التقييم : 3 نقاط : 360522 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك وابك على خطيئتك الأحد أبريل 28, 2013 11:17 pm | |
|
" أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك وابك على خطيئتك "
إلى كل من نسى نفسه وعيوبه وأخطاءه ، واهتم بتتبع عورات الناس أقول لك أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك إلى كل منصف همه الحق والحق لاغير، أهدي هدا النقل الماتع وأنصح نفسي قبلكم وأرجو الله أن يتقبل مني ويجعلني ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه والسلام عليكم ورحمة الله بسم الله , والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبعد فإن أكثر ما يدخل النار الأجوفان الفم والفرج ، وإن أكثر خطايا ابن آدم فى لسانه ، ولذلك تخوفه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ، وإذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تذكر اللسان تقول : اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ، ولما سأل عقبة بن عامر رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما النجاة ؟ قال : " أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك وابك على خطيئتك " رواه الترمذى و حسنه وكان ابن مسعود – رضى الله عنه – يقول : يا لسان قل خيراً تغنم ، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم , وفي الحديث : " من كان يؤمن بالله و اليوم الخير فليقل خيراً أو ليسكت " والكلمة أنت تملكها فإذا تكلمت بها صرت أسيراً لها ، قال معاذ بن جبل – رضى الله عنه – قلت يا رسول الله أنؤاخذ بما نقول ؟ فقال : " ثكلتك أمك يا ابن جبل وهل يكب الناس فى النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " رواه ابن ماجه و الترمذى و صححه . فحصائد الألسنة من أعظم أسباب دخول النار ، يستهين بها العبد ولا يبالى بها وهى أشبه بسبع إن أرسلته أكلك ، ولذلك قال ابن مسعود : والله الذي لا إله إلا هو ما شئ أحوج إلى طول سجن من اللسان , فحق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه ، مقبلاً على شأنه , فما عقل دينه من لم يحفظ لسانه . وكتب عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – أما بعد : فإن من أكثر ذكر الموت رضى في الدنيا باليسير ، ومن عد كلامه فى عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ، و حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدرهم و الدينار ، وما من الناس أحد يكون منه لسانه على بال إلا رأيت صلاح ذلك فى سائر عمله . والصمت يجمع للرجل فضيلتين السلامة فى دينه ، والفهم عن صاحبه ، هذا بالإضافة إلى أن فيه دوام الوقار والفراغ للفكر والذكر والعبادة والسلامة من تبعات القول فى الدنيا ، وفى حسابه في الآخرة . فقد قال الله تعالى " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " فالصَّمت في موضعه فضله كبير وذلك لكثرة آفات اللسان فى الخطأ ، والكذب و الغيبة و الرياء و النفاق و الفحش و المراء و تزكية النفس ، والخوض في الباطل ، والخصومة و الفضول والتحريف والزيادة والنقصان وإيذاء الخلق ، وهتك العورات ، فهذه آفات كثيرة لا تثقل على اللسان وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان ، ففى الخوض خطر وفى الصمت السلامة . جاء رجل إلى سلمان الفارسي فقال : أوصني : قال لا تتكلم قال : لا يستطيع من عاش فى الناس أن لا يتكلم ، قال : فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت ، قال : زدني قال : لا تغضب ، قال : إنه ليغشاني ما لا أملكه ، قال : فإن غضبت فأمسك لسانك ويدك ، قال : زدني ، قال : لا تلابس الناس ، قال : لا يستطيع من عاش فى الناس أن لا يلابسهم ، قال : فإن لابستهم فاصدق الحديث و أد الأمانة . وقال عطاء ابن أبى رباح : يا ابن أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام ، وكانوا يعدون فضوله ماعدا كتاب الله عز و جل أن تقرأه , وتأمر بمعروف أو تنهى عن منكر , أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لابد لك منها ، أتنكرون أن عليكم حافظين كراماً كاتبين عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ؟ أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التى أملي فإن أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه " . و أشد الورع فى اللسان وهو أعصى الأعضاء على الإنسان ، وأعظم آلة يستخدمها الشيطان ، وقد تساهل الخلق فى الاحتراز عن آفاته و غوائله ، والحذر من المصائد و حبائله ، فلا تعب فى إطلاقه ولا مؤنة فى تحريكه ، فكان لابد من مجاهدة فى صونه ، وفى الحديث : " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " رواه الترمذى ، فالمؤمن لا يكون صمته إلا فكراً ونظره إلا عبراً ونطقه إلا ذكراً ، ورأس مال العبد أوقاته فإن صرفها فى مالا يعنيه ولم يدخرها ثواباً فى الأخرة فقد ضيع رأس ماله ، قيل للقمان الحكيم : ما حكمتك ؟ قال : لا أسأل عما كفيت ، ولا أتكلف ما لا يعنيني ، وقال عمر – رضى الله عنه – لا تتعرض لما لا يعنيك واعتزل عدوك , وأحذر صديقك في القوم إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله تعالى ,ولا تصحب الفاجر فتتعلم منه فجوره ، ولا تطلعه على سرك ، و استشر فى أمرك الذين يخشون الله تعالى . وكان من مضى بإحسان يكرهون فضول الكلام ، فعن ابن مسعود – رضى الله عنه – قال : أنذركم فضول كلامكم حسب امرئ من الكلام ما بلغ به حاجته ، وقال مجاهد : إن الكلام ليكتب حتى إن الرجل ليسكت ابنه فيقول : أبتاع لك كذا و كذا ، فيكتب كذاب . وقال الحسن : " من كثر كلامه كثر كذبه ، ومن كثر ماله كثرت ذنوبه ,ومن ساء خلقه عذب نفسه ، وقال عمر بن عبد العزيز : إنه ليمنعني من كثير من الكلام خوف المباهاة وقال البعض : إذا كان الرجل في مجلس فأعجبه الحديث فليسكت وإن كان ساكتاً فأعجبه السكوت فليتكلم ، وقال ابن عمر : إن أحق ما طهر الرجل لسانه ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة فقال : لو كانت هذه خرساء كان خيراً لها . وقد يندرج العبد إلى الخوض فى الباطل كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر والفسق و الفجور ، قال تعالى : " وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها و يستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره " و ذكر القرآن من أسباب دخول النار " وكنا نخوض مع الخائضين " و قد يتكلم الرجل بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ به ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخط إلى يوم القيامة ، و يدخل فى ذلك كلمات الاستهزاء بدين الله ، و السخرية من السنن وما يحدث فيما يسمى بالكوميديا من كلمات لإضحاك الناس على حساب المعانى الشرعية كالجنة و النار و الملائكة والأستهزاء بالعلماء ... قال تعال " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض و نلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " وعلى العبد أن يعتني بكلماته عن المراء و الجدال المشكك فى الدين و الذى يقضى إلى الخصومة أو بغية الظهور والتعالي و ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ، قال عيسى – عليه السلام - : من كثر كذبه ذهب جماله ، و من لاحى الرجال سقطت مروءته ، ومن كثر همه سقم جسمه ، ومن ساء خلقه عذب نفسه ، وقال عمر – رضى الله عنه – : " لا تتعلم العلم لثلاث ولا تتركه لثلاث ، لا تتعلمه لتمارى به ، ولا لتباهى به ، ولا لترائي به ، ولا تتركه حياء من طلبه ولا زهادة فيه ، ولا رضا بالجهل منه " , وورد في الحديث : " إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم " رواه البخارى ، و الألد الخصم هو الذى يفجر فى خصومته ، قال البعض : إياك و الخصومة فإنها تمحق الدين ، روى أن عيسى عليه السلام – مر به خنزير فقال : مر بسلام فقيل : يا روح الله – أتقول هذا لخنزير ؟ فقال : أكره أن أعود لسانى الشر " , وفى الحديث " الكلمة الطيبة صدقة " رواه مسلم ، و قال عمر – رضى الله عنه – البر شئ هين ، وجه طليق و كلام لين " ، ومما يذم في الكلام التشدق و التقعر والتفيهق و تكلف السجع وكل صور التصنع المذموم و ذلك لما رواه أحمد : " إن أبغضكم إلى و أبعدكم منى مجلساً الثرثارون المتفيقهون المتشدقون فى الكلام " وقال صلى الله عليه و سلم : " ألا هلك المتنطعون " ثلاث مرات, و" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ، فإياكم و الفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " ، و للأسف فهذه مادة مزاح بعض الناس ، وفى الحديث " سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر " متفق عليه " و " من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه " قالوا يا رسول الله : كيف يسب الرجل والديه ؟ قال : " يسب أبا الرجل فيسب الأخر آباه " رواه أحمد . واللعن يكثر عند النساء بصفة خاصة و فى الحديث " إن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة " رواه مسلم . و معنى اللعن الطرد من رحمة ، وهذه خاتمة لا يعلمها إلا الله ، وعلى قول الجمهور لا يجوز لعن المعين ، فإذا ورد الشرح بشئ فلا بأس بلعنه ، ولا يختلف اثنان على حرمة الغناء الفاحش و خصوصاً إذا صاحبته موسيقى ، والقبح أشد إذا انضاف إليه تهتك وتبرج النساء ، و كان العلماء يطلقون وصف المخانيث على المغنين ، أشباه الرجال ولا رجال ، و يقولون ترد الجارية المغنية بالعيب ، وكان القانون المصري حتى سنة 1938 م يرد شهادة المغنى والممثل ، أما الإنشاد فحسنه حسن و قبيحه قبيح ، وقد كان حسان بن ثابت – رضى الله عنه – ينشد بحضرة النبى صلى الله عليه و سلم ، و كان البعض كعبد الله بن رواحة و كعب بن مالك و كعب بن زهير من شعراء المسلمين الفحول ، و لكن لا ينبغى أن يكون بديلاً عن القرآن ، و شأن الشعر كشأن المزاح يستحسن فى موضعه و ان النبى صلى الله عليه و سلم يمزح ولا يقول إلا حقاً ، ولا داعى للمغالاة فيه حتى لا يسقط الوقار ، قال محمد بن المنكدر قالت لى أمي : يا بنى لا تمازح الصبيان فتهون عندهم ، وقال سعيد بن العاص لابنه : يا بنى لا تمازح الشريف فيحقد عليك ، ولا الدنى فيجترئ عليك وقال عمر بن عبد العزيز : اتقوا الله و إياكم و المزاح فإنه يورث الضغينة و يجر إلى القبيح ، تحدثوا بالقرآن و تجالسوا به ، فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال ، وقيل : لكل شئ بذور ، وبذور العداوة المزاح , وقد نهينا عن السخرية و الاستهزاء قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءً من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون " فاحتقار الآخرين والاستهانة بهم والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك كل ذلك مذموم وسواء تم بالكلام أو بالإشارة أو الإيماء ، وفى الحديث " لا يدخل الجنة نمام " متفق عليه ، وما أكثر مجالس الغيبة والنميمة التي تتم على حساب لحوم البشر والعلماء، والبعض لا يحسن استغلال وقت فراغه ، والتعلل بالصدق في وصف عيوب الناس ، ونقل أخبار الوقيعة لا يشفع للإنسان ، قالوا : من نم لك نم عليك ، فالنمام ينبغى أن يبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته ومن الناس من يكلم كل واحد بوجه وبكلام يوافقه ، وهذا يطلق عليه اسم ذى الوجهين أو ذي اللسانين يجرى مع كل ريح ، وكانوا يعدون ذلك من النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم , ويتأكد ذم المدح إذا أضيفت الفتنة على الممدوح وكان المدح بالكذب , قال على – رضى الله عنه – لما أثنى عليه : اللهم اغفر لى ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون ، و اجعلني خيراً مما يظنون. وقال لآخر مدحه : تهلكني و تهلك نفسك ، وقد لا يخلو الكلام من الغفلة عن دقائق الخطأ و كثرة السؤال فيما لا يترتب عليه عمل للقلب و الجوارح ..... هذه بعض حصائد الألسنة ذكرناها باختصار وإجمال لتكون منك على بال ، والواحدة منها قد تتسبب فى عطب العبد وهلاكه فكيف إذا انضافت إليها الأخريات ؟! ، و كلها أشبه بحيات و عقارب يساكنها العبد ، فإن تنجو منها تنجو من ذى عظيمة و إلا فإنى لا إخالك ناجياً ، فاستعن بالله و تدبر قوله سبحانه " إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " وقوله جل و علا " اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً " قال الحسن : يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك ، فأما الذى عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت – أقلل أو أكثر – حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت فى عنقك معك فى قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتاباً تلقاه منشوراً " اقرأ كتابك " فقد عدل – و الله – من جعلك حسيب نفسك | |
|