[size=21]
القصة التاريخية الحقيقية ل300 مثيرة جدا و كانت ستكون اكثر ضخامة فيما لو تمّ الاعتماد عليها في تصوير الفيلم.
لقد مني ملك الملوك الفارسي "داريوش" بهزيمة أمام اليونانيين في معركة
"ماراثون" في عام 490 ق.م, في محاولته للسيطرة عليها و ضمها الى ممتلكات
الامبراطورية الفارسية, و على الرغم من ذلك فقد استطاع الفرس السيطرة على
اجزاء واسعة من العالم و لم يكن باستطاعة "داريوش" الثأر لهزيمته امام
اليونانيين اذ قتل في معركة فيما بعد, و خلفه ابنه ملك الملوك "احشورش"
-و هو الملك الفارسي الموجود في فيلم 300- الذي قرّر الثأر لهزيمة أبيه و
للفرس امام "اليونان الصغيرة", فأعدّ جيشا هائلا و ضخما قوامه ما بين
100 و 150 ألف جندي بالاضافة الى 600 سفينة بحرية و قرّر التوجه به
لاحتلال اليونان. و نقل عن "احشورش" قوله في هذا الاطار في رسالة الي
حكام ولاياته و اقاليمه:
(آمركم بالحملة علي بلاد اليونان للثأر من الاثينيين الذين اساؤا الي بلاد فارس و تجرؤا على جرحي و جرح والدي).
اليونانيين كانوا أقّل عددا و اضعف من ناحية التحضيرات و التجهيزات و
التدريب و لكن كان الى جانبهم عنصرين مهمين يعملان لصالحهم و يعرقلان مهمة
كسرى الفارسي:
-العامل الاول: يجب على جيوش "احشورش" المرور في المياه للوصول الى اليونان
التي كانت تتألف من مدن عديدة, و هو امر بالغ الصعوبة بالنسبة الى جيش
ضخم لاسينا و انّ الطريق الرئيسية البحرية تحتوي على مضيق ضيّق لا يتّسع
لأكثر من سفينتين او نحوه.
- العامل الثاني: حاجة الجيش الى امدادات لوجستية هائلة حينما يصل الى
اليابسة اليونانية و هو ما سيؤدي الى هلاك الجيش من تلقاء نفسه في حال عدم
توفرها نظرا لضخم حجمه.
لمواجهة الخطر الفارسي الداهم, اتّحدت مدينة أثينا و مدينة اسبارطة و 29
مدينة اخرى, فيما فضّلت بعض المدن في شمال اليونان الاستسلام خوفا من
الدمار و لأن المدن القوية الواقعة في الجنوب مثل أثينا و اسبرطة قررت ان
لا تواجه الجيش الفارسي في الشمال.
كانت اثينا تعتقد انّ هزيمة الفرس ممكنة عبر المياه و عبر المضائق حيث لن
يكون هناك اهمية لعدد الأسطول الفارسي طالما انّ السفن ستمر واحدة تلو
الاخرى او اثنتين الى جانب بعضهما, فذلك سيجعل الفرس في مأزق, لكن المشكلة
انّ اليونانيين كانوا بحاجة الى الوقت لبناء اسطول مائي قوي من 300
سفينة كما انّ جيشهم البري البالغ عدده 10 آلاف –يمكن ان
يبلغ 50 ألف جندي عند التعبئة العامة-غير حاضر و غير جاهز و غير مدرّب
مقارنة بالجيش الفارسي, لذلك اقترح الاسبرطيون ان يضحوّا ب 300 جندي من
خيرة رجالهم, و كان من المعروف انّ الاسبرطي رجل حرب و هو اكثر كفاءة من
جميع اليونانيين, و الهدف مقابلة جيش "احشورش" الفارسي الجرّار عند ممر
"ثيرموبيلاي" الضيق-الذي اصبحت المعركة تعرف باسمه- و ذلك من اجل تأخير
تقدم الجيش الفارسي قدر المستطاع و الحد من فعالية اعداده الضخمة, ريثما
يكون اليونانيون قد حضّروا الاسطول البحري و الجيش البري لملاقاة الفرس
في معركة حاسمة.
و فعلا هكذا كان, فقد استطاع هؤلاء ال 300 اسبرطي من خيرة المقاتلين
يساندهم الف متطوع منتشرين خلفهم ان يصدوا تقدّم الجيش الفارسي لثلاث ايام
بلياليها مستغلين عوامل الطبوغرافيا و الارض و مستخدمين تكتيكات عسكرية
رائدة اصبحت نموذجا يحتذى به في المعارك العسكرية, الى ان قام عميل
يوناني بارشاد الجيش الفارسي الى طريق التفافية لتخطّي هذا الممر و
المقاتلين الاسبرطيين, و عندما عرف الاسبرطيون بذلك, قام الملك
"ليونارديس" بصرف الألف متطوع للعودة الى اليونان -بينما تشير مراجع
اخرى الى انهم قاتلوا معهم و ماتوا معهم-, لانهم سيهلكون بجميع الأحوال
فالاستفادة من جهودهم فيما بعد خير من فقدانهم الآن و انتهت المعركة
بمقتل ال 300 مقاتل الذين صمدوا حتى اللحظة الاخيرة, حيث اتاح صمودهم
الفرصة اللازمة لليونانيين ليتغلبوا فيما بعد على جيش الملك الفارسي
"احشورش" في معركة حاسمة لاحقا.
