التقييم : 3 نقاط : 360522 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: تفريغ الدرس الثالث من الفقه (المستوى الثاني) د. عبد الله السلمي الخميس نوفمبر 22, 2012 10:23 pm | |
| بسـم الله الرحمـن الرحيـم
الأكاديمية الإسلامية المفتوحة الفصل الدراسي الثاني لعام 1433 هـ مادة الفقه «المستوى الثاني» د. عبد الله السلمي تفريغ المحاضرة الثالثة
http://www.archive.org/download/feqh2-03/feqh2-03.doc
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا, اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل, اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علمًا وعملاً يا كريم.
وبعد, فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته, إخوتي المشاهدين والمشاهدات, وأسعد الله مساءكم بكل خير, ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه. وكنا قد شرحنا في درس يابق عن بعض مسائل ستر العورة, وهو الشرط الثاني من شروط الصلاة, وتحدثنا عن عورة الرجل وعورة المرأة, إلا أنه ثمة بعض المسائل التي تحدث عنها أهل العلم مما يكره في الصلاة من الثياب, وكذلك بعض مَا انكشفت عورته وهو في الصلاة, ولعان نقف.., أو نشرع بما كنا قد توقفنا فيه, وهذه هي المسألة الأولى. المسألة الأولى وهي: حكم مَن انكشفت بعض عورته, حكم مَن انكشفت بعض عورته. لا يخلو مَن انكشفت عورته إلى أربع أحوال: الحال الأولى: مَن انكشفت عورته وكان الكشف والظهور فاحشًا وقد طال الزمان, يعني طال الكشف, وكان ذلك متعمدًا, فقد أجمع أهل العلم على أن صلاته ماذا؟ باطلة, لأنه كشف عورته وهو متعمد وطال الزمان. الحالة الثانية: أن يكشف عورته, وما معنى عورته؟ هل هي المغلظة أم عورة الصلاة؟ المقصود بها عورة الصلاة, وهي ما بين السرة والركبة, والمرأة عورتها وهي: شعرها وكل شيء إلا وجهها وكفيها وقدميها, فلو كشفت عورتها التي في الصلاة متعمدة وطال الفصل وقد فحش, مثل أن خلعت جلبابها وخمارها فإن الصلاة لا تصح. الحالة الثانية: أن تكشف متعمدًا أو متعمدة وكان الكشف يسيرًا, فإن جماهير أهل العلم قالوا بأن الصلاة باطلة, لأنها كشفت شيئًا واجب عليها تغطيته وهي متعمدة. الحالة الثالثة: أن تكشف أو أن يظهر شيء من عورتها وهو فاحش, ولكن الوقت قصير, مثل: أن تكون المرأة قد تصلي وولها بجانبها فيجرُّ قيابها, فيخرج شعرها, فتأخذ ثيابها ثم تغطي, واضحة هذه الصورة؟ هذه حاصلة أم غير حاصلة؟ حاصلة, أو شخص يصلي عليه سروال -مثلاً- وانحل سرواله فرفعه بعد أن ظهر شيء من خلفه, فإن الصلاة حينئذ كشف شيء من عورته, ولكنه ليس طويلاً, ليس طويلاً, فهذا الراجح والله أعلم أن صلاته صحيحة, أن صلاته صحيحة, أولاً: لأنه جاهل لم يتعمد, ولأننا نقول: أن الراجح أن سترالعورة ليس مثل شروط الصلاة كالوقت, فإنه يُعذر في حال الجهل وحال النسيان, وحال الجاهل عهذا حاصل, ولم يطل الفصل, وهذا هو مذهب أحمد وأبي حنيفة, على خلاف ما هو يُكشف عرفًا -كما سوف يأتي- الحالة الرابعة: إذا انكشف شيء من عورته جاهلاً أو ناسيًا وكان يسيرًا وطال الفصل, فإن بعض أهل العلم قال بأن الصلاة باطلة, كما هو قول أحمد في رواية وقول مالك والشافعي في إحدى قوليه, والذي يظهر والله أعلم أنه إذا كان يسيرًا مع الجهل والنسيان من غير تعمد فإن الصلاة صحيحية, ذلك لما جاء عند البخاري من حديث عمرو بن سلمة في قصة صلاته حينما صلى بأصحابه, قال: "فأممتهم..", قال -صلى الله عليه وسلم- «فليؤمكم أكثركم قرآنًا», قال: "فنظروا فلم يجودا أكثر قرآنًا مني, فكأنما يقر القرآن في قلبي, فأممتهم وأنا ابن ست, أو ابن سبع سنين, فكنت إذا خرجت خرج شيء من إستي -يعني دبري- قال: فكان النساء يقلن غطوا سوءة, أو واروا عورة صاحبكم, قال: فاشتروا لي بردة, فما فرحت بعد الإسلام فرحي بمثل هذه البردة". وجه الدلالة: أنه قد انشكف شيء من عورته, وكان يسيرًا وطال الفصل, لأن كل صلاته.., كل ما سجد يظهر, فدل ذلك على أن اليسير الذي يكون حال الجهل والنسيان أنه يعفى عنه, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
