التقييم : 3 نقاط : 360918 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: نصائح لأخي طالب العلم الإثنين نوفمبر 19, 2012 11:34 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده . أمّا بعد: فمن باب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((الدِّينُ النَّصِيحَة)) قلنا لمن؟ قال: ((لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم)) أخرجه مسلمٌ من روايةِ تميم بن أوسٍ الداري – رضي الله عنه - . أما النصيحة الأولى: فاحْمَدِ اللهَ تبارك وتعالى على ما آتاك من فضله من حبٍّ للعلم وأهله واتباعاً للكتاب والسنة ومنهج الصحابة - رضي الله عنهم - واشكره على هذه النعمة ولا تكفرها, واسأله أن يجعل أُنسَك في اتباع نبيِّك صلى الله عليه وسلم, واسأله المزيد من فضله إن رب لذو فضل عظيم على العالمين . 2 - عليك بالإخلاص لله تعالى, وتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم, فهنا تكمن القضية ويكون المحك، فإنّ الشعراتَ وحدَها لا تكفي بل لابد من الضوابط الشرعية المرضية . 3 - اجتهد في تحقيق النصيحة على الوجه المرضيِّ كما ذُكر آنفا . 4 - اجعل نُصب عينك الجنةَ ورضا الله وحدَه دون ما سواه. 5 - اجعل غرضك من العلم رفعَ الجهل عن نفسك وعن الأمة، ولا يكن غرضك الانتصار لمذهبٍ أو طريقةٍ أو شيخٍ بحيث تكون متعصباً له وإن كان يسلوك سبيلَ المجرمين، فإن فعلت بطل سعيك وكان العلم نِقمَة عليك . 6- لا تَنظُر أبداً للجاه والمَنصب ولا تغترّ بما في الشُّهرة من البَِريق[التَّلألُؤِ] في الاستوديوهات والكراسيِّ الدَّوارة كما هو حاصل في عصرنا من شيوخ الضلالة، فكم أهلكت من عالم وأفسدت من سالك . 7 - لا تُبالي بالمدح والذم الحاصل من قِبَلِ الخلق، وعليك بتحقيق الزهد في باب المدح والثناء. يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه العُجاب ((فوائد الفوائد)) ص (383) بتحقيق علي الحلبي عفا الله عنه : (فإن قلت: وما الذي يسهِّل عليَّ ذبحَ الطمع [فيما عند الناس] والزهدَ في الثناء والمدح؟ قلت:أما ذبحُ الطمع’ فيسهله عليك علمُك يقينا أنه ليس من شيءٍ يُطمعُ فيه إلا وبيدِ الله وحده خزائنُه لا يملكها غيره، ولا يُؤتي العبدَ منها شيئا سواه . وأما الزهدُ في الثناء والمدح’ فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس أحد ينفع مدحُه ويَزين, ويضُر ذمه ويَشين إلا الله وحده, كما قال ذلك الأعرابي للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إن مدحي زين وذمي شين, فقال: (( ذلك الله عز وجل )) رواه الترمذي من رواية البراء بن عازب, بسند صحيح . تنبيه: ما بين المعقوفتين ليس من كلام العلامة ابن القيم رحمه الله . 8 - تعامل مع الله تعالى بصدق وإخلاص، وعزيمة وهمة، وأبشر بكل خير فإن الصدق والإخلاص من أسباب بركة العلم ورسوخه في القلب وثبوته . 9 - ليكن لك سَمْتُ أهل العلم من الوقار والخشية والورع تتميّز به عن غيرك، وتحلّى بالفضائل والأخلاق الحسنة فإن الله – تبارك وتعالى – كريمٌ يحب الكرماءَ جَواد يحب الجَوَدَةَ يحب معاليَ الأخلاق ويكرهُ سَفْسَافها . 10 - إياك والعُجبَ بحفظك للعلم واستحضارك للأدلة’ فيحملك ذلك على الترفُّع على من سبقك في العلم فكم من شاب هلك وفشل علمه وذهبت بركته لمّا وقع ذلك في قلبه، وتذكر أن لمن سبقك في العلم فضلا وإحساناً منهم عليك’ فلا تنسى فضلَهم ولا تجحد معروفَهم. 11 - داوِم على مُذاكرة العلم ومسائله وسؤال العلماء المعتبرين ممن فَتَقَ الله تعالى بنور الحق قلوبَهم وعقولَهم’ فإن العلم ذِكرٌ لا يبقى إلا بتَكرَاره, وأعظم ما يعين على ذلك صاحبٌ رِجله في الثرى وهامةُ هِمّتِه في التُّريّا تُذاكِره وتَخْتَلِفُ عليه. 12 - لرب ما حَضَرَتَكَ نُكتَةٌ كانت قد غابت عنك فقيِّدها فالعلم صيد كما قيل . 13 - عليك بذكر المليك العلام في كل حينٍ من الزمان . 14 - احرص على العمل بعلمك و أن تكون أفعالك مطابقة لأقوالك حسب الطاقة, وإن بدر منك تقصير فبادر بالتوبة والإنابة ولا تجاهر بالمعصية فإن المجاهر بها شر الناس, وليسعك بيتك, وابكي على خطيئتك، وداوم على الفرائض والنوافل وكن متبعاًً للشرع في الظاهر والباطن. 15 - إلزم جادة علماء السنة في مسائل العلم والعقيدة والمنهج والفتوى، وإياك وشواذّ المسائل والفتوى بالرُّخَص والغرائب لتُعرف بين الناس وتثير الجدل حولك’ فإنّ من ابتُلي بذلك ذهبت مروءَته وفسد دينه وتركَه الناس ولم يركَنوا لرأيه . 16 - إياك والتصدر لكبار المسائل ودعها للأئمة لتبرأ عُهدتك ويسلم لك دينك, ولا تُسارع في الدخول في الفتن, وحاول أن تدفع ذلك عنك دفعاً شديداً, والمعافى من عافاه الله تعالى, حتى إذا ما قَوِيَ عُودك في العلم وأصبحت إماماً فيه وتمكَّنْتَ منه يوماً يصدر الناس عن رأيك وابتُليتَ بالسؤال ووقع ذلك كله’ فاستعن بالله وتحرَّ الصواب وإذا تكلَّمتَ فتكلم بعلم, وإذا سكتّ فسكُت بحلم . 17 - اعلم أن عينَ الحكمة والرأيَ الصواب ليس في تشقيق المسائل وكثرة الكلام كعادة أهلِ زماننا من المنحرفين عن منهاج النبوة, وإنما يكون في صدق النية وتحري الحق وتوفيق الرب تعالى والتأمُّل في الدليل الشرعي وكلام الأئمة’ فلا تغترَّ بكثرة الكلام وعليك باللُّب وإعمال الفهم, واسألِ اللهَ التسديد والإصابة . 18 - تجنبِ الجَدَل في النِّقاشات العلمية وإياك والدخول في الردود والمناظرات’ فإن ذلك يشغَلُك قلبَك ويشتِّتُ فِكْرك, وما ابتُليَ امْرُؤٌ بالجَدَلِ إلا وفُتِحَ عليه بابٌ من الشرِّ وفاتَه كثيرٌ من الخير . 19 - ليكن لسانُك وَرِعاً عن الخوض في أعراض المسلمين, وإياك ولحوم العلماء فإنها مسمومة’ فإن منِ استخفّ بالكبار عرّضَ نفسَه للمهانة والصَّغَار وذهب دينه . 20 - شاور من تَِثقُ به وبدينِه من ذوي الحكمة والحِلْم والأناة في كلِّ خطوة تخطوها’ فإنّ هذا عين العقل . 21 - وطِّن نفسَك على حصول الأذى والضرر من عدوك ومن أقرانك ومن الجُهّال’ فإن ابتُليتَ ولا بد, فالزمِ الصبرَ ولا تشكو حالَك للخلق ولا يحملك ذلك على التقاعُس وترك العلم والدعوة, فإن من بَذَلَ نفسَه للخلق وجاهدَ في ذات الله – جلت قدرته - بعلمه وقلمه لا بد أن يُبتلى ويمَحَّص. 22 - اعلم أن الله اصطفاك وميّزَك وجعلَك من ورثَة النبي صلى الله عليه وسلم, وحَمْلِ أمانةٍ عَجز عن حملها كثيرٌ من الرجال’ فحافظ عليها – بارك الله فيك - ولا تُضيِّعْها, وتخلّق بأخلاق العلم وكن مزكِّيا له ولا تبخل به ولا تطلب به عَرَضا من الدنيا ولا تُضَيِّع نفسَك بهجرِك العلمَ وإقبالِك على الرَّاحة وملذَّات الدنيا . وأخيراً: إلزم سنةَ النبيِّ الهُمام صلى الله عليه وسلم واحرِص كلَّ الحرص على اتباع السلف في كل صغيرة وكبيرة, وحافظ على المنهج الوارد في الوحيَيْن, وتكلم بخِطاب الشرع ولا تدخل في الرأي والفكر ولا تغترَّ بأطروحات أهل العصر وتفتتن بلغة الغرب’ فإن من دخل في هذا الباب التَبَسَ عليه أمره وانفرط, وهجر الخِطاب الشرعي وأخطأ الطريق . فلا تكونَنَّ ممن استبدلَ الذي هوَ أدنى بالذي هو خير . والحمد لله رب العالمين . حُرِّر :صباحَ السبت 15 رمضان, 1433 . | |
|