منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
مرحبا بكم في منتدياتنا منتديات اهل الحق و أرجو من زائرنا العزيز أن يجد كل ما يبحث عنه من مواضيع و برامج ......وشكراا...
منتديات اهل الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  
آيـــــات الشفاء في القرآن الكريم إن هذه الآيات تجتمع في كل آية فيها كلمة شفاء و تقرأ بترتيب المصحف فقد قال العلماء أن في هذا استعانة بكلام الله على الشفاء و خصوصا بالنسبة للأمراض التي لا تقدر عليها أسباب البشر...وهـــم:- الآية 14 من سورة التوبة: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 57 في سورة يونس : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ... صدق الله العظيم الآية 69 من سورة النحل : وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ... صدق الله العظيم الآية 82 من سورة الإسراء : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا... صدق الله العظيم الآية 80 من سورة الشعراء : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ... صدق الله العظيم الآية 44 من سورة فصلت : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...||

 

 عقيدة السلف أصحاب الحديث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





التقييم : 3
نقاط : 360522
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

عقيدة السلف أصحاب الحديث Empty
مُساهمةموضوع: عقيدة السلف أصحاب الحديث   عقيدة السلف أصحاب الحديث I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 17, 2013 1:07 pm








عقيدة السلف أصحاب الحديث
أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني
(توفي سنة 449هـ)
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم على بينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فإني لما وردت آمد طبرستان وبلاد جيلان متوجها إلى بيت الله الحرام
وزيارة مسجد نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، سألني
إخواني في الدين أن أجمع لهم فصولا في أصول الدين التي استمسك بها الذين
مضوا من أئمة الدين وعلماء المسلمين والسلف الصالحين، وهدوا ودعوا الناس
إليها في كل حين، ونهوا عما يضادها وينافيها جملة المؤمنين المصدقين
المتقين، ووالوا في اتباعها وعادوا فيها، وبدعوا وكفروا من اعتقد غيرها،
وأحرزوا لأنفسهم ولمن دعوهم إليها بركتها وخيرها، وأفضوا إلى ما قدموه من
ثواب اعتقادهم لها، واستمساكهم بها، وإرشاد العباد إليها، وحملهم إياهم
عليها، فاستخرت الله تعالى وأثبت في هذا الجزء ما تيسر منها على سبيل
الاختصار، رجاء أن ينتفع به أولو الألباب والأبصار، والله سبحانه يحقق
الظن، ويجزل علينا المن بالتوفيق والاستقامة على سبيل الرشد والحق بمنه
وفضله.
قلت وبالله التوفيق.
[عقيدة أصحاب الحديث]أصحاب الحديث، حفظ الله
أحياءهم ورحم أمواتهم، يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول صلى الله عليه
وآله وسلم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها
وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار
الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبت لنفسه
في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته
بصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله- عز من
قائل: (يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي) ولا يحرفون الكلام عن
مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية،
أهلكهم الله، ولا يكيفونهما بكيف أو تشبيههما بأيدي المخلوقين، تشبيه
المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف،
ومن عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا
القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: ا ليس كمثله شيء وهو
السميع البصير).
[قولهم في الصفات]
وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار
الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة
والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة،
واليقظة والفرح والضحك وغرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين
المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله
عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه،
ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب،
وتضعه عليه بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى،
ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم
أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من
عند ربنا. وما يذكر إلا أولو الألباب).
[القرآن كلام الله غير مخلوق]
ويشهد أصحاب الحديث ويعتقدون أن القرآن كلام الله وكتابه، ووحيه وتنزيله
غير مخلوق، ومن قال بخلقه واعتقده فهو كافر عندهم، والقرآن الذي هو كلام
الله ووحيه هو الذي ينزل به جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم قرآنا
عربيا لقوم يعلمون، بشيرا ونذيرا، كما قال. عز من قائل: (وإنه لتنزيل رب
العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي
مبين) وهو الذي بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم
أمته، كما أخبر به في قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من
ربك) فكان الذي بلغهم بأمر الله تعالى كلامه عز وجل، وفيه قال صلى الله
عليه وسلم: أتمنعوني أن أبلغ كلام ربي " وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه
الألسنة ?يكتب في المصاحف، كيف ما تصرف بقراءة قارئ ? لفظ لافظ، وحفظ حافظ،
وحيث تلي، وفي أي موضع قرئ وكتب في مصاحف أهل الإسلام، وألواح صبيانهم
وغيرها كله كلام الله جل جلاله، غير مخلوق ق فهو كافر بالله العظيم.
سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول سمعت أبا الوليد حسان بن محمد يقول
سمعت الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول القران كلام الله غير
مخلوق، فمن قال: "إن القران مخلوق" فهو كافر بالله العظيم، لا تقبل شهادته،
ولا يعاد إن مرض ولا يصلى عليه إن مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين،
ويستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
أما اللفظ فإن الشيخ أبا بكر الإسماعيلي الجرجاني ذكر في رسالته صنفها لأهل
جيلان أن من زعم أن لفظه بالقران مخلوق يريد به القرآن فقد قال بخلق
القرآن.
