[size=7][size=25]
غريبةٌ تلك الحياة !! تدخلها صغيراً طاهراً نقياً من الذنوب , وتخرج منها
وقد أثقلت كاهلك الذنوب ، الرب فيها بنعمته رباك ، ومن فيض جوده أطعمك
وسقاك , مِن عُريٍ سَتركَ وكساك , من زادِه أكلتَ وشَرِبت , وعلى أرضه
نَشَأت ، وتحت سمائِه درجت .
نِعمُهُ عليك كثيرة ...ظاهرةً وباطنه.... {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها }.
في كل لحظةٍ له عليك امتِنان , وعن كل نَسمةٍ يستحق الشُكران , وأنت عن هذا كله قد غفلت .
تتظاهىر بالغِنى عنهُ وهو الغني عنك ، وتُجاهِرى بالعصيان فيسترك , وتتطاول على محارمه فيمهلك .
تزدادى عنه بعداً وهو دوماً منك قريب ، فسبحانه حين قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }.
فسبحانك ربنا ، ما أحلمك!.
استغفر الله من ذنـب يُؤَرقُنـِــي ......... ويطرُدُ النوم عن عيني ويحزِنُني
استغفر الله كيف الرب أعصِيه ......... ونِعمةٌ منه في الإكرام تغــــمرني
كلنا يذنب ..... ولكن!!!
هناك فرق بين من يذنب فتراه بعد الذنب خائفاً وجِلاً , وبين ذلك الذي يذنب
الذنب ولا يبالي , وربما ذُكر بأن هذا الذنب عصيان لله عز وجل , فإذا به
يجعل الله أهون الناظرين إليه والعياذ بالله .
أختي في الله : قبل أن تفكرى في الذنب فكرى من
هذا العظيم الكبير الجليل الذي تتجرأتى عليه وتَتَقَحَمُ حماه ، وتبارزيه
بالذنوب والخطايا، فكأنك أختي لم تسمعى قول الجبار سبحانه: {وَمَا
قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.إياك ...إياك أختي في الله : أن
تحقرى شيئا من الذنوب وإن بدت لك أنها صغيرة، فإنها في حق الله جل وعلا
كبيرة, فبقدر ما يصغر الذنب عندك... يعظم عند الله , وبقدر ما يعظم عندك ,
فإنه يصغر عند الله .
فإياكم ومحقرات الذنوب فإن الصغير منها يدعو للكبير.
إن كنت في دنياك قد أسرفت , وعن ربك قد ابتعدت , فتدارك نفسك مادام في العمر بقية ،
وابشر برب رحيم كريم حليم .
يقول الله تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ}.
انظرى إلى كرم الله ولطفه بك حتى وأنت مسرفه على نفسك , لقد وعدك بغفران الذنوب كلها ولم يقل بعضها .
فماذا عساك تنتظرى بعد ذلك , وما الذي عن طلب مغفرته يؤخرك . أقبل على الله ولا تتردد.
وأعقبى كل معصية توبة , وكل خطيئة استغفارا ، وأبشرى بكل خير.
فلا أحلم ولا أرحم من الله .
يقول لك الله جل وعلا في الحديث القدسي : (يا ابن آدم إنك ما دعوتني
ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان
السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب
الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة).
أمه الله: لا تستكبري على الكبير وأنت الصغيرة ، ولا تستغني عن الغني وأنت الفقيرة.
وأعلمي انك لو مكثت سنوات طوالا في عصيانه , ثم أتيته يوما صادقا ترجو
القبول , فسيفتح لك الأبواب , ويقول لك سبحانه : ( عبدي أطعتنا فقربناك ,
وعصيتنا فأمهلناك , وإن عدت إلينا قبلناك )
فسبحانك يا ربي ما أعظمك ............. سبحانك يا ربي ما أحلمك.[/size][/size]