صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء
رجعت من السفر ولم أكن صليت المغرب ، ودخلت المسجد فوجدتهم يصلون العشاء ،
فهل أصلي العشاء معهم أم أصلي المغرب منفردا ثم أصلي العشاء ؟.
الحمد لله
بل تدخل مع الإمام في الصلاة بنية صلاة المغرب ، ثم تجلس في الركعة الثالثة
وتتشهد ، وتسلم ، ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء ، أو تنتظر
في التشهد حتى يتم الإمام صلاته وتسلم معه ، ثم تصلي العشاء .
وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله ، وأحد القولين عن الإمام أحمد ، وذكر
المرداوي في "الإنصاف" (4/413) أنه اختارها جماعة من أصحاب الإمام أحمد
منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ، وجده المجد ابن تيمية .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/143) :
" ولو نوى الصبح خلف مصلي الظهر وتمت صلاة المأموم ، فإن شاء انتظر في
التشهد حتى يفرغ الإمام , ويسلم معه , وهذا أفضل , وإن شاء نوى مفارقته
وسلم , و(لا) تبطل صلاته هنا بالمفارقة بلا خلاف ، لتعذر المتابعة , وكذا
فيما أشبهها من الصور " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
تأخر المصلون عن صلاة المغرب ، فوجدوا أن الإمام قام إلى صلاة العشاء ، فهل
يصلون المغرب جماعة أم يدخلون مع الإمام ؟ وكيف يكون حالهم في الصلاة ؟
فأجاب :
" الصحيح أن الإنسان إذا جاء والإمام في صلاة العشاء ، سواء كان معه جماعة
أم لم يكن ، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب ، ولا يضر أن تختلف نية
الإمام والمأموم لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) . فإن دخلوا معه في الركعة
الثانية سلموا معه ، لأنهم يكونون صلوا ثلاثاً ، ولا يضر أن يكون جلسوا في
الركعة الأولى ، وإن دخلوا معه في أول ركعة ، فإذا قام إلى الرابعة جلسوا
وتشهدوا وسلموا ، ثم دخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء .
القول الثاني في المسألة : أن يدخلوا معه بنية العشاء ، ويصلوا بعده المغرب ويسقط الترتيب هنا مراعاةً للجماعة .
القول الثالث :
أن يصلوا وحدهم صلاة المغرب ، ثم يدخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء ،
والقولان الأخيران فيهما محذور ، أما الأول فمحذوره فوات الترتيب حيث قدم
صلاة العشاء على صلاة المغرب ، وأما الثاني فمحذوره إقامة جماعتين في مسجد
واحد وفي آن واحد ، وهذا تفريق للأمة .
أما القول الأول الذي ذكرنا أنه الصحيح ، فربما قال قائل إن فيه محذوراً
وهو تسليم هؤلاء قبل أن يسلم إمامهم ، وهذا في الحقيقة ليس فيه محذور ، فقد
ورد انفراد المأموم عن الإمام في مواضع من السُّنَّة ، منها : صلاة الخوف ،
فإن الإمام يصلي بهم ركعة ثم يتمون لأنفسهم وينصرفون .
ومنها : قصة الرجل الذي دخل مع معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فلما بدأ بسورة البقرة أو سورة نحوها انفصل عنه ولم يكمل معه .
ومنها : أن العلماء قالوا : لو أن الإنسان أثناء الصلاة وهو مأموم ثارت
عليه الريح (الغازات) أو احتاج إلى نقض الوضوء ببول أو غائط ، فإنه لا بأس
أن ينوي الانفراد ويكمل صلاته وينصرف ، فهذا يدل على أن الانفراد لحاجة لا
يعتبر محذوراً " انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/425) .
وسئل الشيخ ابن باز : دخلت المسجد وصلاة العشاء قائمة ، وقبل الدخول في
الصلاة تذكرت أنني لم أصل المغرب ، فهل أصلي المغرب ثم أدرك ما أدرك من
العشاء مع الجماعة ، أم أصلي مع الجماعة ثم أصلي المغرب بعد ذلك ؟
فأجاب : " إذا دخلت المسجد وصلاة العشاء مقامة ، ثم تذكرت أنك لم تصل
المغرب ، فادخل مع الجماعة بنية صلاة المغرب ، وإذا قام الإمام إلى الركعة
الرابعة فاجلس أنت في الثالثة واقرأ التشهد الأخير - أعني التحيات والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم - والدعاء بعدها وانتظر الإمام حتى يسلم ثم
تسلم معه ، ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم على الصحيح من أقوال
أهل العلم ، وإن صليت المغرب وحدك ثم دخلت مع الجماعة فيما أدركت من صلاة
العشاء فلا بأس " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (12/189) .
وسئلت اللجنة الدائمة : ما هو العمل عندما ينسى الرجل صلاة الفجر مثلاً ،
ولا يتذكر إلا عندما أقيمت صلاة الظهر ، أو نسي صلاة الظهر ولم يتذكر إلا
عندما دخل وقت صلاة العصر ، هل يدخل مع الإمام بنية الفرض الفائت أم بنية
الوقت الحاضر ، ويقضي بعد ذلك الوقت الفائت ؟
فأجابت : " يصلي الصلاة التي نسيها وراء الإمام ، ولا يضره اختلاف نيته عن نية الإمام على الصحيح من قولي العلماء " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/407)
والله تعالى اعلم