منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  
آيـــــات الشفاء في القرآن الكريم إن هذه الآيات تجتمع في كل آية فيها كلمة شفاء و تقرأ بترتيب المصحف فقد قال العلماء أن في هذا استعانة بكلام الله على الشفاء و خصوصا بالنسبة للأمراض التي لا تقدر عليها أسباب البشر...وهـــم:- الآية 14 من سورة التوبة: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 57 في سورة يونس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 69 من سورة النحل : وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ... صدق الله العظيم الآية 82 من سورة الإسراء : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا... صدق الله العظيم الآية 80 من سورة الشعراء : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ... صدق الله العظيم الآية 44 من سورة فصلت : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...||

 

 الإسراف وضرره في الدين والدنيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





التقييم : 3
نقاط : 360558
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

الإسراف وضرره في الدين والدنيا Empty
مُساهمةموضوع: الإسراف وضرره في الدين والدنيا   الإسراف وضرره في الدين والدنيا I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 16, 2013 11:38 pm

الإسراف وضرره في الدين والدنيا







الإسراف وضرره في الدين والدنيا
إنَّ الحمد لله نحمده،ونَسْتعينه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شُرور أنفُسِنا، وسيِّئات أعمالنا, من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له, و أشهد أنْ لا إله إلاالله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

أمَّا بعد:
فمِمَّا لا شكَّ فيه أنَّ الإسرافَ وما في معناه من التَّبذير والتَّرَف، مِن الأمراض الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة، التي تُهدِّد الأمم والشعوب، سواء المتقدِّمة منها، أم المتخلِّفة، فالأمر سيَّان؛ لأن التَّرف والبذَخ بداية النِّهاية.

ولقد أشارت الآيات القرآنيَّة إلى الإسراف والمُسْرفين في واحد وعشرين موضعًا؛ لِخُطورته على الأفراد والجماعات، من ذلك:
قوله: ﴿ قُلْيَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوامِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ]الزمر: 53].

وقوله: ﴿ وَمَاكَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَاوَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَىالْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ]آل عمران: 147].
وغير ذلك من الآيات البينات في ذمِّ الإسراف والمسرفين دينًا ودُنْيا.

وبادئَ ذي بدءٍ، ينبغي أن نبدأ مقالتَنا بالتعريف اللُّغوي والشرعي للإسراف وما في معناه من التبذير والتَّرف؛ لِيُدرك القارئُ الكريم أوجُهَ الاختلاف بينها.

المعنى اللغوي والشرعي للإسراف:
قال ابن منظور في "اللِّسان":
"السَّرَف والإسراف مُجاوزة القَصْد، وأسرف في ماله: عجَّلَ من غير قصد، وأما السَّرف الذي نَهى الله عنه، فهو ما أُنْفِق في غير طاعة الله، قليلاً كان أم كثيرًا، والإسراف في النفقة التبذير... وقيل: هو مُجاوزة القصد في الأكل مِمَّا أحلَّه الله"؛ اهـ، انظر: "لسان العرب" لابن منظور، (9/ 148) مادة بذر.

أما التعريف الشرعي للإسراف:
فقد قال الحافظ ابن حجر هو: "مُجاوزة الحدِّ في كلِّ فعل أو قول، وهو في الإنفاقِ أشْهَر"؛ انظر "فَتْح الباري بشرح صحيح البخاري" لابن حجر العسقلاني، كتاب اللباس، (16/ 323).

ويتبيَّن لنا مِمَّا سبق أنَّ المعنى اللُّغوي لا يَختلف كثيرًا عن المعنى الشَّرعي، فهو أيضًا مُجاوزة الحدِّ في إنفاق المال وغيْره.

وجاء في "أدب الدُّنيا والدين" (ص 299):
"واعلم أن السَّرَف والتبذير قد يفترق معناهُما، فالسَّرف: هو الجهل بِمَقادير الحقوق، والتبذير: هو الجهل بِمَواقع الحقوق، وكِلاهُما مذمومٌ، وذَمُّ التبذير أعظم؛ لأن المُسْرِف يُخطئ في الزِّيادة، والمبذِّر يُخطئ في الجهل"؛ اهـ.

وينبغي كذلك أن يُدْرِك المسلم جيِّدًا أنَّ الإسراف وما في معناه من التبذير والتَّرَف يشكِّلون جميعًا مثلَّثًا لكيد الشيطان وتلبيسه، على رأس المثلث الإسراف، وضِلْعاه التبذير والتَّرف.

وهذا المثلث الشيطانِيُّ أصاب الأُمَّة الإسلامية بأمراض اجتماعيَّة ونفسية وبدنيَّة خطيرة في الدِّين والدُّنيا، كما سوف نبيِّن في هذه المقالة.

ولِهذا كان لهذا المثلث الشيطاني في الكتاب والسُّنة من القَدْح والذمِّ، والترغيب والتَّرهيب - الشيءُ الكثير، ولكن ينبغي أن نبيِّن أنَّ الإسراف، سواء في الدِّين أم الدُّنيا يندرج تحت ثلاثة أقسام، وها هي بإيجازٍ شديد:
القسم الأول: إسرافٌ محرَّم شرعًا، حرَّمه الله ورسولُه.
القسم الثاني: إسراف مكروه، وهو ما جاوز الشَّرعَ وتعاليمه، وله أصل في الدين.
القسم الثالث: إسراف مباح، وهو ما أباحه واستحبَّه الشرعُ بشروط، ولَم يقيِّده بحدٍّ معيَّن.

وإذا أدركنا ماهيَّة كلِّ قسمٍ من أقسام الإسراف وما يدور في مَداره من التبذير والتَّرف، يكون من اليسير على القارئ الكريم عند قراءته لِهذه المقالة، وبيانِ أنواع الإسراف المختلفة - إدراكُ إلى أيِّ قسمٍ ينتمي هذا النوع من الإسراف أو ذاك؟

وإليك - أخي القارئ - مثالاً من كلِّ قسمٍ؛ لِمَزيدٍ من البيان والتوضيح، وبشرح أهل العلم الثِّقات، والله المستعان.

القسم الأول: الإسراف المحرَّم:
ونكتفي هنا بِمثالٍ واحد؛ منعًا للإطالة وهو:

الإسراف في القتل:
والقتل كبيرةٌ من كبائر الذُّنوب وأعظمها، بَعْدَ الشِّرك، ولم يُبِحِ الشرعُ القتْلَ إلاَّ في أضيق نطاق، كالقصاص من القاتل، وقتل المرتدِّ عن دينه، وما أشبهَ ذلك؛ حتَّى تستقيم حياةُ الناس دينًا ودنيا...

قال تعالى: ﴿ وَلَاتَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْقُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْفِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ]الإسراء: 33].

قال الشوكانِيُّ في "فتح القدير" ما مُختصره:
"والمراد بالتي حرَّم الله التي جعلها معصومة بعصمة الدِّين أو عصمة العهد، والمراد بالحقِّ الذي استثناه هو ما يُباح به قتْلُ الأنفس المعصومة في الأصل، وذلك كالرِّدَّة والزِّنا من المُحصن، وكالقصاص من القاتل عمدًا عدوانًا، وما يلتحق بذلك، والاستثناء مفرَّغ؛ أيْ: لا تقتلوها بسببٍ من الأسباب، إلاَّ بسببٍ مُتلَبِّسٍ بالحقِّ، أو إلا متلبِّسين بالحق، ثم بيَّن حُكْم بعض المقتولين بغير حقٍّ، فقال: ﴿ ومن قُتِل مظلومًا ﴾؛ أي: لا بسببٍ من الأسباب المسوِّغة لقَتْله شرعًا ﴿ فقد جعلنا لوليِّه سلطانًا ﴾؛ أي: لمن يَلِي أمْرَه من ورَثتِه إن كانوا موجودين، أو مِمَّن له سلطان إن لم يكونوا موجودين، والسُّلطان: التسلُّط على القاتل؛ إن شاء قتَل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدِّية.

ثُم لَمَّا بيَّن إباحة القصاص لِمَن هو مستَحِقٌّ لِدَم المقتول أو ما هو عوض عن القصاص، نَهاه عن مُجاوزة الحدِّ، فقال: ﴿ فلا يسرف في القتل ﴾؛ أيْ: لا يُجاوِزْ ما أباحه الله له، فيَقْتل بالواحد اثنين أو جماعة، أو يُمثِّل بالقتيل، أو يعذِّبه".

ثم قال - رحمه الله - في قوله - تعالى -: ﴿ إنَّه كان منصورًا ﴾؛ "يعني: الولِيَّ، فإنَّ الله - سبحانه - قد نصره بإثبات القصاص له، بِما أبرزه من الحُجَج، وأوضَحه من الأدلَّة، وأمر أهل الولايات بِمَعونته والقيام بحقِّه، حتَّى يستوفيه، ويجوز أن يكون الضمير راجعًا إلى المقتول؛ أيْ: إنَّ الله نصَرَه بوليِّه"؛ اهـ (انظر: "فتح القدير" للشوكاني 4/ 303).

وفي الأحاديث النبويَّة الصحيحة تحذيرٌ من القتل بغير حقٍّ، ولقد جعل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - القتلَ من كبائر الذنوب وأعظمِها بعد الكفر بالله, وأكتفي هنا منعًا للإطالة بحديثٍ واحد في الصَّحيحين، وفيه الكفاية.

عن أبي هريرة: ((اجتنبوا السَّبع الموبقات)) قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: ((الشِّرك بالله، والسِّحْر، وقَتْل النَّفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزَّحف، وقذف المُحصَنات المؤمنات الغافلات))؛ (أخرجه البخاري في باب رَمْي المُحصنات، ح/ 2560, ومسلمٌ في الكبائر، ح/ 129).

قال ابن تيميَّة - رحمه الله - في "الاستقامة" ما مُختصَره:
وترتيب الكبائر ثابتٌ في الكتاب والسُّنة، كما في "الصحيحين" عن عبدالله بن مسعود قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الذَّنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقَك))، قلت: ثُم أيُّ؟ قال: ((أن تقتل ولدَك؛ خشية أن يطعم معك))، قلت: ثم أيُّ؟ قال: ((أن تُزَاني بِحليلة جارِك))، وتصديق ذلك في كتاب الله: ﴿ وَالَّذِينَ لَايَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِيحَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ]الفرقان: 68]؛ (أخرجه البخاري في التفسير، ح/ 4389).

ولِهذا قال الفقهاء: أكبَرُ الكبائر الكفر، ثم قتل النَّفس بغير حقٍّ، ثم الزِّنا، لكن النبِيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - ذكر لابن مسعود من جِنْس أعلى فأعلى؛ الكفر هو أن تجعل لله ندًّا، بخلاف الكتابي الذي ليس بِمُشرك فإنَّه دون ذلك، وأعظمُ القَتْل قتْلُ ولدك، وأعظم الزِّنا الزنا بحليلة الجار؛ اهـ (انظر "الاستقامة" لابن تيميَّة ص 468).

القسم الثانِي: الإسراف المكروه:
الإسراف المكروه هو إسرافٌ في أمر له أصل في الشرع، ولكن بخروجه عن حدِّ الاعتدال المأمور به صار مكروهًا وإسرافًا مَمْقوتًا، لم يأمر به الشَّرع بل نَهى عنه, وينطبق هذا على ما يخصُّ أمور الدُّنيا، فإنْ كان في الدِّين، فالأصل فيها التوقُّف، وعدم الزيادة عمَّا شُرع؛ لأنه يؤدِّي إلى التنطُّع المكروه، وهو الزيادة عن السُّنة فيما له أصل، ولم يأمر به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويُخاف على مَن يرتكبه مِن الزيادة فيما لم يشرع النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأمته أصلاً، وهو البدعة المُحرَّمة قطعًا، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ولقد أمرَنا الله بطاعة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في كلِّ ما يَخُصُّنا دينًا ودنيا، ونَهانا عن مُخالفته، وعلى المسلم أن يتَّبِع ولا يبتدع، والآيات والأحاديث في الترهيب من ذلك كثيرة، منها:
قوله - تعالى -: ﴿ فَلَاوَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَوَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ]النساء: 65].

وقوله - تعالى -: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ]الحشر: 7].

ومن الأحاديث النبوية الصحيحة قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ أمَّتي يدخلون الجنَّة إلا من أبَى))، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: ((من أطاعني دخل الجنَّة، ومن عصاني، فقد أبى)).

وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هلك المتنطِّعون)) قالَها ثلاثًا؛ أخرجه مسلمٌ في العلم (2670), وأبو داود في السُّنة (4608).

قال النوويُّ: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هلك المتنطِّعون))؛ أيِ: المتعمِّقون الغالون المُجاوزون الحدودَ في أقوالِهم وأفعالهم.

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ))؛ أخرجه البخاريُّ في الصُّلح (2697), ومسلمٌ في الأقضية (1718).

وفي رواية مسلمٍ بلفظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ)).

ومِن ثَمَّ سنكتفي هنا منْعًا للإطالة بتوضيح ماهيَّة السَّرف المكروه في كلٍّ من الدِّين والدنيا مع ضَرْب مثالٍ، ونُبيِّن أضراره، ونستشهد بالأدلة الشرعية من الكتاب أو السُّنة الصحيحة؛ لِيَحيا من حيَّ عن بيِّنة، ويهلِك من هلك عن بينة، والله المستعان.

أولاً: الإسراف المكروه في الدِّين:
قلنا: إنَّ الأصل في الدِّين أو العبادات التوقُّف وعدم مُجاوزة الشَّرع فيما لم يرخَّص فيه، حتَّى لو كان له أصلٌ في الشَّرع، كالصَّلاة، والصِّيام، والصَّدقة... إلخ.

لماذا؟
لأنه يؤدِّي بالضرورة إلى التنطُّع والغلُوِّ في الدين، وربما يؤدِّي إلى الزِّيادة فيما لم يشرع لنا الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيقع صاحِبُها في البدعة المحرَّمة، والعياذ بالله، ومثالٌ على ذلك:
السَّرف في التعبُّد، وإهْمال الحقوق، ومن أدلته:
حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء ثلاثةُ رهْطٍ إلى بيوت أزواج النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسألون عن عبادة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلما أُخْبِروا كأنَّهم تَقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؟ قال أحدُهم: أما أنا فإنِّي أصلِّي الليل أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النِّساء، فلا أتزوَّج أبدًا، فجاء رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إليهم، فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أمَا والله إنِّي لأَخْشاكم لله، وأَتْقاكم له، لكنِّي أصوم وأُفْطِر، وأصلِّي وأرقد، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنَّتِي فليس منِّي))؛ (أخرجه البخاريُّ في النِّكاح (5063), ومسلمٌ بِمعناه في النكاح (1401).

ومن الحديث يتبيَّن رفض النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِهذا التنطُّع والغلُوِّ في العبادة، والزيادة فيها بِما لم يشرعه ويسنُّه لأمَّتِه، رغم شرعيَّة الأعمال التي أرادوا أن يعملَها هؤلاء الرَّهط؛ لأنَّه تشدُّد وإسراف يُخالف الطبيعة الإنسانية وقدرتَها على التحمُّل.

وجاء في "سبُل السَّلام" للصَّنعاني (4/ 427) ما مُختصره:
"وهو دليلٌ على أنَّ المشروع هو الاقتصاد في العبادات دون الانْهِماك والإضرار بالنَّفس، وهجر المألوفات كلِّها، وأنَّ هذه الْمِلَّة المُحمَّدية مَبْنيَّة شريعتُها على الاقتصاد والتسهيل والتيسير وعدم التعسير؛ ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ]البقرة: 185]"...

ثم قال: "وأراد - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((فمن رغب عن سنتي))؛ عن طريقتي ((فليس منِّي))؛ أيْ: ليس من أهل الحنيفيَّة السهلة، بل الذي يتعيَّن عليه أن يفطر؛ لِيَقوى على الصَّوم، وينام؛ ليقوى على القيام، وينكح النِّساء؛ ليعفَّ نظرَه وفرْجَه، وقيل: إنْ أراد مَن خالف هدْيَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وطريقته أنَّ الذي أتى به من العبادة أرجَحُ مِمَّا كان عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فمعنى ليس منِّي؛ أي: ليس من أهل ملَّتِي؛ لأن اعتقاد ذلك يؤدِّي إلى الكفر؛ اهـ.

ثانيًا - الإسراف المكروه في الدنيا:
الإسراف المكروه فيما يخصُّ أمور الدُّنيا هو إسراف في أمور مباحة شرعًا، وسبب الكراهية فيها أنَّها تؤدِّي إلى أضرار وخيمة، سواء كانت بدنيَّة أم نَفْسية، أو غير ذلك, ومثالٌ على ذلك:

الإسراف في الطعام والشراب والْمَلبس:
وإليك التفصيل مع بيان الأدلَّة من الكتاب والسُّنة، والله المستعان:
بدَهيٌّ أنَّ الإسراف في الطعام والشراب الحلالِ له أضرارُه على الصِّحة، والإسراف في الملبس تبذيرٌ وترَفٌ مَكْروه، ما لم يُحَرِّمه الشرع، فإنْ كان حرامًا كلبس الرِّجال للحرير مثلاً، فيكون هذا سرفًا مُحرَّمًا قطعًا.

قال تعالى: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواوَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ]الأعراف: 31].

قال الشَّوكاني في "فتح القدير" ما مختصره:
والزينة ما يتزيَّن به الناس من الملبوس، أُمروا بالتزيُّن عند الحضور إلى المساجد للصلاة والطواف... قوله: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا ﴾ أمَرَ الله - سبحانه - عبادَه بالأكل والشُّرب، ونَهاهم عن الإسراف، فلا زُهْد في ترْك مَطْعَم ولا مشرب، وتاركه بالمرَّة قاتلٌ لِنَفْسه، وهو من أهل النَّار، كما صحَّ في الأحاديث الصحيحة، والمقلِّل منه على وجْه يضعف به بدَنُه، ويعجز عن القيام بِما يَجِب عليه القيام به من طاعةٍ أو سعيٍ على نَفْسه، وعلى مَن يعول - مُخالفٌ لِما أمر الله به وأرشد إليه، والمسرف في إنفاقه على وجهٍ لا يفعله إلاَّ أهل السَّفَه، والتبذير مُخالفٌ لِما شرعه الله لعباده، واقعٌ في النَّهي القرآني، وهكذا من حرَّم حلالاً، أو أحلَّ حرامًا، فإنه يَدْخل في المسرفين، ويخرج عن المقتصدين، ومِن الإسراف الأكلُ لا لِحاجة، وفي وقت شِبَع؛ اهـ (انظر "فتح القدير" للشوكاني 3/ 30).

وقال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلوا واشربوا والْبَسوا وتصدَّقوا في غير إسراف ولا مَخِيلَة))، وقال ابن عبَّاس: "كُلْ ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأَتْك اثنتان: سرَفٌ أو مخيلة"؛ (أخرجه البخاري في اللباس, والنَّسائي في الزكاة 2559).

وقال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أيضًا: ((ما ملأَ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من بطنه، حَسْبُ ابنِ آدم أكلاتٌ يُقِمْن صلْبَه، فإن كان فاعلاً لا مَحالة، فثلثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه))؛ (انظر "السلسلة الصحيحة" 2265، و"صحيح الترغيب" 2135 للألباني).

وهكذا يتبيَّن لنا أنَّ الإسراف في المأكل والمشرب والملبس كله مَذْموم في الشريعة السمحاء.

القسم الثالث: الإسراف المباح:
ونبدأ أوَّلاً بتعريف ما المقصود بالمباح؟
المباح عند علماء الأصول هو: ما أَذِن الشَّارعُ في فِعْله وتركه، وخلا من المَدْح أو الذَّم.

ونضرب مثلاً للدلالة على ذلك فيما جاء عن المال وإنفاقه مِمَّا ذكره الحافظُ ابن حجر - رحمه الله - في شرحه لقول النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن الله حرَّم عليكم عقوقَ الأمَّهات، ومنْعًا وهات، ووَأْدَ البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال))؛ (أخرجه البخاري في الآداب 2408, ومسلمٌ في الأقضية 593).

قال: "والحاصل في كثرة الإنفاق ثلاثةُ أوجه:
الأول: إنفاقُه في الوجوه المذمومة شرعًا، فلا شكَّ في منْعِه.
والثاني: إنفاقه في الوجوه المَحْمودة شرعًا، فلا شكَّ في كونه مطلوبًا بالشرط المذكور[1].
والثالث: إنفاقه في الْمُباحات بالأصالة كملاذِّ النَّفْس، فهذا ينقسم قسمين:
أحدهما: أن يكون على وجه يليق بحال المنفِق، وبقدر ماله، فهذا ليس بإسراف.
والثاني: ما لا يليق به عرفًا، وهو ينقسم أيضًا قسمين:
أحَدهما: ما يكون لِدَفْع مفسدة إمَّا ناجزة أو متوقَّعة، فهذا ليس بإسراف.
والثاني: ما لا يكون في شيءٍ من ذلك، فالجمهور على أنه إسراف"؛ اهـ.

ومن ثَمَّ يتبيَّن لنا أخي القارئ أنَّ المباح في الشرع ليس على إطلاقه في كل الأعمال، بل هو نوعان:
الأوَّل: أعمال أباحَتْها الشريعة وجاز الزِّيادة فيها دون تقييد أو تحديد مِثْل ذِكْر الله وتلاوة القرآن والدُّعاء والاستغفار وتعلُّم العلم الشَّرعي... إلخ.

فهذا وغيره مما دلَّ عليه الشرع وهو مباح، وليس فيه سرف.

ومن أمثلة وأدلَّة هذا النَّوع من الكتاب والسُّنة ما يلي:
قال تعالى عن الذِّكر: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ]الجمعة: 10].

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَذْكُر الله - تعالى - على كلِّ أحيانه"؛ (أخرجه مسلم في الحيض 373, والترمذي في الدَّعوات 3384).

وقال تعالى عن طلب العلم واستذكاره: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ]طه: 114].

وقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة)) (أخرجه الترمذي في العلم 2646, ومسلمٌ في الذِّكر والدعاء 2699).

فمثل هذه الأعمال وغيرها التي أباحها الشرع لا إسراف فيها ألبتَّة.

الثاني: ما أباحَتْه الشريعة ما لم يخرج عن الحدِّ الذي ينقله من دائرة المباح إلى المكروه كالصدقات بالأموال، والجود بها على الفقراء والمحتاجين، وليس في ذلك سرف.

ويجب ملاحظة أن الفارق بين السَّرَف والجود في أنَّ السرف تبذيرٌ للمال من غير ضرورةٍ شرعيَّة أو دنيويَّة، مباحة كانت أم غير مباحة، وأمَّا الجود فهو وضْع المال في موضعه المَشْروع والمباح.

ومن أدلَّة هذا النَّوع من القرآن والسُّنة:
قوله - تعالى -: ﴿ إنتُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي وإن تُخْفُوهَا وتُؤْتُوهَاالفُقَرَاءَ فهوَ خَيرٌ لَكُمْ ويُكَفِّرْ عَنْكُمْ من سيِّئاتِكُمْوَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ]البقرة: 272].

ومن السُّنة ما رُوي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه - قال: قلتُ: يا رسول الله، أنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدَّق بثُلثَيْ مالي؟ قال: ((لا))، قلت: أفأتصدَّق بشطره؟ قال: ((لا))، قلت: أفأتصدقُ بثلثه؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير؛ إنَّك إنْ تذَر ورثتَك أغنياء خيْرٌ من أن تذرَهم عالةً يتكفَّفون الناس))؛ (أخرجه البخاريُّ في المغازي 4409، ومسلم في الوصية 1628).

قال النوويُّ في شرح الحديث ما مختصره:
وفي هذا الحديث: حثٌّ على صلة الأرحام, والإحسان إلى الأقارب, والشَّفقة على الورثة, وأن صلة القريب الأقرب والإحسان إليه أفضل من الأبعد، واستدلَّ به بعضهم على ترجيح الغنيِّ على الفقير؛ اهـ.

ومن ثَمَّ فإنَّ الاعتدال في إنفاق المال فيما يشرع ولا يحرم، سواء كان في النَّفقات أو الصدقات أو ما أشبهَ ذلك - أمْرٌ قد حثَّ عليه الشرع وأباحه، وأَجْزل الثَّواب لفاعله، ولقد نُهِي فقط عن التصدُّق الكثير الذي يسبِّب الضَّرر على مَن يعول من الأهل وخَيْر الأمور الوسَط، بلا إفراط أو تفريط.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

.


[1]والشرط الذي يقصده ابن حجر قوله: "ويُستثنى من ذلك كثرة إنفاقه في وجوه البِرِّ؛ لتحصيل ثواب الآخرة، ما لَم يُفوِّت حقًّا أخرويًّا أهمَّ منه".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإسراف وضرره في الدين والدنيا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العربية.. لغة الدين والدنيا
»  50 حكمة قرآنية ونبوية في الدين والدنيا
» أحاديث نبوية في ذم الإسراف في الطعام>>>
»  الحياة مواقف ،والدنيا غدارة
» أثر الدين في إصلاح المجتمع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اهل الحق :: منتديات إسلامية :: إسلاميات عامة-
انتقل الى: