الشائعات .. وكثرة الكلام

الشائعات .. وكثرة الكلام سامي ضيف الله التميمي الغزالة - حائل
عباد الله
إن الشائعات قد دبت وإن مروجيها قد كثروا وإنهم غافلون عن عظم ذنبها وخطرها
ونسوا أو جهلوا أن مروج الشائعات فاسق بنص قوله تعالى يٰأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ ِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن
تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ
نَـٰدِمِينَ [الحجرات:6]، قرأ حمزة والكسائي: فتثبَّتوا . فسمى الله الذي
يجيء بالشائعة فاسق . فكيف يرضى المسلم لنفسه أن يكون من جملة الفاسقين .
عباد الله : هناك أناس لايبالون بنقل الأخبار ويحبون أن تشيع الفواحش
ويرددون أخباراً ليست حقيقية بغرض الإفساد وإهلاك المجتمع .. فهل تعلمون
جزاؤهم ، نسأل الله أن لانكون منهم فهؤلاء جزاؤهم العذاب الأليم ليس في
الاخرة فقط بل حتى في الدنيا يقول عز وجل إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن
تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى
ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ [النور:19].
أيها المسلمون : إن المسلم لايجب أن يتكلم بكل شيء يسمعه ، فربما كان
ماسمعت غير صحيح وتكون حينها كاذباً ، فإن كنت في مجلس من المجالس وتحدث
أحد بأمر ماء أو بقصة فلا ترويها إلا بعد أن تتثبت منها وإلا فقد تتحمل ذنب
الكذب إن كانت القصة غير صحيحة والدليل في ذلك مأخرجه الإمام مسلم في
صحيحه أن رسول الله قال: ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) ، وفي
رواية: ((كفى بالمرء إثماً))أي يكفي الرجل ان يكون اثماً حينما يحدث بكل
مايسمع لأن بعض مايسمع أو أغلبه غير صحيح فيكون آثماً. فاحفظ لسانك
ياعبدالله فالسكوت حكمه ، واللسان عضو صغير كم جر صاحبه للهلاك وكم فرق بين
الأحباب وكم جلب المشاكل والإختلافات .
بعض الناس عباد الله عندما يسمع خبراً يسرع بنشره بين الناس سواءً في
المجالس او المنتديات في الانترنت وسينتقل الخبر بسرعة الريح وكم من شخص
سيزيد في الخبر وكم من ناقل يغتاب وكم من نمام قصده خبيث وكل ذلك ذنب عظيم ،
فمالذي حداني لأن أكتب خبراً ليس لي به صالح أو أروي قصة سمعتها من احد
ربما كذب بها أو زاد بها فأتحمل كل ذلك.
وليتذكر قول رسولنا الكريم r: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" أي : اللسان والفرج [متفق عليه].
وقولهr - أيضاً - حين سأله عقبة بن عامر t: يا رسول الله: ما النجاة ؟
قال: "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك" [أخرجه الترمذي].
حفظ اللســـان عن القبيح أمانـة يزكو به الإســـلام والإيمان
مَن كَفّ كف الناس عنه ومن أبى إلا الخنـا فكمـــا يدين يـدان
يقول فيما رواه البخاري في الأدب المفرد عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها:
((ألا أخبركم بشراركم؟!)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((المشاؤون
بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت)) أي الطالبون
للأبرياء المشقة والفساد ونحو ذلك .. ثم اعلم يامن تكلم بك فلان أو
علان وانت برئ من قولهم إعلم انك مأجور وستاخذ من حسناتهم يوم القيامه وهم
اثمون بفعلهم
أسأل الله أن يحفظنا وإياكم من كل سوء وأن يحفظ ألسنتنا ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته . أقول ماتسمعون............
الخطبة الثانية
عباد الله : إن الشائعات ليست حديثة عهد فقط بل حتى في زمن الصحابة رضوان
الله عليهم ومثال ذلك في معركة أحد، عندما أشاع الكفار أن الرسول صلى الله
عليه وسلم قتل فتأثر بذلك كثير من المسلمين، حتى أن بعضهم ألقى السلاح
وترك القتال ، فتأملوا رحمكم الله تأثير الإشاعة .
ومن الشائعات القوية التي وقعت في زمن الخيرية والفضيلة: ما رُميت به أم
المؤمنين، الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، عائشة،- رضي الله عنها- من الإفك
المبين، والفرية العظيمة،التي لاكتها ألسنة المنافقين، وقلة قليلة من
المسلمين، فأنزل الله عز وجل براءتها من فوق سابع سماء كما في سورة النور.

فاحذروا يامحبي الإشاعات واحذروا يارواد المنتديات واحذروا يامن تعودت
السنتكم الكذب واحذروا يامن كرهكم الناس لكثرة حديثكم والكذب فيه، فلا تقل
ولا تكتب الا صدقاً كلاماً قليلاً بليغاً مفيداً، لاتذم ولا تشتم ولاتلعن
ولاتغتاب ولاتنم ولاتهن أحدا حتى لو أخطأ عليك فاحتسب الأجر من الله. يقول
الشافعي:
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم * إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف * وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تُخشى وهي صامتة * والكلب يخسى بخوف وهو نباح
وأخيرا يامسلم ياعبدالله ،، احفظ لسانك ولاتكثر الكلام حتى لو كنت صادقاً
وعندك الخبر اليقين ، لاتتسيد المجالس بكثرة الحديث ولاتنقل كل ماتسمع فما
مدح رجل واثني عليه بكثرة كلامه(2) إنما هي الأفعال وقديما قالوا " ان كثرة
الكلام تذهب الوقار." وقال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه: "إذا تم العقل
نقص الكلام"، وقال: "بكثرة الصمت تكون الهيبة". فإذا اكثر الرجل الكلام
فاعلم انه لاوقار له غالباً ، فما أجمل الرزانة والصمت ، فمن أكثر السوالف
وقع غالباً في احدى ثلاث وقع في في الغيبة أو زاد في القصة أو نقلها ضاناً
صدقها وكل الحالات ذنب وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال( وهل يكب
الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) وقال أيضاً عليه الصلاة
والسلام:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"
ثم اسمع ماقاله لقمان الحكيم لأبنه ،قال لقمان لولده:" يا بني اذا افتخر
الناس بحسن كلامهم فافتخر انت بحسن صمتك"(2). وقال احدهم وانقلها كفائدة
يقول :واعلم أنه يجدر بالمرء أن يتوقف عن الكلام حين يهز المستمع إليه رأسه
موافقا من دون أن يقول شيئا. أسأل الله أن يرزقنا حسن الكلام والقول
الصحيح ويعيننا على قول الحق وقلة الكلام وأن يحفظ ألسنتنا ويحفظ مجتمعنا
من الشائعات وأسأله سبحانه أن يهدي من تعود على نشر الشائعات وأ يجعله
عوناً للإسلام والمسلمين بقلم أو لسان إنه سميع مجيب للدعاء.