أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
السؤال: هل يعتبر فعل و قول الرسول صلى الله عليه و سلم قبل البعثة سنة مثلا زواجه من خديجة رضي الله عنها ؟
الجواب :
الحمد لله :
الأصل في أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة أنها خارجة عن
السنة التشريعية ، وأنه لا يلزمنا متابعته والائتساء به فيها ، إلا ما جاء
به شرعه ـ بعد البعثة ـ بمشروعيتها ، إما على جهة الوجوب أو الاستحباب ، من
نحو ( الوفاء بالوعد ، وإعانة الملهوف ، وإكرام الضيف، والإعانة على نوائب
الحق ، ونحو ذلك ) فيلزمنا الاقتداء به فيه ؛ لأنه صار شريعة لنا بعد
نبوته، لا لمجرد أنه عليه الصلاة والسلام فعله قبل النبوة ، وعلى هذا فيوجد
في أفعاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ما لا يلزم اتباعه فيه ، إما
لأنه لم يثبت في حقنا تشريعه ، وإما لورود ما ينسخه ويعارضه بعد البعثة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والأمور التي جرت قبل النبوة لا
تذكر للأخذ والتشريع كفعله بعد النبوة , لأن المسلمين أجمعوا على أن الذي
فرض على العباد من الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، والعمل بما جاء به ،
إنما ذلك لما كان بعد النبوة .
ولهذا كان عندهم : من ترك الجمعة والجماعة ، وتخلى في الغيران والكهوف
والجبال ، حيث لا جمعة ولا جماعة ، وزعم أنه يقتدي بالنبي صلى الله عليه
لكونه كان متحنثا في غار حراء قبل النبوة ، فترك ما شرع له من العبادات
الشرعية التي أمر الله بها ورسوله ، واقتدى بما كان يفعل قبل النبوة ـ كان
مخطئا ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالنبوة ، لم يكن
يفعل ما فعله قبل ذلك ، من حيث التحنث في غار حراء أو نحو ذلك .
ولم يكن أحد من أصحابه صلوات الله عليه من بعده ، يأتي لغار حراء، ولا
يتخلفون عن الجمعة والجماعة في الأماكن المنقطعة ، ولا عمل أحد منهم خلوة
أربعينية ، كما يفعله بعض المتأخرين ، بل كانوا يعبدون الله بالعبادات
الشرعية التي شرعها لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ا.هـ من مجموع
الفتاوى ( 18 / 10 ) .
وأما المحدِّثون فإنهم يعتنون بذكر ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في كل
وقت ، ولو كان قبل البعثة ، فهي تدخل في السنة على تعريف المحدثين ، الذين
يعتبرون كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ، فيروونه في كتبهم
بناء على ذلك .
انظر : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام ، للدكتور محمد العروسي ( 149 ) .
والله أعلم .
منقول