و تختلف الأرقام بطبيعة الحال حسب المراجع فهناك من يقول بأنّ جيش "احشورش"
كان الأضخم على الإطلاق و تعداده بين 100 و 500 ألف جندي في مقابل
اليونانيين الذين بلغ عددهم 7 آلاف جندي يوناني قوي, و انّ الخسائر التي
مني بها الجيش الفارسي كانت فادحة جدا و مؤلمة بسبب اخطاء استراتيجية
قاتلة و تراوحت بين 20 و 80 الف قتيل, بينما تشير المراجع الى انّ خسائر
اليونانيين بلغت حوالي 2200 تقريبا.
على هامش الفيلم: علاقة "احشورش" الفارسي باليهود!!
بدافع الفضول قمت بمحاولة للتأكد من ملبس القادة و أشكالهم , رغم اني لم
اوفق في المحاولة و لم اصل الى نتيجة, لكني مررت على معلومات هامة جدا
بخصوص الملك الفارسي "أحشورش".
عندما انتهى الأسر البابلي لليهود, و صار بإمكان كل الراغبين أن يعودوا إلى
أورشليم, تبين أن أولئك الذين أرادوا العودة هم أقل بكثير مما كان
يتوقع بالاعتماد على النحيب و المطالبة السابقة للتحرر ذلك أن الكثيرين
كانوا قد أسسوا في عاصمة الإمبراطورية ( بابل حينذاك ) حياة ناجحة و
أعمالا رائجة بحيث رغب الكثيرون بالبقاء للعيش و العمل في مدن
الإمبراطورية الفارسية, و قد كان لدى الملك الفارسي "أحشورش" وزيرا يدعى
"هامان" و يعدّ اليد اليمنى له و يقال انّه من كثرة محبّته له امر جميع
الناس بالسجود له كما يسجدوا لكسرى. لقد كان يرى في التغلغل اليهودي في
الامبراطورية الفارسية خطرا كبيرا, لذلك فقد عمل بشكل حثيث على استصدار
قرار بقتلهم. في هذه الاثناء كان كسرى يريد الزواج و كان هناك عامل
يهودي لدى كسرى يدعى "مردخاي". علم مردخاي بنية كسرى فقام بادخال ابنة
اخيه الوصي عليها و تدعى "استر" ضمن المرشحات للزواج من كسرى –هناك من
يشير الى انّ استر اليهودية كانت زوجة مردخاي و ليست ابنه اخيه الميت
فيما تصف موسوعة ويكيبديا استر بانها كانت ***** اغوت الملك الفاسد-,
على العموم وقع نظر ملك الملوك "احشورش" عليها فتزوجها. لقد أعدّ مردخاي
الخطّة باحكام فأخفى اسم استر الحقيق و هي تدعى "هاداسا" و اضمر معها
العمل على القضاء على كل من يعادي اليهود داخل الامبراطورية الفارسية, و
هكذا تعاونت مع "أحشورش" في القضاء على كل من يعادي اليهود , اذ اصدر
كسرى أمرا يسمح لليهود بإهلاك جميع أعدائهم و كان الهدف الأول لحملة
"استر" الفتك بهامان و اقربائه, و هكذا كان.
تم توجيه الأوامر إلى رؤساء 127 مقاطعة بأن يسمحوا باسم الملك لليهود
بالتجمع و الدفاع عن أنفسهم ، و أن يتم القضاء على جميع أعدائهم من
الأقوياء و المتنفذين مع عائلاتهم و أطفالهم ... و على مدى يومين متتاليين
قام اليهود بقتل و تشريد جميع أعدائهم . و تم إعدام هامان مع أطفاله
العشرة, و بلغ عدد المقتولين 75000 فارسي بمن فيهم النخبة الإمبراطورية و
كل من كان يمكنه أن يكون منافساً و عدواً لليهود .
و منذ ذلك الحين ما يزال اليهود حتى اليوم يحتفلون بذكرى مقتل عدوهم اللدود
"هامان" وذلك في اليومين الرابع عشر والخامس عشر من شهر آذار كل سنة
بما يسمونه "عيد البوريم او النصيب باللغة العربية" . إنه عيد مليء
بالفرح و السرور . إنه اليوم الوحيد ، الذي يسمح فيه التلمود الجاد و
المتحفظ بالسكر : " بعد منتصف النهار يأكلون مأكولات شهية و يشربون
الخمر إلى أن يصبحون عاجزين عن التمييز بين عبارتي : " اللعنة على هامان
" و " السلام على مردخاي " و تتضمن قائمة المأكولات أقراص مفضلة لها
تسمية " آذان هامان " ( حسب الموسوعة اليهودية ) تشفياً منهم وشماتة
بموت هامان.
وهكذا أتيحت لليهود فرصة العمر بذبح أعدائهم البابليين وإبادتهم عن بكرة
أبيهم بالاضافة الى منافسيهم داخل فارس بمساعدة الملك "احشورش", وكان
انتقاماً شنيعاً كرسته وتحدثت عنه بإسهاب الأصحاحات العشرة التي يتألف منها
سفر استير. ثمّ عادوا بمساعدة كسرى فبنوا هيكلهم الذي دمّره نبوخذ نصّر
البابلي من قبل.
من الجدير ذكره انّ قبر "موردخاي" و "استر" يعد من الأماكن المقدسّة
بالنسبة لليهود و هو موجود الى يومنا هذا في مدينة همذان جنوبي غربي ايران.
والله أعلم
[/size]