الظهر أين العمل؟ويسولون ذلك على أنه من الدين وهذه هى
الطامة الكبرى التى أساءت إلى دين الإسلام فى نظر غير المسلمين لأنهم رأوا
أن ما يصنعه المتنطعين – لأن صوتهم عالى – هو هذا الدين مع أنهم بعيدين عن
نهج الدين بالكلية الدين:{أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقَ حَقَّهُ}[6]حق العمل لا
أفرط فيه وحق الله محفوظ فنحن نحتاج فى هذه الأيام الكريمة أن نبين
لأنفسنا ونمشى على هذا المنهاج وإن كان فى نظر كثير من المتنطعين شاذ لكن
هذا هو المنهج الحق الذى ارتضاه سيد الخلق وهو أن نهجر المعاصى بالكلية ثم
نبدأ العبادات لرب البرية ولو أن الإنسان انتهى عن المعاصى ثم لم يقم إلا
بالفرائض فقط أفلح كما قال النبى ودخل الجنة لأنه ليس عليه شئ فالأساس أن
يحفظ الإنسان نفسه من الذنوب والآثام ثم يطيع الملك الحق رغبة فى الهجرة
إلى الطاعات والقربات المبثوثة فى كتاب الله والتى بينها بفعله وقوله
وحاله سيدنا رسول الله يحتاج المسلمون جميعهم فى هذا الزمان إلى هذه
الهجرة فمثلاً نجد الفلاح يذهب ليصلى الفجر فى وقته وعندما يؤذن الظهر
يترك عمله ويسارع للصلاة ثم بعد ذلك يريد أن يكسب سريعاً فيضع فى زراعته
الهرمونات والكيماويات والمبيدات المحظورات ليستعجل الأرزاق، ويظن أن هذا
شئ والعبادة شئ لابد من هجر هذا للغش أولاً ثم بعد ذلك لو لم تصلى إلا
الفرائض فى وقتها سيكفيك هذا وقس على ذلك بقية الأمور فتلك مصيبة حلت
بمجتمعنا لأننا تأثرنا فيه بالمجتمعات الأجنبية وأخذنا نظرية المنفعة وإن
كنا لا نشعر بها وجعلناها هى أساس حياتنا إذا كانت المنفعة فى ميزان
المعاملات لا نوزنها بميزان الحلال والحرام قال النبى{لا تَكُونُوا
إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وإِنْ ظَلَمُوا
ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ
تُحْسِنُوا وإِنْ أسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا }[7]الهجرة الأولى التى هجرها
كل أصحاب رسول الله سواء فى المدينة أو خارج المدينة هى هجرة المعاصى
بالكلية وهجروا المحرمات الواردة كلها جملة واحدة والمعاصى التى لا
يعتبرها المسلمون الآن معاصى ويتسلون بآدائها فهذه مصيبة المصائب مَن فى
المسلمين الآن يعُد الكذب معصية؟الأغلبية يعتبرونه فهلوة وشطارة ومَن مِن
المسلمين الآن يعتبر أن الغيبة والنميمة وقيعة ينبغى عليه الإقلاع عنها؟
قلَّ وندر تسالى الناس فى هذا الزمان فى القيل والقال فلابد من هجرة كل
ذلك وننفذ ما أمرنا به الله وحتى ندخل فى قول النبى{وَالْمُهَاجِرُ مَنْ
هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ }.



[1] رواه البخارى في الصحيح والإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها.



[2] صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهم.



[3] صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهم.



[4] مسند الإمام أحمد عن أبى هريرة.



[5] صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهم.



[6] رواه ابن حبان والبيهقي عن أبي جحيفة عن أبيه.



[7] سنن الترمذى عن حذيفة رضى الله عنهما.

.................................................. .......................




هجرة الدنيا والدنايا

إذا استطاع الإنسان أن يهاجر هذه الهجرة فيرتقى منها إلى هجرة أعظم فيرتقى
إلى هجرة بفضل الله من الدنيا إلى الآخرة فيرى الأعمال التى وصفها الله فى
القرآن بأنها هى الدنيا ولا يأخذ منها إلا الضرورات متأسياً بحبيب الله
ومصطفاه وهمه يكون كله فى الأعمال التى توصله إلى رضوان الله فى الدار
الآخرة، ما الدنيا يارب؟ قال{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي
الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}{لَعِبٌ}لو أننى فى لعب إذاً أنا فى الدنيا
كمن يجلسون على قهوة يلعبون الطاولة أو الدومينو للتسالى – ليس على مال
فهو قمار - فهؤلاء فى الدنيا والحكم فى ذلك حكم به النبى فقال:{اللاَّعِبُ
بالنَّرْدِ (قماراً) كآكِلِ لحمِ الخِنْزِيرِ واللاَّعِبُ بِهَا عن غيرِ
قمارٍ كالمُدَّهِنِ بِوَدَكِ الخِنْزِيرِ }[1]الخنزير نجس إذاً لماذا يضع
الإنسان يده فى هذه النجاسات فبدلاً من أن أمسك الزهر أمسك بالمسبحة
فأستغفر الله أو أذكر الله أو أصلى على رسول الله فأدخل فى قول
الله{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً
وَخَيْرٌ أَمَلاً }وكذلك اللهو كالذهاب إلى السينمات والمسارح الترويح
مطلوب وحبب النبى فيه وقال{ثَلاَثٌ يَجْلِينَ الْبَصَرَ: النَّظَرُ إِلَى
الْخُضْرَةِ وَإِلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَإِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ
}[2]فإذا تنزه الإنسان فى حديقة يكون دائما فى خاطره: {قُلِ انظُرُواْ
مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}ينظر ليعتبر{إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ
لِّأُوْلِي الألْبَابِ}فيكون كل نظره للعبرة، فأى شئ ينظر إليه يجد فيه
عبرة ويجد فيه ذكرى ويجد فيه عظة بليغة لكن لا يُضيع وقته فى مثل هذا
اللهو الكل مطالب أن يمارس رياضة لكن مشاهدة القنوات الرياضية ما الفائدة
منها؟ الذين يلعبون يكسبون ولو تأخر عنهم المكسب لما لعبوا لأنها أصبحت
حرفة لكن ما مكسبى أنا؟ يجب على المؤمن دائماً أن يستغل كل نَفَس فيما
يحقق له ربحاً إما فى الدنيا أو الآخرة فبدلاً من الجلوس لمدة ساعتين
لمشاهدة مباراة أنظر فى كتاب الله أو أقرأ باب من العلم النافع أو غير ذلك
من هذا القبيل لكن لا بأس من ممارسة الرياضة والأصعب من ذلك هو التعصب
للأندية فتجد الحوارات والنقاشات التى لا فائدة منها إلا أنه قطع الوقت
فيما لا يفيد وهذا اسمه اللغو فاللغو هو الكلام الذى لا يفيد وما صفة
المؤمنون يارب؟ قال{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}لكن لو
غيبة أونميمة فإن لها محاضر فورية ولا يتم حفظ أى محضر إلا بمصالحة صاحب
المحضر نفسه ليتنازل عن القضية فالمؤمن ليس عنده وقت للغو ولا للهو ولا
للسهو وإنما دائماً وأبداً ذاكرٌ لمولاه وخاصة أن الله قال لنا{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً}وكثيراً
ليس لها حدود{وَزِينَةٌ}والزينة هى التى تشغل عن الله لكن كونك مؤمن فأنت
مطالب أن تتجمل{ إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى
عَبْدِهِ }[3]لكن لا يجب على الإنسان أن يهتم بمظهره زيادة عن اللزوم
وينشغل به حتى عن عمله{ إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ }[4]ولكن
بشرط ألا يشغل البال كيف؟قال رجل لأحد الصالحين: أريد أن أُحضر لك ثوباً،
قال له: لا مانع بشرط أن تأتينى بثوب يخدمنى لا ثوباً أخدمه فالمؤمن نظيف
يحب النظافة وجميل يحب الجمال ولكن بشرط ألا تشغل الإنسان هذه الأشياء عن
طاعة الله وذكر الله والإقبال على الله وإلا ستكون من الحياة الدنيا سيدنا
رسول الله كان ذات مرة على المنبر وكان قد لبس خاتماً جديداً، وإذا به
يخلع الخاتم ويرمى به، فقالوا له: ما هذا يا رسول الله؟ قال ما معناه{ هذا
شغلنى عنكم مرة أنظر إلى الخاتم ومرة أنظر إليكم فخلعته}وقال فى ذلك رجل
من الصالحين{كل ما شغل الإنسان عن الله من مال أو ولد فهو مشئوم}[5]
أقوم للولد بواجبى نحوه، لكن لا يشغلنى عن طاعة الله وعن عبادة الله وعن
رضا الله جل فى علاه{وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ}بعض المجالس لا يكون الحديث
فيها إلا عن الأنساب والعائلات هل المؤمن عنده وقت لهذا الكلام؟ نحن لو
تكلمنا نتكلم عن ديننا وعن الله وعن نبينا وعن صحابة نبينا فهذه أحاديثنا،
قال النبى{إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ
يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ }[6]لكن بِمَ تفتخر؟ افتخر بأخلاقك وعباداتك
وأعمالك الصالحة لكن أبى وأمى رحمهم الله وأفضوا إلى رحمة الله فما دورك
أنت؟ هذا هو الأساس فنهى الله عن التفاخر حيث كانت هناك مجالس للتفاخر فى
مِنَى فقال لهم الله{فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ
أَشَدَّ ذِكْراً}كذلك كلام الموظفين فى المكاتب كله فى هذا القبيل إما أن
يفتخر الإنسان بمن مات أو بأولاده الموجودين ابنك لو لم يهده الهادى هل
تستطيع هدايته؟ لو لم يوفقه الموفق هل تستطيع إجباره على عمل؟فعندما تنظر
إلى ذلك انظر إلى توفيق الله أولاً كذلك الفلاحين يتفاخرون بزراعاتهم
فيقول أحدهم زراعتى أفضل من فلان لأنى عملت لها كذا وكذا هل نسيت المحسن
الذى أحسن إليك فى هذه الزراعة؟ أنت تضع البذرة فقط والبذرة هو الذى أتاك
بها وجاءك بالماء والهواء والغذاء ويرعاها ويتولاها لو لم يحفظ الحفيظ هذه
الزراعة فإنها ستنتهى إذن توفيق الله هو الذى مع الإنسان فى كل شأن وكذلك
الحال بالنسبة للأولاد {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ
اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}لو الهداية بيد إنسان لكان ملكها الأنبياء
لكن هل استطاع النبى أن يهدى ابنه؟ فقل أولاً فضل الله علىَّ كذا وكذا
فتذكر فضل الله عليك حتى لا تُشغل بالتفاخر بما ليس لك وإنما لله جل فى
علاه كذلك الذى يفتخر بنفسه إن كان بقوته أو بعينيه أو بشكله والسيدات لهن
باع واسع فى هذا المجال فمثلاً تأتى بطفل لها وتقول لمن حولها مَن يستطيع
أن ينجب مثل هذا الطفل؟هذا رزق ساقه الله من صنع العينين؟ ومن صور الوجه؟
ومن لون الشعر؟ومن له دخل فى أى أمر ظاهر أو باطن بالنسبة لأى ولد أو بنت؟
الفضل كله لله فلا ينشغل الإنسان بهذه الأمور لأن الشغل بها من
الدنيا{وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}إذاً لا نسعى لذلك؟
لا بل يجب أن نسعى لنتحقق بقوله{نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ
الصَّالِحِ }[7]وذلك بأن أسعى فى طريق حلال أحله شرع الله، ووسيلة التحصيل
التى أستخدمها يوافق عليها شرع الله وأُخرج منه حق الله إذا كان عليه زكاة
ولا أنشغل به عن حقوق الله وطاعة الله فلا يجوز أن أجمع الصلوات مع بعضها
بحجة عدم وجود وقت هل هذا عذر يقبله الله من الإنسان يوم لقياه؟لا لو لم
تؤدى الفرائض فى وقتها وجمعت الدنيا بأكملها فى يديك، ماذا ستصنع بها
عندما ترحل من هنا؟ ستُسأل عنها وتتركها لغيرك ليتمتع بها إذن يجب على
المسلم أن يُحصل المال ليغنى نفسه عن سؤال اللئيم وعن الحاجة إلى الخلق
لأن الحاجة فيها مذلة وهوان والمسلم دائماً عزيز{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}فلابد للمسلم أن يعز نفسه بأن يكون معه
ما يغنيه عن الخلق مع أداء الفرائض والطاعات فى وقتها فى هذه الحالة يصبح
المال الذى جمعه عبادة ويدخل فى قول رسول الله{مَنْ بَـاتَ كالاًّ مِنْ
عَمَلِهِ بَـاتَ مَغْفُوراً لَهُ }[8]وكذلك الأولاد، لو تركت الصلاة فى
المسجد لأبقى معهم لأنهم فى الثانوية أو غير ذلك هل بقاءك معهم هو الذى
سينجحهم؟من الجائز أن يكون دعاءك لهم هو سبب التوفيق لهم لأن الإمتحانات
توفيق فكما أن أولادك يريدون منك أن تتابعهم كذلك يريدون منك أن تكون على
صلة بالله حتى تدعو لهم لأن الدعاء أزكى لهم وأنفع وإذا أردتهم أن يكونوا
صالحين حتى عندما تنتقل إلى الله يبقى لك ولد صالح يدعو لك كذلك نجد الآن
انتشار المدارس والكليات الأجنبية والناس تُدخل أولادها فيها إذا كانوا
سيذهبون إلى هذه المدارس أو الكليات وسيحافظون على الدين فلا بأس لكن إذا
لم يحافظوا على الدين وفهموا أنه لا مانع من صداقة المسلم للمسيحية
والمسلمة للمسيحى وتعلموا العلمانية البحتة لأنه ليس هناك ناحية دينية من
بعيد أو قريب فى هذه الأماكن- إلا شكايات لا طائل منها- ، فهنا أكون قد
قصرت فى حقهم، حتى لو تخرج واشتغل فى أرقى المناصب لأنى ضيعت عليه الدين
وأنا المسئول الأول لقول رب العالمين {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ
وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ
وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }فالأساس كله أن أوفيهم وأوفى لهم الناحية
الدينية ولا يضيعونى لإرضاء رغباتهم أن أكسب من الحرام كأخذ الرشاوى أو
الحصول على أشياء ينكرها شرع الله لأكفى لهم حاجاتهم المؤمن يمشى على قدر
وسعة الحلال الذى أحله له ذو الجلال والإكرام قال النبى{إذا كان يوم
القيامة يشكو أهل الرجل الرجل إلى الله يقولون: يا ربنا خذ لنا بحقنا من
هذا فيقول رب العزة: وما ذاك؟ فيقولون: كان يطعمنا من الحرام ولم يعلمنا
أحكام ديننا }[9]إذن أنت مطالب أمام أولادك بشيئين، أولهما الحرص على أن
تكون كل طلباتهم من الحلال، وثانيهما أن أربيهم على الخلق والدين، حتى أجد
ولد صالح أو بنت صالحة تدعوا لى عندما أفارق الدنيا وأكون بين يدى رب
العالمين، إذا هاجر الإنسان من هذه الأمور إلى أعمال الآخرة وبضاعة
الآخرة{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} فهذه هجرة
عالية وهناك هجرة أعلى منها وهى أن يهاجر من الكونين إلى مكون الأكوان وهى
الهجرة بتوفيق الله من الدنيا والآخرة إلى وجه الله فهى هجرة قلبية أى
بالنية أى أن الإنسان لا يقصد عند نية أى عمل دنيا كالشهرة والسمعة
والرياء، ولا يقصد به ثواب ولا جنات فى الآخرة، ولكن يقصد به وجه الله،
وهذه المعاملة الأعلى التى ذكر الله فيها أهل الصُفة وقال فيهم لحبيبه
ومصطفاه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}عملهم
كله طلباً لوجه الله، وهذه المعاملة الأجمل والأكمل والأعلى، وهى هجرة
الأفراد الذين فروا إلى الله {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم
مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}إذن يجب على الإنسان فى بداية كل عام هجرى أن
يراجع هجرته لينظر ماذا فعل فيها ويرجع مرة أخرى ليهاجر من جديد فلو هجرت
فى كل عام خُلُقاً سيئاً واحداً ولم تعد إليه أبداً ياهناك فلو هجرت فى
عام الكذب مثلاً ولم أعد إليه مرة أخرى ثم هجرت خلقا آخر وهكذا فسيأتى يوم
أكون تخلقت فيه بأخلاق الحبيب: (فحافظ على منهج المختار فى العقد تنسق)
ويدخل فى{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}لكن من يترك
نفسه هملاً لا يراجع أخلاقه ولا أعماله ولا نياته فهذا سيندم وعند نفَسه
الأخير سيقول {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ}فلابد
للإنسان أن يراجع سلوكياته وأخلاقه ونواياه وطواياه وأعماله وأحواله حتى
يزنها بميزان رسول الله



[1] سنن البيهقي الكبرى عن عبدالله بن عمر



[2] ورد في جامع المسانيد والأحاديث وللحاكم في تاريخهِ عن عليّ وعن ابنِ
عمروٍ (أَبو نعيم ) في الطُّب عن عائشةَ (الْخرائطي في اعتِلاَلِ الْقلوب
) عن أَبي سعيدٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمْ



[3] مسند الإمام أحمد عن أبى هريرة.



[4] صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما ،ونص الحديث: «لاَ
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ
كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ
حَسَنا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: «إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ
الْجَمَالَ. الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ»



[5] جامع العلوم والحكم.



[6] رواه مسلم في الصحيح عن أبي عمار.



[7] صحيح ابن حبان عن عمرو بن العاص

.

[8] ابن عساكر ، عن المقدام بن معد يكرب رضيَ اللَّهُ عنهُ (ز).



[9] تفسير روح البيان وإحياء علوم الدين –كتاب آداب النكاح-.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثانى اثنين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حديث بين اثنين لاغاضة مسلم
» شرح مصور لاضافه هارد ثانى للجهاز من نوعيه ATA

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اهل الحق :: منتديات إسلامية :: إسلاميات عامة-
انتقل الى: