كتاب: أخلاق العلماء
عنوان الكتاب: أخلاق العلماء
عنوان الكتاب: أخلاق العلماء
تأليف: محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري (ت: 360هـ)
دراسة وتحقيق: بشير محمد عيون
الناشر: مكتبة دار البيان - دمشق الطبعة الأولى 1423هـ - 2002م
عدد المجلدات: [ 1 ]
عدد الصفحات: [ 191]
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وسلم؛ وبالله أستعين، وحسبي الله ونعم الوكيل.
أما بعد؛ فإن الله عز وجل وتقدست أسماؤه، اختص من خلقه من أحب، فهداهم
للإيمان؛ ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب، فتفضل عليهم فعلمهم الكتاب
والحكمة، وفقههم في الدين، وعلمهم التأويل، وفضلهم على سائر المؤمنين. وذلك
في كل زمان وأوان، رفعهم بالعلم، وزينهم بالحلم، بهم يعرف الحلال من
الحرام، والحق من الباطل، والضار من النافع، والحسن من القبيح.
فضلهم عظيم وخطرهم جزيل، ورثة الأنبياء، وقرة عين الأولياء؛ الحيتان في
البحار لهم تستغفر، والملائكة بأجنحتها لهم تخضع؛ والعلماء في القيامة بعد
الأنبياء تشفع، مجالسهم تفيد الحكمة، وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة؛ هم أفضل
من العُبَّاد، وأعلى درجة من الزهاد, حياتهم غنيمة، وموتهم مصيبة؛ يذكرون
الغافل، ويعلمون الجاهل.
لا يتوقع لهم بائقة، ولا يخاف منهم غائلة، بحسن تأديبهم يتنازع المطيعون،
وبجميل موعظتهم يرجع المقصرون، جميع الخلق إلى عملهم محتاج. والصحيح على من
خالف بقولهم محجاج، الطاعة لهم من جميع الخلق واجبة، والمعصية لهم محرمة.
من أطاعهم رشد، ومن عصاهم عند، ما ورد على إمام المسلمين من أمر اشتبه عليه
حتى وقف فيه، فبقول العلماء يعمل، وعن رأيهم يصدر، وما ورد على أمراء
المسلمين من حكم لا علم لهم به فبقولهم يعملون، وعن رأيهم يصدرون، وما أشكل
على قضاة المسلمين من حكم فبقول العلماء يحكمون، وعليه يعولون.
فهم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة؛ هم غيظ
الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق، وتموت قلوب أهل الزيغ، مثلهم في الأرض
كمثل النجوم في السماء، يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست
النجوم تحيروا؛ وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا.
فإن قال قائل: ما دل على ما قلتَ؟.
قيل له: الكتاب ثم السنة.
فإن قال: فاذكر منه ما إذا سمعه المؤمن سارع في طلب العلم، ورغب فيما رغبه الله عز وجل ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
قيل له: أما دليل القرآن, فإن الله عز وجل قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا
يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ,} [المجادلة: 11].
فوعد الله عز وجل المؤمنين أن يرفعهم، ثم خص العلماء منهم بفضل الدرجات.
وقال عز وجل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ
اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28] فأعلم خلقه أنه إنما يخشاه العلماء
به.
وقال عز وجل: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ
فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا
الأَلْبَابِ,} [البقرة: 269].
وقال عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12].
وقال عز وجل: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ
تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ,} [آل عمران: 79].
وقال عز وجل: {لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ
قَوْلِهِمْ الإِثْمَ} الآية [المائدة: 63] يقال: فقهاؤهم وعلماؤهم.
وقال عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ,} [السجدة: 24].
وقال عز وجل: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ
هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا,} إلى قوله:
{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا,} [الفرقان: 63, 74 ].
قال محمد بن الحسين: وهذا النعت ونحوه في القرآن يدل على فضل
العلماء، وأن الله عز وجل جعلهم أئمة للخلق يقتدون بهم.
1- أخبرنا أبو بكر**, حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، حدثنا
مروان بن عبد الله الرقي، حدثنا فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد في قول
الله عز وجل: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 269] قال: العلم
والفقه.
2- حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي، حدثنا الحسن بن
محمد الزعفراني، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في
قول الله: {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [يوسف: 22] قال: الفقه والعقل
والعلم.
3- أخبرنا أبو بكر، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا
الحسين –يعني ابن حفص- الأصبهاني، حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد
في قول الله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} قال: العقل والفقه
والإصابة في القول في غير نبوة.
4- أخبرنا أبو بكر، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، أخبرنا أبو أمية، أخبرنا
يزيد بن هارون، أخبرنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} قال: الفقه والعقل وإصابة القول
في غير نبوة.
5- أخبرنا أبو بكر، أخبرنا إبراهيم بن موسى الجوزي، أخبرنا يوسف بن موسى،
أخبرنا وكيع، أخبرنا علي بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن
عبد الله، في قول الله عز وجل: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قال: أولو الفقه والخير.
6- أخبرنا أبو بكر، أخبرنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني، أخبرنا الحسين
بن الأسود العجلي، أخبرنا يحيى بن آدم، أخبرنا شريك، عن ليث، عن مجاهد في
قول الله عز وجل: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} قال: الفقهاء والعلماء.
قال: وحدثنا يحيى بن آدم، أخبرنا الفضل بن مهلهل، عن مغيرة، عن إبراهيم مثله.
للاطلاع على الكتاب إليكم الرابط :http://raqamiya.mediu.edu.my/BookRead.aspx?ID=2798