وذكر ابن مهدي الطبري في كتابه الاعتقاد الذي صنفه لأهل هذه البلاد أن مذهب
أهل السنة والجماعة القول بأن القرآن كلام الله سبحانه، ووحيه وتنزيله،
وأمره ونهيه غير مخلوق، ومن قال: مخلوق فهو كافر بالله العظيم، وأن القرآن
في صدورنا محفوظ، وبألسنتنا مقروء، وفي مصاحفنا مكتوب وهو الكلام الذي تكلم
الله عز وجل به، ومن قال: إن القرآن بلفظي مخلوق، أو لفظي به مخلوق فهو
جاهل ضال كافر بالله العظيم. وإنما ذكرت هذا الفصل بعينه من كتاب ابن مهدي
لاستحساني ذلك منه، فإنه اتبع السلف أصحاب الحديث فيما ذكره مع تبحره في
الكلام، وتصانيفه الكثيرة فيه وتقدمه وتبرزه عند أهله.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: قرأت بخط أبى عمرو المستملي سمعت أبا
عثمان سعيد بن أشكاب يقول: سألت إسحاق ابن إبراهيم عن اللفظ بالقرآن فقال:
"لا ينبغي أن يناظرفي هذا، القرآن كلام الله غير مخلوق ".
وذكر محمد بن جرير الطبري رحمه الله في كتابه (الاعتقاد) الذي صنفه في هذه، وقال: "
أما القول في ألفاظ العباد في القرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي، ولا
تابعي إلا عمن في قوله الغنى والشفاء، وفي إتباعه الرشد والهدى، ومن يقوم
قوله مقام الأئمة الأولى أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله، فإن أبا
إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله
يقول: " اللفظية جهمية "، قال الله تعالى (فأجره حتى يسمع كلام الله) ممن
يسمع؟ قال: سمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ أسماءهم يذكرون عنه رضي الله عنه
أنه كان يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي: ومن قال غير مخلوق فهو
مبتدع".
قال محمد بن جرير: "ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله غير قوله إذ لم يكن
لنا فيه إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمقنع، وهو الإمام المتبع رحمة
الله عليه ورضوانه ". هذه ألفاظ محمد بن جرير التي نقلتها نفسها إلى ما ها
هنا من كتاب الاعتقاد الذي صنفه.
قلت: وهو- أعني محمد بن جرير- قد نفى عن نفسه بهذا الفصل الذي ذكره في
كتابه كل ما نسب إليه، وقذف به من عدول عن سبيل السنة، أو ميل إلى شيء من
البدعة، والذي حكاه عن أحمد رضي الله عنه وأرضاه أن اللفظية جهمية فصحيح
عنه، وإنما قال ذلك لأن جهما وأصحابه صرحوا بخلق القرآن، والذين قالوا
باللفظ تدرجوا به إلى القول بخلق القرآن، وخافوا أهل السنة في ذلك الزمان
من التصريح بخلق القرآن، فذكروا هذا اللفظ وأرادوا به أن القرآن بلفظنا
مخلوق، فلذلك سماهم أحمد رحمه الله جهمية. وحكي عنه أيضا أنه قال: "
اللفظية شر من الجهمية".
وأما ما حكاه محمد بن جرير عن أحمد رحمه الله أن من قال: لفظي بالقرآن غير
مخلوق فهو مبتدع، فإنما أراد أن السلف من أهل السنة لم يتكلموا في باب
اللفظ ولم يحوجهم الحال إليه، وإنما حدث الكلام في اللفظ من أهل التعمق
وذوي الحمق الذين أتوا بالمحدثات، وبحثو ا عما نهو ا عنه من الضلالات وذميم
المقالات، وخاضوا فيما لم يخض فيه السلف من علماء الإسلام، فقال الإمام
أحمد هذا القول في نفسه بدعة، ومن حق المتدين أن يدعه، ولا يتفوه به ولا
بمثله من البدع المبتدعة، ويقتصر على ما قاله السلف من الأئمة المتبعة أن
القرآن كلام الله غير مخلوق، ولا يزيد عليه إلا تكفير من يقول بخلقه.
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله
الخراجي بمرور، حدثنا يحى بن سالوكه عن أبيه عبد الكريم السندي تال: قال
وهب بن زمعة: أخبرني الباسافي قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: " من
كفر بحرف من القرآن فقد كفر بالقرآن، ومن قال: لا أومن بهذا الكلام فقد
كفر".
[استواء الله على عرشه]
ويعتقد أهل الحديث ويشهدون أن الله سبحانه وتعالى فوق سبع سموات على عرشه
كما نطق به كتابه في قوله عز وجل (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في
ستة أيام، ثم استوى على العرش، يدبر الأمر، ما من شفيع إلا من بعد إذنه)
وقوله في سورة الرعد:
(الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها، ثم استوى على العرش) وقوله في
سورة الفرقان (ثم استوى على العرش الرحمن، فاسأل به خبيرا) وقوله في سورة
السجدة (ثم استوى على العرش) وقوله في سورة طه: (الرحمن على العرش استوى)
يثبتون له من ذلك ما أثبته الله تعالى، ويؤمنون به ويصدقون الرب جل جلاله
في خبره، ويطلقون ما أطلقه سبحانه وتعالى من استوائه على العرش، ويمرونه
على ظاهره ويكلون علمه إلى الله، ويقولون: (آمنا به، كل من عند ربنا، وما
يذكر إلا أولو الألباب) كما أخبر الله تعالى عن الراسخين في العلم أنهم
يقولون ذلك، ورضيه منهم، فأثنى عليهم به.
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المعلي حدثني
محمد بن داود بن سليمان الزاهد أخبرني علي بن محمد بن عبيد أبو الحسن
الحافظ من أصله العتيق حدثنا أبو يحيى بن بشر الوراق حدثنا محمد بن الأشرس
الوراق أبو كنانة حدثنا أبو المغيرة الحنفي حدثنا قرة بن خالد عن الحسن عن
أبيه عن أم سلمة في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) قالت: الاستواء
غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر.
وحدثنا أبو الحسن بن اسحق المدني حدثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي
حدثنا شاذان حدثنا ابن مخلد بن يزيد القهستاني حدثنا جعفر بن ميمون قال سئل
مالك بن أنس عن قوله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال:
(الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
وما أراك إلا ضالا وأمر به أن يخرج من مجلسه).
أخبرنا أبو محمد المجلدي العدل حدثنا أبو بكر عبد الله ابن محمد بن مسلم
الاسفراييني حدثنا أبو الحسين علي بن الحسن حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا مهدي
بن جعفر بن ميمون الرملي عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس
يعني يسأله عن قوله: (الرحمن على العرش استوى) قال: فما رأيته وجد من شيء
كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء، وأطرق القوم، فجعلوا ينتظرون الأمر به
فيه، ثم سري عن مالك فقال: الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول، والإيمان
به واجب، والسؤال عنه بدعه، وإني لأخاف أن تكون ضالا، ثم أمر به فأخرج".
أخبرنا به جدي أبو حامد أحمد بن إسماعيل عن جد والدي الشهيد، وأبو عبد الله محمد بن
عدي بن حمدوية الصابوني حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عون النسوى حدثنا سلمة
بن شبيب حدثنا مهدي بن جعفر الرملي حدثنا جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل
لمالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟
قال فما رأيت مالكا وجد من شيء كوجده من مقالته، وذكر بنحوه.
وسئل أبو علي الحسين بن الفضل البجلي عن الاستواء، وقيل له كيف استوى على
عرشه، فقال: أنا لا أعرف من أنباء الغيب إلا مقدار ما كشف لنا، وقد أعلمنا
جل ذكره أنه استوى على عرشه، ولم يخبرنا كيف استوى.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد، أخبرنا
محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثني عبد الله ابن أحمد بن شبويه المروزي،
سمعت علي بن الحسين بن شقيق يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: " نعرف
ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى بائنا منه خلقه، ولا نقول كما قالت
الجهمية إنه ها هنا " وأشار إلى الأرض.
وسمعت الحاكم أبا عبد الله في كتابه (التاريخ) الذي جمعه لأهل نيسابور،
وفي كتابه (معرفة الحديث) اللذين جمعهما ولم يسبق إلى مثلهما يقول: سمعت
أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة
يقول: من لم يقل بأن الله عز وجل على عرشه، فوق سبع سمواته، فهو كافر
بربه، حلال الدم، يستتاب فإن تاب
وإلا ضربت عنقه، وألقي على بعض المزابل حتى لا يتأذى المسلمون ولا
المعاهدون بنتن رائحة جيفته، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين، إذ
المسلم لا يرث الكافر، كما قال الني صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم
الكافر ولا الكافر المسلم " رواه البخاري.
[عقيدتهم بنزول الرب سبحانه ومجيئه]
ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، من
غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل ولا تكييف بل يثبتون ما أثبته
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح
الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله .
وكذلك يثبتون ما أنزله الله عز اسمه في كتابه، من ذكر المجيء والإتيان
المذكورين في قوله عز وجل: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام
والملائكة) وقوله عز اسمه: (وجاء ربك والملك صفا صفا). وقرأت في رسالة
الشيخ أبي بكر الإسماعيلي إلى أهل جيلان أن الله سبحانه ينزل إلى السماء
الدنيا على ما صح به الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز
وجل: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) وقال: (وجاء ربك
والملك صفا صفا) ونؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن
يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه إذ
كنا قد أمرنا به في قوله عز وجل: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات
محكمات هن أم الكتاب، وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما
تشابه منه، ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعم تأويله إلا الله،
والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو
الألباب)
أخبرنا أبو بكر بن زكريا الشيباني سمعت : أبا حامد بن الشرقي يقول: سمعت
أحمد السلمي وأبا داود الخفاجي يقولان: سمعنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي
يقول: قال لي الأمير عبدالله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا.
كيف ينزل؟ قال، قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف؟ إنما ينزل
بلا كيف.
حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل، حدثنا محبوب بن عبد الرحمن
القاضي، حدثني أبو بكر بن أحمد بن محبوب، حدثنا أحمد بن حمويه حدثنا أبو
عبد الرحمن العباسي،
حدثنا محمد بن سلام، سألت عبدالله بن المبارك عن نزول ليلة النصف من شعبان،
فقال عبدالله: يا ضعيف ليلة النصف! ينزل في كل ليلة، فقال الرجل يا أبا
عبدالله! كيف ينزل؟ أليس يخلو ذلك المكان منه؟ فقال عبدالله: ينزل كيف يشاء
" وفي رواية أخرى لهذه الحكاية أن عبدالله ابن المبارك قال للرجل: " إذا
جاءك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصغ له ".
سمعت الحاكم أبا عبدالله يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري
يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: سمعت أحمد بن سعيد بن إبراهيم بن
عبدالله الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير عبدالله بن طاهر ذات يوم وحضر
إسحاق ابن إبراهيم يعني ابن راهويه، فسئل عن حديث النزول: أصحيح هو؟ قال:
"نعم " فقال له بعض قواد عبدالله يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟
قال: " نعم " قال: " كيف ينزل؟ " فقال له إسحاق: "
أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: " أثبته فوق " فقال: إسحاق: قال
الله عز وجل: (وجاء ربك والملك صفا صفا) فقال الأمير عبدالله: " يا أبا
يعقوب هذا يوم القيامة " فقال إسحاق: أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم
القيامة من يمنعه اليوم؟ وخبر نزول الرب كل ليلة إلى سماء الدنيا خبر متفق
على صحته مخرج في الصحيحين، من طريق مالك بن أنس عن الزهري عن الأغر وأبي
سلمة عن أبي هريرة. أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم
بن عبد الصمد، حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك. وحدثنا أبو بكر بن زكريا حدثنا
أبو حاتم علي بن عبيدان، حدثنا محمد بن يحيى قال: ومما قرأت على ابن نافع
وحدثني مطرف بن مالك رحمه الله، وحدثنا أبو بكر بن زكريا، أخبرنا أبو
القاسم عبد الله بن إبراهيم ابن باكويه، حدثنا يحيى بن محمد حدثنا يحيي بن
يحيى، قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب الزهري، عن أبى عبد الله الأغر وأبي
سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل
الأخير، فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني
فأغفر له ".
ولهذا الحديث طرق إلى أبي هريرة، رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن
أبي هريرة رحمه الله. ورواه يزيد بن هارون وغيره من الأئمة عن محمد بن عمرو
عن إلى سلمة عن أبي هريرة، ومالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة، ومالك
عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وعبيد الله بن عمر عن سعيد بن
أبي سعيد المقبري عن أبى هريرة، وعبد الأعلى بن أبى المساور وبشير بن أبي
سلمان عن أبي حازم عن إلى هريرة. ورواه نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه،
وموسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت، وعبد الرحمن بن كعب بن
مالك عن جابر بن عبد الله، وعبيد الله بن أبي الدرداء عن علي بن أبي طالب،
وشريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود ومحمد ابن كعب بن
فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء وأبو الزبير عن جابر وسعيد بن جبير عن ابن
عباس وعن أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضي الله عنهم.
وهذه الطرق كلها مخرجة بأسانيدها في كتابنا الكبير المعروف بالانتصار، وفي
رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله
عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مضى نصف الليل أو ثلثاه ينزل
الله إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل
من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح " وفي رواية سعيد بن مرجانة عن أبي
هريرة زيادة في آخره وهي " ثم يبسط يديه يقول: من يقرض غير معدوم ولا ظلوم
". وفي رواية أبي حازم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن
الله ينزل إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فينادي هل من سائل فأعطيه؟
هل من مستغفر فأغفر له؟ فلا يبقى شيء فيه الروح إلا علم به، إلا الثقلان
الجن والإنس " قال: وذلك حين تصيح الديكة وتنهق الحمير وتنبح الكلاب. وروى
هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يسار عن
رفاعة الجهني حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مضى ثلث
الليل أو شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا أسأل
من عبادي غير من يستغفر في فأغفر له؟ من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني
أعطيه؟ حتى ينفجر الصبح".
أخبرنا أبو محمد المجلدي أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا محمد بن يحيى
حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي مسم الأغر قال:
أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا أشهد عليهما أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله
يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول هبط إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من
مذنب؟ هل من مستغفر؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى تطلع الشمس".
أخبرنا أبو محمد المجلدى أنبانا أبو العباس يعني الثقفي حدثنا الحسن بن
الصباح حدثنا شبابة بن ثوار عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي مسلم الأغر قال:
أشهد على أبي سعيد وأبى هريرة أنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إن الله يمهل حتى إذا كان ثلث الليل هبط إلى هذه السماء، ثم أمر
بأبواب السماء ففتحت فقال: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأجيبه؟ هل من
مستغفر فاغفر له؟ هل من مضطر أكشف عنه ضره؟
هل من مستغيث أغيثه؟ فلا يزال ذلك مكانه حتى يطلع الفجر في كل ليلة من الدنيا".
أخبرنا أبو محمد المجلدى أنبانا أبو العباس يعني الثقفي، حدثنا مجاهدين
موسى والفضل بن سهل قالا: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا سهل عن أبي إسحاق عن
الأغر أنه شهد على أبى هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قال: " إذا كان
ثلث الليل نزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فقال: ألا هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل يعطى سؤله؟ ألا هل من تائب يتاب عليه؟ ".
حدثنا الأستاذ أبو منصور بن حماد، حدثنا أبو إسماعيل بن أبي الظما ببغداد
حدثنا أبو منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سهل عن أبي صالح
عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسم: " ينزل الله
تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول: أنا الملك أنا الملك ثلاثا. من
يسألني فأعطيه؟ من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فاغفر له؟ فلا يزال
كذلك حتى يطلع الفجر ".
سمعت الأستاذ أبا منصور على إثر هذا الحديث الذي أملاه علينا يقول سئل أبو حنيفة
عنه فقال: "ينزل بلا كيف " وقال بعضهم: "ينزل نزولا يليق بالربوبية بلا كيف، من غير
أن يكون نزوله مثل نزول الخلق، بل بالتجلي والتملي، لأنه جل جلاله منزه أن تكون
صفاته مثل صفات الخلق، كما كان منزها أن تكون ذاته مثل ذوات الخلق، فمجيئه وإتيانه
ونزوله على حساب ما يليق بصفاته، من غير تشبيه وكيف.
وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتاب التوحيد الذي صنفه وسمعته من
حامله أبي طاهر رحمه الله تعالى.
باب ذكر أخبار ثابتة السند رواها علماء الحجاز والعراق في نزول الرب إلى السماء
الدنيا كل ليلة من غير صفة كيفية النزول إثبات النزول نشهد شهادة مقر
بلسانه، مصدق بقلبه، متيقن بما في هذه الأخبار من ذكر النزول من غير أن نصف
الكيفية، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى
السماء - الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله عز وجل ولم! نبئه صلى الله عليه
وسلم بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما
في هذه الأخبار من ذلك النزول، غير متكلفين للنزول بصفة الكيفية، إذ النبي
صلى الله عليه وسلم لم يصف كيفية النزول. اهـ.
وأخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد الصيدلاني، حدثنا علي
بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أحمد بن صالح المصري، حدثنا بن وهب، أنبأنا
مخرمة بن بكير عن أبيه رحمه الله وأخبرنا الحاكم حدثنا محمد بن يعقوب الأصم
واللفظ له، حدثنا إبراهيم بن حنيفة، حدثنا ابن وهب عن مخرمة ابن بكير عن
أبيه قال: سمعت محمد بن المنكدر يزعم أنه سمع أم سلمة زوجة الني صلى الله
عليه وسلم تقول "نعم اليوم يوم ينزل الله تعالى فيه إلى السماء الدنيا
قالوا وأي يوم؟ قالت يوم عرفة".
وروت عائشة رضي الله عنها عن الني صلى الله عليه وسلم قالت " ينزل الله
تعالى في النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ليلا إلى آخر النهار من الغد،
فيعتق من النار بعدد شعر معز بني كلب، ويكتب الحاج وينزل أرزاق السنة، ولا
يترك أحدا إلا غفر له إلا مشركا أو قاطع رحم أو عاقا أو مشاحنا ".
أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة، حدثنا جدي الإمام حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني
حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي (ح) قال الإمام وحدثنا الزعفراني
عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا هشام الدستوائي (ح) وحدثنا الزعفراني حدثنا
يزيد يعني ابن هارون الدستوائي (ح) وحدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون
بالإسكندرية، حدثنا الوليد عن الأوزاعي جميعهم عن يحيى بن أبي كثير، عن
عطاء بن يسار، حدثني رفاعة بن عرابة الجهني (ح) قال الإمام، وحدثنا أبو
هشام بن زياد بن أيوب حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلي عن الأوزاعي، حدثنا يحيى
بن أبي كثير حدثني هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار حدثني رفاعة بن
عرابة الجهني قال: صدرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فجعلوا
يستأذنون الني صلى الله عليه وسلم، فجعل يأذن لهم فقال النبي صلى الله عليه
وسم: "ما بال شق الشجرة الذي يلي النبي صلى الله عليه وسلم أبغض إليكم من
الآخر، فلا يرى من القوم إلا باكيا قال يقول أبو بكر الصديق إن الذي
يستأذنك بعدها لسفيه، فقام النبي صلى الله عليه وسم، فحمد الله وأثنى عليه
وكان إذا حلف قال: والذي نفسي بيده أشهد عند الله ما منكم من أحد يؤمن
بالله واليوم الآخر ثم يسدد إلا سلك به في الجنة، ولقد وعدني ربي أن يدخل
من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب، وإني لأرجو أن لا يدخلوها
حتى يؤمنوا ومن صلح من أزواجهم وذرياتهم يساكنكم في الجنة، ثم قال صلى الله
عليه وسم: إذا مضى شطر الليل أو قال: ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا،
ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي
يدعو في فأجيبه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ حتى ينفجر الصبح " هذا لفظ
حديث الوليد.
قال شيخ الإسلام: قلت: فلما صح خبر النزول عن الرسول صلى الله عليه وسلم
أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ولم يعتقدوا تشبيها له بنزول خلقه، وعلموا وتحققوا
واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه
ذوات الخلق تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علوا كبيرا، ولعنهم لعنا
كثيرا.
وقرأت لأبى عبد الله ابن أبي جعفر البخاري، وكان شيخ بخارى في عصره بلا
مدافعة، وأبو حفص كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني، قال أبو عبد
الله:- أعني ابن
أبى حفص هذا- سمعت عبد الله بن عثمان وهو عبدان شيخ مرو يقول: سمعت محمد بن
الحسن الشيباني يقول: قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول
الله عز وجل (وجاء ربك والملك صفا صفا)؟ قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا
صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى لذاك، ولا ندري كيفية مجيئه،
فقلت لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف مجيئه، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا
بمجيئه، أرأيت من أنكر أن الملك يجيء صفا صفا ما هو عندكم؟ قالوا: كافر
مكذب. قلت: فكذلك إن أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب.
قال أبو عبد الله بن أبي حفص البخاري أيضا في كتابه: ذكر إبراهيم عن الأشعث
قال سمعت الفضيل بن عياض يقول: إذا قال لك الجهمي: إنا لا نؤمن برب ينزل
عن مكانه. فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
[رؤية المؤمنين لله في الآخرة]
وروى يزيد بن هارون في مجلسه حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي
حازم، عن جرير بن عبد الله في الرؤية، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إنكم تنظرون إلى ربكم كما تنظرون إلى القمر ليلة البدر " فقال له رجل في
مجلسه: يا أبا خالد: ما
معنى هذا الحديث؟ فغضب وحرد، وقال: ما أشبهك بصبيغ، وأحوجك إلى مثل ما فعل
به! ويحك! ومن يدري كيف هذا؟ ومن يجوز له أن يجاوز هذا القول الذي جاء به
الحديث، أو يتكلم فيه بشيء من تلقاء نفسه إلا من سفه نفسه؟ واستخف بدينه؟
إذا سمعتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعوه، ولا تبتدعوا
فيه، فإنكم إن اتبعتموه ولم تماروا فيه سلمتم، وإن لم تفعلوا هلكتم.
وقصة صبيغ الذي قال يزيد بن هارون للسائل: ما أشبهك بصبيغ وأحوجك إلى مثل
ما فعل به: هي ما رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، أن صبيغا التميمي
أتى أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين!
أخبرني عن (الذاريات ذروا) قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقوله ما قلته. قال: فأخبرني عن (الحاملات وقرا) قال: هي
السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ما قلته. قال:
فأخبرني عن (المقسمات أمرا) قال: الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن (الجاريات يسرا) قال: هي
السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته. قال:
ثم أمر به فضرب مائة سوط، ثم جعله في بيت حتى إذا برأ دعا به، ثم ضربه مائة
سوط أخرى، ثم حمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري: (أن حرم عليه
مجالسة الناس) فم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى الأشعري، فحلف بالأيمان
المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجده شيئا، فكتب عمر إليه: ما إخاله إلا قد
صدق، خل بينه وبين مجالسة الناس.
وروى حماد بن زيد عن قطن بن كعب: سمعت رجلا من بني عجل يقال له: فلان-
خلته ابن زرعة- يحدث عن أبيه قال: رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير
أجرب، يجيء إلى الحلق فكلما جلس إلى قوم لا يعرفونه ناداهم أهل الحلقة
الأخرى: عزمة أمير المؤمنين.
وروى حماد بن زيد أيضا عن يزيد بن أبي حازم عن سليمان بن يسار أن رجلا من
بني تميم يقال له صبيغ قدم المدينة، فكانت عنده كتب فجعل يسأل عن متشابه
القرآن، فبلغ ذلك عمر، فبعث إليه، وقد أعد له عراجين النخل، فلما دخل عليه
جلس، فقال: من أنت؟ قال:
أنا عبد الله صبيغ. قال: وأنا عبد الله عمر، ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك
العراجين، فما زال يضربه حتى شجه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال: حسبك يا
أمير المؤمنين، فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي.
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد ابن الحسين بن موسى السلمي أخبرنا محمد بن محمود الفقيه
المروزي بها، حدثنا محمد بن عمير الرازي حدثنا أبو زكريا يحيى بن أيوب
العلات التجيبي بمصر، حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز
سمعت مالك بن أنس يقول: إياكم والبدع! قيل: يا أبا عبد الله. وما البدع؟
قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه وعلمه وقدرته
لا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عمر الزاهد الخفاف، أخبرنا أبو نعيم عبد
الملك بن محمد بن عدي الفقيه حدثنا الربيع بن سليمان عن الشافعي رحمه الله
يقول: لأن ألقاه بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من ألقاه بشيء من الأهواء.
اخبرني أبو طاهر محمد بن الفضل حدثنا أبو عمر والحيري حدثنا أبو الأزهر حدثنا قبيصة
حدثنا سفيان عن جعفر بن برقان- قال: سأل رجل عمر بن عبد العزيز عن شيء من
الأهواء، فقال: الزم دين الصبي في الكتاب، والأعرابي وانه عما سوى ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن يزيد سمعت أبا يحيى القزاز يقول:
سمعت العباس بن حمزة يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت سفيان
بن عيينة يقول:كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت
عنه.
أخبرنا أبو الحسين الخفاف حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، حدثنا إسماعيل بن
أبي الحارث، حدثنا الهيثم بن خارجة سمعت الوليد بن مسلم قال: سألت
الأوزاعي وسفيان ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية قال:
أمروها كما جاءت بلا كيف.
قال الإمام الزهري إمام الأئمة في عصره، وعين علماء الأمة في وقته: على الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
وعن بعض السلف: قدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.
أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة حدثنا جدي الإمام أحمد بن نصر، حدثنا أبو يعقوب الحسن،
حدثنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " إن هذا الدين بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى
للغرباء.
قيل: يا رسول الله، ومن الغرباء؟ قال: الذين يحيون سنتي من بعدي ويعلمونها
عباد الله ". (32)أخبرنا عبد الله الحافظ سمعت أبا الحسن المكاري يقول:
سمعت علي بن عبد العزيز
يقول: سمعت أبا القاسم بن سلام يقول: المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم
عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله.
وروي عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود
فقال: "يا أيها الناس! من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله
أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم. قال عز وجل لنبيه صلى
الله عليه وسلم: (تل ما أسألكم
عليه من أجر، وما أنا من المتكلفين)0أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو
العباس المعقلي، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثني أبي وعبد الرحمن
الضبي، عن القاسم بن عروة عن محمد بن كعب القرظي قال: دخلت على عمر بن عبد
العزيز، فجعلت أنظر اليه نظرا شديدا، فقال: إنك لتنظر إلي نظرا ما كنت
تنظره إلي وأنا بالمدينة، فقلت: لتعجبي فقال: ومم تعجب؟ قال: قلت: وما حال
من لونك، ونحل من جسمك ونقي من شعرك؟
قال: كيف ولو رأيتني بعد ثلاثة في قبري، وقد سالت حدقتاي على وجنتي، وسال منخراي.
في فمي صديدا؟ كنت لي أشد نكرة، حدثني حديثا كنت حدثتنيه عن عبد الله بن
عباس قال: قلت: حدثني عبد الله بن عباس يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " لكل شيء شرف، وأشرف المجالس ما استقبل به القبلة، لا
تصلوا خلف نائم ولا محدث، واقتلوا الحية والعقرب، وإن كنتم في صلاتكم، ولا
تستروا الجدر بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في
النار، ألا أنبئكم بشراركم؟ قالو ا: بلى يا رسول الله. قال: الذي يجلد
عبده، ويمنع رفده، وينزل وحده، أفلا أنبئكم بشر من ذلكم؟ الذي يبغض الناس،
ويبغضونه. أفلا أنبئكم بشر من ذلكم؟ الذي لا يقيل عثرة، ولا يقبل
معذرة، ولا يغفر ذنبا. أفلا أنبئكم بشر من ذلكم؟ الذي لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره،
من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس
فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يد غيره، ومن أحب أن يكون أكرم الناس
فليتق الله. إن عيسى عليه السلام قام في قومه فقال: يا بني إسرائيل لا
تكلموا بالحكمة عند الجهال، فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها، فتظلموهم، ولا
تظلموا، ولا تكافئوا ظالما بظلمه، فيبطل فضلكم عند ربكم. الأمور ثلاثة: أمر
بين رشده فاتبعوه، وأمر بين غيه، فاجتنبوه، وأمر اختلفتم فيه فكلوه لله عز
وجل ".
[البعث بعد الموت والشفاعة]
ويؤمن أهل الدين والسنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، وبكل ما أخبر الله
سبحانه من أهوال ذلك اليوم الحق، و اختلاف أحوال العباد فيه والخلق فيما
يرونه ويلقونه هنالك، في ذلك اليوم الهائل من أخذ الكتب بالأيمان والشمائل،
والإجابة عن المسائل، إلى سائر الزلازل والبلابل الموعودة في ذلك اليوم
العظيم، والمقام الهائل من الصراط والميزان، ونشر الصحف التي فيها مثاقيل
الذر من الخير والشر، وغيرها، ويؤمن أهل الدين والسنة بشفاعة الرسول صلى
الله عليه وسلم لمذنبي التوحيد، ومرتكبي الكبائر، كما ورد به الخبر الصحيح
عن رسول الله صلى الله عليه وسم، أخبرنا أبو سعيد بن حمدون، أنبأنا أبو
حامد بن الشرقي، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنبانا معمر
عن ثابت عن أنس عن الني صلى الله عليه وسلم قال: " شفاعتي لأهل الكبائر من
أمتي ". وأخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا محمد بن المسيب الأغياني،
حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي، عن زياد بن خيثمة
عن نعمان بن قراد، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة،
لأنها أعم وأكفى. أترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين المتلوثين
الخطائين". أخبرنا أبو محمد المجلدي، أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا
قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو،
(ح). وأخبرنا أبو طاهر بن خزيمة أخبرنا جدي الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة،
حدثنا علي بن حجر بن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن
أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله من
أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: " لقد ظننت أن لا يسألني عن هذا
الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، إن أسعد الناس بشفاعتي
يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه".
[الحوض والكوثر]
ويؤمنون بالحوض والكوثر، وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب، ومحاسبة فريق
منهم حسابا يسيرا، وإدخالهم الجنة بغير سوء يمسهم وعذاب يلحقهم، وإدخال فريق من
مذنبيهم النار ثم إعتاقهم أو إخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم
إليها، ولا يخلدون في النار، فأما الكفار فإنهم يخلدون فيها ولا يخرجون
منها أبدا، ولا يترك الله فيها من عصاة أهل الإيمان أحدا.
[رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة]
ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم تبارك وتعالى بأبصارهم، وينظرون إليه على ما
ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: " إنكم ترون ربكم
كما ترون القمر ليلة البدر" والتشبيه وقع للرؤية بالرؤية، لا للمرئي، والأخبار الواردة في الرؤية مخرجة في كتاب (الانتصار) بطرقها.
[الإيمان بالجنة والنار وأنهما مخلوقتان]
ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما باقيتان لا يفنيان أبدا،
وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبدا، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها خلقوا
لها، لايخرجون أبدا، وأن المنادي ينادي يومئذ " يا أهل الجنة خلود ولا
موت، ويا أهل النار خلود ولا موت " على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
[الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص]
ومن مذهب أهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ومعرفة، يزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية، قال محمد بن علي بن الحسن بن شقيق: سألت أبا عبد الله أحمد بن
حنبل رحمه الله عن
الإيمان في معنى الزيادة والنقصان، فقال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا حماد بن
سلمة عن أبى جعفر عن أبيه عن جده عن عمر بن حبيب قال: الإيمان يزيد وينقص
فقيل: وما زيادته وما نقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله فحمدناه سبحانه فتلك
زيادته، وإذا غفلنا
وضيعنا ونسينا فذلك نقصانه.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي إسحاق المزكي، حدثنا أبي حدثنا أبو عمرو الحيري، حدثنا محمد
بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إدريس المكي، وأحمد بن شداد الترمذي، قالوا: حدثنا
الحميدي حدثنا يحيى بن سليم: سألت عشرة من الفقهاء عن الإيمان فقالوا: قول وعمل.
وسألت هشام بن حسان فقال: قول وعمل. وسألت ابن جرير فقال: قول وعمل. وسألت
محمد بن مسلم الطائفي فقال: قول وعمل. وسألت سفيان الثوري فقال: قول وعمل.
وسألت المثنى بن الصباح فقال: قول وعمل. وسألت فضيل فقال: قول وعمل. وسألت
نافع بن عمر الجمحي فقال: قول وعمل. وسألت سفيان بن عيينة فقال: قول وعمل.
وأخرنا أبو عمرو الحيري، حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن إدريس سمعت الحميدي
يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له
أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول: ينقص؟ فقال: اسكت يا صبي بل ينقص
حتى لايبقى منه شيء.
وقال الوليد بن مسلم: سمعت الأوزاعي ومالكا وسعيد ابن عبد العزيز ينكرون على من
يقول: إقرار بلا عمل. ويقولون لا إيمان إلا بعمل، فمن كانت طاعاته وحسناته أكثر
فإنه أكمل إيمانا، ومن كان قليل الطاعة كثير المعصية والغفلة والإضاعة فإيمانه
ناقص.
وسمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن باكويه
الحلاب يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت أحمد بن سعيد
الرباطي يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: يا أحمد إنكم تبغضون هؤلاء القوم
جهلا، وأنا أبغضهم عن معرفة. أولا: إنهم لا يرون للسلطان طاعة الثاني: إنه
ليس للإيمان عندهم قدر،
والله لا أستجيز أن أقول: إيماني كإيمان يحيى بن يحيى، ولا كإيمان أحمد بن حنبل، وهم يقولون: إيماننا كإيمان جبرائيل وميكائيل.
وسمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانيء يقول: سمعت أبا بكر محمد بن شعيب
يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قدم ابن المبارك الري فقام
إليه رجل من العباد، الظن أنه يذهب مذهب الخوارج، فقال له: يا أبا عبد
الرحمن ما تقول فيمن يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال لا أخرجه من الإيمان،
فقال: يا أبا عبد الرحمن على كبر السن صرت مرجئا؟ فقال: لا تقبلني المرجئة.
المرجئة تقول: حسناتنا مقبولة، وسيئاتنا مغفورة، ولو علمت أني قبلت مني
حسنة لشهدت أني في الجنة، ثم ذكر عن أبي شوذب عن سلمة بن كهيل، عن هذيل بن
شرحبيل قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان
أهل الأرض لرجح.
سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني يقول: سمعت يحيى بن
منصور القاضي يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت الحسين بن حرب
أخا أحمد بن حرب الزاهد يقول: أشهد أن دين أحمد بن حرب الذي يدين الله به
أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
[لا يكفر أحد من المسلمين بكل ذنب]
ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبا كثيرة صغائر وكبائر فإنه لا
يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص،
فإن أمره إلى الله عز وجل إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنة يوم القيامة سالما
غانما، غير مبتلى بالنار ولا معاقب على ما ارتكبه واكتسبه، ثم استصحبه إلى
يوم القيامة من الآثام والأوزار، وإن شاء عفا عنه وعذبه مدة بعذاب النار،
وإذا عذبه لم يخلده فيها، بل أعتقه واخرجه منها إلى نعيم دار القرار.
وكان شيخنا سهل بن محمد رحمه الله يقول: المؤمن المذنب وإن عذب بالنار فإنه لا يلقى
فيها إلقاء الكفار، ولا يبقى فيها بقاء الكفار، ولا يشقى فيها شقاء الكفار.
ومعنى ذلك أن الكافر يسحب على وجهه إلى النار، ويلقى فيها منكوسا في
السلاسل والأغلال والأنكال الثقال، والمؤمن المذنب إذا ابتلى في النار فإنه
يدخل النار كما يدخل المجرم في الدنيا السجن على الرجل من غير إلقاء
وتنكيس. ومعنى قوله "لا يلقى في النار إلقاء الكفار " أن الكافر يحرق بدنه
كله، كلما نضج جلده بدل جلدا غيره، ليذوق العذاب كما بينه الله في كتابه في
قو له تعالى (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) وأما المؤمنون فلا تلفح وجوههم النار،
ولا تحرق أعضاء السجود منهم، إذ حرم الله على النار أعضاء سجوده.
ومعنى قوله: "لا يبقى في النار بقاء الكفار " أن الكافر يخلد فيها ولا يخرج
منها أبدا، ولا يخلد الله من مذنبي المؤمنين في النار أحدا. ومعنى قوله: "
لا يشقى بالنار شقاء الكفار " أن الكفار ييأسون فيها من رحمة الله، ولا
يرجون راحة بحال، وأما المؤمنون فلا ينقطع طمعهم من رحمة الله في كل حال،
وعاقبة المؤمنين كلهم الجنة، لأنهم خلقوا لها وخلقت لهم فضلا من الله ومنة.

[حكم تارك الصلاة عمدا]
واختلف أهل الحديث في ترك المسلم صلاة الفرض متعمدا، فكفره بذلك أحمد بن حنبل
وجماعة من علماء السلف، وأخرجوه به من الإسلام، للخبر الصحيح: " بين العبد والشرك
ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر" وذهب الشافعي وأصحابه وجماعة من علماء
السلف رحمة الله عليهم أجمعين إلى أنه لا يكفر ما دام معتقدا لوجوبها،
وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتد عن الإسلام، وتأولوا الخبر من ترك
الصلاة جاحدا كما أخبر سبحانه عن يوسف عليه السلام أنه قال: (إني تركت ملة
قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون) ولم يك يتلبس بكفر فارقه، ولكن
تركه جاحدا له.
[خلق أفعال العباد]
ومن قول أهل السنة والجماعة في أكساب العباد أنها مخلوقة لله تعالى، لا
يمترون فيه، ولا يعدون من أهل الهدى ودين الحق من ينكر هذا القول وينفيه،
ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، لا حجة لمن أضله الله
عليه، ولا عذر له لديه، قال الله
عز وجل (قل: فلله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين) وقال: (ولو شئنا
لآتينا كل نفس هداها، ولكن حق القول مني) الآية وقال: (ولقد ذرأنا لجهنم
كثيرا من الجن والإنس) الآية. سبحانه وتعالى خلق الخلق بلا حاجة إليهم،
فجعلهم فرقتين، فريقا للنعيم فضلا، وفريقا للجحيم عدلا، وجعل منهم غويا
ورشيدا، وشقيا وسعيدا، وقريبا من رحمته، وبعيدا، لا يسأل عما يفعل وهم
يسألون.
أخبرنا أبو محمد المجلدي أخبرنا أبو محمد العباس السراج حدثنا يوسف عن موسى أخبرنا
جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن خفق أحدكم يجمع في بطن أمه
أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث
الله إليه ملكا بأربع كلمات، رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد، فو الذي نفسي
بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، ثم
يدركه ما سبق له في الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ".
[الخير والشر]
ويشهد أهل السنة ويعتقدون أن الخير والشر والنفع والضر بقضا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عقيدة السلف أصحاب الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ( علامات أهل السنة ) مقتطفة من { عقيدة السلف أصحاب الحديث } للإمام الصابوني - رحمه الله - ( توفي سنة 449هـ )
» شــــــــــــــــــــــــــــــــــــرف أصحاب الحديث
»  عقيدة السلف في القرآن الكريم
» كيف تعرف الحديث الصحيح من الحديث الضعيف ...؟؟؟
» إلى أصحاب الشركات و مندوبى المبيعات.....

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اهل الحق :: منتديات إسلامية :: منتدى العقيدة والتوحيد-
انتقل الى: