[center]سورة الفرقان - افلا يتدبرون القرآن
*تناسب خواتيم النور مع فواتح الفرقان*
في آخر سورة
النور قال (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ
يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ
فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64))
وفي أوائل الفرقان
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ
لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي
الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)) ألا إن لله
ما في السموات والأرض الذي له ملك السموات والأرض يعني له ملكهما وما
فيهما.
سؤال: قد يقول قائل أنه ربما يكون في هذا تكراراً؟ هذا ليس تكراراً أولاً
ثم إن هذا أمر عقيدة يركزها ويركز ظواهرها، في أواخر النور قال (لله ما في
السموات والأرض) له ما فيهما وفي الفرقان
(له ملك السموات والأرض) له ملكهما فقد تملك شيئاً لكن لا تملك ما فيه فقد
تملك داراً ويستأجرها منك أحد فأنت تملك الدار لكنك لا تملك ما فيها وليس
بالضرورة أن تملك داراً وتملك ما فيها كونه يملك السموات والأرض ليس
بالضرورة أنه يملك ما فيهما ولذلك أكد القرآن
أنه له ملك السموات والأرض وله ما فيهما ولا يكتفي بإطلاق الملك فقط بأنه
يملك السموات والأرض حتى في حياتنا نملك الظرف ولا نملك المظروف ونملك
المظروف ولا نملك الظرف، إذن هو ذكر أمرين: ذكر له ملك السموات والأرض
وذكر لله ما في السموات والأرض الأمران مختلفان فله ملكهما وله ما فيهما.
في آخر النور قال (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)) هذا
إنذار وفي أول الفرقان
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ
لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)). وفي آخر النور قال (وَاللَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)) وفي أول الفرقان
(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)) الذي يخلق كل شيء
ويقدره هو بكل شيء عليم، والله بكل شيء عليم خلق كل شيء فقدره تقديراً.
**هدف السورة: سوء عاقبة التكذيب**
سورة الفرقان سورة
مكيّة وقد سميّت بهذا الإسم لأن الله تعالى ذكر فيه الكتاب المجيد الذي
أنزله على عبده ورسوله محمد وكانت النعمة الكبرى على الإنسانية وهو الذي
فرق الله تعالى به بين الحق والباطل والكفر والإيمان فاستحق هذا الكتاب
العظيم أن يسمّى الفرقان وتسمى السورة بهذا الإسم تخليداً لهذا الكتاب الكريم. والسورة تدور آياتها حول إثبات صدق القرآن وبيان سوء عاقبة المكذّبين به.
والآيات في هذه السورة تسير بسياق متميّز فتبدأ بآيات فيها ما قاله
المكذبون (وقالوا) ثم تأتي آيات تهدئة الرسول وتعقيب على ما قالوا، ثم
تأتي آيات تتحدث عن عاقبة التكذيب ويستمر هذا السياق إلى في معظم آيات
السورة الكريمة. وهذا التسلسل والسياق في الآيات مفيد جداً للمسلمين في كل
زمان ومكان لأنها تعرض عليهم عاقبة التكذيب فيرتدعوا عن التكذيب بالفرقان
وبدين الله الواحد.
الآيات من 4 (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ
افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا
وَزُورًا) إلى 9 (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا
فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) تعرض ما قاله المكذبون، ثم تأتي آيات
التهدئة للرسول الكريم (تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا
مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ
قُصُورًا) آية 10 ثم آيات اظهار عاقبة التكذيب (بَلْ كَذَّبُوا
بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا
رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا *
وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا
هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا
ثُبُورًا كَثِيرًا ) من الآية 11 إلى 14 . ثم يتكرر السياق نفسه (وَقَالَ
الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا
الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ
وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا)آية 21 ثم عاقبة التكذيب (وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ
الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ
الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) الآيات 27 إلى 29، وآيات
التعقيب(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا
الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) آية 30 والطمأنة للرسول (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ
يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) آية 24. وكذلك في
الآية32 (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ
جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ
تَرْتِيلًا) ثم التهدئة للرسول (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا
جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) آية 33 ثم عاقبة التكذيب
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ
شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا) آية 34. وهكذا حتى نصل إلى آية
محورية في هذه السورة (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) آية 43 وهي تعرض لماذا يكذب
المكذبين؟ لسبب واضح جليّ هو أنهم يتّبعون أهواءهم فالمشكلة إذن تكمن في
اتّباع الهوى وهذا هو أساس تكذيب الناس للحق.
بعد كل الآيات التي عرضت للتكذيب بالقرآن، تأتي آيات إثبات قدرة الله
تعالى في الكون وقد نتساءل لماذا تأتي هذه الآيات الكونية هنا في معرض
الحديث عن التكذيب؟ نقول إنه أسلوب القرآن
الكريم عندما يشتّد الأذى على الرسول وعلى المسلمين تأتي الآيات الكونية
تطمئنهم أن الله الذي أبدع في خلقه ما أبدع وخلق الخلق والأكوان كلها قادر
على نصرتهم فكما مدّ الله تعالى الظل للأرض سيمدّ تعالى الظلّ للمؤمنين
ويذهب عنهم ضيقهم والأذى الذي يلحقهم من تكذيب المكذبين فسبحان الله
الحكيم القدير (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ
شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)
آية 45. وفي استعراض هذه الإشارات الكونية تبدأ الآيات بجوّ السكينة أولاً
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا
وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا * وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ
بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء
طَهُورًا) آية 47 و48. فاختيار الآيات مناسب لمعنى الطمأنة التي أرادها
تعالى لرسوله وهي تخدم هدف السورة تماماً.
ثم تنتقل الآيات من تكذيب المكذبين بالقرآن إلى ما هو أعظم وهو التكذيب
بالرحمن سبحانه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا
وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا)
آية 60، والرد على هؤلاء المكذبين بالرحمن يأتي بصيغة هي غاية في العظمة
فالله تعالى ردّ عليهم بعرض صفات عباد الرحمن (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ
الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ
الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) آية 63 إلى (خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ
مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) آية 76، ولم يعرض صفاته جلّ وعلا، فهم لا
يستحقون الرد على سؤالهم من الرحمن؟ فكأنما يقول لهم أن هناك أناس أمثالكم
لكنهم صدقوا القرآن
وآمنوا بالله الرحمن وعبدوه حق عبادته فاستحقوا وصفهم نسبة إليه سبحانه
نسبة تشريف وتكريم بعباد الرحمن. وفي صفات الرحمن صفة هامة هي دعاؤهم بأن
يكونوا للمتقين إماماً وهكذا يجب أن يكون المسلم إماماً وقدوة لغيره من
الخلق لأنه على الحق القويم وعلى الصراط المستقيم. وتختم السورة بآية
تلّخص فيها رد الله على هؤلاء المكذبين (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي
لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) آية
77.
وقد قال القرطبي: وصف الله تعالى عباد الرحمن بإحدى عشرة خصلة هي أوصافهم
الحميدة من التحلي، والتخلي وهي التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك
الإسراف والإقتار، والبعد عن الشرك، والنزاهة عن الزنى والقتل، والتوبة،
وتجنب الكذب، وقبول المواعظ، والابتهال إلى الله. ثم بيّن جزاءهم الكريم
وهو نيل الغرفة أي الدرجة الرفيعة وهي أعلى منازل الجنّة وأفضلها أعلى
مساكن الدنيا.
***من اللمسات البيانية فى سورة الفرقان***
آية (1):
* ما خصوصية استعمال القرآن لكلمة القرآن والفرقان (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) يوسف) وفي الفرقان (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الفرقان)؟ (د.فاضل السامرائى)
الفرقان هو الفارق بين الحق والباطل والتوراة يسمى فرقاناً والقرآن يسمى
فرقاناً والكتب السماوية فرقان. والله تعالى يقول (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) البقرة) البعض
يقول الفرقان
هي المعجزات، الكتاب التوراة والفرقان المعجزات وإما قالوا الكتاب
والفرقان يقصد التوراة نفسها. نقول هذا أبو حفص وعمر، (فَلَا يَخَافُ
ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) طه) الظلم هو الهضم. هذا الأصل وليس القاعدة
المطلقة. يقولون الكتاب والفرقان الكتاب التوراة والفرقان المعجزات
ويقولون الكتاب والفرقان هو نفس الكتاب التوراة وأضاف ذكر كلمة الفرقان
كون هذا الكتاب فرقان، أضاف شيئاً آخر لكلمة الكتاب. (تَبَارَكَ الَّذِي
نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا
(1) الفرقان) القرآن، (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ
اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً (29) الأنفال) هم مؤمنون يجعل لكم
فرقاناً وعندها ستميز بين الحق والباطل وتعرف ما يصح وما لا يصح "دع ما
يريبك إلى ما لا يريبك" البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب. القرآن هو الإسم العلم على الكتاب الذي أنزل على محمد واسم الكتاب الذي أنزل على محمد القرآن وهذا القرآن فرق بين الحق والباطل إذن القرآن فرقان والإنجيل فرقان والتوراة فرقان والمعجزات فرقان تفرق بين الحق والباطل. (وقرآناً فرقناه) هذا يعني منجّماً.