الحالة الخامسة: اليسير الذي لم يطل الفصل وإن كان متعمد فالذي يظهر إذا كان يسيرًا جدًا مثل أن المرأة تقوم فترفع رأسها وتحكُّ رأسها ثم ترجعه, أن الصلاة صحيحة لكنها لا ينبغي لها أن تصنع ذلك, أن تصنع ذلك. وقولنا هذا اليسير, مثل بعض الناس في الحج حينما يلبس, وكان أحيانًا بعض الذين يصابون بالتخمة شفانا الله وعافانا وإياهم- فإذا لبسوا الرداء أو الإزار فربما حال الركوع والسجود ينحل شيء من ذلك, فهم يرفعون, وأحيانًا ينزلون ثم يرفعه, فهذا خرج شيء من عورته, ولكنه يسير, فالرجح والله أعلم أن هذا لم يكن متعمدًا, وهذا للحاجة, والله أعلم. إذا ثبت هذا فإن أهل العلم تحدثوا عما يكره لبسه في الصلاة, فمما ذكروه, فمما ذكروه هو: السدل في الصلاة, السدل في الصلاة, فإن جماهير أهل العلم من الماليكة والشافعية والحنابلة, قالوا: يكره للإنسان أن يسدل في صلاته على خلاف في تفسير السدل, والأظهر في تفسير السدل هو: أن يضع ثوبه على كتفيه, ثم يرخي طرفيه ولا يرفع أحدهما بالآخر, هكذا.., ويضع غترته -مثلاً- من الخلف, وهذا مثل الرداء يضعه هكذا, ويضع شيئًا من بطنه, فهذا مكروه إذا قلنا أنه لم يظهر شيء من عورته, ولا تظهر شيء من عورته, فهذا مكروه, وهذا فسره الإمام أحمد أن يضع رداءه على كتفيه ثم يسدلهما من غير أن يذهب بطرف على طرف, وقالوا إن هذا مكروه لورود الحديث في ذلك, والحديث سوف نتحدث عنه. الثاني: ولأن ذلك من فعل المجوس, ولأن ذلك من فعل اليهود, ولأن ذلك من فعل ماذا؟ اليهود, هذا هو مذهب الحنابلة. وقال بعضهم: إن السدل هو إسبال الإزار, وهذا قول عند الشافعية وهو قول لبعض الحنابلة كالآمدي وغيره, وقد غلَّط أبو العباس ابن تيمية هذا القول, وقال: "إن تفسير السدل بالإسبال غلط", والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. وأما التفسير الثالث فهو: أن يلتحف بردائه ويداه داخل الرداء بحيث يشق عليه ماذا؟ أن يفك يديه, فيكون كالذي يصلي وهو معقوص يعني مربوط, فهذا من الأدلة. واعلم -رعاك ربي- أن جمهور أهل العلم من الحنيفية والشافعية والحنابلة كرهوا الصلاة في السدل, وقالوا: لما جاء في الحديث الذي رواه عِسْل بن سفيان والحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول, كلاهما عن, يعني يرويع عِسْل بن سفيان عن عطاء, ويريه الحسن بن ذكوان عن سليمان بن الأحول عن عطاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يسدل الرجل في الصلاة, وأن يغطي الرجل فاه», وهذا الحديث من حديث الحسن بن ذكوان, وروى عِسْل بن سفيان من غير ذكر "الفم", إذن يرويه عِسْل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن السدل في الصلاة, ورواه أيضًا أبو داوود من حديث الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء «وأن يغطي الرجل فاه» والحديث بمجموع طرقيه ضعيف, فإن عِسْل بن سفيان رجل ضعيف, والحسن بن سفيان ليس بالقوي, وقد ضعفه غير واحد من أهل العلم, فدل ذلك على أن النهي ضعيف, وذهب مالك -رحمه الله- إلى أنه ليس به بأس أن يسدل الإنسان في صلاته, مثل أن يضع رداءه على منكبيه ويسدلهما, وقال: "رأيتُ أهل العلم يصنعونه, وكلهم قد رخص فيه" وقد روي عن ابن عمر وغيره. يقول ابن المنذر -رحمه الله-, يقول: "والكراهة والنهي لا يثبت إلا بدليل صحيح, ولا دليل على النهي", والذي يظهر والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم أن الإنسان الأولى به ألا يتشبه بفعل اليهود, ولكن هذا الأولوية إنما دخلت في عموم حديث ابن عمر «مَن تشبه بقوم فهو منهم» فهو لم يقصد التشبه, ولكن وجوده لمثل هذه المحاكاة؛ الأولى تركها, ولكن الكراهة حكم شرعي لا تثبت إلى بدليل شرعي, ولهذا نقول: الأولى بألا يصنع ذلك, وإن كان ليس ثمة حديث صحيح يصار إليه كما هو مذهب مالك, وقد فعله ابن عمر -رضي الله تعالى عن الجميع- من المسائل التي تحدث أهل العلم عنها: هو اشتمال الصماء, وقد جاء في الصحيحين, وقد جاء في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبستين» واللبستان هي اشتمال الصماء, وكذلك «أن يحتبي في ثوب واحد, ليس على فرجه منه شيء», قالوا: اشتمال الصماء هو: أن يرتبع, اشتمال الصماء: أن يرتبع, بأن يجعل وسط رداءه تحت منكبه الأيمن, ثم يضع طرفاه على منكبه الأيسر, ثم يأخذ الطرف الأدنى ثم يرفعه على منكبه, قالوا: فإن ذلك مهي خوف من ماذا؟ قالوا: خوفًا من كشف عورته, ليس على عورته منه شيء, قالوا: فلربما لو سجد ظهر شيء من عورته, وأما إذا كان قد لبس شيئًا على عورته بحيث لا يكشف شيئًا, قالوا: فإن هذا لا يدل على الكراهة, وأنت ترى أن اشتمال الصماء ثابت النهي عنه, ولكن النهي الراجح أنه لأجل خوف من كشف العورة. إذا ثبت هذا؛ فإن النهي عن كشف العورة ليس مختصًا على الصلاة, بل هو في الصلاة وخارج الصلاة, بل في الصلاة يجب عليه أن يحتاط ولا يخرج شيئًا من ذلك, فدل ذلك على أن اشتمال الصماء يختلف عن السدل في الصلاة, لأن السدل إنما جاء النهي عنه في ماذا؟ في الصلاة, وأما اشتمال الصماء فإن النهي عنه في الصلاة وخارج الصلاة كما هو في الاحتباء, فإن الاحتباء: نهي عن لبسة الاحتباء, وهي أن يلف على نفسه وهو محتبئ وليس على فرجه من شيء, فلربما لو ارتفع أو شيء, خرج شيء من عورته, والواجب على المسلم ألا يظهر عورته إلا من زوجته أو ما ملكت يمينه كما قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه معاوية بن قرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ثبت هذا؛ فإن اشتمال الصماء مكروه إذا كان ذلك يؤدي إلى كشف العورة, وأما في الصلاة فهو واجب عليه أن يصلي ولا يكشف شيئًا من عورته, فاشتمال الصماء في الصلاة إذا كان ذلك سوف يؤدي في الغالب إلى كشف العورة, ما حكمه؟ لا يصح وحرام, لأنه واجب عليه أن يؤدي الصلاة بيقين, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
المسألة الأخرى: تغطية الوجه, تغطية الوجه كرهها جماهير أهل العلم, كأن تلبس المرأة البرقع أو تلبس اللثام أو يغطي الرجل وجهه, بعض الناس يا إخوان إذا أراد أن يصلي يقول هكذا.., أم لا؟ هكذا يغطي وجهه, وهذا مكروه, وهذا مكروه إلا لحاجة كما لو كان مريضًا ويخشى من زيادة مرضه فهذا معذور, وأما غير المعذور فإن السنة أن يسجد الإنسان من غير حائل, وأن يظهر وجهه كما كان -صلى الله عليه وسلم- يصنع, وهذا هو المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينقل واحد من الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغطي وجهه, ولو ثبت ولو بدليل ضعيف لنقل, ولما لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يغطي وجهه دل ذلك على أن السنة هو عدم التغطية, وأما ما جاء في الحديث الذي يرويه الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء عن أبي هريرة «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يغطي الرجل فاه»؛ فإن الحديث ضعيف, ولكن العمل عليه عند أهل العلم كما ذكر ذلك الترمذي والخطابي, لأن المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان -بأبي هو وأمي- كان يصلي ووجهه ظاهر -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام-, وعلى هذا فيكره للإنسان أن يتلثم من غير حاجة, فيركه للإنسان أن يتلثم من غير حاجة, وأن الصلاة صحيحة, وأما الصلاة فهي صحيحة بإجماع أهل العلم. كذلك مما نهي عنه: أن يكفت الإنسان الثوب, ومعنى كفْت الثوب والكم: مثل أن يقول هكذا.., هكذا يكفت ثوبه, يكفت كمه, فإن السنة ألا يكفتها, لأنه إذا سجد فربما وقع شيء من ثوبه فيؤجر على ذلك, ومن ذلك أيضًا: أن يرفع ثيابه ويربطها بحزام, أو يقول هكذا: يأخذ الثوب من الوسط ثم يربطه, تعرفون ما يفعله الشباب حال اللعب, فنقول: السنة أن يرخي ثيابه ولا يكفت ثوبًا ولا شعرًا, ولا يكفت ثوبًا ولا شعرًا, وهذا؛ جماهير أهل العلم يقولون للكراهة, وهو ثابت في حديث ابن عباس كما في الصحيحين «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: نهينا أن نكفت الثوب -والشعر في رواية- » و«ألا تكفت ثوبًا ولا شعرًا», يعني هذا مما نهينا عنه, فالثوب واضح كما قلنا. وأما ما تقولون في لبس المشالح؟ تعرفون المشالح؟ المشالح التي توضع على الكتف, فأحيانًا إذا أراد أن يسجد الإنسان؛ يأخذ بكميه ويضمهما إليه ويسجد, هذا الظاهر والله أعلم أن ذلك لا بأس بذلك, لأمور: أولاً: لأن النهي هو أن يلبس لبسًا خارج المعتاد وخارج الأمر المعتاد, ولبس المشلح بهذه الطريقة هو الأمر المعتاد والسائد, ولو سجد من غير جمع لأدى ذلك إلى أذية مَن بجانب. والدليل الآخر: أن العمامة كفْت أم لا؟ العمامة كفْت, فهي جائزة, لماذا؟ لأن لبسها هكذا تصنع, وعلى هذا؛ فالذي يقولون بالوضوء ثم يصلون وهم قد لبسوا؛ فإننا نقول: الأولى أن تزيلوا هذه الثياب التي كففتموها وتصلون من غير كفْت, وأما الصلاة من كفْت فهي جائزة لما جاء من حديث أبي جحيفة عند البخاري, قال: «فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حلة حمراء مشمرًا» التشمير: قال بعض أهل العلم هو: رفع الثوب, وقال بعضهم: أن النبي رفع ثوبه, والصحيح والله أعلم أن النبي إنما رفع ثوبه مشمرًا -بأبي هو وأمي- ثوبه شيئًا طويلاً, وهذا يدل على أن النبي كان أحيانًا يلبس الثوب الذي هو مرتفع, وأحيانًا يلبس الثوب الذي مثلما يلبسه الناس في العادة وهو أرفع من المنكبين, كما كان الخلفاء الراشدون يصنعون, كأبي بكر, فإنه قال: "إن ثوبي يسترخي" وهذا يدل على أن أبا بكر كان مشمر أم غير مشمر؟ غير مشمر. وهذا يدل على جواز ذلك. ومما يدل على أن النبي, ليس ذلك دائمًا, فإنه كما جاء في حديث عمران بن حصين «فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجر إزاره» هل لو كان إزاره مشمرًا وخرج يجره, ماذا يصير؟ حنكه.. صح؟ يعني الأزار صغير وهو خرج يجرُّ إزاره فدليل على أن الإزار فيه نوع من الاسترخاء أم لا؟ لكنه لم يشده على حقوه -بأبي هو وأمي- فدل ذلك على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس أحيانًا الثياب التي قريبة من الكعبين, ويلبس الثياب التي أعلى من الكعبين لكنه -بأبي هو وأمي- لم يكن يلبس ثوبًا مسبلاً ولا قريبًا من ذلك -بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام- إذا ثبت هذا؛ فما تقولون في الغترة؟ ما تقولون في الغترة؟ هل السنة في الغترة والصلاة أن يبقيها هكذا.., أم السنة أن يقول بها هكذا.., أم يرفعها إلى الأعلى؟ ما تقولون؟ نقول: بعض مشايخنا, هي الغترة لم تكن موجودة في عهد الصحابة أم موجودة؟ ليست موجودة, ولهذا كل بلد يلبس على حسب اعتيادهم, فنقول: بعض مشايخنا يقول: السنة ألا يكْفت الغترة, وهذا رأي شيخنا ابن باز, وشيخنا محمد العثيمين يقول: إن صلى وقد كَفَتَ فلا حرج, لكنه إن صلى وقد أرخاها لا يرفعها لأجل ألا ينشغل, وهذا قوي, لأن الغترة حكمها حكم العمامة, لأن الغترة حكمها كحكم العمامة, والعماة عادة الناس يلبسونها ماذا؟ مكفوتة, فكذلك الغترة, عادة الناس يلبسونها هكذا, وعادة مَن يلبسونها هكذا..و فهي على حسب العادة؛ لكن السنة عد النشغال بالصلاة, السنة هو عدم الانشغال بالصلاة, لأن الإنسان أحيانًا -وهذا كثير مع الأسف الشديد- نلاحظ بعض الإخوة في الصلاة يبالغون حركتهم, فمرة يرفع غترته هكذا, ومرة يرفعها هكذا, ومرة يرفعها هكذا, ومرة يتلثم, ومرة يتلعثم, ومرة يفعل ويفعل, كل ذلك بسبب أنه لم يدرك, ولهذا تسمع بعضهم حينما يقرأ الفاتحة يتلعثم فيها وهو وحده بسبب حركته, فهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يُكثر من الحركة وان يكون كما أمر الله بذلك {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238], فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام, قال أهل العلم: فهذا يدل على أن الإنسان يكون خاشعًا في صلاته ولا ينبغي له أن يتحرك. إذا ثبت هذا فإن أهل العلم -رحمهم الله- ذكروا الشرط الثالث من شروط الصلاة, وهو ستر العورة.., عفوًا.., الثالث هو: اجتناب النجاسة, وهو ما عبرناه نحن بماذا؟ الطهارة من الخبث, والطهارة من الخبث هي طهارة الثوب وطهارة البقعة وطهارة .. طالب: البدن. الشيخ: البدن, أحسنت.., وطهارة البدن, فالإنسان مأمور أن يطهر بدنه ومأمور أن يطهر ثوبه, ومأمور أن يطهر البقعة التي يسجد عليها, وقد استدل العلماء على ذلك بقول الله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4], والراجح أن هذا ليس ظاهرًا في الدلالة, وذلك لأن هذه الآية هي الآية الثانية التي نزلت, ولم يجب على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي ولا أن يتوضأ ولا أن يفعل شيئًا من ذلك, والمقصود بالثياب هي: القلب, أنه يطهر قلبه حتى يدخل الشيء النظيف الطيب, وهو كتاب الله -سبحانه وتعالى- لكن العلماء -رحمهم الله- استدلوا على وجوب الطهارة من ذلك هو ما ثبت عند أبي داوود من حديث أبي سعيد الخدري «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه يومًا فخلع نعليه, فخلع الصحابة نعالهم, فلما سلم قال: ما بالكم -أو ما شأنكم- خلعتم نعالكم؟! قالوا: رأيناك خعلت فخلعنا, فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما أذى, فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه, فإن وجد بهما أذى فليدلكهما بالتراب, فإن التراب لهما طهور», وهذا يدل على قوله «أذى» هذا يدل على أن الإنسان واجب أن يزيل ما به من نجاسة, وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنيفية والشافعية والحنابلة إلى أن اجتناب النجاسة شرط من شروط الصلاة على خلاف بينهم في تخفيفها, وذهب مال -رحمه الله- إلى أن اجتناب النجاسة واجبة, ولاواجب ليس كالشرط, وعلى هذا فلو صلى جاهلاً أو ناسيًا أو معذورًا؛ أن صلاته صحيحة, هذا هو الراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. وأما إذا صلى متعمدًا وقد حمل النجاسة فإن صلاته الراجح أنها لا تصح لأنه خالف المأمور وهو متعمد, لأنه خالف المأمور وهو متعمد, وأما الجاهل والناسي فإن الراجح أن ذلك لا بأس به, وبعض الحنابلة يقول: أنها شرط, ومع ذلك يخفف في الجهل والنسين, وهذا يدل على أنهم لا يعتبرون كالشرط كغيرها, ولكنهم يقولون هي شرط من باب أنها خارج الماهية, من باب أنها خارج الماهية, مكا هي الماهية؟ مهية الصلاة. فهذا نوع من التقسيم كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- إذا ثبت هذا؛ فإن الإنسان لا يجوز له أن يصلي وهو متعمد في ثوب.., وما تقولون فيمن يجمل النجاسة؟ هل يمكن؟ العلماء قالوا: فمن صلى في نجاسة أولاقاها أو حاملها, فجعلوا حمل النجاسة ممنوعة, وكنا بالأمس نقرأ كلام المتقدمين في تفسيرها, قالوا: يحمل نجاسة مثل أن يجمل ثوبًا في نجاسة أو يحمل شيئًا, لكن اليوم الآن يستطيع الإنسان أن يصلي لمرض وهو حامل للنجاسة, مثل: الذي به -مثلاً- كلى, فإنه يضعون له كيسًا بحيث يتبول فيه, ويصلي وهو حامله؟ أليس كذلك؟ أو الذي فيه فتحة بالمثانة يصلي وهو حامله, فهو معذور, ولهذا نقول نحن أن حمل النجاسة ينقسم إلى قسمين: إن كان معذورًا أو ليس بمعذور. فأما المعذور: فإن الراجح أن صلاته جائزة, أما المعذور فإن صلاته جائزة, ومن المعذور ما قيل فيه عند الداقطني «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في صحن المسجد, فجاءت قريش فأتوا بالسلا -سلا الجزور- وما فيه من شيء, فوضعوها على ظهر, فجاء عبد الله بن مسعود فأخبر فاطمة, فجاءت وهي تبكي فأخرجت السلا, ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي لم يقطع صلاته» بأبي هو وأمي -عليه الصلاة والسلام- وهذا يدل على أنه هؤلاء الكفرة الفجرة لا يريدون من المسلمين أن يؤدوا عباداتهم كيف أمرهم الله, فهم يريدون أن يؤذوهم, واليوم الذين يريدون أن يتحدثوا عن الإسلام, ويسبوا المسلمين, وإذا قيل لهم هكذا هو الدين, قالوا: لا, تفسير الإسلام ليس بمعناكم أنتم, فيحاولون أن يفسرون الدين بفاهيم مخالفة لمفاهيم أهل العلم, مخالفة لمفاهيم الصحابة, مخالفة لمفاهيم أئمة السلف والخلف, فهؤلاء لا يستطيعون أن يقولون: نحن نحارب القرآن, نحن نحارب السنة, نحن نحارب ما كان عليه محمد -صلى الله عليه وسلم- لأنهم لو قالوا ذلك لعلم الناس خبيئة سريرتهم, وأنهميريون إفساد الدين, ولكنهم أتوا بما يسمى تفسير أو تجديد الخطاب الديني لما يفسر لهم معنًى آخرًا ليس هو المعنى الذي حمله أهل العلم الكافة عن الكافة, ولأجل هذا نقول: إن هؤلاء يحاربون المسلمين, ولأجل أنهم مسلمون, لأجل أنهم مسلمون, ويجب علينا أن نتفقه في هذا الأمر وألا نغتر بالشعارات ولا بالعبارات ولا المصطلحات لأن ذلك أحيانًا يؤثر كما يؤثر المنافقون الذي كانوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما قال الله تعالى {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47], يعني من الصحابة مَن هو سمَّاع للمنافقين, فإذا كان المنافقين كان تأثيرهم إنما هو بالشعر والبيان وحسبك به, فما بالك بالإعلام الذي يغيِّر الحقائق ويقلب الأمور, ويجعل الإنسان في حيص بيص من أمره, فلأجل هذا يجب على الإنسان أن يعلم أن دين الله منصور, وأنه محارب ولكن لا يضره ذلك, ولكن سوف ينتصر الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل.
إذا ثبت هذا أيها الإخوة؛ فإننا نقول: إن الراجح والله أعلم على أن المعذور لحمل النجاسة جائز, وأم غير المعذور, وأما غير المعذور فإن الراجح والله أعلم أن صلاته لا تصح, أن صلاته لا تصح. المسألة الأخرى: لو صلى جاهلاً أو ناسيًا وهو حامل للنجاسة: مثال: شخص لبس..و صلى وثيابه الداخلية عليها نجاسة, وانتهت الصلاة, ما تقولون؟ نقول: ذهب الحنابلة إلى أن مَن صلى وثوبه نجس حتى انتهت صلاته أنه يجب عليه أن يعيد الصلاة, وهذا مذهب الشافعي في أحد قوليه, وهذا مذهب الشافعي في أحد قوليه, أنه يجب عليه ماذا؟ أن يعيد. والراجح والله أعلم هو مذهب مالك وأحمد في رواية والشافعي في أحد قوليه الآخر أن ذلك لا يجب, وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله- أن مَن صلى حتى انتهت صلاته وعليه نجاسة أن ذلك لا يجب عليه أن يعيد, وذلك لأمور: أولاً: لأن ثمة فرق بين اجتناب المحظور وفعل المأمور, أما فعل المأمور كالطهارة, طهارة الحدث, فإن الإنسان لو صلى فإنه مأمور أن يعيد لقوله -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحن «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ», وأما اجتناب المحظر فإنه يُعفى حال الجهل والنسيان, ودليل ذلك: ما ثبت عند أهل السنن من حديث أبي سعيد «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى وفي أثناء صلاته تذكر أن نعليه بهما أذى, فخلعهما» وجه الدلالة: أنه -صلى الله عليه وسلم- لما لم يقطع صلاته, لأن أول الصلاة كان فيه نجاسة؛ دل ذلك على أنه لا فرق أن تُبتدأ الصلاة حتى انتهائها أو أن تُبتدأ في أثنائها فيُعلم من ذلك أنه لا يجب إبطال شيئ من ذلك حال الجهل والنسيان, ولا فرق أن يعلم بذلك أثناء الصلاة أو أن يعلم بعد الصلاة, لأنه لما جاز للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُكمل صلاته ولا يستأنفها دلَّ على أن الصلاة بالثوب النجس حال العذر والجهل صحيحة بدليل أنه أكمل صلاته وجوَّز أن تُبتدأ الصلاة بثوب نجس مع الجهل, لا فرق أن تبتدأ أو أن تنتهى في ثوب نجس إذا كان ذلك حال العذر والجهل والنسيان, وهذا هو الراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. أما إذا تذكر أثناء الصلاة, فإنه لا يجوز له أن يصلي, وهذا ينبغي أن يعلم الإمام إذا كان يصلي فتذكر أن ثيابه الداخلية نجسة فيستحى من الخلق, فنقول: يجب عليك أن تستحيى من الله, فيجب عليك أن تخرج وترجع الناس يصلون على الخلاف هل يصلي كل واحد منهم وحده أم يتقدم أحدهم فيكمل صلاته كما هو مذهب الشافعي ورواية عند الإمام أحمد اختارها أبو العباس ابن تيمية, وهذا هو الراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم, وسوف نتحدث عنه غن شاء الله في درس لاحق إن شاء الله, واضح الآن؟
من المسائل أيضًا: من المسائل لو صلى في أرض نجسة لكنه وضعه عليها سجادة وكانت النجاسة يابسة, ولكن سجد على شيءٍ طاهر, فما حكم ذلك؟ واضحة المسألة؟ مثل في بول على مكان ثم وضع مصلى فصلى فيه, الصحيح: أن الصلاة صحيحة, الصحيح: أن الصلاة صحيحة, لأن البقعة طاهرة, ولا أثر إلى ما تحت ذلك, ومن هذا نعلم أن الصلاة فوق الحمام, أن الصلاة فوق سطح الحمام أو فوق سطح الحش إذا كانت البقعة طاهرة فإن الصلاة صحيحة, ولا كرهة في ذلك, خلافًا لبعض الحنابلة الذين صححوا الصلاة مع الكراهة, والرجح والله أعلم أن لا كراهة في ذلك, وإن كان الأفضل أن يصلي في غير المكان, لماذا؟ لأنه قد ينشغل .. أتصح صلاتي أو لا؟ في بقعة أو لا؟ فهذا الانشغال مدعاة إلى أن الإنسان يحرك عقله بغير طاعة الله, فمثل هذا ينهى عن هذا إذا كان يحرك أمرًا من أموره, فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كما في الصحيحين من حديث عائشة «أنه صلى بإمبجانية أبي جهم, ثم قال: ائتوني بإمباجنية أبي جهم فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي» حينما صلى في خميصة ذات أعلام, فقال: «اذهبوا بهذه الخميصة وائتوني بإمبجانية أبي جهم, فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي», فهذا يدل على أن الإنسان ينهى أن يصلي فيما يشغل صلاته, فيما يشغل صلاته, ومن المؤسف أيها الإخوة, ومن المرسف أن بعض الناس أحيانًا, أحيانًا ينشغل في أمور هو لو ترك هذا كان أفضل, مثل أن يصلي وبجانبه شخص قد فعل مكروهًا, قد فعل مكروهًا, دعنا نقول: تلثم, ألم نقل أن التلثم ليس من السنة؟ رآى شخصًا يتلثم, فتجد أنه ينشغل لأجل هذا, ماذا يقول له؟ وماذا ينصحه؟ وكيف يقول له؟ فصلاته ليس فيها من الخشوع لأنه انشغل عن .., لأجل هذا, والواجب عليه ألا ينشغل لأجل هذا, فنقول: هو مكروه, وأنت انشغالك بهذا الأمر مكروه عليك, يجب عليك أن تُقبِل, لن صلاته صحيحة, فيجب عليك أن تُقبِل على صلاتك ولا تحرص على الآخر ين إذا كان ذلك لا يبطل صلاتهم, لن الواجب عليك أن تقبل على صلاتك وألا تنشغل عنها, هذا هو الأفضل في حقك, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
إذا ثبت هذا أيها الإخوة؛ فإن أهل العلم -رحمهم الله- ذكروا من مسائل الطهارة.., اجتناب النجاسة, ذكروا الصلاة في المقبرة, الصلاة في المقبرة. الصلاة في المقبرة تنقسم إلى قسمين: صلاة الميت, والتطوعات أو الفرائض المعتادة. فأما القسم الأول وهو الصلاة على الميت, وأيضًا تسمى صلاة الجَنازة -أو الجِنازة- في المقبرة, الصحيح أن صلاة الجنازة في المقبرة جائزة, لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «دلوني على قبره أو قبرها فصلى عليها وصلى الناس خلفه», كما ثبت ذلك في الصحيحين في قصة المرأة أو الرجل الذي كان يقمّ القمامة من المسجد, فصلى عليها. والمسألة الثانية: صلاة التطوع أو الفريضة في المقبرة, فذهب عامة أهل العلم بل حكى بعضهم الإجماع على حرمة أن يصلي الإنسان التطوع أو الفريضة في المقبرة, أجمع أهل العلم ولا عبرة بالمخالف أن الصلاة في المقبرة, صلاة التطوع والفريضة محرمة, ولو لم يكن إلى قبر, ولو لم يكن إلى قبر, محرمة بالإجماع, واضح يا إخوان؟ وهل تصح؟ الدليل على ذلك: لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث مرثد بن أبي مرثد الغنوي. وأما اختلاف أهل العلم: هل الصلاة النهي فيها لأجل النجاسة كما يقول الشافعي؟ أو لأجل حفاظًا على العبادة وخوفًا من الشرك والاقتراب منه؟ قولان عند أهل العلم, أصحها هو القول الثاني, أن النهي إنما هو لأجل أن يكون ذلك خوفصا من العبادة والتعبد لغير الله -جل جلاله وتقدست أسماؤه- هذا هو مذهب الحنابلة وأكثر السلف, لقوله -صلى الله عليه وسلم- «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا, أولئك شرار الخلق عند الله» ولا يُتخذ المسجد إلا للصلاة والدعاء وغير ذلك, وهذا كله محرم, فإذا نهي عن الدعاء في المقبرة خوفًا من أن يكون ذلك لأجل أن يقال: ما دعوت واستجيب لي إلا لأجل أني في المقبرة! تعالى الله عما يقولون, فإن ذلك منهي عنه حتى في الصلاة, ولهذا فإن الصحيح أن الصلاة في المقبرة ولو كانت البقعة طاهرة أن الصلاة لا تصح, أن الصلاة لا تصح, لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك, والنهي يقتضي الفساد لأنه لا ينفك الإنسان عن البقعة في ذلك, يعني أنه لأجل أنه مخالف لمقصود العبادة, لأجل أنه مخالف لمقصود العبادة, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
وأما المسألة الأخرى, وهي مسألة حكم الصلاة, الآن دخلنا الصلاة في المقبرة... القسم الثاني: الصلاة في معاطن الإبل ومرابض الغنم, فأما مرابض الغنم, فإن الصلاة صحيحة وأن بعرة الحيوان مأكول اللحم طاهرة, وهذا قول عامة أهل العلم, أن بعرة وبول حيوان مأكول اللحم طاهرة, وهو قول جماهير أهل العلم, وعلى هذا؛ فالصلاة في مرابض الغنم جائزة, لما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة أنه قال: «سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم» فدل ذلك على جواز أن يصلي الإنسان في مرابض الغنم. أما مَبَارِك الإبل, أما مَبَارِك الإبل, والمقصود بمَبَارِك الإبل: وهي مأواها التي تجلس فيه, تنام فيه أو تجلس فيه حينما تشرب عللاً, لأن الإبل يشربون ثم يجلسون في مكان ثم يذهبون به الشربة الثانية, فيكون نهلاً بعد عللٍ, فكل ذلك من مَبَارِك الإبل, فإن جماهير أهل العلم على النهي عن الصلاة في مَبَارِك الإبل على اختلاف بينهم ما علة ذلك؟ فذهب بعضهم إلى أنها لأجل النجاسة, والراجح -هذا قول عند الشافعية- لأنهم يرون أن روثة مأكول اللحم نجس, والصحيح: وهو قول جماهير أهل العلم أن روث وبول مأكول اللحم طاهر, ومما يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للذين جاؤوا فأسلموا فاجتووا المدينة -يعني مرضوا- ألا تذهبون إلى راعينا فتشربون من ألبانها وأبوالها, قال: فذهبوا فشربوا من ألبانها وأبوالها فصحَّوا فقتلوا الراعي» الحديث, فهذا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يشربوا من أبوالها, وهذا يدل على أن النبي حينما أمرهم بذلك, فإنما ذلك يدل على ماذا؟ على طهارة بول الإبل, فهذا يدل على أن العلة ليست من أجل النجاسة. والقول الثاني فيها: قالوا: أن النهي عن الصلاة في مبارك الإبل لأجل أنه مأوى الشياطين, لأجل أنها مأوى الشياطين, ولأجل ذلك قال -صلى الله عليه وسلم- «أرأيتم إلى هبوبها, إن الإبل خُلقت من الجن, أرأيتم إلى هبوبها ونفورها إذا نفرت -أو أريأتم إلى نفورها إذا نفرت-» فهذا يدل على أن الإبل خُلقت من الجن, ومعنى من الجن: يهني أنها لها أثر بحال الجن, ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- «إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش», أوابد كأوابد الوحش, وهذا هو الظاهر والله أعلم, على أن الحكمة في ذلك إنما هي لأجل أنها مأوى الشياطين, والشارع ينهى عن اقتراب من الأعراب الأجلاف ومشابهتهم وكذلك عن مشابهة الجان كما قال -صلى الله عليه وسلم- «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء العتمة وإنمها تعتم بحلاب الإبل» فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يقول أبو العباس عن مشابهة الأجلاف من الأعراب الغلاظ الأجفال والغلاظ, الأجفاء, وكذلك النهي عن ما يقترب من الوحوش والجان وغير ذلك مما هو معلوم. والعلة الثالثة وهو قول عند الحانبلة قالوا: إن العلة تعبدية والراجح والله أعلم هو القول الثاني أنها مأوى الشايطين, وهل تصح الصلاة؟ اختلف العلماء في ذلك, فذهب الشافعية وغيرهم إلى أن الصلاة صحيحة مع النهي, وبعضهم ذهب إلى أن الصلاة باطلة لأنها مأوى الشايطين لأن ذلك يخالف مقصود العبادة, والقول الثاني أحوط, وإن كان قول الشافعي قوي, لأنها ليست لأجل النجاسة ولكن لأجل مأوى الشياطين, ولكن الأقوى والأحوط, ولكن الأقوى دليلاً الشافعي والأحوط للعبادة هو مذهب القول الثاني الذي اختاره أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- لأنه.., الطهارة ثابتة, الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك, فيكون النهي إنما هو لأجل التحريم أو الكراهة, ولاقاعدة في ذلك أن الهي إذا كان ليس عائدًا على ماهية العبادة أو لعى وصفها الذي لا ينفك عنه فإن النهي يقتضي التحريم, ولكن لو قيل أن الصلاة لا تنفك عن البقعة فهذا يدل على وصفها الذي لا ينفك عنه, وعلى كلٍ؛ القول بالإعادة أحوط وهو أبرأ لذمة الإنسان, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. الحالة الثالثة مما نهي عن الصلاة فيه: الصلاة في الحمام, الصلاة في الحمام, والمقصود بالصلاة بالحمام هي مواضع الناس وليس أماكن قضاء الحاجة, لأن أماكن قضاء الحاجة في الحشوش, الحش, فإن الحش هو الذي يُقضى فيه الحاجة, وأما اماكن أو مواضع الناس فهذه تسمى الحمامات, والسبب في ذلك هو أولاً: أن ذلك نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ثبت عند الترمذي بسند صحصح عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام», الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام, فهذا يدل على أن الحمام لا تصح الصلاة فيه لأنه ليس بمسجد, وقد قال -صلى الله عليه وسلم- «فأينما أدركت الصلاة فصلِّ فإنما هو مسجد» فدل ذلك على أنه إذا لم يكن مسجد فلا تصح الصلاة فيه, وهذا هو الراجح أن الصلاة..., ولو لم يكن لأجل النجاسة فإنه منهي عنه, وصلاته لا تصح, فيجب على الإنسان أن يعيد صلاته, أن يعيد صلاته, وهذا يمكن أم لا يمكن؟ كيف؟ مثلما يفعل بعض الإخوان الله يهديهم في الحرم إذا كثُر الصفوف ودخل الناس في أماكن المواضئ, فإنهم يفرشون أرديتهم أو بعض إحراماتهم فيصلون في أماكن الموضئ, وهذا منهي عنه, وهذا منهي عنه, لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة في أرض الحمام, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
أما الحش وهو الأمر الرابع أو الخامس, فإنه من باب أولى, فإذا نُهيَ عن الصلاة في الحمام فإن الصلاة في الحشوش من باب أولى, لأن الجان يمكثون فيها, ولهذا جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كما في حديث علي, وإن كنا قد ضعفنا هذا الإسناد «ستر ما بين عوراتنا..., ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الحش أن يقول: بسم الل» وهذا الحديث رُويَ مرفوعًا, والصواب أنه ضعيف, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. ومن المسائل أيضًا: الصلاة في الأرض المغصوبة, الصلاة في الأرض المغصوبة , فإن الحنابلة يقولون, وهو قول عند مالك: أن الصلاة في الأرض المغصوبة لا تصح, أن الصلاة في الأرض المغصوبة لا تصح, لأنهم يرون أن النهي يقتضي الفساد. والقول الثاني في المسألة: وهو قول جماهير أهل العلم: أن الصلاة في الأرض المغصوبة تصح مع الإثم, لأن النهي ليس عائدًا على ماهية العبادة ولا على وصفها الذي لا ينفك عنه, لأن الإنسان منهي أن يجلس في الأرض المغصوبة فضلاً عن الصلاة, فدل ذلك على أن النهي في الأرض المغعصوبة ليس عائدًا على ذات الصلاة, ولكنه إلى خارج الصلاة. وأما الحمام فإن النهي فإن النهي عائد على ذات العبادة, لأنك يجوز لك أن تدخل الحمام, أليس كذلك؟ فدل ذلك على الفرق بين الأمرين وهذا يدل على قوة القول بأن الصلاة في مرابض .., أو في مبارك الإبل يدل على البطلان كما هو مذهب الحنابلة وأبي العباس ابن تيتيمة -رحمه الله- من المسائل أيضًا: الصلاة في المجرزة, فقد جاء في الحديث الذي رواه أهل السنن من حديث ابن عمر «سبعة لا تجوز الصلاة فيهن, وذكر المقبرة والمجزرة وقارعة الطريق, فوق بيت الله تعالى» وهذا الحديث ضعيف ولا يصح وسوف إن شاء الله نكمل بقية هذه المسائل في درس لاحق إن شاء الله. ولعل الوقت لا يكفي, فإذا كان هناك يؤال أو يؤالين, وإلا نختم درسنا إن شاء الله, في سؤال؟ لا يوجد... سلْ..
طالب: بالنسبة للصلاة في الأماكن المهجورة, سكن مهجور؟
الشيخ: الصلاة في الأماكن المهجور لا حرج في ذلك, لم يرد فيه دليل على المنع في هذا فلا بأس إن شاء الله, والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. لعل في هذا الأمر كفاية, وإن شاء الله نكمل في درس لاحق بإذن الله عن بعض الأماكن التي يكره الصلاة فيها, والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
| |
|