*ما الفرق بين(مَا اتَّخَذَ) و(لَمْ يَتَّخِذْ) ؟ (د.فاضل السامرائى)
(ما) في الغالب تقال للرد على قول في الأصل يقولون في الرد على دعوى، أنت
قلت كذا؟ أقول ما قلت. أما (لم أقل) قد تكون من باب الإخبار فليست
بالضرورة أن تكون رداً على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل)
بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل). حضر لم يحضر، ما حضر نفي لـ قد حضر
(يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ
(74) التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ولا ولدا، لم يتخذ قد تكون من
باب الإخبار والتعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى
عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ
شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2)
الفرقان) هذا من باب التعليم وليس رداً على قائل وليس في السياق أن هناك
من قال وردّ عليه وإنما تعليم (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ
عَلَى عَبْدِهِ) يخبرنا إخباراً . بينما نلاحظ لما قال في محاجته للمشركين
(ما اتخذ الله من ولد) هم يقولون اتخذ الله ولد (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن
وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ
بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا
يَصِفُونَ (91) المؤمنون). لما رد على المشركين وقولهم قال (ما اتخذ).
آية (6):
** ما الفرق بين قوله تعالى (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (4))الأنبياء، وقوله تعالى(قُلْ أَنْزَلَهُ
الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (6))الفرقان؟؟
(د.فاضل السامرائى)
السماء كلمة واسعة جدا قد تكون بمعنى السحاب أو المطر أو الفضاء أو السقف .
قال تعالى: " قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:6)
وقال: "ربي يعلم القول في السماء والأرض" لأن القول أوسع من السر، فهو قد
يكون سرا وقد يكون جهرا فهو أوسع من السر والسر جزء منه.
فلما وسع قال (القول) وسع وقال (في السماء). ولما ضيق وقال (السر) قال (السموات).
*ما الفرق بين أنزلناه وأُنزل إليك بالبناء للمجهول؟(د.فاضل السامرائى)
المعروف في النحو واللغة أن المُسنَد إليه هو المتحدَّث عنه والمُسنَد هو
المتحدث به عنه. من المسنَد إليه الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر وما
أصله مبتدأ وخبر، من المسنَد إليه بالذات الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ.
إذا أراد الحديث عن نائب الفاعل بنى الفعل للمجهول وإذا أراد الحديث عن
الفاعل ذكره. عموم الكلام ماذا يريد المتكلم؟ هل الكلام عن الفاعل أو عن
نائب الفاعل؟. ما ورد في الأعراف (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا
تَذَكَّرُونَ (3)) (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) إذن الكلام عن الكتاب
والكلام عن الكتاب يبدأ بالسورة (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ
فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى
لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) فإذا كان الكلام على الفاعل ذكر الفاعل وإذا كان
الكلام عن نائب الفاعل ذكره. مثال (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ
السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
(6) الفرقان) يتكلم عن الله، ذكر الكتاب في (أَنزَلَهُ) لكن الكلام عن
الفاعل عن المنزِل لا عن المنزَل (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ
السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
(6) الفرقان). (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ
(285) البقرة) بماذا يؤمن؟ بالكتاب. (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ
الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2)
الزمر) (إِنَّا أَنزَلْنَا) الكلام عن الله وليس عن الكتاب. فإذن هناك إذا
كان الكلام عن نائب الفاعل يبنيه للمجهول. أليس هناك فرق بين (كِتَابٌ
أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)؟ (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) الكلام عن
الكتاب لكن يذكر من المنزِل فيما بعد لتعظيم الكتاب ليس للكلام عن الفاعل
وإنما لتعظيم الكتاب، (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من أنزله؟ الله، إذن
(أنزل إليك من ربك) هذا استكمال لتعظيم الكتاب.
سؤال: إذن البناء للمجهول له أغراض؟.
طبعاً له أغراض، عن ماذا تريد أن تتحدث؟ هذا من البلاغة والبيان يركز على
ما يريد التحدث عنه. حتى إذا ورد الفاعل فهو لغرض ما يتعلق بالكتاب يعني
بنائب الفاعل أيضاً وليس بالفاعل لكن بما يأتي بالغرض في هذا السياق حسب
الحاجة وحسب ما يريد المتحدث أن يتحدث عنه.
آية (17):
* في سورة الفرقان لماذا وردت كلمة السبيل مرة واحدة وست مرات سبيلاً مع أن الفاصلة القرآنية في السورة مطلقة ؟(د.حسم النعيمى)
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ
أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ
(17)
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9)
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)
إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا
عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ
سَبِيلًا (42)
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57)
هذا كلام يتعلق بما قلناه في سورة
الأحزاب وقلنا أن الفاصلة ليست مرادة لذاتها ولكنها تأتي التقاطاً واللفظ
هو المطلوب فهي تأتي في المرتبة الثانية بعد المعنى المُراد (كما سبق
وذكرنا في سورة
الضحى في استخدام وما قلى في الآية (ما ودعك ربك وما قلى) ولم يقل قلاك
وذكرنا أنه ليس من المناسب أن يذكر ضمير المخاطب الكاف مع فعل قلى في حق
الرسول ) واستدللنا على ذلك فيما ذكرنا في الآية الرابعة من سورة
الأحزاب وقلنا أنه ضحي بالفاصلة من أجل المعنى (والله يقول الحق وهو يهدي
السبيل) مع ان جميع الآيات مطلقة في السورة وقلنا لأن كلمة السبيل عندما
تقف عليها تقف على السكون والسكون فيه معنى الاستقرار والسكون و السبيل
المعروف هو الاسلام. عندما تأتي كلمة السبيل بالألف واللام وهي لم ترد في القرآن إلا في ثلاثة مواضع منها الآية في سورة الفرقان
محل السؤال (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا
السَّبِيلَ (17)) والسبيل هنا يعني سبيل الاسلام (أل) مع سبيل تعني
الاسلام والآيات الست الأخرى في سورة الفرقان
ليس فيها أل: ثلاث منها ليس فيها مجال إلا أن تُنصب والمنصوب في الآخر
يُمدّ لأنه جاءت تمييزاً آخر الآية منصوب فمُدّت الفتحة (أَمْ تَحْسَبُ
أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)) تمييز(الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا
وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)) تمييز (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ
آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ
يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42)) تمييز وفي الآية
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)) لم يأت بـ(أل) وجاء بكلمة سبيل
منكرة وهنا حتى يشير الى أي سبيل يعني يتمنى لو اتخذ مع الرسول سبيلاً أي
سبيل: سبيل المجاهدين، سبيل المنفقين، سبيل الملتزمين بالفرائض، سبيل
المحافظين على النوافل، أو غيرهم وكلها تصب في سبيل الله. وعندما قال
سبيلاً جعله نكرة بما يضاف اليه. وعندما يقول السبيل فهو يعني الاسلام
خالصاً فالظالم يعض على يديه يتمنى لو اتخذ مع الرسول أي سبيل منجي له مع
الرسول وليس سبيلاً محدداً. والآية الأخرى (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ
الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9)) ايضاً لا
يستطيعون أي سبيل خير أو أي سبيل هداية.
نلاحظ ان الآيات الأخرى :
1. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ
يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)
النساء
2. وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ
أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ
(17) الفرقان
3. مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا
جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ
وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ
بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
(4) الاحزاب
آية سورة
النساء كلمة السبيل في نهاية الآية تعني الاسلام وكل ما قبلها وبعدها جاءت
مطلقة إلا هذه. وعندما نقول السبيل فهي تعني المستقر الثابت وكذلك السبيل
في آية 17 في سورة الفرقان وآية 4 في سورة الأحزاب . وذكرنا أنه وردت كلمة السبيل مرة بالاطلاق في سورة
الأحزاب (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا
فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)) (سبيلا) بالألف واللام والاطلاق بخلاف
الآيات الثلاث وقلنا في وقتها أنهم في وضع اصطراخ فهم يصطرخون في النار
فحتى كلامهم عن السبيل جاء فيه صريخ وامتداد صوت. هذه هي الأماكن فقط أما
الأماكن الأخرى فجاءت كلمة السبيل بدون اطلاق ولن نجدها إلا عند الوقف
مستقرة لأنه يراد بها الاسلام.
*عباد القهر سماهم عبيد وعباد الاختيار والمحبة لله سماهم عباد؟(د.فاضل السامرائى)
هذا غير دقيق، اسمع إلى هذه الآية (أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي
هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان) استعمل عبادي في
الضالين، هذا على معنى العبدودية للعموم. كلهم عباد لله فليست هذا وإن كان
الكثير يقولون العبيد عامة.
آية (19):
*ما الفرق بين المسّ والإذاقة في القرآن؟(د.فاضل السامرائى)
الذوق والمس يأتي للضر وغير الضر، الذوق هو إدراك الطعم والمسّ هو أي
إتصال. أما كون المس يأتي مع الشر فغير صحيح لأن المس يأتي مع الرحمة
أيضاً (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ
مَنُوعًا (21) المعارج) (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (120) آل
عمران) (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ
وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ (17)
الأنعام) وكذلك الإذاقة تأتي مع العذاب ومع الرحمة (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ (21) السجدة) (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا
رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا (48) الشورى) (وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ
عَذَابًا كَبِيرًا (19) الفرقان) ليس هنالك تقييد في الاستعمال.
آية (31):
*الهداية والضلالة: (د.فاضل السامرائى)
فعل الهداية والضلالة: (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ
اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم) (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا
وَنَصِيرًا (31) الفرقان) (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ
رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)
المائدة)
الهداية جاءت بالاسم والفعل أما الضلالة فجاءت بالفعل (ويضل الله من هو
مسرف مرتاب) أما في الحديث عن الشيطان (إنه عدو مضل) (إنه يضل) (لأضلنّهم)
صفة الله تعالى الثابتة والمتجددة هي الهداية (وكفى بربك هادياً ونصيرا)
وهو يهدي حالته الثابتة والمتجددة هي الهداية ولا يضل إلا مجازاة للظالم.
أما صفة الشيطان الثابتة والمتجددة هي الإضلال فجاءت مضلّ بالاسم الثابت
وبفعل التجدد. ولم يقل تعالى عن نفسه مُضلّ وإنما قال (يُضل الله
الظالمين) مجازاة لهم.
آ
* ما الفرق بين نزّل وأنزل؟ (د.فاضل السامرائى)
قسم غير قليل يفرق بينهما أنه نزّل تفيد التدرج والتكرار وأنزل عامة
ويستدلون بقوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً
لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) آل
عمران) وقالوا لأن القرآن
نزل منجماً مفرقاً والتوراة والانجيل أنزلتا جملة واحدة فقال أنزل. ردوا
التدرج بقوله تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ
الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان)لأن أنزل عامة سواء كان
متدرجاً أو غير متدرجاً، كلمة أنزل لا تختص بالتدرج ولا بدون تدرج. السؤال
يقولون الإنزال عام لا يخص التدرج أو غير التدرج لكن التنزيل هو الذي يخص
التدرج، نزّل الذي فيه التدرج (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ (1) القدر) أنزلناه من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة
واحدة، هناك مراحل لنزول القرآن
الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل منجماً. ردوا التدرج في
نزّل التدرج في نزّل وقالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ
عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (32) الفرقان) هذا ليس فيه تدريج
(لولا هنا من حروف التحضيض). لكن الذي يبدو أن الفرق بين نزّل وأنزل أنه
نزّل تفيد الاهتمام نظير وصى وأوصى وكرّم وأكرم ففي المواطن التي فيها
توكيد واهتمام بالسياق يأتي بـ (نزّل) والتي دونها يأتي بـ (أنزل). نضرب
أمثلة: قال تعالى في الأعراف (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن
رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء
سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن
سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71)) وقال
في يوسف (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا
أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ
الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
(40)) وقال في النجم (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ
وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن
رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23)). ننظر السياق في الأعراف فيها محاورة شديدة حيث
قال (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ
يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ
الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ
وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ
وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا
إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)) فيها تهديد، كلام شديد من
أولئك كيف تتركنا نترك آلهتنا ونعبد الله فقال (نزّل). في سورة
يوسف قال تعالى (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء
سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن
سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ
إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يَعْلَمُونَ (40)) لم يردّ عليه السجينان وليس فيها تهديد إذن الموقف
يختلف عن آية سورة
الأعراف فقال أنزل. في النجم (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)
وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ
الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا
أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى
الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)) لم يردّوا
عليه ولم يكن هنالك محاورة ولا تهديد، إذن الأشد (نزّل)، هذا أمر. إذن
نزّل آكد وأقوى في موطن الاهتمام أشد من أنزل.
آ
آية (54):
* ما معنى قوله تعالى في سورة الفرقان (فجعله نسباً وصهرا(54))؟(د.حسام النعيمى)
نوع من مِنّة الله سبحانه وتعالى على هذا الإنسان يجعله إنساناً
إجتماعياً, هناك أمور الإنسان قد لا يلقي لها بالاً لكن لو تدبرها وتدبر
فيها سيجد قدرة الله سبحانه وتعالى وسيسجد لله تعالى مؤمناً به. الله
تعالى خلق الإنسان ليكون ذا مجتمع وذا قيم وذا مُثُل. الحيوانات جميعاً
تتناسل وتتكاثر ولو سألت أي طبيب بيطري : هل البقرة التي تولد عندها
بكارة؟ الأغنام وكل الحيوانات؟ وهذا المخلوق الذي يمشي على رجلين لماذا
الأنثى لديها بكارة؟ تعرف إن عاشرها رجل أو لم يعاشرها؟ أليس معناه أنه
يريد أن يكون هناك قيم إجتماعية؟ الله تعالى خلق هذا الإنسان (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات)
يتعارف الناس ويعرف أن هذا رجل من الجزائر أو من مصر أو العراق أو
الإمارات.
خلق من ماء أصل الإنسان من طين والماء مرحلة بعد ذلك الخلق كله من الماء.
في الحديث لما سُئل رسول الله في أول الإسلام: هل إذا عاشر الرجل أهله
ولم يُنزِل عليه غُسل؟ أول الإسلام ما كان عليه غُسل وكان يقول إنما الماء
من الماء يعني تغتسل إذا نزل الماء ثم بعد ذلك صار إذا جلس الرجل بين
شعابها الأربع ثم جهدها وجب عليه الغسل أنزل أو لم يُنزِل لذلك لا ينبغي
أن يكون الإنسان شيخ نفسه يقرأ في كتاب ويصير شيخاً لا بد أن يدرس على شيخ
مفتي فقيه من كبار العلماء فقد يقول أحدهم الحديث الأول في البخراي فنقول
الحديث الأول نسخه الحديث الثاني.
(نسباً وصهراً) النسب هو قرابة التناسل قرابة بيني وبين فلان أخي، أبي،
عمي، (وصهرا) قرابة الزواج. وفي الحديث: "إغتربوا ولا تضووا" والعلم
الحديث يقول أن زواج الأقارب قد يؤدي بمرور الوقت إلى نوع من الأمراض
والعوّق، من أعلَم محمداً بهذا؟
الصِهر سواء كان أقارب الزوجة أو أقارب الزوج، العربية وضعت للأقارب من
جهة الزوج الحمو والأحماء (أحماء جمع حمو) هي تنظر لأقارب زوجها هم
أحماؤها، أقارب الزوجة من جهة زوجها أحماء وأقارب الزوج من جهة زوجه
الأختان (حمع خَتْن) أي أقاربه من جهة الزوجة ويجمع الإثنان بكلمة الأصهار
كأنه صُهِر الإثنان في لفظ واحد. فالله سبحانه وتعالى يمنّ على هذا
الإنسان بحياته الإجتماعية: علاقات النسب وعلاقات القرابة التي هي ليست
حقيقية وإنما قرابة زواج، تكون هناك علاقات إجتماعية وتقارب والإسلام يحرص
على تآزر المجتمع والأمة تكون متقاربة، حتى الجيران كما جاء في الحديث: "
ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثّه" وللأسف حياتنا
الإجتماعية الآن أنت تسكن في شقة لا تعلم من جارك فيها وهذا ليس من طبيعة
المجتمع المسلم.
بشر: إسم جنس، هذا الجنس يسمونه بشر إشارة إلى البشرة كأنه ذو بَشَرة بالفتح وليس بالسكون (بشْرة).
(فجعله نسباً وصهرا) بعضهم لبعض، بعضهم ينتسب لبعض وبعضهم يتصاهر على بعض
وقدّم النسب على المصاهرة لأن قرابة النسب أقرب من قرابة المصاهرة فأنت
أقرب لأبيك وأخيك من قرابتك لأهل زوجتك وهكذا زوجتك بالنسبة لأقربائك.
آية (57):
* (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ
(90) الأنعام) تتكرر في القرآن وتأتي (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ (57) الفرقان) فمتى تأتي (من أجر) ومتى تأتي (أجراً)؟ (د.فاضل السامرائى)
من حيث اللغة (تسألهم عليه من أجر) آكد من (لا أسألكم عليه أجراً) لأنها
دخلت (من) الإستغراقية على الأجر، دخلت على المفعول به تفيد استغراق النفي
وهي مؤكدة. نظهر المفهوم النحوي أولاً ثم نضعها في موضعها، إذن من حيث
التركيب اللغوي من دون وضعها في مكانها (من أجر) آكد من (لا أسألكم عليه
أجراً) لوجود (من) الاستغراقية. يبقى لماذا وضعت كل واحدة في مكانها؟ إذن
عندنا الحكم النحوي ثم لماذا وضعت؟ هذا سؤال بياني. آية الأنعام التي ليس
فيها (من) آية واحدة ليس قبلها شيء في التبليغ ولا في الدعوة أما في سياق
الدعوة والإنكار يستوجب التوكيد، هذا أمر، الأمر الآخر (قُل لاَّ
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ
(90) الأنعام) ذكرى من التذكر (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ
وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) الفجر) (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ
الذِّكْرَى (9) الأعلى) (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ
الْمُؤْمِنِينَ (55) الذاريات) هي نفسها تذكّر أو تدخل في التذكّر. فى سورة
يوسف (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)) الذِكر هو الشرف
والرفعة (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ (44) الزخرف) إذن الذكر
شرف ورفعة والذكرى من التذكر. لما نقول سأرفعك وأعطيك منزلة ومكان أو
تتذكر أيها التي تحتاج توكيد؟ الذي يرفع يحتاج لتوكيد.
آية (59):
* ذكرتم في الحلقة السابقة أنه عندما يذكر (السموات والأرض وما بينهما) لا بد أن يذكر ثلاث ملل لكن في سورة الفرقان
ذكر (وما بينهما) (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)) مع أنه لم يذكر الملل الثلاث؟
(د.فاضل السامرائى)
كان كلامنا في قوله تعالى (له ملك السموات والأرض وما بينهما) تحديداً
وليس في خلق السموات والأرض وما بينهما. حيث ورد هذا التعبير (له ملك
السموات والأرض وما بينهما) ذكرنا أمرين: إما أن يكون تعقيباً على ذكر ما
لا يليق في الله تعالى من الصفات أو ذكر ثلاث ملل اليهود والنصارى
والمسلمين وهي ثلاثة: السموات، الأرض، ما بينهما، هذا تناظر أدبي بياني.
إذن ليس الموضوع خلق السموات والأرض وما بينهما وإنما فيما تكلمنا فيه (له
ملك السموات والأرض وما بينهما) تحديداً.
آية (60):
* ما الفرق بين استعمال ما و من وما دلالة استعمال ( ما) للعاقل؟ (د.فاضل السامرائى)
(من) لذات من يعقل، للذات، من هذا؟ هذا فلان، من أبوك؟ أبي فلان، من أنت؟
أنا فلان. إذن (من) لذات العاقل سواء كانت إسم استفهام أم شرط أم نكرة
موصوفة أم إسم موصول. (ما) تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟
هذا حصان، ما تأكل؟ آكل كذا. وتستعمل لصفات العقلاء، الذات أي الشخص
الكيان. (ما) تستخدم لذات غير العاقل ولصفات العقلاء. لذات غير العاقل مثل
الطعام (أشرب ما تشرب) هذه ذات وصفات العقلاء مثل تقول من هذا؟ تقول خالد،
ما هو؟ تقول تاجر، شاعر. (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء
(3) النساء) عاقل، صفة، أي انكحوا الطيّب من النساء. (ما) تستخدم لذات غير
العاقل وصفاتهم (ما لونه؟ أسود) ولصفات العقلاء (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
(7) الشمس) الذي سواها هو الله. مهما كان معنى (ما) سواء كانت الذي أو
غيره هذه دلالتها (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (3) الليل) من
الخالِق؟ الله هو الخالق. إذن (ما) قد تكون لصفات العقلاء ثم قد تكون
للسؤال عن حقيقة الشيء (قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ (60) الفرقان) يسألون
عن حقيقته، فرعون قال (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) الشعراء) يتساءل عن
الحقيقة. وقد يؤتى بها للتفخيم والتعظيم (الْقَارِعَةُ (1) مَا
الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) القارعة)
(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) الواقعة) تفخيم
وتعظيم سواء كان فيما هو مخوف أو فيما هو خير، عائشة قالت أبي وما أبي؟
ذلك والله فرع مديد وطود منيب. فلان ما فلان؟ يؤتى بها للتفخيم والتعظيم
(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) الواقعة)
(وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) الواقعة) ماذا
تعرف عن حقيقتهم؟ التعظيم يكون في الخير أو في السوء أو ما يصيبه من
السوء، قال ربنا عذاب عظيم وقال فوز عظيم قال عظيم للعذاب والفوز. النُحاة
ذكروا هذه المعاني لـ (ما) في كتب النحو والبلاغة.
آية (62):
*ما الفرق بين استعمال كلمة (شكورا) و (شكرا)؟(د.فاضل السامرائى)
الشكور تحتمل الجمع والإفراد في اللغة وهي تعني تعدد الشكر والشكر في
اللغة يُجمع على الشكور ويحتمل أن يكون مفرداً مثل القعود والجلوس، وفى
آية الإنسان الجمع يدل على الكثرة أي لا نريد الشكر وإن تعدد وتكرر
الإطعام باعتبار الجمع.
وقد استعمل القرآن الكريم كلمة الشكور في الحالتين وإذا اردنا الشكور مصدراً فهو أبلغ من الشكر واستعمال المصادر في القرآن عجيب والذي يُقوي هذه الوجهة استعمال الشكور لما هو أكثر من الشكر. ولقد استعملت كلمة الشكور في القرآن مرتين في هذه الآية فى سورة الإنسان (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9}) وفي آية سورة الفرقان
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ
أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {62}) فقط واستعمل الشكر مرة واحدة
في قصة آل داوود (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ
وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ
دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13}سبأ) ومن
ملاحظة الآيات التي وردت فيها كلمتي الشكور والشكر نرى أن استعمال الشكر
جاء في الآية التي خاطب بها تعالى آل داوود وهو قلّة بالنسبة لعموم
المؤمنين المخاطبين في سورة الفرقان أو في سورة
الإنسان التي فيها الإطعلم مستمر إلى يوم القيامة والشكر أيضاً سيمتد إلى
يوم القيامة ما دام هناك مطعِمين ومطعَمين. إذن هو متعلقات الشكر في هاتين
الآيتين أكثر من متعلقات الشكر في قصة آل داوود. وفي سورة الفرقان
قال تعالى (لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكورا) وكلمة (يذّكّر) فيها
تضعيفين فالذي يبالغ في التذكر هو مبالغ في الشكر فيبدو والله أعلم أن
استعمال الشكور أبلغ من استعمال الشكر في آية سورة الإنسان.
آية (63):
*ما الفرق بين كلمتي عباد وعبيد في القرآن؟ (د.فاضل السامرائى)
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة فيزدادون تشريفاً فيقال عباد الله كما ورد في سورة الفرقان
(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63})، أما كلمة عبيد
فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً وعادة تضاف إلى الناس والعبيد تشمل
الكل محسنهم ومسيئهم كما ورد في سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29}). العبد يُجمع على عباد وتاعبد يُجمع على عبيد.
*ما الفرق بين هونا وهُون في القرآن؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الفرقان
(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63}) وقال في سورة
النحل (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ
أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا
يَحْكُمُونَ {59}) الهَون هو الوقار والتؤدة أما الهُون فهو الذلّ والعار.
آية (64):
* في سورة الفرقان
قال تعالى (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64))
كيف يبيتون؟ هل يبيتون أبدانهم في الفراش وأرواحهم في السماء؟ (د.فاضل
السامرائى)
من أحيا شيئاً من الليل بالصلاة كله أو بعضه فقد بات لربه سجداً وقياماً. من قرأ شيئاً من القرآن
في صلاة دخل في هذا وليس بالضرورة أن يحييه كله. المبيت في اللغة قد يكون
جزءاً من الليل وليس معناها النوم وهي أيّ جزء من الليل ولا يشترط أن تبيت
الليل كله ثم هذا أمر فقهي.
آية (70)-(71):
* ما الفرق بين الآيتين في سورة الفرقان
(إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَّحِيمًا (70)) و (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ
إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71))؟ (د.فاضل السامرائى)
في عموم القرآن
إذا كان السياق في العمل يقول (عملاً صالحاً). ننظر إلى السؤال وإلى
السياق الذي وردت فيه الآيات: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا
صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) السيئات هي أعمال غير صالحة والحسنة
عمل صالح (فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) هذه
أعمال سيئة وحسنة. ثم يختم الآية (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)
غفور يغفر الأعمال السيئة. نكمل الآية الأخرى (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ
صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) هذا تائب أصلاً يتوب
إلى الله متاباً وليس هناك عمل، في الآية الأولى الله تعالى يتكلم عن
العمل يبدل سيئاتهم حسنات يبدلها، يغيرها، هذه أعمال سيئة وأعمال حسنة
وكان الله غفوراً رحيماً يغفر لهم الأعمال السيئة. أما في الآية الثانية
ليست في ذلك وإنما في التائب (فإنه يتوب إلى الله متاباً) تلك في العمل:
سيئات وحسنات وغفران للعمل وهذه في التائب ولذلك لما كان السياق في العمل
قال عملاً صالحاً ولما كان السياق في التائب لم يكررها وقال عمل صالحاً
(تاب وعمل صالحاً). إذن لما يكون السياق في العمل يقول عملاً صالحاً كما
في آخر سورة الكهف
أيضاً (مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
(110)) لأنه تكلم عن الأشخاص الذين يعملون أعمالاً سيئة ويكون السياق في
الأعمال (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُ